لم يعد معظم المسلمين يُعطون للحق، وللقيم والمثل العليا، وللزوق الرفيع والأخلاق الحميدة …، حَقَّهَا، وأصبحوا يلهثون وراء التلوث الفكري والبصري والسمعي، ووراء الباطل الذي يُصبح حقًا عندما يتبعه الآلاف.
# أولًا:
١- عندما يُسجل الآلاف إعجابهم ببدعة البوستات الجديدة التي يحمل كل بوست منها رواية من روايات:
* «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
٢- وعندما يبيح الآلاف من أتباع «شحرور» أن ينكح الرجل جدَّته لأن النص القرآن لم يُحرّم غير نكاح الأم:
* «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ»
٣- وعندما تخرج نساء المسلمين سافرات كاشفات لزينتهن الخارجية والداخلية، ويقف رجالهن متفرجين.
٤- وعندما يسمع المسلمون كلمة «الله أكبر» التي يحملها النداء إلى الصلاة، ولا تتحرك فيهم شعرة من خشية الله الذي سيقفون بين يديه، ولا يقومون للصلاة إلا في آخر وقتها.
٥- وعندما لا يستند التوجه «نحو إسلام الرسول» إلا إلى «القرآن»، من خلال «منهجية علمية» تحمل أدوات فهم «القرآن» من ذات آياته:
ثم تأتي تعليقات الأصدقاء المعارضين بكلام مرسل لا علاقة له بـ «القرآن»، وإذا طلبت منهم ذكر الآيات التي تؤيد وجهة نظرهم، ولّوا الأدبار.
* أقول:
فأي «عقل» هذا الذي يتحدث عنه المعارضون، والذي سيهديهم إلى الحق، ولا وجود له أصلًا في أجسادهم؟!
إنه «القلب» الذي يجب أن يتربى وهو في بطن أمه على الوحدانية، وعلى الطاقة الإيمانية التي يستمدها من الأم، هذه الأم التي جعلت القرآن ربيع قلبها، أي جعلته الماء الذي يحى به قلبها.
# ثانيًا:
١- إذا جئت بقرآن يوافق ما عليه السلفية:
قال المعارضون: «سلفي»!!
٢- وإذا جئت بقرآن يُبيّن «ما يجب أن يكون»، ويُحرّم «ما هو كائن» في حياة المسلمين:
قال المعارضون: لقد أصابنا بـ «اكتئاب»!!
٣- وإذا جئت بقراءة قرآنية تبين بلاغة القرآن:
قال المعارضون: شيخ «شعراوي» جديد!!
٤- وإذا أغلظت القول على الذين أعلم نفاقهم من حساباتهم وصفحاتهم، استنادا إلى قوله تعالى:
«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ـ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ – وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ – وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»
قالوا إن الله يقول لرسوله:
«وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ»
ولذلك انفض عنك كثير من الأصدقاء.
* أقول:
(أ): عندما ينفض عني «الجُهّال»، الذين لا يريدون أن يتعلموا، سواء من هذه الصفحة أو من غيرها، فهذا شأنهم، أما أن يأتوا بآية قرآنية يظنون أنها تخدم هوى الجهل، فإن «سيف العلم» لهم بالمرصاد.
(ب): فرق كبير بين أن يخاطب الله تعالى المؤمنين، وأن يخاطب الكفار والمنافقين، فلكلٍ مقامه وأسلوب الخطاب الذي يناسبه.
لقد بدأت الآية التي تتعلق بالمؤمنين والتي وردت فيها جملة:
«وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ»
بدأت بقوله تعالى:
«فَبِمَا ? رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ»
والمعنى: ولولا «رحمة الله» ما «لِنتَ لَهُمْ»، أي ما لِنْتَ للمؤمنين بك، وذلك لتغلب الصفة البشرية في حالة الغضب «من أجل الله»، ولذلك قال تعالى بعدها:
«فَاعْفُ عَنْهُمْ – وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ – وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ»
(ج): وهذا النوع من الغضب هو الذي دفع موسى، عليه السلام، أن يتصرف هذا التصرف غير المقبول شرعًا، فتدبر:
«وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً – قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ – أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ – وَأَلْقَى الألْوَاحَ – وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ»
(د): هذا النوع من الغضب الذي أباح الله لصاحبه أن يجهر بالسوء من القول عند اشتعاله، فتدبر:
«لاَ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ – إِلاَّ مَن ظُلِمَ – وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً»
وهل هناك «ظلم»، يشعر به قلب المؤمن الذي أسلم وجهه لله تعالى، وهو يرى ويسمع الكفر والشرك والنفاق من حوله؟!
