نحو إسلام الرسول

(1517) 25/8/2020 وماذا قال أستاذ اللسانيات «رشيد الجراح» عن الزكاة؟!

كتب «رشيد الجراح» على موقعه موضوعًا بعنوان «فقه الزكاة» من «٩» أجزاء، والجزء الأول «٨٣» صفحة، وهو الذي جعلته موضوع هذا المنشور، كمثال يُبيّن التخبط والمنهجية العشوائية والتوجه الإلحادي في التعامل مع آيات التنزيل الحكيم.
وما كان لي أن أعود لأتحدث عن تهافت المنهج الإلحادي الذي ينطلق منه «رشيد الجراح» في دراساته، لولا أن إلحاده في الآيات المتعلقة بموضوع «الزكاة والصدقة» فاق كل إلحاد.
وأيضا ليقارن الأصدقاء بين ما ذكره «الجراح» عن فقه الزكاة في مئات الصفحات بدعوى «القراءة العصرية الأحدث» لآيات الذكر الحكيم.
وبين ما ذكرته صفحة «نحو إسلام الرسول» في المنشورين السابقين، للوقوف على الفرق بين المنهجية العلمية والمنهجية العشوائية في التعامل مع آيات الذكر الحكيم.
فتعالوا نلقي الضوء على بعض ما قاله «الجراح» في هذا الجزء الأول من «فقه الزكاة».
# أولًا:
يقول الله تعالى «الأنبياء / ٧٣»:
«وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ»
يرى «الجراح» أن «إِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ» ليستا من «فِعْلَ الْخَيْرَاتِ»، ذلك أن:
* «وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ»: شيء
* «إِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ»: شيء آخر تماما.
والسبب كما يدعي «الجراح»:
أن فعلي «إِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ» من الأفعال المفروضة على المسلم المُلزمة له، شاء أو أبى، التي «لا يتحصل له من أدائها الخيرات».
إلى آخر الكلام الذي ذكره بعد ذلك ولا محل له من الإعراب.
# القاصمة الأولى:
يفصل الجراح «إِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ» عن «فِعْلَ الْخَيْرَاتِ» باعتبار أن الأولى لا يتحصل من أدائها الخيرات، وهذا الفصل في الحقيقة لا يفعله إلا جاهل بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق.
ذلك أن هناك ما يُعرف في علم البيان بعطف الخاص، الذي هو «إِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ» على العام الذي هو «فِعْلَ الْخَيْرَاتِ» الذي يحمل بداخله الخاص، وذلك لبيان فضله وعلو شأنه.
فكيف لا يتحصل الخير من «إقام الصلاة» وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، ثم كيف لا يتحصل الخير من «إيتاء الزكاة» التي بها صلاح المجتمع وسد حاجة الفقراء والمساكين؟!
# ثانيًا:
ويرى «الجراح» أن «الزكاة» هي الحق المعلوم الذي أشارت إليه الآية:
* «وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ – حَقٌّ مَّعْلُومٌ – لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ»
وأن «الزكاة» فعل إلزامي محدد بالمقدار والكيفية، ولا يجلب للإنسان مصلحة دنيوية لأنه حق مفروض عليهم.
أما «الصدقة» فهي فعل تطوعي غير محدد بالمقدار، وهو الذي يجلب للإنسان منفعة دنيوية ويقوم به المسلم عن رغبة منه، وهو يتفاوت في المقدار بحسب جهد الشخص.
ويستند «الجراح» في مفهومه لـ «الصدقة» وأنها عمل تطوعي وليست فريضة كـ «الزكاة» إلى قول الله تعالى:
* «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ»:
– «لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ»
– «فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»
# القاصمة الثانية:
فإذا كانت «الصدقة» عملا تطوعيًا وليست فريضة، فأين نذهب بقول الله تعالى عنها «فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ»؟!
ثم أين بيان القرآن لمصارف «الزكاة» إذا لم تكن «الصدقات» هي المقصودة بـ «إيتاء الزكاة»؟!
لقد كان رسول الله محمد هو المسؤول عن جمع وتوزيع «الصدقات» بصفته السلطة الحاكمة التي أسند الله تعالى إليها هذا الأمر:
* «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»
إن «الصدقة زكاة»، و«الزكاة صدقة»، يفترقان في «الاسم» ويتفقان في «المُسَمّى».
# ثالثًا:
وطالما أن «الصدقة» في نظر «الجراح» ليست فريضة، إذن فليدوس عليها بقدمه ويقول:
«نحن نريد أن نرسم صورة بشعة للصدقة حتى لا يقربها ولا يرضى بها إنسان مسلم مؤمن بربه أنه هو الرزاق الكريم، إلا إن فاقت قدرته تحمل حاجته الماسة».
وبعد الحديث عن مفهوم «الأذى» من وجهة نظر «الجراح المخبول»، وأنه لا فرق بين أذى المحيض وأذى الصدقة، يقول:
«نحن ننصح بأن لا يتم الاقتراب إلى الصدقة إلا في أقصى درجات الحاجة، ونتجرأ على القول بأن من يقتات على مال الصدقة هو كمن يقتات على دم المحيض».
ويقول:
«لتعلم أخي المسلم أنك عندما ترضى أن تطعم زوجتك وأطفالك من مال الصدقة، فأنت كمن يضع الأذى، كأذى المحيض، في بطونهم».
ويقول:
«فلا تلجأ لذلك إلا عندما تكون الحاجة قد وصلت بك إلى درجة الهلاك، كمن يضطر أن يأكل لحم الميتة إن هو أشرف على الهلاك».
# القاصمة الثالثة:
إذن، وبناء على ما ذكره «الجراح المخبول»، يصبح المستحقون لـ «الصدقات» الذين هم:
«الْفُقَرَاءِ – الْمَسَاكِينِ – الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا – الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ – فِي الرِّقَابِ – الْغَارِمِينَ – فِي سَبِيلِ اللّهِ – ابْنِ السَّبِيلِ»
يصبح كل هؤلاء يأكلون «أذى المحيض» في بطونهم.
# رابعًا:
يرى «الجراح» أن «إيتاء الزكاة» هو الضريبة المفروضة والملزمة في كل ما يتحصل عليه للإنسان من مال يدفعه المسلم كحق معلوم للدولة.
إن الجراح» يتعامل مع «أحكام القرآن» باعتبار أن المسلمين يعيشون في ظل الخلافة الإسلامية، التي يُسمّيها هو «الدولة»، ويرى وجوب تطبيق «الجزية» على الذين لا يقيمون الصلاة، فيقول تحت عنوان «ممن تؤخذ الزكاة»:
١- «نحن نظن أن الزكاة لا تؤخذ إلا ممن يقيم الصلاة».
٢- «لا يكلف من لا يقيم الصلاة بدفع الزكاة».
٣- «ما المطلوب من الدولة أن تفرضه على من لا يقيم الصلاة»
٤- «إن الدولة يجب أن تلزم من لا يقيم الصلاة بدفع الجزية، كما جاء في قوله تعالى:
* «قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»
* أقول:
الحقيقة إن «ابن تيمية» و«داعش» لم يصلوا إلى هذا «الإلحاد» الذي وصل إليه «الجراح».
٥- ثم يزيد الطين مئة بلة ويقول وهو في «غيبوبة» الجهل:
نحن نظن أن ذلك من أجل تحقيق الإخوة في الدين، فالأخوة في الدين، الذي هو دين الله، الذي هو الإسلام، ولا شيء غير الإسلام، لا تتحقق إلا بالشروط الواردة في الآية الكريمة التالية:
* «فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
ثم يقول:
«لا تتحقق الإخوة بالدين للجميع إلا بالتوبة وبإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، لذا، إذا لم يكن الشخص مقيما للصلاة فلا يجب أن تؤخذ منه زكاة، ويصبح مفروض عليه أن يدفع الجزية عن يد وهو صاغر».
* أقول:
وبناء على ما جاء في صدر الآية:
«قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ…»
وعلى ما ذُيلت به:
«حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»
وعلى قول «الجراح»:
«إن الدولة يجب أن تلزم من لا يقيم الصلاة بدفع الجزية»
إذن فمن لم يصل ولم يدفع الجزية «يُقتل» انطلاقا من قاعدة الراشدية الجراحية للقراءة العصرية الأحدث لآيات الذكر الحكيم.
# القاصمة الرابعة:
كيف يُعرف الذين لا يُصلّون حتى تلزمهم دولة الخلافة الراشدية الجراحية بدفع «الجزية»؟!
# خامسًا:
يجيب «الجراح» على السؤال السابق فيقول:
نحن نرى أن الضرورة تستدعي من الدولة المسلمة أن تسلك طريقين لتحصل المال المفروض كحق واجب للسائل والمحروم من كل ما يتحصل للمسلم من الغنائم، أي الضرائب، وهما:
١- استمارة «استبانة» الزكاة.
٢- استمارة «استبانة» الجزية.
فإذا ما عرف أن الشخص المكلّف هو من الذين يقيمون الصلاة، فشهد لنفسه بذلك وشهد له الناس بذلك، وليس أدل على ذلك من حضوره للصلاة من يوم الجمعة:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»
أصبح من الواجب عليه أن يقدم الحق المفروض عليه في ماله على شكل زكاة.
وأما إذا لم يكن من الذين يقيمون الصلاة، بغض النظر عن ديانته، يصبح لزاما أن يدفع الجزية عن يد وهو من الصاغرين.
* أقول:
في الحقيقة لقد شعرت بغثيان جعلني لا أستطيع استكمال الرد على ما كنت أريد الرد عليه، وهو نفس الشعور الذي أحسست به منذ سنوات مضت جعلني أغلق ملف هذا الرجل، والله يسامح من كان سببًا في فتحه.
وعلى كل حال، فإن رابط الموضوع مرفق مع المنشور، وعليكم استكمال الرد على عشرات المسائل «الإلحادية» نيابة عني.
محمد السعيد مشتهري
الرابط:
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى