«الفاء الفصيحة، وحجية علم السياق، الذي حملته منظومة التواصل المعرفي للناس جميعًا»
«الفاء الفصيحة»:
هي الفاء التي تأتي لبيان أن هناك كلامًا محذوفًا قبلها، يكون سببًا لما يُذكر بعدها، وذلك على أساس أن هذا المحذوف يُفهم ضمنيًا من السياق.
مثال:
* قول الله تعالى «البقرة / ١٩٦»:
«وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ:
– فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا
– أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ
– فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ»
فالفاء في «فَـ فِدْيَةٌ» تكشف عن محذوف يتوقَّف عليه استقامة الكلام، وهو سببٌ للمذكور بعدها، وهذا المحذوف هو:
«فحَلَق رأسَه … فعليه فدية»
* وقول الله تعالى «البقرة / ١٨٥»:
«وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»
فالفاء في «فَـ عِدَّةٌ» تكشف عن محذوف يتوقَّف عليه استقامة الكلام، وهو سببٌ للمذكور بعدها، وهذا المحذوف هو:
«فأفطَرَ … فعليه عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»»
# أولًا:
قول الله تعالى «البقرة / ٥٤»:
* «وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ:
– إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ
* فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ
* فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ
* فَتَابَ عَلَيْكُمْ
– إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»
فالآية تحمل ثلاث فاءات:
١- الفاء الأولى: «فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ»: فاء السببيَّة:
لأن الظلم سبب التوبة.
٢- الفاء الثانية: «فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ»: فاء التعقيب:
أن يعقب التوبة القتل، ذلك أن القتل تتمة لتوبتكم.
٣- الفاء الثالثة: «فَتَابَ عَلَيْكُمْ»: وهذه هي الفاء الفصيحة:
التي تكشف عن وجود محذوف قبلها وهو:
«فامتثلتم لما أمركم به موسى … فتاب الله عليكم».
# ثانيًا:
قول الله تعالى «المائدة / ١٩»:
* «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ:
– قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ
– أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ
– فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ»
فالفاء في «فَـ قَدْ جَاءَكُمْ» تكشف عن محذوفٍ يحدث يوم القيامة وهو:
«لا تعتذروا اليوم … فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ»
# ثالثًا:
قول الله تعالى «يونس / ٨٠»:
* «وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ»
فالفاء في «فَـ لَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ» تكشف عن محذوف وهو:
التقاء فرعون أولًا بالسحرة، وهذا ما أفاده قول الله تعالى في موضع اخر:
* «وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ»
وهذا المشهد المحذوف هو سبب ما ذُكر بعد ذلك من نزول السحرة ميدان التحدي:
* «فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ – قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ»
# رابعًا:
قول الله تعالى «الصافات / ١٧٠»:
* «وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ:
– لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ
– لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
– فَكَفَرُوا بِهِ»
فالفاء في «فَـ كَفَرُوا بِهِ» كشفت عن محذوف وهو:
«فجاءهم رسول الله محمد بالذِّكر … فَكَفَرُوا بِهِ»
# خامسًا:
قول الله تعالى «البقرة / ٦٠»:
* «وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ:
– فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ
– فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً
– قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ
– كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ
– وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ»
تعالوا نتدبر السياق الذي وردت فيه هذه الآية، لنعلم أنه سياق بيان النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل، ومنها نعمة أن المياه كانت تنفجر انفجارًا بشدة وكثرة ووفرة قبل أن يغضب الله عليهم:
يبدأ السياق بقول الله تعالى «البقرة / ٤٧»:
* «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ:
– اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
– وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ»
مرورا بقول الله تعالى «البقرة / ٥١-٥٢»:
* «وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»
ثم قول الله تعالى «البقرة ٥٨»:
* «وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ:
– فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً
– وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً
– وَقُولُواْ حِطَّةٌ
– نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ»
وتعالوا نضع نفس الآية التي وردت في «الأنعام / ١٦١» بعد أن غضب الله عليهم، لنقف على الفرق في استخدام الألفاظ:
* «وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ:
– وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ:
(لم يقل هنا رَغَداً)
– وَقُولُواْ حِطَّةٌ:
(قدم هنا حطة على دخول الباب) فخالف آية البقرة.
– وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً
نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ»
(قال في البقرة «خَطَايَاكُمْ» لأنها كانت قليلة، فلما كثرت قال «خَطِيئَاتِكُمْ»، وفي زيادة المبنى زيادة في المعنى.
# سادسًا:
قول الله تعالى «الأعراف / ١٦٠»:
* «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا»
وتعالوا نلقي نظرة سريعة على سياق هذه الآية:
* «وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً:
– وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ
– أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ
– فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً
– قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ
(لم يقل هنا كما قال في البقرة: كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ)
– وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ
– وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى
– كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
– وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ
– وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ
– وَقُولُواْ حِطَّةٌ
– وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً
– نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
– فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
– فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ»
# سابعًا:
والسؤال:
١- كم عدد المسلمين الذي يعلمون ما سبق ذكره؟!
٢- كم عدد المسلمين الذين يعلمون أن ما سبق ذكره قطرة في بحر لغة القرآن العربية وعلومها؟!
٣- كم عدد المسلمين الذين يهمهم أن يتعلموا ليعلموا ما سبق ذكره؟!
٤- أليست هذه حقيقة أنهم:
* «مسلمون» بلا «إيمان»
* و«مؤمنون» بلا «إسلام»؟!
فعلى أي أساس إيماني يطمعون أن يدخلوا الجنة وهم لا يعلمون عن «دين الإسلام» غير «الصلاة»؟!
وحتى «الصلوات الخمس» نزل «إبليس شخصيًا» ليعلمهم كيف يُلحدون في هيئتها وعددها ومواقيتها وعدد ركعاتها، ولقد كان سبب حبهم له واتباعه هو أنه قال:
* «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي:
– لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ
– وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
– إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»
وهل هناك «مُخْلَص» في عبادته لله تعالى يكفر بـ «منظومة التواصل المعرفي» التي حملت له «مُسَمَّيات» كلمات القرآن التي بدونها يصبح القرآن أعجميًا؟!
فيا شياطين الإنس من الملحدين المسلمين:
هل هناك من يرفض تحديًا جائزته «مليون دولار» إلا إذا كان من الجُهّال المُفْلِسين الغلابة الذين ليسوا أصلًا أهلا لهذا التحدي؟!
ولا يقولن لك إبليس:
من أين سيأتي محمد مشتهري بـ «المليون دولار»؟!
لأن الموضوع أبسط من ذلك بكثير:
يكفيك أنك، وبعد أربعة عقود من الزمن، استطعت أمام (٣٣٠٠٠ متابع للصفحة)، أن تهدم القاعدة الأساس التي قام عليها التوجه الديني لمحمد مشتهري «نحو إسلام الرسول» وهي «منظومة التواصل المعرفي».
ولم يوف محمد مشتهري بوعده …. ولم يعطك الـ مليون دولار.
مش كده ولا إيه؟!
محمد السعيد مشتهري