نحو إسلام الرسول

(1492) 25/7/2020 نعم لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ: ملةً … وإكراهٌ على الدين: حُكمًا

إن الإنسان حرٌ «في» أن يؤمن بأي ملة يراها هي الحق، فإذا آمن لم يعد حرًا في أن يعيش على هواه، فقد أصبح مكرهًا «على» الخضوع لأحكام هذه الملة حتى ولو كان نفاقًا.
والإنسان حرٌ «في» أن يدخل في «دين الإسلام» الذي جاء به رسول الله محمد، أو لا يدخل، فإذا دخل لم يعد حرًا أن يعيش على هواه، فقد أصبح مكرهًا «على» الالتزام بأحكام القرآن حتى ولو كان نفاقًا.
ويكثر المنافقون في مجتمع الإيمان والعمل الصالح لأنهم مكرهون «على» الالتزام بأحكام القرآن خوفًا من انكشاف نفاقهم وكيدهم لـ «دين الإسلام»، أما في غير هذا المجتمع، فلا يوجد ما يدعو إلى النفاق «في» الدين ولا «على» الدين.
ولقد عرّف الله «الدين» الواجب على الناس اتباعه فقال تعالى:
* «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ»:
– «وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ»
– «إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ»
ثم بيّن الله بعد ذلك من أين يُستقى هذا «العلم» الذي حمله «دين الإسلام» فقال تعالى:
* «وَمَن يَكْفُرْ – بِآيَاتِ اللّهِ – فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
إذن فعندما يقول الله تعالى:
* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»
يعني: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ – آيَاتِ اللّهِ – دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ»
وعلى هذا الأساس، أعطى الله الإنسان حرية الإيمان بهذا «الدين» أو الكفر به، فقال تعالى:
* «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ»
– «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»
– «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ»
– «فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ»
– «لاَ انفِصَامَ لَهَا . وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»
وبيّن الله أن هذا «الدين» الذي لا إكراه «في» دخوله، هو «الدين الحق»، فقال تعالى في سورة «التوبة / ٣٢-٣٣» التي هي موضوعنا:
* «يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ – وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ – وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»
وعندما تحدث سياق الآيات عن «الدين» قال الله تعالى بعد ذلك:
* «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ»:
– «بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ»
– «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ»
ـ «وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»
وجاء اختيار «ملة الشرك» هنا لأنها موضوع الأحكام التي بدأت بها سورة التوبة:
* بإعلان البراءة من عهود المشركين المعتدين على حقوق المسلمين.
* وتحديد العلاقة بين مجتمع الإيمان والعمل الصالح والملل الأخرى، سواء التي كان لها عهد فنقضته، أو التي لم تنقضه، أو التي لم يكن لها عهد، ولم تتعرض للمسلمين بأذى.
فتعالوا نتدبر سورة التوبة من أولها لنقف على أحكامها:
١- «بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ»
إن الله ورسوله يبرأن من المعتدين الناقضين لعهودهم، ومع ذلك خاطب الله المؤمنين جميعًا بكلمة «عَاهَدتُّم» لبيان أنهم «مصدر السلطات» الذين يخرج منهم أهل الرأي والاختصاص، للمشاركة في صياغة العهود ووضع الشروط.
وعلى الرغم من أن المشركين هم «المعتدون» وهم «الناقضون» للعهود، فقد أعطاهم الله تعالى مهلة «أربعة أشهر» للاستعداد للقتال، وسيكونون خلال هذه المدة آمنين بين الناس.
فهذا هو «دين الإسلام»، وهذه هي «أحكام القرآن» التي لا تغدر بالناس، ولا تأخذهم بغتة لمعاملتهم بالمثل، في الوقت الذي لم تكن فيه شوكة المسلمين قد قويت، ومع ذلك أعطاهم الله هذه المهلة:
٢- «فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ – وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ – وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ»
لقد أعطاهم الله هذه المهلة، لعلهم يُعيدون التفكير في عدائهم لـ «دين الإسلام» ولرسول الله محمد:
(أ): فإذا آمنوا ودخلوا في «دين الإسلام»: فلن يقاتلهم المسلمون.
(ب): وإذا لم يؤمنوا ولم يدخلوا في «دين الإسلام»: فالقتال بعد انتهاء مهلة الأربعة أشهر.
وقتال المشركين لم يكن بسبب شركهم، وإنما لاعتداءاتهم المتكررة على المسلمين ونقضهم للعهود.
وهذه «الأربعة أشهر» ليست هي «الأشهر الحرم الأربعة» المذكورة في قول الله تعالى:
* «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً … مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ» وهي: «ذو القعدة – ذو الحجة – المحرم – ثم رجب».
وبرهان ذلك أن هذه الأشهر الحرم التي وردت في الآية السابقة مُحرمٌ فيها القتال بصفة دائمة وإلى يوم الدين.
أما هذه المهلة «الأربعة أشهر» فهي فترة مؤقتة يحرم فيها قتال المشركين تبدأ من يوم «الحج الأكبر»، أي في شهر «ذي الحجة»، وتحديدا يوم الوقوف بعرفة، وتنتهي اليوم العاشر من ربيع الآخر:
* «فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»
وهنا تظهر أهمية وحجية «منظومة التواصل المعرفي» على الذين آمنوا بهذا القرآن، لأن لولاها ما عرفوا متى يكون «الحج الأكبر»، وما هي هذه المهلة «الأربعة أشهر»، وكثيرًا من معاني ودلالات الكلمات التي لم يرد أي بيان لها ولا تفصيل في القرآن.
٣- «وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ»:
«يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ»: لأنه اليوم الذي يجتمع فيه الحجيج، والذين يأتون من كل فج عميق، فتدبر:
* «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»
وفي هذا اليوم يشهد الناس جميعًا إعلان البراءة، ويبلغ الحاضر الغائب:
* «أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ»
ونتوقف هنا لبيان:
(أ): أن «البراءة» المعلنة على الناس جميعًا يوم «الحج الأكبر»، والتي استخدم فيها حرف «من»: «مِّنَ الْمُشْرِكِينَ»:
جاءت لبيان حكم تحريم موالاة المشركين الصادر عن الله عز وجل، وهو الأصل، وتأتي براءة الرسول تابعة لهذا الأصل، ثم تأتي براءة المؤمنين، المشار إليها في جملة «عَاهَدتُّم» تابعة لبراءة الله ورسوله.
(ب): أما «البراءة» التي وردت أول السورة «بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ» والتي استخدم فيها حرف «إلى»: «إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم»، فقد جاءت لإعلام الناس بنزول حكم البراءة من العهد.
ثم نتوقف عند قول الله تعالى:
* «فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ»
ذلك أن «دين الإسلام» يهتم بـ «توبة» الناس ورجوعهم إلى الله، وليس بـ «قتالهم».
* «وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ»
فـ «التوبة» هنا تعني إيمانهم ودخولهم في «دين الإسلام»، وهي ليست ملزمة لهم، وإنما هي طوق نجاتهم من القتل الذي ينتظرهم بعد انتهاء مهلة «الأربعة أشهر»، ولذلك قال تعالى لهم:
* «فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ»
أما إذا تولوا فقد قال الله تعالى لهم:
* «وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»
إن «أحكام القرآن» أحكام هداية قبل أن تكون «أحكام عقاب»، ولذلك استثنى السياق المشركين غير الناقضين للعهود، فقال الله تعالى:
٤- «إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ»:
– «ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً»
– «وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً»
– «فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ»
– «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ»
فهؤلاء يجب الوفاء بالعهود المعقودة معهم إلى مدّتها.
والسؤال:
ماذا لو أن المشركين لم يدخلوا في «دين الإسلام» خلال مهلة الأربعة أشهر؟!
هنا يعود الحكم إلى أصله المفروض من أول يوم أعلنت فيه البراءة من العهد، وهو قتالهم:
٥- «فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ»:
فإن الحكم العام هو:
(أ): «فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ»
ثم تفرع عن هذا الحكم العام أحكام فرعية حسب مقتضيات وتحديات المعركة القتالية، ومن ذلك:
(ب): «وَخُذُوهُمْ»:
والعرب ويسمون الأسير أخيذًا.
(ج): وَاحْصُرُوهُمْ»:
أي امنعوهم من الانفلات إذا تحصنوا بحصونهم.
(د): «وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ»:
والمرصد موضع الرصد، أي رصد تحركات المشركين في كل مكان، وقطع سبل ووسائل العيش حتى تضعف شوكتهم.
والهدف الرئيس من كل هذا ليس إكراه الناس على الدخول في «دين الإسلام»، إنما تأمين معيشة المسلمين من كيد الكائدين الخائنين المعتدين.
ولذلك كان شرط توبة المشركين وإيمانهم والتزامهم بـ «أحكام القرآن»، خلال مهلة الأربعة أشهر المعطاة لهم، رحمة من الله بهم، لأنهم إذا آمنوا عصموا دماءهم لقول الله تعالى:
* «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئًا»
وإذا أعلن أحد من الأسرى التوبة والدخول في «دين الإسلام»، ولو كان نفاقًا، تقبل توبته بشرط التزامه بـ «أحكام القرآن»، وذلك لاستحالة التحقق من صدق توبته إلا بالتعامل معه:
(هـ): «فَإِن تَابُواْ»:
– «وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ»
– «وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ»
– «فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ – إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»
«إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»:
يغفر لهم شركهم وما فعلوه بالمسلمين، ويرحمهم فيمن يرحم من المؤمنين.
والسؤال:
لماذا عند النصر والتمكين، وفي مجتمع الإيمان والعمل الصالح، كانت أول مهمة لرسول الله محمد ولولاة الأمور، هي:
«إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة»؟!
والإجابة على هذا السؤال في قول الله تعالى «الحج / ٣٩-٤١»:
* «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ»:
– «بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا – وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»
– «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ»
– «إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ …».
ثم نتدبر كيف تكون «إقامة الصلاة» هي أول فريضة يجب الحرص على إقامتها عند النصر والتمكين:
– «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ»:
– «أَقَامُوا الصَّلاَةَ»
حق العبودية الخالصة، والصلة الدائمة بـ الله تعالى.
– «وَآتَوُا الزَّكَاةَ»
حق المجتمع: «كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاء مِنكُمْ»
– «وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ»
حق الإنسانية: فلا ضرر ولا ضرار.
– «وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ»
وعلى أساس ما سبق أقول:
إن الله تعالى عندما أعطى المشركين المعتدين مهلة الأربعة أشهر، كان ذلك ليعيدوا التفكير في موقفهم من «دين الإسلام»، واختيار إما الدخول في هذا الدين، أو القتل بعد انتهاء هذه المهلة.
وهذا خير برهان على أن «دين الإسلام» لم يكن في يوم من الأيام دين إبادة وانتقام، وأنه لم ينتشر بالسيف، فمع كل ما فعله المشركون في المسلمين خلال سنوات، من إيذاء وتشريد وقتل وفتنة عن دينهم ونقض للعهود … أعطاهم الله فرصة مدتها أربعة أشهر ليعيدوا النظر في كفرهم بـ «دين الإسلام».
إذن فقول الله تعالى:
* «فَإِن تَابُواْ – وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ – وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ – فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ – إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»
نزل ليواجه واقعًا منحرفًا يدوس بأقدامه على حرية الإنسان، ويعقد العهود ثم ينقضها، فلم يكن أمامه:
– إما إعلان التوبة والدخول في «دين الإسلام» والخضوع لأحكامه كلها وفي مقدمتها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
– أو انتظار القتل عندما تنتهي مهلة الأربعة أشهر.
وللتأكيد على أن الهدف من هذه المهلة «الأربعة أشهر» هو مراجعة المشركين لموقفهم من «دين الإسلام»، وأن على المسلمين مساعدتهم في بيان حقيقة هذا الدين الذي مصدره الوحيد هو «كلام الله تعالي»، وليس كلام رسوله، قال الله تعالي بعد ذلك:
٦- «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ»:
فهذا المشرك يطلب الجوار والأمان في مجتمع الإيمان والعمل الصالح، فقال الله تعالى لرسوله:
* «فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ»
وذلك ليقف المشرك على حقيقة «دين الإسلام» الذي حمله «كلام الله» ونزل به كتابه الخاتم «القرآن الكريم»، لعل الإيمان يدخل قلبه.
* «ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ»
وبعد أن يعلم حقيقة «دين الإسلام»، وبصرف النظر عن اقتناعه أو عدم اقتناعه، فإن على المسلمين حراسته وحمايته حتى يبلغ مأمنه خارج حدود مجتمعهم.
* «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ»
ويُفهم من هذه الآية أن مجيء المشرك المستجير إلى المجتمع المسلم كان بهدف التعلم ومعرفة حقيقة «دين الإسلام» الذي يكفرون به، وللوقوف على الآية الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وأنها «آية عقلية» لا تفتح أبوابها إلا:
«لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ – لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»
وأن موقف «دين الإسلام» من غير المسلمين، هو «السلام» مع من سالمهم، و«الحرب» مع من حاربهم واعتدي عليهم، وهذا ما بينه الله بقوله تعالى «البقرة / ١٩٠»:
* «وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ»:
– «الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ»
– «وَلاَ تَعْتَدُواْ»
– «إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ»
وحتى في حالة ظهور علامات تشير إلى إمكانية حدوث «خيانة» من قوم معاهدين، لا يجب أن يستغل المؤمنون هذه العلامات لقتال القوم بغتة، فماذا قال الله تعالى في هذا السياق؟!
يقول الله تعالى «الأنفال / ٥٥-٥٨»:
* «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ – الَّذِينَ كَفَرُواْ – فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ»
– فمن هم؟!
* «الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ – ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ – وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ»
– وما العمل؟!
* «فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ – فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ – لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ»
– وأين العدل والرحمة الإلهية؟!
* «وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً»
– «فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء»
إذن فيجب إعلام القوم بالحرب للاستعداد لها حتى يكون الطرفان فيها سواء، والسبب:
– «إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ»
والسؤال:
من أين جاء أهل الضلال والإضلال بأن «دين الإسلام» انتشر بـ «حد السيف»، وهذا هو «خلق الإسلام» مع أعدائه الذين ظلوا يفتنون المؤمنين عن دينهم، ويحاربونهم ويشهرون السيف في وجوههم؟!
وأعيد التأكيد على أن ما سبق بيانه من آيات سورة التوبة، والذي يتعلق بقتال المشركين إذا لم يدخلوا في «دين الإسلام»، جاء في سياق اعتداءات المشركين على المسلمين ونقضهم لعهودهم.
وللموضوع بقية.
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى