نحو إسلام الرسول

(1392) 17/4/2020 «النموذج الثاني للعشوائية الدينية في تدبر القرآن»

في ١٥/ ٤/ ٢٠٢٠ كتبت منشورا بعنوان:

«نموذج للعشوائية الدينية في تدبر القرآن»

للرد على صاحب تعليق، قد ولى الأدبار ولم يعقب على هذا المنشور الذي خاطبته فيه باسمه.

واليوم يُعلّق Hazem Malek على منشور أمس «البيان والتفصيل في القرآن الكريم» بعدد كلمات «٢٩٠ كلمة»:

* منها «١٠٥ كلمة» كلام مرسل لا محل له من الإعراب، بداية بقوله «يقول الدكتور محمد» وحتى قوله «مخالفة صريحة».

* و«٧٨ كلمة» لم يبين لنا كيف يُصلي المسلمون استنادًا إلى بيان القرآن لكيفية هذه الصلاة، بداية بقوله «إن الصلاة موضحة في القرآن» وحتى قوله «فليفدنا بعلمه».

* و«١٠٧ كلمة» هي التي كشفت، ليس فقط عن جهل صاحب التعليق بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق القرآني، وإنما أيضا جهله ببدهيات المنطق.

# أولًا:

ولذلك سيكون تعقيبي على الجزء الأخير، الذي يبدأ بقول صاحب التعليق:

١- «لقد تابعت المشتهري كثيرا في مقالاته فوجدت الرجل في عقله شبهة كبيرة وهو أنه غير قادر على التمييز بين دلالات الألفاظ وبين الأحكام».

* أقول:

عندما يقول Hazem Malek:

«فوجدت الرجل في عقله شبهة كبيرة (وهو) أنه غير قادر»

الصحيح أن يقول:

«فوجدت الرجل في عقله شبهة كبيرة (وهي) أنه غير قادر»

٢- ثم قال:

«هناك فرق بين الألفاظ المذكورة في القرآن الكريم، كلفظ الكلب والخنزير والسماء والأرض والرجل والمرأة، وغيرها من الألفاظ، فهذه تؤخذ من اللسان فإن القرآن نزل بهذا اللسان:

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

* أقول:

(أ): كلمة «اللسان»، في السياق القرآني» إما أن تأتي على حقيقتها اللغوية، بمعنى قطعة اللحم الموجودة في الفم:

* «أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ»

أو تأتي على سبيل «المجاز»، بمعنى اللغة التي تنطق بها ألسن الناس:

* «وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ»

أي اختلاف اللغات التي تنطق بها «أَلْسِنَتِكُمْ».

(ب): فعندما يقول الله تعالى:

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ»

أي بـ «اللغة» التي ينطق بها لسان قومه.

ولقد حفظ الله تعالى اللغة التي كان ينطق بها قوم رسول الله محمد في معاجم اللغة العربية، ويشترط لصحة الاستدلال بمعاني كلمات القرآن من هذه المعاجم، موافقتها للسياق القرآني، وخاصة السياق الذي وردت فيه الكلمة.

(ج): إن قول «حازم مالك»:

إن الألفاظ المذكورة في القرآن، كلفظ الكلب والخنزير … تؤخذ من «اللسان»، هو يقصد من «الكتب»، أي من «معاجم اللغة العربية»، وهذا ما ذكره بعد ذلك في «البند ٣» بقوله:

«من خلال اللسان الذي أحالنا الله تعالى عليه في الكتب».

* أقول:

أين «يا حازم» الآية التي أحلنا الله تعالى فيها على «معاجم اللغة العربية»؟!

هل تعلم أنك لو مت الآن، قبل أن تتوب من افترائك الكذب على الله تعالى، ستموت مشركًا؟!

إن الشيء الذي أحالك «يا حازم» على معاجم اللغة العربية، هو «منظومة التواصل المعرفي» التي قلت عنها في كلامك المرسل الذي لا محل له من الإعراب:

«ولا يفيد في هذا أن يقول إن الصلاة نقلت إلينا عن طريق ما يسميه هو منظومة التواصل المعرفي، فهذه تسمية ما أنزل الله تعالى بها من سلطان»

إذن قل لنا «يا جهبذ» من أين عرفت الإحالة إلى «معاجم اللغة العربية»؟!

٣- ثم يقول:

«وعليه فلا يمكن فهم ألفاظ القرآن إلا من خلال اللسان الذي أحالنا الله تعالى عليه في الكتب»

* أقول:

إذن فأنت متفق بنسبة ١٠٠٪ مع المحور الأساس للتوجه «نحو إسلام الرسول»، وهو أن معاني ألفاظ القرآن، تؤخذ من «مصدر معرفي» موجود خارج القرآن، سواء سميته أنت «اللسان» أو سميته أنا «اللغة» التي ينطق بها «اللسان».

٤- ثم يقول:

«أما الأحكام، كطريقة الصلاة مثلا، فهذه لا تؤخذ إلا من مصدر التشريع الوحيد الذي هو القرآن الكريم».

* أقول:

وعندما يقف صاحب تعليق عند هذه الجملة:

«فهذه لا تؤخذ إلا من مصدر التشريع الوحيد الذي هو القرآن الكريم»

ولا يقول بعدها: كيف ستؤخذ طريقة الصلاة من القرآن.

فاعلم إنه من «المفلسين»، الذين تشهد هذه الصفحة كيف يوَلّون الأدبار بعد أول حوار لي معهم.

فهل يُعقل أن تكون «منظومة التواصل المعرفي» التي هي القاعدة العلمية الأساس، التي قام عليها التوجه «نحو إسلام الرسول»، ولا أجد أحدًا، خلال عقود مضت، استطاع أن يُخلخل فيها لبنة واحدة، ولا أقول يسقطها، إلا إذا كانت حجيتها من حجية ذات القرآن؟!

# ثانيًا:

إن «حازم مالك» لا يفقه أصلا ما يقول، ولا يعلم الفرق بين دلالة اللفظ وحكمه، وسأعلمه أن هذه الصفحة صفحة «علم»، وأن الأكرم له ألا يُعلّق على مقالاتها بغير «علم».

١- تنقسم دلالات الكلمة إلى أربعة أقسام:

(أ): قسم يدل على مدلول عام أو شامل مثل لفظ: «رجل».

(ب): قسم يدل على صفة، مثل كلمة: «طويل»

(ج): قسم يدل على حدث، مثل الفعل: «جاء»

(د): قسم يدل على ذات، مثل الاسم: «أحمد»

(هـ): قسم يدل على كيفية أداء، مثل: «أَقِمِ الصَّلاَةَ»

٢- ولما كان علم الدلالة هو «العلم» الذي يهتم بدراسة «المعنى»، وأننا اتفقنا على أن معاني كلمات القرآن سنأخذها من «مصدر معرفي» خارج القرآن، وهو الكتب «معاجم اللغة».

إذن لا فرق بين معاني الكلمات التي وردت في سياق «دلائل الوحدانية»، أو في سياق «القصص»، أو في سياق «الأحكام» …، لأننا أولًا وأخيرًا نبحث عن «معانى» ألفاظ القرآن.

٣- فمن أين جاء «حازم مالك» ببدعة التفريق بين الدلالة والحكم؟!

ولأنه كلام لا يصدر إلا عن «جاهل» بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق القرآني، سأكتفي بإحالته لمقال «١١/ ٤/ ٢٠٢٠» بعنوان:

«التحدي العلمي للمليارين مسلم المقيمين الصلاة»

حيث ورد فيه حصر شامل لمادة «صل» في القرآن، والمطلوب منه قبل أن يستغفل قلوب الذين لا يعلمون، ويقول لهم:

«أما الأحكام، كطريقة الصلاة مثلا، فهذه لا تؤخذ إلا من مصدر التشريع الوحيد الذي هو القرآن الكريم»

أن يقول لهم أولا أين معنى كلمة «الصلاة» في القرآن، قبل أن يحدثهم عن طريقة وكيفية أدائها؟!

٤- فهل يُعقل يا «جهبذ» الجهابذة، أن تتحدث عن طريقة فعل شيء «كالصلاة» قبل أن تعرف أولًا ماهية هذا الشيء ودلالة كلمته؟!

وهل عندما ورد فعل «القتل» في قول الله تعالى:

* «… وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ (الْقَتْلِ) وَلاَ (تُقَاتِلُوهُمْ) عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى (يُقَاتِلُوكُمْ) فِيهِ فَإِن (قَاتَلُوكُمْ) فَـ (اقْتُلُوهُمْ) كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ»

هل كان قوم رسول الله محمد يعلمون دلالة معنى هذا الفعل «فَاقْتُلُوهُمْ» وكيفية أداء هذا الحكم التشريعي، والفرق بين وبينه «الذبح» الذي ورد في سياق أحكام المحرمات من الطعام، وقوله تعالى: «وَمَا (ذُبِحَ) عَلَى النُّصُبِ»؟!

٥- فهل يا «جهبذ» الجهابذة ورد في السياق القرآني بيان وتفصيل للفرق بين «القتل» و«الذبح» من حيث الكيفية؟!

وهل ورد في السياق القرآني كيفية أداء «الصلاة» التي أمر الله الذين آمنوا بإقامتها، حتى تقول:

«فهذه لا تؤخذ إلا من مصدر التشريع الوحيد الذي هو القرآن الكريم»؟!

ولذلك، وبعد قولك:

«لقد تابعت المشتهري كثيرا في مقالاته، فوجدت الرجل في عقله شبهة كبيرة، وهو أنه غير قادر على التمييز بين دلالات الألفاظ وبين الأحكام»

أقول لك ما أقوله دائما للذين يُقحمون أنفسهم فيما لا يعلمون، ويستغفلون قلوب الذين لا يعلمون بعباراتهم الفلسفية الجاهلة:

حقًا: «إلي اختشوا ماتوا»

وإذا كنت عايز تتعلم كي تفهم القرآن، وما هو علم البيان، وما هو علم الدلالة، تابع مقالات الصفحة القادمة بتدبر.

ودعك من أسلوبي الفظ الغليظ في النهي عن منكرات «الجُهّال» الذين لا يعلمون، واجعل تركيزك في الموضوع.

* تذكر:

١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في حياة رسول الله محمد، وهو باب «الإقرار العلمي» بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة الرسول، والموجودة بين أيدي الناس إلى يوم الدين.

٢- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت فيها غير ما أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.

أما «ما هو كائن» اليوم في حياة المسلمين، فإنه يتعلق بقول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى