إن «السلاح الوحيد» الذي يحمله الملحدون في أحكام القرآن، والذي يستغفلون به قلوب الغافلين عن المنهجية العلمية لتدبر القرآن، وعن الأدوات التي تحملها هذه المنهجية لاستنباط أحكام آياته، هو توظيف آية قرآنية لخدمة شيطان إلحادهم وهي قول الله تعالى «النحل / ٨٩»:
* «وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ:
– وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاَءِ
– (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)
– وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ»
وإن الذي يفهم أن كلمة «شَيْء» الواردة في جملة «تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ»، تعني أن كل «شَيْء» ورد ذكره في كتاب الله قد بيّنه الله بداخل هذا الكتاب.
ومات على هذا الفهم، مات مشركًا لافترائه الكذب على الله، ولن تنفعه صلاته بأي هيئة وعلى أي صورة، ولا زكاته، ولا صيامه … ولا قيامه الليل وعمله الصالح في النهار.
وبرهان ذلك، وافهم يا «ذكي»:
لقد حرّم الله تعالى هذه «الأشياء» المذكورة في قوله تعالى:
«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ:
* الْمَيْتَةُ * وَالْدَّمُ * وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ * وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ * وَالْمُنْخَنِقَةُ * وَالْمَوْقُوذَةُ * وَالْمُتَرَدِّيَةُ * وَالنَّطِيحَةُ * وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ * إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ * وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ * وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ * ذَلِكُمْ فِسْقٌ»
فأين بيان الله لهذه «الأشياء» الموجودة في هذه الآية، وكيف يكون الذبح «وَمَا ذُبِحَ»، ثم ما معنى «ذَكَّيْتُمْ» و«الأَزْلاَم»؟!
ثم تعالوا إلى كلمة «مَخْمَصَةٍ» الواردة في قوله تعالى بعد ذلك:
«فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ»
أليست هذه أيضا من «الأشياء» التي من المفترض أن يُبيّنها الله في كتابه، وإلا سقطت حجية هذا القرآن يا «ذكي»؟!
لذلك قلت، وأقول:
إنه يستحيل فهم كلمة واحدة من كلمات القرآن «الاسم والفعل والحرف» من داخل آياته، لأن «مُسَمّيات» الكلمات، في أي لغة في العالم، لا تكون في ذات الكلمة وإنما خارجها، أي في ما أسميه بـ «المقابل الكوني» الموجود في الآفاق والأنفس.
فيا أيها الذين يُلحدون في أحكام القرآن لإرضاء شيطان قلوبهم:
اكفروا بهذا القرآن أكرم لكم ولآدميتكم، لأنكم في جميع الأحوال ستحشرون مع الذين قال الله تعالى فيهم:
* «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ:
– لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا
– وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا
– وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا
– (أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ)
– أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»
نعم: «أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»:
وهذا ما يدفعني دائما إلى وصف أتباع هؤلاء الملحدين بـ «المغفلين» الـ «غافلين»؟!
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في حياة رسول الله محمد، وهو باب «الإقرار العلمي» بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة الرسول، والموجودة بين أيدي الناس إلى يوم الدين.
٢- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت فيها غير ما أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
أما «ما هو كائن» اليوم في حياة المسلمين، فإنه يتعلق بقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري