نحو إسلام الرسول

(1565) 12/10/2020 «كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ – وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»

١- كي نفهم كيف يحدث هذا، علينا أن نتدبر تدبر معايشة تامة لمدلولات كلمات السياق الذي وردت فيه الآية «آل عمران / ١٥٤» والتي يقول الله تعالى فيها:
«ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً»:
– «يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ»
– «وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ»
– «يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ»
– «قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ»
– «يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ»
– «يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا»
– «قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ»
– «لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ»
– «وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ»
– «وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ»
– «وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»
٢- وبعد أن تدبرنا سياق الآيات تدبر معايشة لنعلم كيف كان المؤمنون يشعرون بمعية الله في أشد الأوقات محنة وفتنة لنفوسهم، وهو وقت الخروج للقتال في سبيل الله:
يهمنا الوقوف عند قول الله تعالى:
* «ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم – مِّن بَعْدِ الْغَمِّ – أَمَنَةً نُّعَاساً»
ونسأل الملحدين المسلمين، أصحاب بدعة «القرآن وكفى»، الذين يكفرون:
– بـ «منظومة التواصل المعرفي»
– بـ «اللغة العربية ومعاجمها»
– بـ «الصلوات الخمس»
بدعوى أن القرآن تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء، ونقول لهم:
هل بيّن القرآن وفصّل معنى «أَمَنَةً نُّعَاساً»؟!
والجواب:
إن القرآن لم يُبيّن ولم يُفصّل مدلولات كلماته كلها، وليس فقط مدلول «أَمَنَةً نُّعَاساً».
فيا أيها «القرآنيّون الملحدون»:
«أَفَلاَ تَتَّقُونَ» وتتعلمون لغة القرآن العربية لتنجو من عذاب جهنم لافترائكم الكذب على الله تعالى؟!
٣- لقد أجمعت البحوث والدراسات العلمية على أن «النوم»، الذي هو آية من آيات الأنفس، يُعتبر ضرورة حياتية، الأمر الذي جاء بيانه في السياق القرآني في أكثر من موضع، ومنها قول الله تعالى:
* «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا – وَالنَّوْمَ سُبَاتًا – وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا»
* «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ – مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ – تَسْكُنُونَ فِيهِ – أَفَلَا تُبْصِرُونَ»؟!
ويمكنكم معرفة الكثير من فوائد «النوم» من على شبكة الإنترنت، وكيف أنه يقهر الإنسان قهرًا ويقول له: «لقد نفد رصيدكم» دون أن يستطيع مقاومته، ويظهر ذلك جليًا في الأطفال.
والسؤال:
هل إذا علمت أنت وأهلك أن بالبيت لصًا أو حيوانًا مفترسًا، هل ممكن أن يغلبكم النوم في هذه الليلة، أم ستظلون في حالة يقظة حتى تنتهي حالة الخوف بالإمساك باللص والحيوان المفترس؟!
والجواب:
نعم، ننام عندما تنتهي حالة الخوف، التي استنفدت طاقتنا كلها، حتى أننا لا نقدر على الذهاب إلى أعمالنا في اليوم التالي.
إن هذا الخوف يحدث للذين يقاتلون في سبيل الله، وقد يستمر عدة أيام باستمرار المعركة، حتى لو نامت طائفة وقاتلت أخرى، فإن النوم لن يعيد النشاط لها لأنه نوم على تخوف من هجوم العدو.
فمن رحمة الله تعالى بالمقاتلين أن جعل «النعاس»، الذي هو مقدمة النوم، نومًا عميقًا «آمنًا» يستيقظون منه بكامل قوتهم ونشاطهم.
٤- والذين أخلصوا عبوديتهم لله تعالى، وتعايشوا مع معنى قول الله تعالى:
* «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ»
علموا أن في قيامهم الليل تزكية لأنفسهم، فكانوا يهجعون «ينامون» قليلاً من الليل:
* «كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ»
وفعل الكون في «كَانُوا» يدل على أن خبرها:
* «قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ»
ملازم لهم دوما، ولذلك لم يقل الله «كَانُوا يَتَهَجَّدُون» أو «كَانُوا قَلِيلاً مَا يَهْجَعُونَ» بدون ذكر الليل، باعتبار أن كلمة «يَهْجَعُونَ» تغني عن ذكره، وذلك لبيان:
أنهم تركوا «النوم» الذي هو ضرورة حياتية، طمعًا في رحمة الله وخوفًا من عقابه، لذلك كانت جنوبهم تتجافى عن المضاجع، فتدبر من هم الذين يؤمنون بآيات الله:
* «إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا»:
– «الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا»
– «خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ»
– «وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ»
– «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ»
– «يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً»
– «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ»
وطبعا كلنا يعلم الحالة التي نكون عليها عند القيام لصلاة الفجر، وكيف أن «النوم» يحلو إلى درجة أننا نذهب إلى الوضوء نائمين!!
فإذا أضفنا إلى ذلك «وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» فإن معنى هذا أنهم يظلّون في تهجدهم إلى وقت السحر، وهو الوقت الذي يسبق وقت الفجر بنصف ساعة تقريبًا.
وسُمّي هذا الوقت بـ «السحر» لأن مادة «السين – الحاء – الراء» تدل على الاختفاء والسكون والهدوء، ففي هذا الوقت يضعف نشاط الإنسان حتى يكاد يختفي فلا يعد قادرًا على استكمال حتى التهجد.
والسؤال:
كم عدد الذين «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ» من المليارين مسلم، وهل أنت منهم؟!
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى