نحو إسلام الرسول

(1422) 8/1/2020 لغة القرآن: الدرس «١٤» عمل حرف «الكاف» في قول الله تعالى «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»

يقول الله تعالى «الشورى / ١٠-١١»:

* «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ – فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ – ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي – عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ – وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»

فمن هو الله؟!

– هو الذي لم يخلق فقط، وإنما فَطَرَ أبْدَعَ الخلق بغير مادة ولا أسباب:

* «فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»

ويقول الله تعالى في موضع آخر:

«بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ – وَإِذَا قَضَى أَمْراً – فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ – كُن فَيَكُونُ»

– وهو الذي جعل «سنة التزاوج» هي القاعدة التي قام عليها الوجود البشري:

* «جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً»

– وقام عليها غير الوجود البشري:

* «وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً»

– وفي هذا «التزاوج» حدث «التناسل»:

* «يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ»

«النساء /١»: «وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء»

ـ مع العلم أن الله تعالى:

* «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ – وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ»

فلا يوجد في الكون «شيء»، يتصف بصفات الله، لأنه سبحانه «هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ».

# أولًا:

إن قول الله تعالى «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» تقرير لـ «الوحدانية» وإبطال لـ «الشرك»، والسؤال:

هل حرف الكاف الوارد في كلمة «كَـ مِثْلِه»، حرف تشبيه، فيكون المعنى: «ليس مِثل مِثله شيء»، وبذلك نكون قد أثبتنا لله «مِثلاً» ثم نفيناه؟!

هنا تظهر إشكاليات المعاجم وأمهات كتب التفسير، بسبب عدم وجود منهجية علمية متكاملة مترابطة، تحمل أدوات مستنبطة من ذات النص القرآني، وأهمها في هذا السياق:

«آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه …. آليات عمل القلب».

١- فقد جاء في لسان العرب:

«وقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، أراد: ليس مثله، لا يكون إلا ذلك، لأنه إن لم يقل هذا، أثبت له مِثلاً، تعالى الله عن ذلك»

٢- وقال قوم: أن الزائد هو لفظ المِثل، لا الكاف، والمعنى:

«ليس كـ هو شيء، أي: ليس كـ الله شيء»

وهؤلاء قد جعلوا أيضا الـ «كـ» بمعنى «المثل»

٣- وقال قوم: إن كلمة «المثل» تستعمل كناية عن الذات على سبيل المبالغة، يريدون نفي المثل عن ذات الله، كأن تقول: مثلك لا يسرق، وتريد نفي عن مثله السرقة.

٤- ونفى قوم وجود زائد في الآية، وأن لفظ «المِثل» بمعنى «الذات»، أي ليس كذاته شيء.

٥- وهناك من قالوا: إن «المَثَل» بفتحتين، و«المِثْل» بكسر فسكون، يستعملان بمعنى الوصف إذا اقترنا بـ «كاف التشبيه».

# ثانيًا:

وهناك قوم اطلعوا على معاجم اللغة العربية وعلى السياقات القرآنية المتعلقة بفعاليات أسماء الله الحسنى، ووجدوا أنه يجب التفريق في هذا السياق بين «المِثْل» بكسر فسكون، و«المَثَل»، بفتحتين، ثم بينهما وبين الكاف.

١- «المٍثْل، والمَثَل»:

مشتقان من «الميم والثاء واللام» بمعنى «المُماثلَة»، وهي المساواة بين شيئين متماثلين:

(أ): فإذا أردنا المساواة في كل شيء، نستخدم كلمة «مٍثْل» بكسر فسكون، كقولنا: «عليّ مِثْلُ عمر».

(ب): وإذا أردنا المساواة في الأحوال والصفات الخارجية، نستخدم كلمة «مَثَل» بفتحتين، كقولنا: «عليّ مَثَلُ عمر».

٢- نفهم مما سبق أن «المِثْل» و«المَثَل»:

(أ): يتفقان في الدلالة على المساواة.

(ب): ويفترقان في دلالة «المِثْل» على المساواة في كل شيء، ودلالة «المَثَل» على المساواة في الأحوال والصفات الخارجية.

(ج): أن «المماثلَة»: لا تكون إلا بين الشيئين المتفقين في الجنس:

فلا نقول: هذا الكتاب «يماثل» جنيها، لاختلافهما في الجنس.

أما «المساواة»: فتكون بين الشيئين المختلفين في الجنس والمتفقين أيضا، لأن التساوي يتعلق بالصفات المشتركة وبقيم الأشياء.

لذلك يصح القول: هذا الكتاب «يساوي» جنيهًا.

وعليه فلا يصح القول: إن «المِثْل» هو «المَثَل» بدعوى أن اشتقاقهما يرجع إلى مادة واحدة.

# ثالثًا:

وقد يظن ظان أن نفي «المِثْل» بكسر فسكون، ينفي الذات والصفات، لأن الله تعالى أثبت له الصفات العلى، فقال تعالى:

* «وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

ولأنه يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى مِثْلان اثنان؛ لأن «المِثْل» لا يكون أعلى من «المِثْل» الآخر في نفس الوقت، استحال أن يشترك شيء في الوجود مع الله تعالى في صفة من صفاته ولا في فعالية من فعاليات أسمائه الحسنى.

وبذلك يكون قوله تعالى «وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ» قد تضمَّن إثباتًا للصفات ونَفَيها عن غير الله في نفس الوقت.

والسؤال:

ما علاقة الملحدين بـ «القرآن وأحكامه»، وهم:

– الذين لم يدخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح.

– وهم الذين يجهلون لغة القرآن العربية.

– وهم الذين يضعون رؤوسهم في الرمال خشية أن تصيبها تحديات «محمد مشتهري» فتقضي عليها؟!

وهل بعد التحدي الأكبر والأعظم، الذي قصم ظهر كل مُلحد يقول إن القرآن «تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء»، فإذا قلنا له:

إن «مُسَمَّيات» كلمات القرآن موجودة خارج القرآن، وهي التي يستحيل فهم كلمة واحدة من كلماته بمعزل عنها، فكيف يكون القرآن «تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء»؟!

نظر إلينا نظر المغشي عليه من الجهل.

* وتذكر:

١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.

٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون صيدًا ثمينًا بين أنياب الملحدين.

٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.

٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى