لا يستطيع علماء العالم مجتمعين، أن يخلقوا «الذبابة» التي إذا وقفت على طعام أحدهم أو شرابه، لن يستطيع رد ما حملته، وإن قتلوها:
* «ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ»
مسكين أيها الإنسان، ملكًا وأميرًا ورئيسًا ومديرًا وفنانًا وخفيرًا، تعبد من دون الله ضعيفًا لا يستطيع أن يحقق لك مطلوبًا لم يشأ الله تحققه:
* «مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ – إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»»
# أولًا:
«من دلائل الوحدانية»:
١- عندما يصيب فيروس «كورونا» الأشياء الخشبية أو المعدنية أو الزجاجية، يكون ضعيفًا جدًا، فإذا دخل جسم الإنسان أصبح:
ماردًا شرسًا، وسرطانًا يخاف منه الناس، ويشلّ حركة حياتهم، ويؤثر على اقتصادهم العالمي، ويُخيف أقوى جيوش العالم بأسلحتها النووية:
* «وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً – قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً – يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ – فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ – فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ {الْجُوعِ} – وَ{الْخَوْفِ} – بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ»
نعم: «بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ»
٢- وإذا أصيب مسلم، «من الذين اتخذوا القرآن مهجورا»، بمصيبة «فيروس كورونا»، وأراد أن يتوب وهو في سكرات الموت، وقال:
«إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ»
استنادًا إلى قوله تعالى:
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ – وَالْجُوعِ – وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ – وَالأنفُسِ – وَالثَّمَرَاتِ – وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ – الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ:
– قَالُواْ {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
– أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
– وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ»
فلن يقبل الله منه توبته، وسيُحشر مع «فرعون» الذي قال عند غرقه:
* «آمَنتُ أَنَّهُ:
– لاَ إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ
– وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»
لأن الله تعالى قال لفرعون:
* «آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ – وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ»
٣- لذلك كان من الضروري أن يتدبر كل مؤمن أسلم وجهه لله الآيتين التاليتين، لمراجعة نفسه، ويقف معها وقفة إيمانية وهو في مقام الخوف والخشية من الله، لعله ينتبه ويعلم من هو «الإله» الحقيقي الذي يعبده:
(أ): الآية الأولى:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ:
– إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
– لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ
– وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ
– ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
– مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ – إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»
* أقول:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ»:
نداء للناس جميعًا، الذين استجابوا لنداء ربهم وحضروا لاستماعه:
إن كل الآلهة المُدّعاة:
من أصنام حجرية وبشرية، ومن عقائد وقيم وأفكار وفنون إلحادية، لا يجب أن يكون لها وجود في قلب من آمن وأسلم وجهه لله تعالى، وإلا مات منافقًا مشركًا.
(ب): الآية الثانية:
«مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء
– كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً
– وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ
– لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»
* أقول:
لقد اتخذت «العنكبوت» بيتًا هو «أَوْهَن الْبُيُوت».
واتخذ «الناس» إلههم هَوَاهُم وهو «أَوْهَن الآلِهَة».
وعندما يعبد الإنسان «إله الهوى» يتحول دمه إلى هواء، فيصبح «إنسانًا هوائيًا»، يعيش بين الناس «إنسانًا» وهو عند الله «حيوان» بل أضل:
«أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ:
– وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
– وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
– وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
– فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ – أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»
# ثانيًا:
«من دلائل صدق القرآن وحجيته على الناس جميعًا»:
١- نلاحظ أنه عندما تحدث الله عن دلائل «الوحدانية»، خاطب الناس جميعًا:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ».
وعندما تحدث عن «مقتضيات» الإيمان بالوحدانية، وفي مقدمتها الإيمان بصدق «نبوة» رسول الله محمد، خاطب أيضا الناس جميعًا في أول خطاب لهم في القرآن، فقال تعالى:
* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ:
– اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
– «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ
– فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»
٢- ومن مقتضى التصديق بـ «الوحدانية» الإقرار بحجية «القرآن» على العالمين، فلا قيمة لهذه «الوحدانية» عند الله، إذا لم يعمل الناس بمقتضاها، وإثبات أن هذا «القرآن» يحمل «الآية الإلهية» التي يعجز الإنس والجن أن يأتوا بمثلها.
ولذلك خاطب الله «الناس جميعًا» بقوله تعالى:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا
– فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ
– وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
٣- وفي موضع آخر، بيّن الله استحالة أن يأتي الإنس والجن بمثل هذا «القرآن» فقال تعالى:
* «قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ:
– عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ
– لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ
– وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً»
ولذلك، وبعد أن قال الله تعالى لـ «الناس جميعًا»:
«وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
قال لهم:
«فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ {وَلَن تَفْعَلُواْ} فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
* وهذه أول «برهان قطعي الدلالة» يأتي في السياق القرآني، يُحذر «الناس جميعًا» من الكفر بهذا القرآن»، ومن «النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ» التي «أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ».
٤- فيا أيها «الجهلاء»، يا من أصابك الشيطان بـ «فيروس الشحرورية»:
– هل أنتم، واليهود والنصارى، وكل الملل التي في العالم، من «الناس» الذين خلقهم الله والذين من قبلهم؟!
– هل أنتم، واليهود والنصارى، وكل الملل التي في العالم، تعبدون الله:
«الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً – وَالسَّمَاء بِنَاء – وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً – فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ»؟!
ولما كان سكان هذه الأرض جميعًا، يعيشون بهذه النعم الإلهية التي لا تحصى، إذن:
«فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»
* ومنذ إنشاء هذه الصفحة، وأنا أطلب من المصابين بـ «فيروس الشحرورية»، أن يختاروا «الجهبذ» منهم، الذي تشرب قلبه بالقراءة الشحرورية للقرآن، ويرد على ما حملته منشورات الصفحة من آيات قرآنية، بآيات تثبت عكس استدلالي بها:
فما وجدنا عندهم إلا حب هذا «الفيروس» وتقديسه، و«الكلام المرسل» الذي لا محل له من الإعراب، والجهل بمنظومة «تدبر القرآن»، ثم الهروب من الصفحة إلى من هم على شاكلتهم.
# ثالثًا:
في «مقال الاثنين» الماضي، تحدثت عن:
* أزمة الاتباع بغير علم.
* وكيف أن «الأكثرية» على مر الرسالات الإلهية تكون أكثرية مشركة، كافرة، منافقة.
– وأن هذه الأمراض القلبية ظهرت بين المسلمين بعد انقلابهم على الأعقاب، واستحلال بعضهم دماء بعض في أحداث «الفتن الكبرى»، ثم تفرقهم إلى فرق ومذاهب عقدية وفقهية:
* «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
وهل هناك عاقل «ذو بصيرة» يُنكر حقيقة أن تدين «المليارين مسلم» تدين سلفي مذهبي «مٌحرّم» أصلًا في «دين الإسلام»؟!
١- إن هذا الواقع، الذي يستظل به المسلمون اليوم، هو الذي أخاطبه بـ «التوجه نحو إسلام الرسول»، أدعو المسلمين لإعادة الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب «ما يجب أن يكون»، باب «الآية القرآنية العقلية»، وذلك بعد خلع ثوب «التدين الوراثي المذهبي».
٢- ولم يحدث يوما، أن حمل «التوجه نحو إسلام الرسول» وجوب إقامة «دولة إسلامية»، وإنما وجوب إقامة «البيت المؤمن» الذي يُربي الأولاد على المعيشة في «مجتمع الإيمان والعمل الصالح»، وذلك بحسن اختيار «الزوج» ذكرًا أو أنثى.
٣- لم يحدث يوما، أن حمل «التوجه نحو إسلام الرسول» عقيدة التغيير من قمة الهرم، وإنما أن يكون التغيير من القاعدة فتسقط القمة، بشرط أن يكون تغييرًا وفق «ما يجب أن يكون» وليس وفق «ما هو كائن»، أي أن يكون تغييرًا جذريًا للنفس:
* «ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ – حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ – وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»
فلا تساوم نفسك على التغيير التدريجي، لأن النفس غير المطمئنة أمارة بالسوء، ولن تطمئن النفس إلا بالتغيير الجذري.
٤- لقد فُتن المسلمين بالدنيا، كما فُتن أهل الملل الأخرى، و«الفتنة الإلهية» سنة كونية للكشف عن مدى تغير النفس التغيّر الجذري القائم على إخلاص العبودية لله تعالى وحده، فقال تعالى:
«أَحَسِبَ النَّاسُ:
– أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا
– وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ
– وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
– فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
– وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
– أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا
– سَاء مَا يَحْكُمُونَ»
نعم: «سَاء مَا يَحْكُمُونَ»:
بعد أن أحاطت «السيئات» قلوب المسلمين، وأصبحت شهوات الدنيا أكبر همّهم، وبعد أن ظنوا أن إقامة الشعائر التعبدية تغفر لهم سيئات يومهم:
* لم تعد «الفتن» تؤثر فيها:
* ولم يعد المنكر منكرًا:
طالما أن «الأكثرية» موافقة بـ «إجماع» الديمقراطية، والحقيقة أنه لا «ديمقراطية» أصلًا في «دين الإسلام»، فأنت حر طالما أنك خارج «دين الإسلام»، لأن القاعدة الإيمانية:
«لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ»
فإذا دخلت في «دين الإسلام» لم تعد حرًا، لأنك أصبحت تتحرك داخل دائرة «أحكام القرآن»، أي داخل «حدود الله» التي تُحرّم على المسلمين «الديمقراطية» التي تجعلهم يختارون:
«هل تُحبّون أن تُحكموا بما أنزل الله – أم لا»!!
– موافق
– غير موافق
«أَفَلاَ تَعْقِلُونَ»؟!
* تذكر:
أني أتحدث عن «ما يجب أن يكون»، أما «ما هو كائن» فتدبر:
«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري