نحو إسلام الرسول

(1461) 15/6/2020 «مقال الاثنين» لماذا لم يبحث المسلمون عن لسانهم العربي الذي فقدوه؟!

إن الباب الوحيد للدخول في «دين الإسلام» هو باب «العلم» بلغة القرآن العربية، أما هذا «الإسلام الوراثي المذهبي» الذي يتبع فيه الأبناء ما وجدوا عليه الآباء، هؤلاء الذين فقدوا لسانهم العربي ويعيشون تدينهم بلسان أعجمي.
إن هذا «الإسلام الوراثي المذهبي»، الذي فقد أهله لسانهم العربي ولم يجدوه حتى الآن، ليس من «دين الإسلام» الذي أمر الله اتباعه في شيء، وهذا هو حكم الله وليس حكم محمد مشتهري.
فتعالوا نتعقل الآيات التالية، لنقف على حجم الجريمة العقدية، والمصيبة الدينية، التي يعيش بداخلها المسلمون وهم سعداء ويحسبون أنهم يُحسنون صنعًا.
# أولًا:
مفتاح الفهم الرئيس:
١- قول الله تعالى «إبراهيم / ٤»:
* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ»:
– وطبعا منهم رسول الله محمد.
* «إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ»
– ولسان قوم النبي محمد، هو «اللسان العربي»، وهو مفقود.
* «لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»
– وأنا راضي ضميرك يا مسلم يا عاقل:
كيف يفهم المسلمون بيان القرآن وهم قد فقدوا لسانهم العربي؟!
* «فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ»
– فإذا كان من أهل اللسان العربي، الذين نزل عليهم القرآن في عصر التنزيل، منهم من ضلوا، فكيف بالذين لا يملكونه اليوم؟!
* «وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ»
– وإذا كان من أهل اللسان العربي، الذين نزل عليهم القرآن في عصر التنزيل، منهم من اهتدوا، فكيف بالذين لا يملكونه اليوم؟!
٢- قول الله تعالى «الشعراء / ١٩٢-١٩٥»:
* «وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ»
* «عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»
فتدبروا يا من تنتسبون إلى القرآن، كما ينتسب أهل الكتاب إلى كتبهم، لا فرق:
وهنا تظهر أهمية اللغة العربية:
إن علّة إنزال القرآن «لِـ تَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ» للناس جميعًا، حسب ما يفهم من السياق القرآني، وهذا الإنذار يكون بِـ «لِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»، أي أن اللسان العربي المبين يكون مصاحبًا لـ «الإنذار».
وهذا ما أكده السياق القرآني بقول الله تعالى «طه / ١١٣»:
* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً – وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ – لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ – أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً»
فتدبر العلاقة بين «القرآن العربي»:
– والوعيد:
«وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ»
– والتقوى:
– «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»:
وتدبر قول الله تعالى «الزمر / ٢٨»:
* «قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
– والذكر:
«أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً»
ثم نضيف «العلم»، فيقول الله تعالى «فصلت / ٣»:
* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
وكل هذا الذي سبق ذكره، لا علاقة للمسلمين به، لأنهم أصلا لا يملكون «اللسان العربي» الذي نزل به القرآن.
ونتدبر قول الله تعالى «الشورى / ٧»:
* «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ»:
* «قُرْآناً عَرَبِيّاً»
* «لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى»
* «وَمَنْ حَوْلَهَا»
* «وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ»
إذن بـ «الإنذار» باللغة العربية يشمل الناس جميعًا، وعليه يكون الحساب:
* «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ»
ثم يأتي «المنافقون»، وإخوانهم من «الملحدين» في أحكام القرآن، ويقولون:
إن تعلم اللغة العربية «فرض كفاية»، أي يكفي أن يتعلمها فئة من المسلمين، فإذا ذهبنا إلى هذه الفئة التي تخصصت في علوم اللغة العربية وجدناهم سلفيّين، «دين الإسلام» عندهم «كتاب وسنة»!!
وقد ذكرت لكم منذ سنوات قصتي مع جهابذة اللغة العربية من كلية «دار العلوم»، الذين رشحهم لي الدكتور عبد الصبور شاهين، وفي أول اجتماع معهم، وعندما قلت لهم:
إن «موسوعة الفقه القرآني»، التي نريد أن نتعاون على إنشائها، تقوم مادتها العلمية على القرآن فقط، فنظر بعضهم إلى بعض، ثم سألني أحدهم:
هل أنت قرآني؟!
ولم تقم «موسوعة الفقه القرآني» إلى يومنا هذا.
# ثانيًا:
١- لقد ربط الله تعالى عمل آليات التفكر والتعقل والتدبر … آليات عمل القلب، بـ «اللسان العربي» فقال تعالى «يوسف / ٢»:
* «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً – لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
وقال تعالى «الزخرف / ٣»:
* «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً – لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
فأضاف فعل وآلية «الجعل» لبيان أن هذا «القرآن العربي» لا يمكن أن نتعقل آياته، ولا أن نفهمها فهمًا سليمًا، بغير «اللسان العربي» الذي نزل به.
٢- يقول الله تعالى «الرعد / ٣٧»:
* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً – وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ – مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ»
فكيف يُنزّل الله القرآن العربي «حُكْماً عَرَبِيّاً»، والمسلمون الذين يتعاملون مع آياته وأحكامه اليوم، لا يملكون اللسان العربي الذي نزل به؟!
(أ): لقد فهم البعض أن المقصود بـ «حُكْمًا» أحكام القرآن، وبـ «عَرَبِيًّا» الكاملة التامة الخالية من العيب والنقص، وهؤلاء لا يعلمون أن جملة «حُكْمًا عَرَبِيًّا» صفة لكتاب الله كله، بقرينة كلمة «أَنزَلْنَاهُ»، وليس لأحكامه فقط، تماما كما قال الله تعالى:
* «الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ – إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
فالضمير في «أَنزَلْنَاهُ» يعود إلى «الْكِتَابِ الْمُبِينِ»، أي أن الكتاب المبين هو نفسه بكلماته وحروفه «القرآن العربي»، وهذا يثبت تهافت القول بأن الكتاب غير القرآن.
(ب): إن جملة «حُكْمًا عَرَبِيًّا» منصوبة على الحال، أي أنزلنا القرآن حال كونه «حكمًا عربيًا»، وهو أسلوب بلاغي يُبيّن لماذا نالت اللغة العربية شرف إنزال القرآن بها، ثم تدبر ماذا قال الله بعدها:
* «وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ – بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ – مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ»
إذن فالقرآن «علم»، وقد فَرَضَ الله على كل من آمن وأسلم وجهه لله اتباع هذا «العلم»، وعندما يكون «العلم» بـ «اللغة العربية»، فإن السؤال الذي سيفرض نفسه هو:
كيف يتبع من آمن وأسلم وجهه لله هذا القرآن وهو يجهل علوم اللغة العربية التي نزل بها، إلا إذا كان من الذين آمنوا وأسلموا ظاهريًا، فضلوا وأضلوا الناس بغير علم؟!
(ج): إن هذا القرآن، من أوله إلى آخره، هو كلام الله «الحاكم» لهذا الوجود البشري، وقد بيّن الله ذلك في سياق الحديث عن الكتب المنزلة على النبيين «٢١٣ / البقرة»:
* «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً – فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ»
* «وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ»
إن «كتاب الله» يحكم بين الناس، وهو «الحاكم» و«الحكم»، ولذلك قال تعالى بعدها عن سبب اختلاف الناس:
* «وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ – إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ – مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ – بَغْياً بَيْنَهُمْ»
إن الضمير في كلمة «أُوتُوهُ» يعود على الكتاب كله، وليس على آيات الأحكام فقط، ولن يهتدي إلى ذلك إلا الذين آمنوا:
* «فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ – وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
# ثالثًا:
لقد نشرت، منذ سنوات، أن الدعوة إلى «دين الإسلام» لا تنفع معها «الترجمة»، ذلك أن جميع لغات العالم لا تعرف «علم الاشتقاق» ولا «الميزان الصرفي» … إلى آخر العلوم التي صيغت بهما الآيات القرآنية.
والسؤال:
هل يتصور عاقل أن «الآيات الحسية» التي أيد الله بها رسله، يمكن أن تأتي بثمارها إذا ترجم مفهومها إلى لغات العالم؟!
فكيف تترجم «الآيات الحسية» وفعالياتها المثبتة لصدق «النبوة» لا تتحقق إلا إذا شاهدها الناس بأعينهم؟!
فكيف يمكن أن يتصور مسلم عاقل، أن «الآية القرآنية العقلية» التي حملها كتاب الله الخاتم، يمكن أن تُترجم إلى لغات العالم لإقناع الناس بصدق «نبوة» رسول الله محمد؟!
إن جميع الترجمات لا تترجم «الآية القرآنية العقلية» وإنما تترجم الكلمات والجمل القرآنية، والباب الوحيد للدخول في «دين الله الإسلام» ليس بالإعجاب ببلاغة الكلمات وفصاحة الجمل، وإنما بالإقرار بصدق نسبة «الآية القرآنية العقلية» إلى الله تعالى، وليس إلى رسوله محمد، عليه السلام.
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون الصيد الثمين بين أنياب الملحدين.
٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى