نحو إسلام الرسول

(138) 22/2/2014 (“لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ…..” )

“لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ…..”
لقد سمى الله تعالى أهل الكتب الإلهية بأهل الذكر، لإفادة قوة وصف هذه الكتب بالتذكير، وإقامة الحجة على اللاهين الغافلين عن رسالة ربهم، المعترضين على أن يرسل الله بشراً رسولا.
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ [7] وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ [8] الأنبياء
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [43] بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [44] النحل
إن المتدبر لسياق الآيتين، يعلم أن الخطاب خاص بهؤلاء المختلفين على رسالة رسول الله محمد، المكذبين بها، وليس خطابا للمسلمين، هؤلاء الذين آمنوا برسول الله، ولم يختلفوا على رسالته!! وهذا ما نفهمه من قوله تعالى “وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”، فهو الختام المناسب لدعوة المختلفين إلى إعمال آليات التفكر والتعقل …، لعلهم يرجعون إلى رشدهم.
وبرهان ذلك، سياق الآيات التي سبقت الآيتين [43-44]، حيث يقول الله تعالى:
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [38] لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ [39] النحل
فقول الله تعالى: “لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ” جاء للرد على شبهات المكذبين، واختلافهم حول أصول الدين، وهي نفس القضية التي جاءت الآية [64] من نفس السورة لتبيّنها، فتدبر:
وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [64] النحل
هذا من حيث “السياق القرآني”، وبالنسبة لـ “اللسان العربي”، نلاحظ أن اسم الموصول [ما] وصلته [نُزّل] في قوله تعالى: “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”، غير [الذكر المنزل] في قوله تعالى: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ”، إذ لو كانا شيئا واحدا لاقتضى ظاهر السياق أن يكون: “لتبينه للناس”، وليس “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”!!
وعلى هذا، يكون معنى قوله تعالى: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ”: أي “وأنزلنا إليك القرآن”. وتسمية القرآن بـ “الذكر” ورد في مواضع كثيرة من كتاب الله.
وقوله تعالى: “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”: أي لتبيّن لهؤلاء الشاكين المكذبين، حقيقة ما نُزّل إليهم، في كتبهم، وما هم فيه مختلفون. وتدبر قوله تعالى في سورة المائدة:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [15] المائدة
لقد بعث الله رسوله محمداً، عليه السلام، في قوم هم أهل الفصاحة والبيان، وجعل آية صدقه من جنس ما نبغوا فيه، فهل يُعقل ألا يستطيع القوم أن يأتوا بمثل نصوص “الآية”، الدالة على صدق “نبوة” الرسول، إلا إذا فسرها لهم الرسول أولا؟!
الحقيقة أنني، وخلال عقود مضت، كلما حاورت إماما من أئمة الفرق والمذاهب المختلفة، ووجدته يقول لي: “يعني أئمة وعلماء السلف، عبر قرون مضت، لم يفهموا القرآن، وأقاموا حجية “السنة النبوية” على فهم خاطئ للآيات، وجاء محمد مشتهري اليوم ليقول إنه هو الذي فهم القرآن… إلى آخره …، الحقيقة كنت كلما سمعت منهم هذا الكلام تصيبني حالة من الشك في ما أنا عليه..، ولولا إيماني بالمنهج الذي ألزمت به نفسي، وبأدواته التي استنبطها من القرآن الحكيم، واللذان أقمت عليهما إسلامي وفهمي لديني….، ما صمدت أمام هذه الشبهات، وهذه التحديات.

“رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ” – “أَنَّى لَهُمْ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى