يجب التفريق بين:
«جذر الكلمة – مادة الكلمة – الصيغة الاشتقاقية للكلمة ـ تصريفات الكلمة»
كما ذكرنا في الدرس السابق، فعلى أساس هذه المسائل الأربع يقوم «علم الصرف».
والحقيقة أن مال الدنيا كله لا يساوي دقيقة يعيشها المؤمن مع تشقيق وتصريف الكلمات القرآنية، كما تُصرّف المئة جنيه إلى عشرات وجنيهات.
# أولًا:
ويُسمى «علم الصرف» بـ «الميزان الصرفي»، والميزان الذي يزن الكلمة القرآنية لمعرفة التغييرات الصرفية التي تطرأ عليها، اسمه ميزان «فَعْلٌ» ومشتقاته، حيث توضع أي كلمة قرآنية على ميزان «فَعْلٌ» لنعرف قيمتها البلاغية.
١- صيغ «فَعْلٌ» الأربعة واشتقاقاتها:
(أ): الجذر: «فَعْلٌ»
(ب): الثلاثي: «فَعَلَ»
(ج): الرباعي: «أَفْعَلَ»
(د): الخماسي: «افْتَعَلَ»
(هـ): السداسي: «اسْتَفْعَلَ»
٢- اشتقاقات كل صيغة:
(أ): مصدر: فعل
(ب): الماضي: فَعَلَ
(ج): المضارع: يَفْعَل
(د): الأمر: افْعَلْ
(هـ): اسم الفاعل: فًاعِل
(و): اسم المفعول: مَفْعُول
(ز): الصيغة المشبهة: فَعِيل
(ح): صيغة المبالغة: فَعَّال
إلى آخره.
وهذا يُسمى «الميزان الصرفي».
# ثانيًا:
أحيانا نقرأ في معجم اللغة عبارة هذا الحرف: «فاء الكلمة»، أو «عين الكلمة»، أو «لام الكلمة»، فما معنى ذلك؟!
والجواب: هذا هو أيضا «الميزان الصرفي».
١- مثال: كلمة «كَتَبَ» فعل ماضي:
فـ الكاف: «فاء الكلمة»
والتاء: «عين الكلمة»
والباء: «لام الكلمة»
وهذه الكلمة «كَتَبَ» لا تتغير.
فإذا أضفنا لها الياء «يَـ كْتُبْ» تحولت إلى فعل مضارع.
وإذا أضفنا لها الألف «أُ كْتُبْ» تحولت إلى فعل أمر.
وظلت حروف «كَتَبَ» كما هي لم تتغير.
٢- و«كَتَبَ»: على وزن «فَعَلَ».
و«يَـ كْتُبْ»: على وزن «يَفْعَل».
و«أُ كْتُبْ»: على وزن «افْعَلْ».
فإذا أضفنا إلى ذلك:
«كَاتِبْ»: على وزن «فَاعِل».
«مَكْتُوب»: على وزن «مفعول».
«كَتَّابْ»: على وزن «فَعَّال»: وهي صيغة مبالغة.
# ثالثًا:
القاعدة الصرفية لحرف العلة «الألف»، في الفعل الماضي الثلاثي، قد يكون «عين الكلمة»، أو «لام الكلمة»:
١- فإذا كان «عين الكلمة»:
مثال: «قال»:
فهذه ليست كلمة أصلية، أصلها «قَوْلٌ».
و«باع»: ليست كلمة أصلية، أصلها «بَيْعٌ».
فكيف عرفنا أصل الكلمة؟!
عن طريق رد الكلمة إلى جذرها، والجذر لا يحمل أي حرف علة، كما سبق بيانه في الدرس السابق.
٢- فلماذا، مع اتحاد الكلمتين في حرف العلة «الألف»، جاءت الأولى «قَوْلٌ» والثانية «بَيْعٌ»؟!
لأن أساس الأولى «واو» وأساس الثانية «ياء».
فكيف عرفنا أساسها وأصلها؟!
بأن نرجع إلى مصدرها، فنجد:
– مصدر «قال»: «قول»
– مصدر «باع»: «بيع»
وهذه الألف المشتركة بين الكلمتين من حروف «العلة»، أي يجب أن تتغير لعلة فيها، وهي أنها ضعيفة، وضعفها هو الذي يمنعها من أن تكون أصلًا صحيحًا.
ولذلك سُمّي قلب ألف «قال» إلى «واو» لتكون «قَوْلٌ»، وقلب ألف «باع» إلى «ياء» لتكون «بَيْعٌ»، سُمّي ذلك بـ «علم الإعلال»، الذي أشرنا إليه في الدرس السابق.
# رابعًا:
إذا كانت الألف هي «لام الكلمة»، أي آخر حرف:
١- مثال:
كلمة «رَجَا»:
جذرها الثلاثي: «رَجْوٌ»، على وزن «فَعْلٌ».
وكلمة «رَجَا» ليست أصلية، لأن أصلها «رَجَوَ»، فتحركت الواو، بسبب علامة الفتح التي على الحرف الذي قبلها «جَ»، وتُقلب ألفًا «حسب قاعدة تحريك الحروف»، ثم تعود الواو إلى الكلمة في المضارع لتكون «يرجو».
* قاعدة إملائية:
إذا كان الفعل الماضي أساسه «واو» تكتب ألف ممدودة، «رَجَاَ»، وإذا كان أساسه «ياء» تُكتب ألف مكسورة «رمى» كما في المثال التالي:
كلمة «رَمْيٌ»: الجذر الثلاثي على وزن «فَعْلٌ»، وأساسها «رَمَيَ»، فتحركت الياء، ونظرًا لانفتاح ما قبلها «مَ» قلبت ألفًا مكسورة «رَمَىَ».
٢- الوزن الصرفي لكلمة «ءَانِيَة» في قوله تعالى «الغاشية / ٥»:
* «تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ»
إن وزن «ءَانِيَة»: «فَاعِلَة»:
والمد في هذه الكلمة يسمى «مد شبيه بالبدل».
أمَّا الوزن الصرفي لكلمة «بـ ِآنِيَةٍ» في قوله تعالى «الإنسان / ١٥»:
* «وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا»
فهو «أَفْعِلَة»، ذلك أن أصل الكلمة «أأنية»، فالتقت همزتان:
الأولى همزة زائدة محركة بالفتح، والثانية «فاء الكلمة» ساكنة.
فتبدل الهمزة الثانية حرف مد من جنس حركة الهمزة الأولى، فنشأت الألف، ويسمى هذا المد «مد بدل أصلي».
ويجب ضبط حروف الميزان بمثل حركات وسكنات الكلمة الموزونة مثال:
– فَهِمَ وزنه فَعِلَ
– حَسُنَ وزنه فَعُلَ
– قَمَرْ وزنه فَعَلْ
* وزن الكلمات الأصول، فإذا كانت الكلمة:
(أ): ثلاثية الأصول:
توزن بـ «فعل»، مثال: «جَمَل»: وزنه «فَعَل»
(ب): رباعية الأصول:
توزن بـ «فعلل»، مثال: «دَحْرَجَ»: توزن بـ «فَعْلَلَ» – و«زَلْزَلْ» توزن بـ «فَعلَلْ».
(ج): خماسية الأصول:
توزن بـ «فعلَّل»، مثال: «سَفَرْجَلْ» و«فَرَزْدَقْ»: توزن بـ «فعلَّل».
* وموضوع «علم الصرف وميزانه» بحر من البلاغة والبيان، يظل قلب المؤمن المتدبر لآيات الذكر الحكيم يشرب منه إلى أن يلقى الله تعالى.
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون صيدًا ثمينًا بين أنياب الملحدين.
٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري