هل تعلم، أنك وأنت تبدأ صلاتك بتكبيرة الإحرام (الله أكبر)، فأنت تقر أنه لا شيء يعلو، وأنت بين يدي الله، فوق مقام (الصلة)، مقام العبودية الخالصة لله تعالى؟!
كثير منا، لم (يترب) على استحضار مقام (الصلة) بالله تعالى، مما يفقد المسلم (الخشوع) في الصلاة، وهو شرط تحقق الفلاح (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ – الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، الأمر الذي يفرض علينا، أن (نتدرب) على استحضار هذا المقام، بتدبر كل كلمة نقولها في الصلاة.
إن سجدة “السهو” بدعة فقهية، أريد بها أن يبقى المسلم بعيدا عن مقام (الصلة)، مقام “العبودية” الخالصة لله تعالى، مشغولا بدنياه (وهو بين يدي ربه) لا يعلم كم ركعة أدّاها…، مادام في النهاية السجدة ستصحح كل هذا!! إنه لا مانع [ونحن في مرحلة التدريب] أن نعيد الصلاة مرة واحدة، نحاول فيها أن نكون أكثر تركيزا.
لقد ورثنا الصلاة عملا (رتيبا)، كباقي الأعمال التي نؤديها (بدون تفكير ولا تركيز)، فلا مانع أن نصلي وسط الأصوات العالية، الآتية من هنا أو هناك، تخترق آذاننا…، فننشغل بها عن العهد الذي أخذناه على أنفسنا، عندما قلنا (الله أكبر)، ومعلوم أن تكبيرة الإحرام شرط للدخول في الصلاة!!
إن علينا أن نغير مفهومنا عن (الصلاة)، وعن (الخشوع) في الصلاة. إن الصلاة ليست عملا رتيبا، وإنما هي (صلة) دائمة، لها خمس محطات رئيسة، يجدد فيها العبد بيعته لله، وهو يعلن عن ذلك عشرات المرات في يومه، بقوله (الله أكبر).
وإن “الخشوع”، حالة تنتاب القلب، توجب تعظيم الله والخضوع له، لذلك فهو ليس من أفعال الصلاة (لأنه حالة قلبية)، وارتباطه بالصلاة (فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) جاء لبيان أن خشوع القلب يجب أن تظهر آثاره على الجوارح، فأولى الأحوال بالخشوع حال المصلي الذي يقف بين يدي الله تعالى!!
إن القلب الذي “خشعت” جوارحه في صلاته، يكون قد نجح في استحضار مقام (الصلة) بالله تعالى، وإن استحضار هذا المقام، بعد كل تكبيرة (الله أكبر)، سينهاه عن الفحشاء والمنكر، خلال ساعات يومه.
إن تحصين القلب من (الفحشاء والمنكر) يكون ثمرة الفهم الواعي لطبيعة العلاقة بين تلاوة الكتاب (اتباع)، وإقام الصلاة (الصلة)، سلوكا عمليا في حياة الناس.
“اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ”