نحو إسلام الرسول

(1381) 8/4/2020 «حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ»

تعالوا نتدبر السياق الذي وردت فيه هذه الجملة القرآنية السابقة، لنقف على المقصود بـ «البروفة»، وأن الله عندما أرسل آيات العذاب، على مر الرسالات، فكان ذلك ليأخذ أتباع الرسل العبر والعظات من مصير الأمم التي كفرت برسالاته، وأصرّت على أن تُشرك به ما لم يُنزل به سلطانًا.

# أولًا:

لماذا بدأ السياق بقول الله تعالى «يونس / ٢٢»:

١- «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ»

٢- «حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ»

٣- «وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا»

* أقول:

هذا هو حال دول العالم المتقدم والمتأخر قبل ظهور «كورونا».

٤- «جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ»

٥- «وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ»

٦- «وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ»

* أقول:

وهذا هو حال دول العالم المتقدم والمتأخر بعد ظهور «كورونا».

٧- «دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ»

* وهذا هو حال أصحاب رسالات الأدعية والاستغفار التي تبث كل ثانية على وسائل التواصل الاجتماعي، فمن هم؟!

(أ): هم الذين حشدوا الجيوش الإلكترونية لدعوة المسلمين إلى الصلاة وقيام الليل والصيام، والإكثار من الاعتكاف في الحرم والطواف والدعاء …، لينصر الله جيوش المسلمين على قوات التحالف في العراق.
ولم ينصر الله جيوش المسلمين، وغاب الحشد الإلكتروني عن وسائل التواصل الاجتماعي، ليعود اليوم بفضل «كورونا الجنى».

(ب): هم الذين لا يعلمون عن «دين الإسلام» شيئًا غير:

* الصلوات الخمس «عند تذكرها».

* صيام رمضان بـ «مسلسلاته وسهراته».

* الذين يدفعون أموال الزكاة لمؤسسة «رسالة – الأورمان – بنك الطعام» ليتحملوا عنهم مسؤولية إنفاقها التي لن يعفيهم الله منها مهما كانت ظروفهم.

* هم الذين يحجون ويعتمرون من باب «التبرك» بالحرمين والعودة إلى بلادهم «كما ولدتهم أمهاتهم».

# ثانيًا:

فماذا يقول هؤلاء عندما يصيبهم الله بالمصائب والأزمات؟!

٨- «لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ – لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ»

* أقول:

نتدبر جيدًا جملة «مِنْ هَذِهِ» التي اعتادوا على الإشارة إليها عند كل مصيبة يدعون ربهم أن يُنجيهم منها.

٩- «فَلَمَّا أَنجَاهُمْ – إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ»

* أقول:

فليراجع كل مسلم كان موجودا وقت أزمة العراق مع قوات التحالف، وحالة الحشد الإيماني التي كان يقودها الداعية «عمرو خالد»، وكمية الأدعية والصلوات التي صعدت في الهواء.

ثم ماذا فعل المسلمون مع الله الذي كانوا يبكون وهم يدعونه، وكيف حالهم وحال أولادهم وأحفادهم من حيث الالتزام بـ «ما يجب أن تكون» عليه حياتهم، وفق ما أمرهم الله؟!

ألم يبغوا في الأرض بغير الحق؟!

لذلك قال تعالى مخاطبًا الناس جميعًا:

١٠- «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»

١١- «إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم»

١٢- «مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»

١٣- «ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ»

١٤- «فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

* أقول:

هناك آباء وأمهات، يشاهدون أولادهم وهم يلعبون بالنار، ولا يفعلون شيئًا لإنقاذهم من خطورة اللعب بالنار، إلا بعد أن تحرقهم.

وهذا معنى: «مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا – ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ»: إلى نار جهنم.

ولذلك كان من الضروري أن يُبيّن الله تعالى قيمة هذه «الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»، التي لا شك أنه سبحانه مطلع على ما وصلت إليه اليوم على هذه الأرض، واستعداد أهلها إلى الحياة على «أرض المريخ».

١٥- «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»

ويُستعار ضرب الأمثال للأمور العجيبة المستغربة، وغالبا تكون بآيات الآفاق والأنفس التي فيها العبر والعظات للناس.

١٦- «كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ»

١٧- «فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ – مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ»

* أقول:

فكما أن «الماء» سبب رئيس في إنبات النباتات، التي يسعد بثمارها الزُرّاع، ويستفاد منها الناس والأنعام، فكذلك هي أرض «الحياة الدنيا»، يسعد الناس بزينتها ونعمها وكنوزها التي لا تُحصى.

# ثالثًا:

ووفق مشيئة الله وقدره، يرسل الله تعالى الآيات التي تجعل ما أصبح في أيديهم من كنوز الدنيا وشهواتها كأن لم يكن، بما في ذلك حياتهم، وليس هو يوم القيامة، يقول الله تعالى «الأنبياء / ١١-١٥»:

«وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ»

«فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ»

«لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ»

«قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ»

«فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ»

* أقول:

واستخدام السياق لكلمة «دعوى» وليس «دعاء» لبيان أنهم وصلوا إلى حالة من «الهيستريا» جعلتهم أثناء العذاب يرددون «يَا وَيْلَنَا … يَا وَيْلَنَا» وكأن «الويل» زائر قادم إليهم بالعذاب يخاطبونه باستعطاف وحسرة ليرحمهم.

١٨- «حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ»

«وَازَّيَّنَتْ»: فصارت ذات زينة، والمقصود تزيين أهلها لها.

١٩- «وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا»

والضمير في «عَلَيْهَا» عائد إلى الأرض، والمقصود ما عليها، لقوله تعالى «الكهف / ٧»:

«إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا – لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزًا»

* أقول:

نتدبر: «قَادِرُونَ عَلَيْهَا – مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزًا»

وننظر إلى حال الأرض التي تمشي عليها شعوب العالم اليوم، وكيف كان حالها قبل ظهور «كورونا» من نعم وشهوات، وغرور الإنسان وتكبره، وظلمه لآخرين، وإفساده في الأرض.

لنعلم ماذا يعني قول الله تعالى بعدها:

٢٠- «أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً»

أي نزل بها ما كان مقدرًا في علم الله وأمره، فقد يكون هذا الأمر آفة زراعية، فتدبر قول الله تعالى «الكهف / ٣٥- ٤٣»:

«وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ:

قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً …. وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ:

فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا

وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا

وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً

* ثم تدبر المحور الأساس في هذا السياق:

«وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ – وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا»

ثم نعود إلى آية «يونس / ٢٤»:

٢١- «فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ»

أي جعلنا ما على الأرض «حَصِيداً»، والمقصود في المثل جعلنا نباتها حطامًا هالكًا، بعد أن كان مخضرًا طريًا ازينت بألوانه المختلفة الأرض، كما حديث في قصة صاحب الجنة.

# رابعًا:

إننا إذا تعاملنا مع هذه الآية بأسلوب من الأساليب البيانية، كـ «الكناية»، نعلم أنها تشير إلى ما على الأرض اليوم من تقنيات متطورة يأمل الإنسان أن تساعده على الحياة على كوكب المريخ.

وقد تكون فعالية هذه الآية بعد أن يصل الإنسان إلى المريخ.
ولكن المهم:

ماذا فعلت أنت شخصيا اليوم، استعدادا لرحلتك إلى الدار الآخرة، التي قد تبدأ بعد لحظة؟!

لذلك ختم الله سياق هذه الآيات بقوله تعالى:

٢٢- كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»

* «لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»:

أنتم يا من فُتنتم بـ «العولمة»، ويا من تظنون أنكم تعيشون في «قرية واحدة»، لقد جاء «كورونا الجني» ليعلمكم الدرس، وليكشف لكم كيف يتصارع زعماء الدول العظمى على احتكار مستلزمات الوقاية من هذا «الفيروس»:

* «لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»:

وتذهب دولة كـ «إيطاليا» ضحية هذا الصراع، وضحية الأنانية والاحتكار.

* «لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ»:

ولذلك، لا ننسى في هذا السياق قول الله تعالى «الأنعام / ٦٥»:

«قُلْ هُوَ الْقَادِرُ:

– عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً

– مِّن فَوْقِكُمْ

– أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ

– أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً: هم «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»

– وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ

– انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ»

* نعم: «لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى