نحو إسلام الرسول

(140) 26/2/2014 (“كُونُوا رَبَّانِيِّينَ، بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ، وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ” )

“كُونُوا رَبَّانِيِّينَ، بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ، وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ”
لقد تحول مفهوم “السنة النبوية” عن معناها الذي حملته نصوص “الآية القرآنية”، وهو تفعيل النبي للنص القرآني، سلوكا عمليا مطردا في حياته، إلى “مرويات” ظنية الثبوت عن الرواة الذين نقلوها، وليس فقط عن النبي، عليه السلام!!
والأخطر من ذلك، أن يعتبر أئمة وعلماء المسلمين هذه “المرويات” نصوص وحي إلهي ثان، نزل بشريعة مبينة للقرآن، ومكملة لأحكامه، وهم يعلمون أنها قد أتاها الباطل من بين يديها ومن خلفها!!
إن رسول الله لم يفسر القرآن، وإلا فأين هذا “التفسير النبوي”، الذي إن وجد لما كان لأمهات كتب التفسير أن تولد أصلا؟! وما استطاع عالم أن يصف حديثا واحدا بأنه الـ “الحديث النبوي” المبيّن للقرآن والمكمل لأحكامه!!
لقد دخلت “مرويات” البشر دائرة المقدس الإلهي، وأصبح من ينكر أن تكون هذه “المرويات” دينا إلهيا واجب الاتباع حلال الدم!! واستنادا إلى هذه “المرويات”، يسفك دم الزانية والزاني بغير حق!! ويفجر الإنسان نفسه، طمعا في الحور العين!! وتطلق المرأة طلاقا بائنا استنادا إلى هذه “المرويات”، وهي مازالت عند الله زوجه!!
فلماذا أشرك أئمة وعلماء الفرق والمذاهب المختلفة مع كتاب الله مصادر تشريعية، تحل وتحرم بغير ما أنزل الله؟!
لأن “المدرسة الربانية” أغلقت أبوابها، بعد أن استحل المسلمون دماء بعضهم بعض، وتفرقوا إلى فرق ومذاهب تكفيرية…، فلم يعد هناك “ربانيون”. لقد فقد المجتمع الإسلامي”المرأة الربانية”، و”الأسرة الربانية”، لذلك تخلف المسلمون ولم يلحقوا بركب الحضارة.
ولقد حكمت الرواية البشرية، “الآية القرآنية”، وحكم الهوى السياق القرآني، وحكمت “المصطلحات الدينية” قلوب أئمة وعلماء الفرق والمذاهب الفقهية المختلفة، وعلى رأسها مصطلح “السنة النبوية”، و”الحديث النبوي”، و”المعلوم من الدين بالضرورة”، و”الإجماع”…!!
إن الذين يتحدثون عن الإسلام، وعن القرآن، وعن “السنة النبوية”…، دون أن يؤهلوا تأهيلا قرآنيا، حسب شروط الالتحاق بـ “المدرسة الربانية”، مدرسة تعلم ودراسة وتدبر نصوص “الآية القرآنية”، هؤلاء لن يقيموا إلا دين هواهم، بعيدا عن الدين الذي ارتضاه الله للناس، والذي ما كان لنبي أن يأتي بغيره:
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [79] آل عمران
إنه لا مفر من إعادة تقديم أوراق الالتحاق بـ “المدرسة الربانية” مرة أخرى، وفيها لن يقبل مسلم أن ينسب إلى الله أو إلى رسوله شيئا إلا بالبرهان قطعي الثبوت عن الله تعالى، وليس فقط عن رسوله!!
إن الله تعالى لم يرسل رسوله محمدا للعرب وحدهم، ولا لأهل السنة وحدهم، ولا للشيعة..، ولا للحنفية والمالكية….، وإنما أرسله للناس كافة، بـ “آية قرآنية”، هي البرهان الوحيد (الذي يملكه المسلمون اليوم) على صدق “نبوة” رسولهم.
فإذا سأل غير مسلم إماما من أئمة المسلمين، وقال له سأدخل في الإسلام إذا أجبتني على هذا السؤال:
لقد فهمت أن “الوحي الأول” هو كلام الله، وأن “الوحي الثاني” هو السنة النبوية، وأن برهان “الوحي الأول” آية إلهية، فما هو برهان “الوحي الثاني”، الذي يثبت أنه أيضا من عند الله؟!
فبماذا سيجيب أئمة وعلماء المسلمين ليدخل هذا الإنسان في الإسلام؟!
إنها أزمة كبرى، ومصيبة صنعها المسلمون بأيديهم، ولا يريدون رفعها ولا ترميمها!! يشركون بالله ويقولون إنما نحن موحدون!! ويفسدون في الأرض ويقولون إنما نحن مصلحون!!

والحل: أن نفتح أبواب “مدرسة الربانيين”، وتكون المرأة هي أول “جيل” يتخرج منها، لتساعد في بناء “الأسرة الربانية” من جديد، فهي القاعدة التي ستقوم عليها خير أمة أخرجت للناس.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى