في تعليق له، على ما نُشر في ٢٧/ ٥/ ٢٠٢٠ تحت عنوان «بلاغة القرآن وجهالة الغلبان»، يرى الصديق
Awad Al Harbi
i أن منهج الباحث ابن قرناس قريب من منهجي، وأنه «أي عواد» يعتمد كثيرًا على فهمي وفهم ابن قرناس وذلك لموافقتهما علم القرآن والعقل والمنطق.
لذلك لزم بيان الفرق بين:
* منهج التوجه «نحو إسلام الرسول»
* أي منهج آخر على ساحة الفكر الديني بمختلف توجهاته.
مع ضرب بعض الأمثلة لتبسيط المسألة.
# أولًا:
يقول الله تعالى «المائدة / ٤٨»:
* «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ»:
– «مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ»
– «فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ»
– «وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ»
* «لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا»
– «وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً»
– «وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ»
– «إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ»
لقد عطفت الآية بواو العطف «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ …» على ما قبلها وهو الحديث عن أهل الكتاب، مع بيان أن «القرآن» نزل ناسخًا للكتب التي سبقته، وأن الرسول لن يحكم بين أهل الكتاب بغير ما أنزل الله في القرآن.
١- والْشِرْعَة:
هي الماء الكثير: ولذلك سُمّي الدين «شريعة» لما يحمله من خير كثير للناس.
* فـ «القرآن» = «الْشِرْعَة».
٢- الْمِنْهَاج:
الطريق الموصل «أي الأدوات والآليات» لفهم «الشريعة» والعمل بها.
* فـ «أدوات فهم القرآن» = «الْمِنْهَاج».
مثال:
عندما تجد أن الكهرباء لا تصل إلى «الكمبيوتر»، وتظل ساعة تبحث عن السبب دون جدوى، فتذهب به إلى مركز الصيانة «والجهاز خارج الضمان»، فإن هذا المركز يملك:
* الْشِرْعَة: أي كتالوج الصيانة والمعلومات الكاملة عن الجهاز.
* الْمِنْهَاج: الأدوات المختلفة التي يستخدمها في الصيانة.
– وهنا قد تقع بين أيدي أمينة يقولون لك، بعد الكشف على الجهاز بالأدوات المتخصصة، إن «كابل الكهرباء» به قطع داخلي وأن تغييره سيكلفك «٥٠ج».
– وقد تقع بين أيدي غير أمينة يقولون لك، بعد الكشف على الجهاز بالأدوات المتخصصة، إن هناك «قطعة إلكترونية» يجب تغييرها ستكلفك «٥٠٠ج».
إن المشكلة غالبًا لا تكون في المادة العلمية «الْشِرْعَة»، وإنما في أمانة استخدام الأدوات الموصلة لنتائجها «الْمِنْهَاج».
٣- التوجه الديني «نحو إسلام الرسول»:
إن التوجه «نحو إسلام الرسول» يتعامل مع القرآن «الْشِرْعَة» بـ «مِنْهَاج»، أي بأدوات هي:
(أ): «منظومة التواصل المعرفي»:
* هي التي حملت للناس جميعًا، من لدن آدم عليه السلام، البرهان الإلهي العقلي، أي «الآية الإلهية العقلية»، الدال على صدق «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام، والتي بدون الإقرار بصدقها لا إيمان ولا إسلام.
* وهي التي حملت للناس جميعًا، من لدن آدم عليه السلام، «مُسَمَّيات» الكلمات التي تنطق بها ألسنتهم، كلٌ حسب لغة ولهجة قومه:
«وَمِنْ آيَاتِهِ»:
– «خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ»
– «وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ»
– «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ»
هذه «المُسَمَّيات» الموجودة خارج القرآن، والتي يستحيل بدونها فهم كلمة واحدة من كلماته، وهي التي ألقت بالقرآنيّين الملحدين كلهم في مقابر الجهل إلى يوم يبعثون، بعد بوست التحدي «المليون دولار» المنشور في ٢٧/ ٥/ ٢٠٢٠، بعنوان:
«حجية منظومة التواصل المعرفي من حجية كتاب الله»
فماذا يفعلون في «محمد مشتهري» بعد هذه الهزيمة المنكرة والضربة القاضية؟!
راحوا يقولون إن «مشتهري» يسرق دروس اللغة العربية من الغير، وليست من إنتاجه هو، وجاؤوا بعشرات الأمثلة على ذلك!!
ولكون «الإلحاد = الغباء»: وأنك لن تجد ملحدًا في أحكام القرآن إلا وهو «غبي» أصلًا:
تركوا «شِرْعَتهم ومِنْهَاجهم»: «القرآن وكفى»، حيث يفهمون القرآن بـ «العقل والهوى» فقط لا غير، ويكفرون بعلوم اللغة العربية ومراجعها.
وراحوا يتحدثون عن «شِرْعَةِ ومِنْهَاجِ» التوجه «نحو إسلام الرسول»، حيث يؤمن «محمد مشتهري» بعلوم اللغة العربية، ويستعين بمراجعها، وينقل منها قواعد «النحو والصرف»، ومسائل «علم البيان»، وقد صرّح بذلك في «الدرس ٢٥» بتاريخ ١٩/ ٥/ ٢٠٢٠، حيث قال في «ثانيًا»:
«ومما أنقل عنهم مادة دروس لغة القرآن، أكتفي بما قالوه كمقدمة عن علم الصرف الذي يتفرع إلى فرعين: علم الإعلال – وعلم الإبدال».
فيا أيها «الملحدون القرآنيّون الجهلاء»:
ابحثوا لكم عن ملعب صغير يناسب حجمكم، بعيد عن ملعب «محمد مشتهري» الذي كلما اقتربتم فقط منه إذا بقاذفات اللهيب العلمي تحرقكم، فتولّون الأدبار:
وهل يرفض قرآني ملحد عرض «المليون دولار» إلا إذا كان من الذين قال الله تعالى فيهم:
* «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ»:
– «كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ»
– «لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا»
– «وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا»
– «وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا»
– «أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ»
– «بَلْ هُمْ أَضَلُّ»
– «أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»؟!
(ب): «اللسان العربي المبين»
(ج): «السياق القرآني»
(د): «آليات عمل القلب»
(هـ): «آيات الآفاق والأنفس»
وهذه كلها مفصّلة ومبيّنة على موقعي.
# ثانيًا:
* فيا أصدقائي الأعزاء:
علينا أن نبحث أولًا عن «مِنْهَاجِ» فلان، وعلى أي أساس يفهم «القرآن»، وإذا لم يكن «مِنْهَاجُه» معلنًا، فعلينا أن نراسله على الخاص ليرسله لنا.
عندها نستطيع التمييز بين «العالم» و«الجاهل» المتعالم بـ «القرآن».
إن «القرآن»، من أوله إلى آخره، هو «شِرْعَةُ» المسلمين، ويستحيل فهمه بدون أدوات «مِنْهَاجِ» مستنبطة من ذات نصوص آيته العقلية، وهذه الأدوات قد سبق الإشارة إليها.
والمؤمن الذي أسلم وجهه لله تعالى، لا يُسلّم نفسه وقلبه وتدينه لأي إنسان، مهما كانت ثقافته ومعارفه، إلا بعد التأكد من أنه يُحدث الناس عن «القرآن» بناء على «مِنْهَاجٍ» مستنبط من ذات القرآن، وإلا فلا يقترب منه على الإطلاق.
ذلك أن هناك فرقًا كبيرًا جدًا بين:
١- من يفهم القرآن ويستنبط أحكامه بناء على أدواتٍ «مِنْهَاج» مستنبطة من ذات نصوص آيته العقلية.
٢- ومن يفهم القرآن ويستنبط أحكامه بناء على «عقله وهواه».
* فالأول: يهديك ويرشدك إلى صراط الله المستقيم.
* والثاني: يضلك ويبعدك عن صراط الله المستقيم.
* والضحية:
المسلمون الذين ورثوا تدينهم بغير علم، واتبعوا كل ناعق ملحد لمجرد أنه يأتيهم بما يوافق هواهم، وهل بعد إلحاد «شحرور» وأصحاب بدعة «القرآن وكفى» من إلحاد؟!
والسؤال:
أين «المِنْهَاجُ» الذي أقام على أساسه الذين يُنكرون الصلاة الحركية ويقولون إنها «وثنية»، والذين يقولون إن الله لم يفرض غير «صلاتين» فقط، والذين يقولون إنهم «ثلاث»؟!
مثال:
تعالوا نتعرف على «المِنْهَاجِ» الذي يتبعه هؤلاء الملحدين في أحكام الصلاة ويخدعون به الذين يتبعونهم بغير علم.
(أ): يقولون إنهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ويُقرّون بجميع أسمائه الحسنى.
* نقول لهم: قولوا لنا:
– متى أقمتم هذه الشهادة؟!
– وهل كانت هذه الإقامة انطلاقًا من المذهب السني، أم الشيعي …؟!
– ثم على أي أساس تم التحول والكفر بالمذاهب كلها؟!
– وهل أعدتم الدخول في «دين الإسلام» من باب الإقرار بصدق الآية القرآنية العقلية «العربية»؟!
– وكيف تم إقراركم بصدق هذه الآية العقلية، وأنتم تجهلون اللغة التي نزل بها القرآن وأساليبها البيانية؟!
* الخلاصة: أنهم كاذبون منافقون.
(ب): يشهدون أن القرآن كلام الله الذي أنزله على رسوله، وهو الحق المطلق، ويستدلون بالآيتين:
* «وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ»
ثم يكتبون الآية الثانية خطأ ويقولون:
* «وَاللّهُ يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ»
والصحيح: «وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ».
لقد وقع منهم هذا «الخطأ» لغياب «المِنْهَاجِ» وآلياته التي تفرض على الذي يتعامل مع القرآن أن يراجع الآيات التي يستذل بها.
والسؤال حول «المِنْهَاج»:
– كيف عرف هؤلاء أن القرآن كلام الله؟!
– ومتى تمت هذه المعرفة؟!
– وعلى أي أساس علمي أقرّوا بأن «القرآن» حق، وأنه «كلام الله»؟!
* الخلاصة: أنهم كاذبون منافقون:
لأنهم يكفرون أصلًا بعلوم اللغة العربية ومراجعها، وقد نزل «القرآن» بهذه العلوم لعلهم يعقلون، فتدبر:
* «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
فهل تعلموا «اللغة العربية» من داخل القرآن؟!: لا.
هل تعلموا «اللغة العربية» من خارج القرآن؟!: نعم.
إذن، وحسب بدهيات «علم المنطق»، يكون «المصدر المعرفي» الذي تعلموا منه اللغة العربية، حاكمًا على فهم القرآن الذي يؤمنون بأنه كلام الله، أي لولاه ما فهموا كلمة واحدة من القرآن، بدليل:
أنك لو كنت قد ولدت في بيئة «مسلمة إنجليزية» لا تتحدث غير الإنجليزية، وفتحت يومًا القرآن، ونظرت إلى آياته، ستجد كلماتها بالنسبة لك «أعجمية تمامًا»، لا تستطيع فهم كلمة واحدة منها إلا إذا نظرت إلى ترجمتها الإنجليزية.
* «أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ»؟!
(ج): يُكَرّرون على مسامع أتباعهم «الاسطوانة المشروخة» التي لا يملكون غيرها، والتي تقول:
أن آيات القرآن بيّنات ومبيّنات، وأنها هدى للمتقين، وأن الله قد فصل في القرآن كل شئ تفصيلا، وأمرنا بإتباع ما أنزله في هذا القرآن، ونهانا عن اتباع غيره.
* نقول لهم:
وها هو «تحدي المليون دولار»، الذي أشرت إليه وإلى تاريخه سابقًا، يثبت حقيقة ما في قلوبكم من أمراض تتمنون يوم القيامة لو أنكم متم بـ «كورونا» أرحم من وقود جهنم.
(د): يقولون إن حجتنا أمام الله يوم القيامة هي ما فهمناه من القرآن على قدر طاقتنا وقدراتنا العقلية!!
* نقول لهم:
إن حارس العقار الذي تسكنون فيه، وعامل النظافة الذي يُنظف الشوارع …، إلى آخر الفئات التي لم تتعلم غير اسمها، هؤلاء لا علاقة لنا بحسابهم في الآخرة، وإنما بتعليمهم في الدنيا.
أما الذين حصلوا على المؤهلات العليا، والدرجات العلمية من ماجستير ودكتوراه، ويقومون بالتدريس في الجامعات ويحصلون على الأموال، والذين يعملون في الزراعة والتجارة والتصدير، والذين يملكون المصانع ويديرونها بكفاءة ويحصلون على شهادات الجودة العالمية … فهؤلاء نقول لهم:
* «فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ»:
* «إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ»
* «لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ»
(هـ): ثم بعد كل ما سبق من جهل بكل شيء، إلا بهواهم الإلحادي، يقولون للمُضَلَّلين من أتباعهم:
إن المسلمين جميعًا لو اجتمعوا على هيئة للصلاة، ولعدد ركعاتها وأوقاتها، ولم يبيّن الله ذلك في كتابه، فلا علاقة لنا بها، وإنما بما نص الله على تفصيله في الكتاب، كقوله تعالى في سياق بيان مناسك الحج:
* «ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ»
هنا نقبل «منظومة التواصل المعرفي».
* نقول لهم:
يا أيها «الجهال»:
قلنا لكم إن «منظومة التواصل المعرفي»، قبل أن تحمل للناس «كيفيات» أداء ما «أجمله» القرآن من «أحكام»، هي التي حملت لهم «مُسَمَّيات» الكلمات التي تنطق بها ألسنتهم.
فإذا ذهبنا إلى بعض كلمات القرآن المتعلقة بفريضة الحج، لن نجد كلمة واحدة من كلمات الآيات بيّنها الله داخل القرآن، بداية بـ:
* «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ»:
– فأين بيان هذه «الأشهر المعلومات» من داخل القرآن؟!
* «فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ»:
– فأين بيان معنى هذه الكلمات:
«الرفث – الفسوق – الجدال»
من داخل القرآن؟!
* «فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ»:
ـ فأين بيان معنى هذه الكلمات:
«أفضتم – عرفات – اذكروا – المشعر الحرام»
من داخل القرآن؟!
ثم تعالوا إلى الآية الوحيدة التي قالوا إنها تتبع «منظومة التواصل المعرفي» عن آدم عليه السلام:
* «ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ»
ـ فأين بيان معنى هذه الكلمات:
«أَفِيضُواْ – مِنْ حَيْثُ – أَفَاضَ النَّاسُ»؟!
فمن جهلهم أنهم تصوروا أن «منظومة التواصل المعرفي» تتعلق فقط ببيان كيفية أداء ما أجمله القرآن من أحكام، والحقيقة أن دورها الأساس هو بيان «مُسَمَّى» كل كلمة من كلمات القرآن، وطبعا يشمل ذلك كلمات «آيات الأحكام».
وأذكركم بتحدي «المليون دولار» الذي كان يتعلق بـ «مُسَمّيات» كلمات الآيتين اللتين يستندون إليهما في معرفة عدد الصلوات، وهما:
* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً»
فهل استطاع أحد منهم أن يكسر هذا التحدي، بأن يأتي بمعنى كلمات الآيتين من داخل القرآن؟!
ثم كيف تطلبون من الله الهداية، وأمامكم هذا «التحدي» الذي يعجز الإنس والإنس أن يأتوا من داخل القرآن بمعنى كلمة واحدة من كلماته؟!
* «أَفَلاَ تَعْقِلُونَ»؟!
(و): يقولون إن «طرفي النهار» هما:
– الطرف الأول نفهمه من قول الله تعالى:
* «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ»
وينتهي عند طلوع الشمس.
– والطرف الثاني نفهمه من قول الله تعالى:
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»
من غروب الشمس «دلوكها» إلى «غسق الليل»
والطرفان متساويان تماما للناظر إليهما.
* نقول لهم:
أيها «الجُهّال»:
هذا الذي جئتم به هو الذي يُسمى في علم «الملوخية» القص واللصق، ذلك أن كل كلمة من كلمات الآيات التي تستدلون بها لا وجود لمعناها مطلقا داخل القرآن:
* فهل بيّن القرآن معنى «الْخَيْطُ الأَبْيَضُ» أم هذه ظاهرة فلكية موجودة خارج القرآن، وتكونون بذلك قد استعنتم بـ «منظومة التواصل المعرفي» التي نقلت للناس آيات الآفاق والأنفس، ثم تستغفلون عقول «الغافلين» وتقول لهم «القرآن وكفى»؟!
* هل بيّن القرآن معنى «الْخَيْطِ الأَسْوَدِ» أم هذه ظاهرة فلكية موجودة خارج القرآن؟!
* ثم هل بيّن القرآن أصلًا معنى كلمة «الْفَجْرِ»، أم أنه آية من آيات الآفاق والأنفس الموجودة خارج القرآن؟!
* ثم عندما ينص السياق القرآني على وجود أكثر من طرفين للنهار، فقال تعالى:
* «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ»:
– «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ»
– «قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ»
– «وَقَبْلَ غُرُوبِهَا»
– «وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ»
– «وَأَطْرَافَ النَّهَارِ»
– «لَعَلَّكَ تَرْضَى»
من أين عرفتم أن الطرف الثاني هو:
«من غروب الشمس دلوكها إلى غسق الليل»
هل فصّل القرآن ذلك وبيّن لكم معنى «الدلوك»؟!
الحقيقة شيء مؤسف ومُحزن في نفس الوقت، الأمر الذي جعلني أقسم بالله العلي العظيم، أكثر من مرة، أن مصير هؤلاء هو
«الدَّرْك الأَسْفَل مِنَ النَّارِ».
(ز): ويزيدون الطين «مئة بلة» ويقولون:
إن «عدد الركعات» الصلاة لم يأت ذكر لها في القرآن، خاصة وقد ذكر القرآن كلمات «مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ»!!
* نقول لهم:
– يعني «عدد الركعات» فقط هي التي لم يأت القرآن ببيانها؟!
– ثم من هو هذا الجهبذ «الجاهل» بعلوم اللغة العربية، الذي استغفل عقولكم وقال لكم:
إن «مَّثْنَى»: تعني «ركعتين».
وإن «ثُلاَثَ»: تعني «ثلاث ركعات».
وإن «رُبَاعَ»: تعني «أربع ركعات»؟!
ارجعوا إلى «الدرس ١٨» من دروس لغة القرآن، البند «رابعًا» لتعلموا أنكم أجهل من الجهل نفسه، الأمر الذي جعلكم تُحرّفون أحكام الصلاة وتحسبون أنكم تُحسنون صنعا.
* الخلاصة:
لقد كنت، في بداية مرحلة تحولي من «الإسلام الوراثي» إلى «الإيمان العلمي»، وبداية دراستي وتدبري للقرآن، وكان ذلك مع بداية الثمانينيات:
كنت أصلي ثلاث صلوات فقط، وأظل جالسًا بعد صلاة المغرب حتى وقت صلاة العشاء لا أكلّم أحدًا، وكنت أفطر بعد أذان المغرب بثلث ساعة، ولن أنسى هذا الموقف:
لقد دعيت من أحد المسؤولين في باكستان لإلقاء بعض المحاضرات في شهر رمضان، وقلت لهم إن الفطار عندي بعد صلاة المغرب بثلث ساعة، فإذا بهم يظلون على مائدة الإفطار في انتظار حضوري، ودخلتم عليهم ببرود شديد وكأني لم أرتكب مصيبة.
ثم جاءت مرحلة اتباع «أصول البحث العلمي» حيث راجعت خلالها كل ما فهمته عن أحكام القرآن، عندما سألت نفسي يومًا:
ما معنى أن يقوم «فهم القرآن» على «شرعة ومنهاج»؟!
ثم كيف تكون على علم بـ «أصول البحث العلمي» ولا تطبقها على القرآن القائم أصلًا على تفعيل آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه … آليات عمل القلب؟!
يومها كانت ولادة توجهي «نحو إسلام الرسول»، الذي ظل ثابتًا ثبوت الجبال إلى يومنا هذا، ولن أكرر قولي وأقول وبرهان ذلك:
* «تحدي المليون دولار».
محمد السعيد مشتهري