نحو إسلام الرسول

(1434) 17/5/2020 لغة القرآن: الدرس «٢٣» «أنواع الاسم»

إن الذي يقرأ القرآن وهو على دراية بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق، يقشعر جلده، ويقف على معنى قول الله تعالى:

* «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ:

– تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ

– ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ

– ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ

– وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ»

وذلك لأنه يعلم ما معنى «أَحْسَنَ الْحَدِيثِ» الذي جعله الله «كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ»، أي كتابًا متشابهًا في بيان وبلاغة كلماته وتناغم موقعها مع كل آية، ثم تُثنى معانيها وتكرر بخلاف ما سبقها من معاني تشبهها، ولا يقف على ذلك إلا من كان على دراية بلغة القرآن وأساليبها البلاغية.

إن الذي يقرأ القرآن وهو لا يعلم شيئًا عن أساليبه البيانية البلاغية، هو في الحقيقة يقرأ كلامًا عربيًا، وليس قرآنًا وحديثا إلهيًا:

* «تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ»

إن هذه المجموعة من دروس لغة القرآن العربية، ليس هدفها تعليم قواعد النحو والصرف وعلم البيان وفقه اللغة …، وإنما تسليط الضوء على بعض المسائل، «وليس حصرها»، لبيان أهمية هذه اللغة ودورها الأساس في تدبر القرآن.

ومن بعض المسائل التي حملها البوست المرفق:

# أولا: الاسم:

وهو لفظ يدل على معنى في نفسه غير مُقترن بزمن، وهو نوعان:
* متصرف * وغير متصرف.

١- الاسم المتصرف:

التصريف هو تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها، والاسم المتصرف يُثنّى ويُجمع ويُصغّر ويُنسبُ إليه، هو نوعان:

*جامد * ومشتق.

(أ): الاسم الجامد:

غير مأخوذ من غيره، أي أنه وُضِع على صورته الحالية ابتداءً؛ فليس له أصل يرجع إليه ويتفرع منه، وهو نوعان:

* اسم ذات * واسم معنى:

– اسم الذات:

يدل على شيء مُجسّم يقع ضمن الحواس الخمس وما شابهها من أسماء الجنس:

* «فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً»

– اسم المعنى:

وهو يدل على شيء عقلي محض، لا يقع ضمن الحواس الخمس وما شابهها من الأسماء المعنوية:

* «وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ»

(ب): الاسم المشتق:

مأخوذ من غيره، له أصل يرجعُ إليه، ويتفرّع منه، والمشتق يقارب أصله في المعني، ويشاركه في الحروف الأصلية:

– ويدل «مع المعني» على الذات التي فعلته، كما في اسم الفاعل.

– أو التي وقعت عليه كما في اسم المفعول.

أو غير ذلك من: صفة مشبّهة، أفعل تفضيل، أمثلة مبالغة، اسم مكان، اسم زمان، واسم آلة.

* بالنسبة لاسم الفاعل:

«إِنَّا عَامِلُونَ * وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ»

* وبالنسبة لاسم المفعول:

«يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ»

٢- الاسم غير المتصرف:

يلازم حالة واحدة، مثل أين، فيقال: أين الرجل وأين المرأة.

والأسماء غير المتصرفة هي:

الضمير، اسم الإشارة، اسم الاستفهام، اسم الشرط، اسم الموصول، الكناية، الظرف، اسم الفعل، واسم العدد.

* وأصل المشتقات المصدر المجرد، ومنه تتفرع.

وأما المصادر المزيدة فإنها مشتقة من الفعل الماضي.

(أ): المصدر:

يدل على حالة أو حدث دون زمان:

فَرَحٌ، رَحْمَةٌ، غُفران، تهنئة، مُجادلة، إحسان، اجتماع.

* «وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»

(ب): اسم الفاعل:

يدل على ما وقع منه الفعل، أو قام به على معنى الحدوث:
كافرٌ، ظالمٌ، مُعلّمٌ، مُتَصَنّعٌ، متسارع.

* «شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ»

(ج): اسم المفعول:

يدل على ما وقع عليه الفعل:

مظلومٌ، مُتَعَلّمٌ، مُخْتَصَرٌ، مُسْتَخْرَجٌ، مُسْتَضْعَفٌ.

* «وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ»

(د): الصفةُ المُشَبَّهةُ:

تدل على معنى الثبوت، أي وجود الصفة في صاحبها مطلقا:
طاهرٌ، محْمُودٌ، غَضْبَانٌ، مُخْلِصٌ.

* «إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ»

(هـ): أفُعَلُ التفضيل:

يدل على وصفه شيء بزيادة على غيره:

أكبرُ، أفضلُ، أحسنُ، أعلم، أكرم، أشهر، أحمد، أرحم.

* «وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»

(و): أمثلة المُبالغة:

تدل على زيادة الوصف في الموصوف:

كذوبٌ، رحیمٌ، صديقٌ، مُحْسَانٌ.

* «وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ»

(ز): اسم المكان:

يدل على موضع وقوع الفعل:

مَرْقَدْ، مرمي، مجلسٌ، مُدَرّبٌ، مُضَارَبٌ، مَشرِقٌ، مغْرِبٌ.

* «وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ»

(ح): اسم الزمان:

يدل على وقت وقوع الفعل:

مَوْعدٌ، مآبٌ، مغيبٌ، مُتَعَارَفٌ، مُسْتَوْفَی.

* «فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَ نُخْلِفُهُ»

(ي): اسم الآلة:

يدل على أداة العمل:

مِبْرَدٌ، مكنسةٌ، مفتاحٌ، خنجرٌ، معولٌ، قدومٌ.

* «وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ»

# ثانيًا: اسم الجنس:

هو ما كان شائعا بين كل فرد من أفراد الجنس لا يختص به واحد دون غيره:

امرأة، إبل، عنب، ذهب.

* «وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ»

* «وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ»

* «يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ»

* «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ»

١- الفرق بين اسم الجنس الذي هو نكرة، واسم العلم الذي هو معرفة:

وإذا أردنا لاسم الجنس أن يصبح معرفة يدل على مدلول واحد معين لا ينطبق على غيره، وجب أن تنضم إليه زيادة لفظية أو معنوية تجعل مدلوله مركزا فيه وحده بغير شيوع، كأن تقول:

رأيت رجلًا في النادي فصافحته، أو أعجبني هذا الرأي، أو أكرمت الذي زارك؛ مشيرا إلى شيء حسيٍّ أو معنويٍّ معروف مُتميَّز.

٢- الأسماء الخمسة:

هي أسماء جنس، حذف منها الحرف الثالث، فوردت على حرفين، وهي: أب – أخ – حم – فم – ذو.

وهذه الأسماء تكون في الأصل على وزن «فعل» مما حذفت لامه: أبو – أخو – حمو – فوه – ذوو.

وهي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء، ضمن شروط عامة تتناول إعرابها.

فكل اسم من هذه الأسماء:

(أ): يرفع بالواو نيابة عن الضمة:

* «يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً»

نقول: إن «أبوك» اسم كان مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل «جر» مضاف إليه.

(ب): ينصب بالألف نيابة عن الفتحة:

* «وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ»

نقول: إن «أخا» مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة، وهو مضاف.

(ج): يجر بالياء نيابة عن الكسرة:

* «وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ»

نقول: «ذِي» مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأفعال الخمسة وهو مضاف.

٣- وهناك شروط عامة لإعرابها، فيجب أن تكون:

(أ): مفردة غير مُثنّاة أو مجموعة:

* «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأوْتَادِ»

(ب): مضافة لضمير غير ياء المتكلم:

* «فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا»

فـ «أبيهم» هنا ليس من الأسماء الخمسة.

(ج): مجردة من ألـ:

* «وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً»

(د): مكبرة، أي غير مُصغّرة:

* «قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ»

فلو كان «أخيك» فليس من الأسماء الخمسة.

هذه فقط بعض المسائل التي حملها البوست المرفق، كإضاءات يمكن أن تهدي من يريد أن يعيش مع «أَحْسَنَ الْحَدِيثِ» وليس مع كلمات عربية منعزلة عن بيئتها البيانية البلاغية.

* وتذكر:

١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.

٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون صيدًا ثمينًا بين أنياب الملحدين.

٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.

٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى