إن أخطر مرض يصيب قلب الإنسان، مرض «النفاق» الذي يسري فيه كالسرطان، ولا يشعر به إلا بعد فوات الأوان.
لقد استحوذ الشيطان على قلوب القرآنيّين الملحدين في أحكام الصلاة فأنساهم ذكر الله، يشاهدون البرهان القرآني والعقلي والمنطقي أمامهم، ولا تشاهده قلوبهم:
* «اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ»:
– «أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ»
– «أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ»
لقد خسر القرآنيّون الملحدون في أحكام الصلاة أنفسهم، عندما أصرّوا أن القرآن تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء، وبعد أن أفحمهم «محمد مشتهري» بالبراهين القرآنية، وتحدي «المليون دولار»:
راحوا يستأذنون من «محمد مشتهري» أن يستعينوا بمعاجم اللغة العربية لفهم معاني كلمات القرآن، أما «أحكام القرآن» فلن يستعينوا بغير القرآن، استنادًا لقول الله تعالى:
* «اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ»
ثم بعد أن أفحمهم «محمد مشتهري» بقوله لهم:
إن «أحكام القرآن» ما هي إلا «آيات» تحمل «كلمات»، وأن هذه الكلمات أنتم ستبحثون عن معانيها في المعاجم، وهذا يعني أن المعاجم هي التي بيّنت لكم الأحكام وليس الله:
هربوا من استكمال الحوار، وذهبوا يبحثون عن أي أخطاء في منشورات «محمد مشتهري»!!
ولذلك قلت في منشور أمس، وأكرره:
إنني لم أدرك بلاغة وحكمة إضافة جملة:
«بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»
إلا بعدما انكشفت عورات القرآنيّين الملحدين في أحكام الصلاة، الذين يكفرون بهيئة الصلاة، وبعدد الصلوات الخمس ومواقيتها، التي نقلتها للمسلمين جميعا «منظومة التواصل المعرفي».
هؤلاء الذين يقولون:
إن الله أمر المسلمين بالصيام إلى الليل وليس إلى غروب الشمس، بدعوى أن لليل خصائص لا تنطبق على غروب الشمس!!
إذن فماذا يعني «غسق الليل»؟!
ألا يعني أن «الليل» غير «غسق الليل»؟!
وطبعا لن يفهموا الفرق بين «الليل» و«غسق الليل» لأنهم أضل من الأنعام.
# أولًا:
«الشبهات»: يقولون:
١- إن القرآن العظيم هو مصدر الدين الوحيد الذي يكفي تماماً لمعرفة كل ما يخصنا في دين الله … ولكن أين نجد أوقات الصلاة الخمسة في القرآن، وعدد الركعات في كل صلاة؟!
٢- لماذا فصَّل الله في شرح الوضوء والغسل والتيمم، وغيرها من مقدمات الصلاة ولم يذكر الصلوات الخمس بالاسم، مع أن ذلك لا يحتاج لأكثر من سطر واحد في كتاب الله أو أقل من سطر؟!
٣- إن الذين يقولون إن الصلوات الخمس التي يصليها المسلمون اليوم بهيئتها وعدد ركعاتها ومواقيتها، هي «سنة عملية» انتقلت إلينا بالتواتر جيلاً بعد جيل، فلماذا لم ينتقل أيضا الوضوء الذي هو شرط ومقدمة للصلاة؟!
٤- إن قول الله تعالى:
* «وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»
جاء بـ «صلاة الفجر»: الطرف الأول.
وجاء بـ «صلاة المغرب»: الطرف الثاني.
وجاء بـ «صلاة العشاء»:
ذلك أن جملة «وزلفاً من الليل» يفهم منها أن هناك وقتًا ثالثًا هو أكثر اقترابًا من الليل، وذلك لأن «الزلف» هو وقت متقدم أكثر ظلمة من وقت المغرب.
٥- وأن قول الله تعالى:
* «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا – وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا»
يُفهم منه أن:
(أ): «لِدُلُوكِ الشَّمْسِ»: هو وقت «المغرب» فقط لا غير:
ويعني دخولها أو ولوجها وتحوُّلها من حال إلى حال، ذلك أن:
– «الدلوك»: لا يكون إلا بين حالتين، وإلا فهو ليس دلوكًا، الدلوك هو الدخول، أي كان في حالة فصار في حالة أخرى، خلال زمن قصير.
والآية تشير إلى صلاة واحدة هي «صلاة العشاء»، ولا شيء يسمى «صلاة المغرب»، وإنما هي صلاة واحدة اسمها «العشاء» تمتد في طرف النهار الثاني، أي وقت غروب الشمس إلى بداية الليل.
وبرهان ذلك أن القرآن لم يذكر غير اسم صلاة الفجر «مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ»، وصلاة العشاء «وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء»، دون ذكر اسم أي صلاة أخرى معروفة.
(ب): «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ»:
المقصود به وقت «صلاة الفجر».
٦- القرآن لم يذكر أي وقت لإقامة صلاة في النهار، ذلك أن النهار «للمعاش» وليس للصلاة:
* «وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً».
إذن فهل صلاتا «الظهر والعصر» صلاتان مفروضتان من الله عز وجل على المسلمين، ويأثم تاركهما؟!
الجواب:
بعد أن بحثنا طويلاً فلم نجد أي أثر لهما في هذا الكتاب المحكم المفصل من لدن عزيز حكيم.
# ثانيًا:
١- إن كل هذا الذي ذكرته سابقًا، نقلًا عن القرآنيّين الملحدين المخبولين، يُسمّى في الدراسات العلمية «منهج القص واللصق» الذي يُلقى به وبصاحبه في سلة المهملات، لذلك لم أعقب عليه.
٢- وبرهان ذلك:
خذ أي جملة من أقوالهم هذه السابقة، وأرسلها إلى قائلها، وقل له من أين جئت بمعاني هذه الكلمات التي استخدمتها، هل من داخل القرآن؟!
وعندها ستعلم حقيقة هؤلاء القوم الذين استحوذ الشيطان على قلوبهم وعلى آليات عملها: آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه والنظر.
مثال: قولهم:
«الدلوك: لا يكون إلا بين حالتين، وإلا فهو ليس دلوكًا، الدلوك هو الدخول، أي كان في حالة فصار في حالة أخرى، خلال زمن قصير».
والسؤال: هل هذا التفسير لـ «الدلوك» موجود في القرآن؟!
٣- يشهد القرآن بوجود أكثر من طرفين للنهار، وقد أمر الله رسوله أن يقم الصلاة طرفي النهار، فأين بيان الله لمعنى كلمة «طرف»؟!
وهل يصح أن يكون «الطرف الثاني»، الذي يقولون إنه «صلاة العشاء»، عبارة عن مساحة زمنية تبدأ من غروب الشمس إلى العتمة «غسق الليل»، هل هذه المساحة تُسمى «طرفًا»، ومن أي المصادر المعرفية جئنا بمعناه؟!
أم أقل لكم:
* «بَلْ هُمْ أَضَلُّ – أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»
٤- يقول الله تعالى مخاطبًا الذين آمنوا «الجمعة / ٩-١١»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
– «إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ … مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ»
والسؤال:
(أ): ألم يؤذن للصلاة في حياة رسول الله محمد، وفي المسجدين الحرام والنبوي، وغيرهما؟!
(ب): ألم تكن هذه الصلاة المقصودة في سورة الجمعة صلاة نهارية بقرينة سياق الآيات التي تحدثت عن البيع والتجارة:
– «فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ»
*«أَفَلاَ تَعْقِلُونَ»: يا أيها «المخابيل»؟!
(ب): ألم يظل النداء للصلاة، في مساجد العالم أجمع، قائمًا منذ عصر التنزيل، وإلى يومنا هذا، محفوظًا بحفظ الله تعالى له، خمس مرات في اليوم، وإلا سقطت حجية هذه الآية، بل وحجية السورة كلها التي سُمّيت بـ «الجمعة» إشارة إلى «صلاة الجمعة»؟!
# ثالثًا:
١- إن «دلوك الشمس» يبدأ مع ظهور أول ضوء لها، عند تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وتستمر «الْدَلَكَات» حتى اختفاء آخر ضوء للشمس من الأفق عند «غسق الليل».
٢- وتمر «دَلَكَات» الشمس، خلال رحلتها من الشرق إلى الغرب، بظواهر فلكية تعمل على تغيير لونها ودرجة حرارتها، ولذلك جاء استخدام مادة فعل «دَلَكَ» ومشتقاته في مكانه البليغ المحكم.
٣- ويمكن الوقوف على هذه «الْدَلَكَات» بالنظر إلى «ظلال» الأشياء على الأرض، من «الفجر إلى غسق الليل»، مرورًا بتعامد الشمس وهي وسط السماء، ثم دلوكها في اتجاه الغرب، استنادا إلى قول الله تعالى «الفرقان / ٤٥-٤٦»:
* «أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ»:
– «وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً»
– «ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً»
– «ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً»
(أ): فهل فهم هذه الآية، وعلاقتها بمواقيت الصلوات الخمس، هؤلاء الذين وصفهم الله بقوله تعالى:
* «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ»:
– «إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»
(ب): هل يعلم هؤلاء الذين هم أضل من الأنعام، أن هذه الآية السابقة، هي الآية «الفرقان / ٤٤»، وقد سبقها قول الله تعالى «الفرقان / ٤٣»:
* «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً»
– ثم قول الله تعالى «الفرقان / ٤٤»:
* «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»
– ثم قول الله تعالى «الفرقان / ٤٥-٤٦»:
* «أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً»
ألم يقل الله تعالى:
* «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ»:
– «لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا»
– «وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا»
– «وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا»
– «أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ»
– «بَلْ هُمْ أَضَلُّ»
– «أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»؟!
# رابعًا:
١- لقد قلت، وأقول، إن كل إنسان حرٌ في أين يؤمن أو يكفر، «حرية الكفر»، ولكنه ليس حرًا في تفكيره «حرية الفكر» بعد دخوله في «دين الإسلام»، إلا إذا كان «منافقًا»، وقد بيّن الله للمؤمنين العلامات التي يُعرف بها المنافق.
٢- إن أكبر أزمة عقدية تشهدها شبكات ووسائل التواصل الاجتماعي هي الأزمة المتعلقة بالفهم غير الواعي لحقيقة «دين الإسلام»:
وأن على كل من يدّعى الإيمان وإسلام الوجه لله، أن يتبع «المنهج العلمي» في فهم وتدبر القرآن، بصرف النظر عن الشخص الذي يحمله، وأسلوبه اللين أو الغليظ.
٣- ولذلك ليس من «المنهجية العلمية» في شيء، أن نجد من يُعجب بالتوجه الديني «نحو إسلام الرسول»، وفي الوقت نفسه يُعجب بالتوجه الإلحادي للقرآنيين!!
فأرى بعض الأصدقاء يُعجبون بما ينشره القرآنيّون الملحدون في أحكام الصلاة، ويسعدون بأنهم اكتشفوا بعد قرون من الزمن، أن عدد الصلوات التي كانت تصلي في «المسجد الحرام» وفي «المسجد النبوي»، قد تم تحريفها خلال مسيرتها على مر العصور، فأصحبت «خمس صلوات» بدل «ثلاث صلوات»!!
يقول أحدهم للملحد المخبول:
«لقد قلت لهم يا أستاذ في أنفسهم قولا بليغًا وكريمًا … حيث يلمس القاريء استنطاق الكاتب «يقصد الملحد» لكل فكرة مطروحة من قبل القرآنيّين الحنفاء الربانيّين المؤمنين بكمال كفاية القرآن ومصداقيته ووفائه بكل أمور الدين وتفصيلها لكل شيء».
* أقول: والسؤال:
فأين هذا الوفاء القرآني بكل أمور الدين وتفصيله لكل شيء؟!
إنها عين «العشوائية الفكرية»، وعين «الهوس الديني»، ولكنهم لا يشعرون، وكيف يشعرون وقد استحوذ الشيطان على قلوبهم؟!
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون الصيد الثمين بين أنياب الملحدين.
٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري