نحو إسلام الرسول

(157) 3/4/2014 (عندما تحكم ثقافة “الرواية” فقه “الآية”)

لقد كان لموضوع “الخشوع في الصلاة” أثره الإيجابي في قلوب من تحرروا من أسر المذهبية، والتقليد الأعمى لآبائهم. كما ترك أثرا سلبيا عند من تعلقت قلوبهم بمذاهب آبائهم، دون تدبر لما جاء في هذا الموضوع، إلا ما جاء مخالفا لفهمهم لمعنى “السنة النبوية”، فيضعون عليه دوائر حمراء، ويصبح الكاتب، في نظرهم، (منكرا) أو (مخالفا) لما أمر به النبي، عليه السلام، وفي الحالتين “يبقى بيكره النبي”!!!
وكما يعلم أصدقاء الصفحة، فأنا لا أنشغل بالرد على شبهات، ولا إشكالات، التراث الديني، للفرق والمذاهب المختلفة، لأن هذا الباب قد أغلقته منذ عقدين من الزمن، بعد أن تبيّن لي عدم جدوى دخول المسلم هذا الباب (أصلا)، فأمامي “الآية القرآنية” قادرة على إخراج الناس من الظلمات إلى النور، بتفعيل نصوصها في حياتهم، وهي القادرة على أن تنزع من قلوبهم أمراض الشرك والهوى، التي جاء بها هذا التراث الديني المذهبي.
ولكني أحيانا، أجد نفسي مضطرا، للدفاع عن “الآية القرآنية”، عندما أجد أن هناك من لا يعلم قدرها (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)، وأنها المفتاح الوحيد الذي يملكه المرء للدخول في الإسلام، بعيدا عن منظومة التراث الديني المذهبي، الذي إن صحت نصوصه عند فريق، لم تصح عند آخر، حسب شروط كل منهم في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف!!
ومما أغضب بعض المذهبيين قولي: إن سجدة السهو (بدعة فقهية)!! قالوا: إن سجدة السهو ثابتة بالسنة النبوية، فقد ورد فيها أحاديث في (أصح كتاب بعد القرآن)، وهو صحيح البخاري؟!
ولن أدخل في بيان تفاصيل الخلاف الفقهي حول “سجدة السهو” (لأنه خارج إطار منهجي)، ولكني أقول لهؤلاء: إن الأزمة أنكم لا تقرأون، وإذا قرأتم لا تتدبرون، وتدافعون عن “السنة النبوية” وأنتم لا تعلمون…، لا تعلمون معنى “النبوة”، ولا مفهوم “السنة”!!
هل تعلمون أن الخلاف حول أحكام “سجود السهو”، بين المذاهب الفقهية، وصل إلى حد يستحيل معه القول بأن رواة الأحاديث، قد نقلوا ما فعله النبي، على وجه القطع واليقين؟! ارجعوا إلى كتب الفقه المقارن [مثل كتاب “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” لابن رشد] واقرأوا لعلكم تقفون على (مصيبة) الإسلام الوراثي الذي أنتم عليه!!
فهل تعلمون أن مجرد القول، (أصح كتاب بعد القرآن)، يعني (عند العقلاء) أنكم اتبعتم أئمة السلف، في شيء خطير يمس “ملة الوحدانية”؟!
لقد وضع أئمة السلف كتاب الله، مع كتب البشر، في سلة واحدة، ثم يأتي (الجهابذة) منهم، ويقولون لأتباعهم: ما هو (الصحيح) من هذه الكتب، وما هو (الأصح)، من هو الأول، من أصحاب هذه الكتب، ومن هو الثاني!! فجهابذة أهل السنة يقولون: الأول القرآن، والثاني “صحيح البخاري”، وجهابذة الشيعة يقولون: الأول القرآن، والثاني “الكافي للكليني”!!
ألا تخافون من الشرك بالله؟!
“وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ”
“هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ”
ومما أغضبهم قولي: [إنه لا مانع (ونحن في مرحلة التدريب) أن نعيد الصلاة (مرة واحدة)، نحاول فيها أن نكون أكثر تركيزا]!!
فقالوا: ليس في “السنة النبوية” دليل على أن المصلي يعيد صلاته إذا (سَرَح) فيها، ليؤديها بصورة أكثر تركيزا!!
وأنا أقول: وليس في القرآن دليل يثبت (صحة) صلاة المسلم الذي (يسرح) في الصلاة، وهو بين يدي ربه!!
إنني عندما تحدثت عن “إعادة الصلاة” كان ذلك في سياق مواجهة أزمة ورثناها عن آبائنا، وهي في منتهى الخطورة على “ملة الوحدانية”، التي نرفع شهارها دون وعي ولا فهم لمعناها.
فأنا لا أشرع للصلاة، أنا فقط أعالج (مصيبة) نعيشها جميعا في صلاتنا، ونظن أننا نحسن صنعا فور الانتهاء من أدائها (يعني عملنا الواجب خلاص) كالطالب (غير المجتهد) الذي يرمي كتبه وراء ظهره بمجرد الانتهاء من الامتحان!!
لقد كنت دقيقا في استخدام التعبيرات، فاستخدمت جملة [إنه لا مانع]، ليفهم أهل البصيرة أني أحاول أن أنقذ ما يمكن إنقاذه، من داخل منظومة من (المصائب) يعيشها المسلمون!!
واستخدمت أيضا جملة [نعيد الصلاة مرة واحدة]، حتى لا ندخل (دائرة الشك)، لأنها من الدوائر التي يسعد الشيطان بدخولنا فيها، فيجعلنا نعيد الصلاة مرتين وثلاثة…، حتى نترك الصلاة كلها!!
فيا أتباع مذهب أهل السنة والجماعة: هل أسلمتم لأنكم ولدتم أتباعا لأهل “السنة”؟! أم أسلمتم على أساس علمي، قواعده الحجة والبرهان؟! ونفس الشيء أقوله لأتباع المذهب الشيعي!!
إن الله تعالى لن يقبل “الإيمان الوراثي”، إلا إذا كان موافقا للدين الإسلامي الذي أمر باتباعه: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ”، وليس الدين الذي أمر أئمة السلف، وفقهاء المذاهب الفقهية باتباعه؟!

“(كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ) فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ”
“اتَّبِعُوا (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) مِنْ رَبِّكُمْ (وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى