نحو إسلام الرسول

(1551) 28/9/2020 «وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُون» التطور الحضاري «صناعة بشرية» تحكمها «شريعة إلهية»

لقد ولد المسلمون جميعًا على دين آبائهم، وتربوا على أزمة التخاصم الديني المذهبي، ولم يدخل «الإيمان» الحقيقي قلوبهم، وإلا ما قبلوا أن يعصوا الله ويتفرقوا في دين الأمة الواحدة الذي كان عليه رسولهم محمد، عليه السلام، والذين رضي الله عنهم.
لقد كان على المسلمين، عندما بلغوا النكاح واكتمل رشدهم، أن يعيدوا جميعًا دخولهم في دين الإسلام من بابه الصحيح، وأن يخلعوا ثوب «الفُرْقَة والمذهبية»، ويتعلموا هم وأولادهم لغة القرآن العربية، ويعملوا بأحكامه.
ولكنهم لم يفعلوا ذلك، واهتموا بحياتهم الدنيا وأصبحوا أسرى شهواتها، ولم يتعاملوا مع القرآن إلا كتعامل مسافر «الترانزيت» مع المكان الذي نزل فيه، أي تعاملًا مؤقتًا، فكانت النتيجة:
لم تتكون عندهم الشخصية المستقلة الملتزمة بأحكام القرآن، التي لا تقبل في تدينها إلا ما قام على حجة قرآنية وبرهان، فأصبح من السهل اتباعهم لأي ملحد يستغفل قلوبهم فيتبعونه ويُغيّرون ما كانوا عليه من عشوائية دينية.
تماما كالذين كانوا يُصلّون الصلوات الخمس تقليدًا بغير علم، دون قناعة علمية، فإذا بهم يتبعون الملحدين، فمنهم من يصلي صلاتين بالهيئة المعروفة، ومنهم من يصلي ثلاث، ومنهم من يصلي بلا هيئة، فيجلس ويدعو الله ويذكره ويُسبحه.
# أولًا:
لقد كان من المتابعين للصفحة، وقد رأيت في تعليقاته العشوائية والتقليد بغير علم، وكنت أوجهه إلى ما يجب أن يكون، وأن عليه ألّا يتبع أحدًا بغير علم، فإذا بي أجد له منشورًا بعنوان:
«الصلوات ثلاثة بنص القرآن الكريم»
ويقول إنه كتب هذا المنشور ليعلن رأيه بصراحة في عدد الصلوات، بعد أن تحداه صديق له أن يعلن رأيه على الملأ، فأعلن «الجهبذ الهمام» رأيه مع سبق الإصرار والجهل.
فتعالوا نبيّن كيف أن جهل الملحدين بكيفية التعامل مع القرآن، يدفعهم عند التعامل مع آياته واستنباط أحكامها، إلى استخدام المنهجية العشوائية وأسلوب العك الديني.
يستند «الجهبذ الهمام» في إيمانه بأن الصلوات ثلاث إلى:
١- قول الله تعالى:
* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ» = الفجر والمغرب.
٢- قول الله تعالى:
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ»، «وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ» = العشاء.
٣- قول الله تعالى:
* «ثَلاَثَ مَرَّاتٍ»:
– «مِن قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ»
– «وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ»
– «وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاء»
* «ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ»
فيقول «الجهبذ الهمام»:
فالفجر والعشاء مذكورتان نصا، والمغرب هو طرف النهار الثاني.
ثم كشف «الجهبذ الهمام» عن المنهجية العشوائية التي يقلدها بغير علم، عندما خلط بين الآية القرآنية والروايات البشرية في نقضه لـ «الصلوات الخمس» بدعوى أن هذا العدد كان في الأصل «خمسون صلاة»، وأصبح بفضل النبي موسي في رحلة المعراج «خمس صلوات».
# ثانيًا:
هناك عشرات المنشورات تبيّن أن الصلوات المفروضة «خمس صلوات»، ولذلك لن أتحدث عن هذه المسألة، وإنما عن كيف يتحول المسلم بـ «الوراثة» إلى مُلحد بـ «الجهل» و«الغباء»، وذلك عن طريق التقليد الأعمى الذي يتخذ «الهوى» إلهًا؟!
١- إن اتباع «المنهجية العشوائية» في استنباط أحكام القرآن لا يفعله إلا ملحد خارج عن «ملة الوحدانية» القائمة على تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق بجلاله، ومن ذلك:
تنزيه الله عن وضع ألغاز يستنبط منها المسلمون أحكام القرآن، كلٌ حسب علمه أو جهله أو إلحاده أو غبائه …، والذي لا يصل إلى مراد الله من الحكم يُدخله جهنم خالدًا فيها؟!
فهل هذا هو الإله الذي تعبدونه أيها الملحدون، وتُجهدون أنفسكم ليل نهار لاستنباط أحكامه، وقراءة آياته القرآنية قراءة تنويرية معاصرة؟!
إن إلهكم هذا هو «إبليس الملعون» الذي أغواكم وزيّن لكم عضوية حزبه وأنتم لا تشعرون:
* «فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ»
وذلك لاستحالة أن تكونوا من هؤلاء المستثنين:
* «إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ».
٢- إذا أراد الله تعالى أن ينص على عدد الصلوات المفروضة فلن يأخذ هذا النص مساحة من كتاب الله أكثر من سطرين:
فكيف يضع عدد صلوات أهم فريضة بعد الوحدانية على هيئة ألغاز يبحث عن حلها المسلم في سياق عشرات الآيات؟!
٣- يا أيها «الملحدون الأغبياء»:
إن سياق آيات سورة النور، لم يأت لتشريع «أحكام الصلاة»، وإنما لتشريع «أحكام الاستئذان»، ثم جاء ذكر صلاة الفجر وصلاة العشاء في سياق بيان العورات الثلاث.
يعني الذين قالوا إن الصلوات المفروضة صلاتان هما «الفجر والعشاء»، كانوا منطقيّين في إلحادهم وغبائهم من أصحاب بدعة الصلوات الثلاث الذين لم يجدوا اسم الثالثة فسمّوها صلاة طرف النهار الثاني، كما فعل «الجهبذ الهمام».
وهل بعد ذلك من مصيبة عقدية تأخذ أصحابها إلى جهنم بسرعة الضوء؟!
٤- ثم يخرج علينا من يُسمي نفسه بعالم التنوير الرباني ويقول:
«بيان القرآن لأوقات الصلوات الخمسة الفرض على المؤمنين»
وبصرف النظر عن جهله باللغة العربية، فأول القصيدة كفر، فقد كان في استنباطه الصلوات الخمس من القرآن أكثر جهلًا من الذين قالوا إنها صلاتان أو ثلاث.
لذلك لن أشغلكم بما قال، وإنما ذكرته في هذا السياق لأقول لكم:
٥- منذ أربعة عقود من الزمن، كنت أفكر بنفس هذه المنهجية العشوائية، وعشت مع كل هذه الاستنباطات فترات من الزمن، وبعد رحلتي العلمية بين أمهات كتب الفرق الإسلامية «نظريا»، ومناقشة أئمتها وعلمائها «عمليًا»، كنت أقول «القرآن وكفى».
ولولا أني بدأت الطريق من أوله، ودخلت في دين الإسلام من بابه الصحيح، وجعلت علوم اللغة العربية هي النور الذي يكشف لي تحديات هذا الطريق، لكنت من أعضاء «منظمة الملحدين» إلى يومنا هذا.
والحق يُقال:
لقد كان لـ «علم الدلالة» الفضل الأول في التوصل إلى ما سمّيته بـ «منظومة التواصل المعرفي» التي انفرد بها التوجه «نحو إسلام الرسول»، والتي حجيتها من حجية القرآن.
ذلك أن الاسم في اللغة:
هو ما دل على «مسمّى»، وعليه تعتبر الكلمة، التي هي اسم وفعل وحرف، «دالا» ومُسَمَّاها «مدلولا»، ويستحيل فهم «الكلمة» بمعزل عن «مدلولها».
لتصبح كلمات القرآن كلها لا معنى لها بدون «مدلولها» الموجود خارج القرآن، ويصبح القول بـ «القرآن وكفى» أكذوبة وبدعة شيطانية.
٦- فكيف و«كفى» ومدلولات كلمات القرآن قد حملتها «منظومة التواصل المعرفي» كما حملت مدلولات كلمات لغات العالم كلها؟!
ولذلك لا توجد لغة في العالم بدون «معاجم لغوية» يُرجع إليها للوقوف على مدلولات كلماتها، الأمر الذي يكرهه ويبغضه الملحدون لأنه يكشف عوراتهم الجاهلية، فنراهم يكفرون باللغة العربية وبمعاجمها، ويقولون إنها من «اللغو»!!
وطبعا «المجنون» لا يُحاسب على «جنونه».
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى