# أولًا:
الفرق بين علم النحو والصرف:
كلامهما من موضوعات لغة القرآن وأساليبه البيانية:
١- علم النحو «الإعراب»:
يبحث في ضبط الحرف الأخير للكلمة العربية:
مرفوع، منصوب، مجرور…، ولماذا كان هذا الضبط.
٢- علم الصرف:
من التصريف، والتصريف فك الشيء، كما تقول اصرف لي المئة جنيه، أي فكها إلى فئات صغيرة.
فـ «علم الصرف»: هو علم تفكيك الكلمة العربية، للوقوف على التغيير الذي يجري على حروفها، وتعليل هذا التغيير.
وهو من العلوم التحليلية الدقيقة التي تحتاج إلى علم وخبرة في التعامل معها.
# ثانيًا:
ومما أنقل عنهم مادة دروس «لغة القرآن»، اكتفي بما قالوه كمقدمة عن «علم الصرف» الذي يتفرع إلى فرعين:
«علم الإعلال» – و«علم الإبدال».
* علم «الإعلال»: من العلة:
١- وهنا يجب أن نبيّن أن حروف الهجاء تنقسم إلى:
– حروف قوية «صلبة»
– حروف ضعيفة «رخوة».
وهذه الحروف الرخوة «الضعيفة» هي التي تُعرف بحروف العلة»: «الألف والواو والياء»، وباقي الحروف هي الحروف الصلبة «القوية».
٢- وعلم الصرف يهتم بـ «حروف العلة» باعتبارها حروف رخوة تتأثر بالأحوال المختلفة في وضع الكلمة في الجملة.
فتغير الحرف يُسمي «إعلالا»، فإذا كان على سبيل المثال «الواو»، ولم يتحمل التغيير، يُقلب إلى ألف لوجود علة وهي أنه حرف ضعيف، كأنه «مريض».
٣- ونلاحظ أن «الألف» في حروف العلة غير «الهمزة»، لأنه الهمزة حرف صلب قوي وليست معتلة، ولا تتغير إلا في حالات خاصة.
فعندما نقول: «أباه»: يمكن أن نقول «أبيه» حسب موقع الكلمة في الجملة، وتظل «الهمزة» مصاحبة للكلمة.
أما إذا قلنا: «قال» و«يقول» و«قيل»، فهنا ذهبت الألف الأولى وتحولت إلى ياء.
* فـ «الإعلال»: تغيير حرف علة بحرف علة آخر.
وهذا مجرد مثال يُبيّن ما هو «علم الصرف».
# ثالثًا:
«علم الإبدال»:
وهو إبدال حرف بحرف، وقد يكون حرفًا صحيحًا وليس معتلًا، واقتضت الضرورة إلى إبداله بحرف آخر، أو إدغامه مع حرف آخر:
١- كلمة «اضْطُرَّ»، في قوله تعالى:
* «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ»
أساسها «اضتر» بالتاء، ولصعوبة نطق التاء مع الضاد ابدلت بالطاء لتصبح «اضطر»، وهذا يُسمى علم الإبدال، بهدف تسهيل النطق بحرف التفخيم: فالضاد تحتاج إلى حرف مُفخم وهو الطاء وليس التاء.
فيصعب أن تنطق الآية هكذا:
* «فَمَنِ اضْترَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ»
ويسهل أن تنطقها هكذا:
* «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ»
* فـ «الإبدال»: إبدال الحرف الصحيح بحرف صحيح آخر، ليس حرف علة، وذلك لأسباب: وهذه الأسباب هي «علم الصرف».
# ثالثا:
وعلم الصرف ينطلق من قاعدة أساسية وهي:
«الجذر الثلاثي للكلمة العربية»
وذلك بعيدا عن الحروف والضمائر وأسماء الأعلام كـ «إبراهيم» الذي لا تصريف له، ويظل اسمه كما هو، ولذلك نقول «إبراهيم» كلمة «ممنوعة من الصرف».
١- بعيدا عن ذلك، يكون «علم الصرف»:
هو العلم الذي يبحث في الكلمات العربية المشتقة، وذلك بإعادة الكلمة إلى جذرها الثلاثي، وسُمّي بـ «الجذر» لأنها فعلًا شجرة تضرب جذورها في الأرض، ولها ساق وفروع وأغصان وأوراق وثمار.
٢- عندما نقول «مادة الكلمة» نعني بها «الكلمة المشتقة» التي لها جذر، وكل كلمات اللغة العربية الأصلية «ثلاثية الحرف»، فـ «الجذر» هو الحروف الثلاثة لكل كلمة عربية.
٣- إن «مادة الكلمة» باشتقاقاتها المختلفة هي التي يقوم عليها «علم الصرف».
مثال: كلمة «نهار»: اسم: فما هو الجذر الثلاثي لهذه الكلمة؟!
«نَهْرٌ»: على وزن «فَعْلٌ»، واشتقاقاته كثيرة، منها الماضي «نَهَرَ»، المضارع «يَنْهَرُ»، الأمر «انْهَر».
٣- إذن فالجذر الثلاثي لكلمة «نهار» هو «نَهْرٌ» وتُسمى الكلمة «مادة» لأن لها اشتقاقات مختلفة.
وكل كلمات اللغة العربية جذورها ثلاثية على وزن «فَعْلٌ»، أي أصلها ثلاثي، أما الرباعي والخماسي …، فيُرد إلى الثلاثي.
# رابعًا:
إن شجرة الاشتقاق لها أربعة فروع فقط، أي أربع صيغ اشتقاقية:
١- الثلاثي.
٢- الرباعي.
٣- الخماسي.
٤- السداسي.
فإذا قال لنا قائل:
وماذا عن كلمة تزيد عن ستة حروف، وهي كلمة «فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ»؟!
نقول له: هذه ليست كلمة، هذه جملة تحمل فعلًا وفاعلًا ومفعولين بمعنى: «فأسقى الله الناس الماء»
(أ): إن أقصى كلمة قرآنية هي «اسْتَسْقَى»، والجذر الثلاثي لهذه المادة هو «سَقْيٌ: سين قاف ياء»، نأخذ منها:
– «سَقَىَ»، – الرباعي «أَسْقَى»، – الخماسي «اسْتَقَى»، – ثم نأتي إلى السداسي الوارد في قول الله تعالى:
* «وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ»
فهذا عن الصيغ الاشتقاقية الأربع التي لا تخرج عنها كلمات القرآن، وكل صيغة من هذه الصيغ:
«الثلاثي – الرباعي – الخماسي – السداسي»
تتفرع إلى عشرة اشتقاقات على الأقل، وكلها موجودة بداخل هذا القرآن.
(ب): والسؤال:
فهل نجد بيانًا وتفصيلًا لعلمي «النحو والصرف» في القرآن؟!
إذن فعلى أي أساس يدخل المسلمون الجنة، وهم لا يعلمون الأصول والقواعد التي قامت عليها نصوص «الآية القرآنية» العربية العقلية؟!
(ج): وبعد بيان ما هو «الجذر»، وما هي «الاشتقاقات» في «علم الصرف»، نبيّن ما هي «التصريفات»، فكل صيغة من صيغ الاشتقاقات الأربعة لها تصريفات:
١- مثال:
صَبْرٌ: صَبَرَ ـ صَابَرَ – اصْطَبَرَ – اسْتَصْبَرَ … إلى غير ذلك من التصريفات، ولكل كلمة من هذه الكلمات تصريفاتها:
مصدر – ماضي – مضارع – أمر – اسم فاعل – اسم مفعول – صيغة مشبهة – صيغة مبالغة – اسم مكان – اسم زمان – اسم هيئة … إلى آخره.
٢- إن كل هذه التصريفات موجودة داخل نصوص «الآية القرآنية» العربية العقلية، التي لا يشبع من الاستمتاع بها، والوقوف على المعنى الحقيقي لقول الله تعالى:
* «كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»
إلا من هم على دراية بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق القرآني، هؤلاء الذين أنعم الله تعالى عليهم بنعمة التفاعل مع مشتقات الكلمات وتصريفاتها، ولم يقفوا فقط عند ظاهر النص.
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون صيدًا ثمينًا بين أنياب الملحدين.
٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري