إننا يجب أن نتصدى لظاهرة الإلحاد في أحكام القرآن بكل قوة علمية، لأنها لا تنمو ولا تنتشر إلا في بيئة الجهل بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق القرآني، وما أوسعها بيئة يعيش فيها المسلمون.
إن الآيتين اللتين ورد فيهما الأمر بإقام الصلاة مرتبطًا بعلامات فلكية تتعلق بحركة الشمس، هما:
قول الله تعالى «هود / ١١٤»:
* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»
وقول الله تعالى «الإسراء / ٧٨»:
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً»
إن الذي عنده أدنى دراية بعمل الحروف ومعناها في السياق القرآني، يعلم أن الآيتين لا تتحدثان عن مواقيت معينة للصلاة، وإنما عن وجوب أن يحرص المؤمن على دوام صلته بالله بداية باستيقاظه من نومه لصلاة الفجر، وذلك عند ظهور أول ضوء للشمس، وحتى آخر ضوء لها عند غسق الليل.
فإذا سألنا قرآنيًا من الذين يعيشون في وهم أن القرآن جاء بمواقيت وعدد الصلوات المفروضة، وقلنا له:
من فضلك: هل يمكنك أن تأتي لنا من داخل القرآن، بمعنى كل كلمة وردت في الآيتين السابقتين؟!
فلم ولن يحدث، أن أحدهم يستطيع الإجابة على هذا السؤال، وولوا جميعًا مدبرين.
واللافت للنظر، أن الختم على القلوب يُعمي البصيرة فعلًا، وهذا ما جعل فرعون يستخف قلوب قومه ومع ذلك أطاعوه لأنهم فاسقون:
* «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ»
وعندما جاءهم موسى بالآيات البينات:
* «فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ – إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ»
ماذا حدث؟!
* «فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ»
ثم يكشف الله عن حقيقة هذه القلوب الفرعونية الملحدة المخبولة، التي لا همّ لها إلا العبث بآيات الله وأحكامها، فيقول تعالى:
* «وَجَحَدُوا بِهَا – وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ – ظُلْماً وَعُلُوّاً – فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ»
نعم: إنهم «فاسقون – مفسدون».
محمد السعيد مشتهري