# ثالثًا:
استكمالا لمقال الخميس الماضي عن الدولة والمجتمع الإيماني:
١- منذ إنشاء هذه الصفحة، وأنا أعلم أنني كلما اقتربت من دائرة «ما يجب أن يكون» ابتعد الأصدقاء، وكلما ابتعدت اقتربوا:
فلماذا لا يريدون إقامة «البيت المؤمن» الذي يعمل الصالحات، ولا يريدون «حكم القرآن»؟!
أم أنهم يتصورون أنه حكم محمد مشتهري؟!
وإذا كان «حكم محمد مشتهري»، فلماذا لا يخرج علينا من يقول:
إنك تفهم أحكام القرآن على هواك، ويأتي لنا بالآيات القرآنية المؤيدة لوجهة نظره، لأقدم اعتذاري للأصدقاء عن أربعة عقود مع تدبر القرآن، ومع ذلك لم أفهمه حتى جاء هذا «الجهبذ» وفهمني؟!
٢- لقد نزل القرآن على رسول الله محمد، عليه السلام، ليحكم بين الناس جميعًا، وليس عند وجود نزاع بينهم فقط كما يدعي البعض، وفي هذا السياق أرجو من الأصدقاء تدبر الآيات «المائدة / ٤١-٥٤» والوقوف عند هذه الجمل الثلاث:
* «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ? فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ»
* «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ ? فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»
* «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ? فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»
وأن يعلموا أن قوله تعالى «وَمَن لَّمْ يَحْكُم» نص عام يشمل حياة المسلمين جميعا، في بيوتهم، وفي أعمالهم، وفي معاملاتهم، وفي أحوالهم الشخصية وعقود أنكحتهم، وكل ما ورد من أحكام في القرآن الكريم، ومن لم يفعل يكون من الكافرين الظالمين الفاسقين.
٣- ثم تدبر قوله تعالى بعدها:
«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ:
– مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ
– فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ
– لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً:
* و«الشِرعَةً»: مَوْرِد الماء الدائم الذي لا ينقطع منه الماء، وسمى الله «رسالاته» بـ «الشِرعَة والشَّريعة» لأن خيرها لا ينقطع بتفعيلها بين الناس.
* و«المِنْهَاج»: هو الطريق الواضح المستقيم الموصل إلى «الشِّرْعةُ والشَّريعةُ»، وهو بالنسبة لـ «دين الإسلام» الخاتم الأدوات الموصلة إلى فهم نصوص «الآية القرآنية العقلية».
والسؤال:
كيف يفهم المسلمون، «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، من السلفيّين والقرآنيّين والتنويريّين والشحروريّين، نصوص «الآية القرآنية العقلية» بدون «شِرعَةٍ» وبدون «مِنْهَاجٍ»، وكل حزب بتراث فرقته الديني يفرحون أو يصرخون؟!
# رابعًا:
ثم تدبر قول الله تعالى:
«أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ – وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ»
ثم قوله تعالى بعدها:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ:
١- لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ
٢- وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
٣- إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»
ثم قوله تعالى بعدها:
* «فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ:
– يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ
– فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ
– فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ»
والسؤال للشحروريّين:
إذا كان خطاب الله لليهود والنصارى، في السياق القرآن كله، يصفهم بـ «الكافرين الظالمين الفاسقين»، ويحذر المؤمنين من اتباعهم، وتدبر أيضا قوله تعالى:
«وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى:
– حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ?
– قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى
– وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ
– مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ»
فأي قراءة قرآنية معاصرة هذه التي تُدخل «اليهود والنصارى» الجنة مع كفرهم بـ «نبوة» رسول الله محمد وعدم اتباع رسالته؟!
* «أَفَلاَ تَعْقِلُونَ»؟!
# خامسًا:
عندما يقول الله تعالى لـ «السلطة التشريعية»:
«ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا – وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ»
فليس معنى هذا أن الأمر باتباع «الشريعة الإلهية» لرسول الله وحده، وإنما هو أمر لجميع المؤمنين بقيادة الرسول، الذي كان يجمع بين السلطات الثلاث «التشريعية – التنفيذية – القضائية»، مع الاحتفاظ لولاة الأمور بسلطاتهم.
والجمع بين السلطات الثلاث سنة جميع الرسل، فتدبر:
«أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ – الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ – فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاَءِ – فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ»
وإن السبب وراء عدم بيان القرآن لمسائل الحكم بصورة تفصيلية، أنها مرتبطة بظروف وإمكانات وتطور كل عصر، ولكن في إطار أصول الحكم العامة التي وردت في القرآن.
١- فمن فعالية حكم الأنبياء والرسل بما أنزل الله، قول الله تعالى:
«شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ:
– مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً
– وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
– وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى
– أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ …»
إن من مهمة الحاكم المؤمن المسلم، أن يحافظ على وحدة الأمة الإسلامية، ويحمي أفرادها من «التفرق في الدين»، وما نشاهده اليوم من أحوال المسلمين، على مستوى العالم، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي:
من مهازل دينية عقدية، لا يفعلها إلا «المنافقون» الذين يُصرّون على عدم خلع لباس الفرقة التي ولدوا فيها:
هو بسبب مرض «البغي» الحاكم لقلوب المنافقين، ولذلك قال تعالى بعدها:
«وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ:
– مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ
– بَغْياً بَيْنَهُمْ ?
– وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى
– لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ
– وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ»
٢- ومن فاعلية سلطة رسول الله «القضائية» قول الله تعالى:
«فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ – حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ – ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ – وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً»
٣- ومن فعالية سلطة ولاة الأمور «التنفيذية» قول الله تعالى:
«إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا – وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ – إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ – إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً»
والسؤال:
كيف يكون «الحكم بما أنزل الله»، في مجتمع «الَّذِينَ آمَنُواْ»، قاصرًا على «السلطة القضائية» فقط في حالة النزاع بين الناس، والسلطتان التشريعية والتنفيذية لا علاقة لهما بـ «الحكم بما أنزل الله»؟!
فتسير النساء في الشوارع على المذهب «الشحروري»، فإذا اعترض أحد من المؤمنين على سفور امرأة وتبرجها، يذهبان إلى القضاء، وعندها يحكم القاضي على المرأة «بما أنزل الله»، وتخرج من عنده بـ «الباس الشرعي»:
«أَفَلاَ تَعْقِلُونَ»؟!
# سادسًا:
إن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، في «مجتمع الَّذِينَ آمَنُواْ»، ليس لها مهمة غير «الحكم بما أنزل الله»، والعمل على حفظ «الضرورات الخمس»، التي هي باختصار شديد:
١- حفظ دين الإسلام وأحكامه:
(أ): «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»
(ب): «الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»
(ج): «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ – أَقَامُوا الصَّلاَةَ – وَآتَوُا الزَّكَاةَ – وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ – وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ – وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ»
فهل مَكَّنَ الله لـ «الذين آمنوا» في الأرض؟!
* إذن فعن أي «دين إسلامي» يتحدث المسلمون، وعن أي «سلطة قضائية» يتحدث التنويريّون، وعن أي «تراث ديني» يتحدث المذهبيّون، وعن أي «عالمية القرآن» يتحدث المُغيّبون، والله يقول لـ «الَّذِينَ آمَنُواْ»:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ: ?
– اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
– وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ?
– وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ
– … كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»
فهل اهتدى «الَّذِينَ آمَنُواْ»، وحكموا بما أنزل الله، في كافة شؤون حياتهم؟!
* أما بالنسبة لأحكام التعامل مع «الملل الأخرى» فهي تنقسم إلى قسمين:
الأول: عام: ويخص «السلطات الثلاث»، ولا مجال للحديث عنه لغيابها.
الثاني: خاص: ويخص كل من آمن وأسلم وجهه لله تعالى، ومن هذه الأحكام:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ – لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء – بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ – وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ – إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»
وقوله تعالى:
«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ – يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ – وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ – وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ – وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ – أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ – إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»
٢- حفظ النفس:
(أ): «وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
(ب): «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً»
٣- حفظ العرض والمال ورعاية الأيتام والمستضعفين:
(أ): «وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ – وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ – الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا – وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً – وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً»
(ب): «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا…»
(ج): «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً»
٤- حفظ «الملبس والمأكل والمشرب»:
«يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ – وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ – إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»
٥- حفظ تنفيذ «القصاص» و«العقوبات»:
(أ): «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
(ب): «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ – وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً – أَن يُقَتَّلُواْ – أَوْ يُصَلَّبُواْ – أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ – أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ – ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا – وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»
(ج): «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ»
(د): «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»
والسؤال:
أين «السلفيّون» و«القرآنيّون» و«التنويريون»، و«الشحروريّون»، من الحديث مع المسلمين عن هذه ? «الفريضة الغائبة» عن بيوتهم وأعمالهم …، فريضة «الحكم بما أنزل الله»، لعل الله يشفيهم من هذه «الغيبوبة الدينية المذهبية» التي تنطق بها منابرهم الدعوية، هؤلاء:
«الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا – وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»؟!
ولذلك جعلت عنوان هذا المقال:
? «مؤمنون بلا قرآن، ومسلمون بلا إيمان»
والذي يملك توصيفا لحالتهم الدينية غير هذا، يتكرم علينا به.
* تذكر:
أني أتحدث عن «ما يجب أن يكون»، أما «ما هو كائن» فتدبر:
«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري