نحو إسلام الرسول

(153) 27/3/2014 (طاعة [الرسول]، بعد وفاة النبي)

إن حُجية الرسالات الإلهية، لا تقوم على الادعاء، وإنما على البرهان الإلهي الذي يثبت صدق هذا الادعاء. ولقد بعث الله محمدا (خاتم النبيين) بـ “آية قرآنية” تثبت صدق “نبوته”، وبلاغه عن الله، وكانت قرآنا يتلى بين الناس إلى يوم الدين.
ولقد كان من الطبيعي أن يأمر الله المعاصرين لـ (النبي) بطاعته، كشرط لصحة إيمانهم، فقال تعالى:
فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [65] النساء
إن ضمير الخطاب في قوله تعالى (يحكموك)، و(قضيت)، يؤكد أن المخاطبين بهذا الأمر هم هؤلاء الذين كان بإمكانهم سماع الحكم من الرسول مباشرة، والخضوع والتسليم له. فكيف يكون الخضوع والتسليم لـ (النبي) بعد وفاته؟!
إن (النبي) هو المنبأ من الله تعالى، و(الرسول) هو المأمور بتبليغ ما نُبئ به من الله، وعلى الناس طاعته، لأنه المبلغ عن الله رسالته.
أما بعد وفاة (النبي)، فلم تعد لطاعته فاعلية، وإنما الفاعلية للرسالة التي بلغها، وتعهد الله بحفظها، وهي “الآية القرآنية”، التي احتوت نصوصها من أحداث ومواقف وتشريعات عصر “النبوة”، ما شاء الله أن تضمنه رسالته إلى الناس كافة، في إطار عالميتها، وفاعليتها إلى يوم الدين.
إن قضية طاعة الرسول ومعصيته، قضية محورية، تتعلق بإسلام المرء وكفره، لذلك يستحيل أن يحل “المحدثون” محل (النبي) في هذه القضية المحورية، وأن يتوجه ضمير الخطاب (يحكموك ـــــ قضيت) إليهم، ويتحملون مسئولية معرفة ما خرج على لسان النبي، وذلك حسب مذاهبهم في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف، فتصبح قضية “الطاعة والمعصية”، “الإسلام والكفر”، قضية مذهبية، يتحكم فيها أئمة السلف حسب هواهم!!
إن البشر هم البشر، لا تخلو مروياتهم وتوثيقاتهم من تحيز لمذهب، أو لهوى متبع، بعيدا عن النظرة الشمولية الصادقة للأحداث. لذلك فإن الوقوف على أحداث عصر “الرسالة”، من خلال التراث الديني للفرق والمذاهب المختلفة، وبعد ما يزيد على أربعة عشر قرنا، مصيبة كبرى، أساءت إلى الإسلام، وضيعت المسلمين!!
إن الله تعالى إذا تكلم فلا قيمة لكلام البشر، ولا قيمة لما صنعوه بأيديهم من مصادر تشريعية مفتراة، ولو أجمع عليها الناس جميعا، فمن أصدق من الله حديثا؟!
تِلْكَ (آيَاتُ) اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ (حَدِيثٍ) بَعْدَ اللَّهِ (وَآيَاتِهِ) يُؤْمِنُونَ [6] الجاثية
إنني لم أجد في كتاب الله أمراً يفرض على المسلمين طاعة (النبي) بعد وفاته، فهو أمر يستحيل تحققه، وإنما وجدت أمرا بطاعة (الرسول) في حياته وبعد وفاته، وهو أمر يمكن تحققه في حياة (النبي)، وباتباع (رسالته) بعد وفاته، من أجل ذلك حفظ رسالته، لعلمه أن (الرسول) سيموت، وأن رسالته هي التي ستبقى قائمة بين الناس إلى يوم الدين.
والغريب، أنه مع وضوح هذه الرؤية، كوضوح الشمس في كبد السماء، يأتي المذهبيون المغيبون…، ويحرفون الكلم عن مواضعه، فيجعلون الطاعة لـ (النبي)، وليس لـ (الرسول)، وقد أمرهم الله بطاعة (الرسول) بعد وفاة (النبي)!!
لقد تصوروا، لمرض في قلوبهم، أنهم يعيشون مع (النبي) في عصر الرسالة، يسمعهم ويسمعونه، فإذا بهم، وهم في حضرته، يجعلون بينهم وبينه وسطاء، ينقلون إليهم ما اصطلحوا على تسميته بـ “السنة النبوية”، التي دُونت بعد وفاة (النبي) بقرنين من الزمان…، أفلا تفقهون!!
إن هؤلاء الوسطاء ظهروا بعد أن ضاعت الأمة الإسلامية، وتمزقت إلى فرق ومذاهب، وكل طائفة تعيش داخل منظومتها (السلفية)، لا تعلم شيئا عن رسالة (الرسول)، التي جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى (النور)، على مر العصور، وإلى يوم الدين…، أفلا تعقلون!!

“فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا (النُّورَ) الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى