إن اللام من «الحروف» التي ذكرناها في درس «لغة القرآن / ٩»، وهي من الحروف المَبْنِيّة التي لا حظَّ لها من الإعراب، وهي إما أن تكون عاملة، أو غير عاملة.
وتنقسم «اللام العاملة» إلى:
«جارة – جازمة – ناصبة للفعل»
وتنقسم «غير العاملة»، أو «المهملة»، إلى خمسة أقسام:
«لام الابتداء – لام فارقة – لام الجواب – لام موطئة – ولام التعريف»
# أولًا:
«اللام الجارة»: ولها معانٍ كثيرة، منها:
١- الاختصاص:
وهو أصل معانيها، ومثال ذلك قول الله تعالى:
* «إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً»
٢- الاستحقاق:
وهو معناها العام، ومثال ذلك قول الله تعالى:
* «لِلَّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ»
٣- الملك:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ»
٤- التعليل:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ»
٥- التبيين:
وهي الواقعة بعد أسماء الأفعال، والمصادر التي تشبهها مبينة لصاحب معناها، مثال ذلك «هَيْتَ لك» في قول الله تعالى:
* «وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ»
٦- التعدية:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً»
٧- بمعنى «إلى» لانتهاء الغاية:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ»
٨- بمعنى «في» في إفادة الظرفية:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي»
٩- بمعنى «عن»:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ»
وهذه من الآيات التي لا يعلم عمل «اللام» فيها معظم المسلمين:
فقد يظن القارئ للآية أن «الَّذِينَ كَفَرُوا» قالوا «لِلَّذِينَ آمَنُوا» …، أما الذي يعلم قواعد اللغة العربية وعلم السياق لن يفهم ذلك بقرينة مجيء جملة «مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ» وليس «مَّا سَبَقْتمونَا إِلَيْهِ».
ذلك أن «اللام» في «لِلَّذِينَ آمَنُوا» تعني «عن» الذين آمنوا، أي في حقهم، لأنهم خاطبوا به المؤمنين.
وغير ذلك من أنواع «اللام الجارة».
# ثانيًا: اللام الجازمة:
وهي «لام الطلب»:
١- وتعني «الأمر»، مثال ذلك، قول الله تعالى:
* «لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ»
٢- «الدعاء»، مثال ذلك، قول الله تعالى:
* «لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ»
وغير ذلك.
# ثالثًا: الناصبة للفعل: ومنها:
١- اللام بمعنى «أن»، كقول الله تعالى:
*«يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ»
٢- اللام بمعنى «التعليل»، قول الله تعالى:
* «رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ»
وغير ذلك.
# رابعًا: «اللام غير العاملة»
١- «لام الابتداء»:
وهي اللام المفتوحة، وفائدتها توكيد مضمون الجملة، ولا تدخل إلا على الاسم والفعل المضارع:
مثال ذلك قول الله تعالى:
* «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى»
* «وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
٢- «اللام الفارقة»:
وهي الواقعة بعد «إنْ» المخففة:
مثال ذلك قول الله تعالى:
«وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ»
وسُمّيت هنا «غير عاملة» لمجيء «كان» بعدها وهي فعل ناسخ.
٣- «لام الجواب»:
وهي ثلاثة أنواع:
«جواب القسم – جواب لو – جواب لولا»
(أ): جواب «القسم»:
اللام التي هي جواب القسم، تدخل على الجملة الاسمية والفعلية، مثال ذلك قول الله تعالى:
* «تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا»
(ب): جواب «لو»:
يقول الله تعالى:
* «لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ»
وأحيانًا تضمر «اللام» وتُفهم ضمنيًا، مثال ذلك قوله تعالى:
* «لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ»
أي «لو نشاء لجعلناه»
وتأتي «لو» شرطًا في المستقبل بمعنى «إن»، ولا يجوز الجزم بها، مثال ذلك قول الله تعالى:
* «وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»
وتأتي «لو» بمعنى التمني، كقوله تعالى:
* «فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»
٤- جواب «لولا»:
وهي نقيضة «لو»، مثال ذلك قول الله تعالى:
* «لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ»
# خامسًا: «اللام الموطئة»
وهي اللام الداخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها لا على الشرط، وسُميت الموطئة لأنها وطأت الجواب للقسم أي مهّدته، ومثال ذلك قوله تعالى:
* «لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ»
# سادسًا: «لام التعريف»:
وهنا نأتي إلى مربط الفرس، لنحدد موقفنا من كلمة «الصلاة» في السياق القرآني، وهل ذكر القرآن لها أي معنى أو أي هيئة أو أي عدد، مع أنها جاءت مُعرّفة بـ «لام التعريف»؟!
١- «اللام الإسمية»:
إذا دخلت على جمع المذكر والمؤنث السالم، فتأخذ معنى اسم الموصول، كـ «الذي واللذين» وتعرف حينئذ بأنها «حرف تعريف» وتسمى «الإسمية»، وتدخل على:
(أ): اسم الفاعل:
* «التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ …»
(ب): الصفة المشبهة:
* «وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ»
(ج): اسم مفعول:
* «وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ»
٢- «اللام الحرفية»: وتنقسم إلى: «عهدية» و«جنسية»:
(أ): العهدية:
وهي لتعريف المعهود الذهني، أي المتوجه ذهننا إليه حال سماعنا الاسم المعرف بهذه اللام:
– إذا وقعت بعد اسم الإشارة فتكون «أل عهدية»:
* «وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ»
– إذا وقعت في النداء:
* «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ»
– إذا وقعت بعد إذ الفجائية:
* «إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ»
فـ «أل التعريف» في الشجرة «عهدية»
– إذا وقعت في اسم الزمان حضورياً:
* «اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا»
فـ «أل» في اليوم «عهدية»
(ب): الجنسية:
وهي الدالة على استغراق الجنس حقيقة، وتنقسم إلى اللام الاستغراقية، أي أنه يعم جميع الجنس، ولها دلالة تفهم من سياق الجملة:
* «يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا»
* «وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ»
إلى آخر ما ذُكر في هذا الباب.
والسؤال:
أين معنى كلمة «الصلاة» المُعرفة بـ «أل التعريف»، أي التي يشهد السياق أن المخاطبين بها كانوا يعرفونها.
ثم ماذا تعنى «اللام» الواردة في كلمة «لِـدُلُوكِ» المتعلقة بإقامة هذه الصلاة في وقت محدد تحديدا قطعيا «لِـدُلُوكِ الشَّمْسِ»؟!
وقد لا يعلم الكثير من المتابعين لهذه الصفحة، أن الذي يكتب منشوراتها، لم يلتحق في يوم من الأيام بمؤسسة دينية، ولم يتعلم في كلية من كليات اللغة العربية، كـ «دار العلوم» مثلا، بل على العكس من ذلك، فمؤهلاته ودراساته العليا كانت بـ «الإنجليزية».
ولكن، عندما وقف «محمد السعيد مشتهري» على إشكاليات الفرق والمذاهب العقدية والفقهية، وتبرأ منها، وقرر أن يبدأ الطريق من أوله، ويدخل في «دين الإسلام» من بابه الصحيح.
كان أول الطريق أن يتعلم بنفسه لغة «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، حتى يكون إقراره بصدقها إقرارًا علميًا عقليًا يليق بمقام كونها «آية إلهية».
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون صيدًا ثمينًا بين أنياب الملحدين.
٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري