عندما اشترط الله تعالى أن يكون «التغيير» من داخل النفس حتى يُغيّر الله أحوالها إلى «الأفضل»، أو إلى «الأسوء» حسب نوع هذا التغيير وطبيعته، فإن التغيير إلى «الأفضل» إذا لم يكن جذريًا وبدون مرحلية وتردد، فلن يؤتي ثماره أبدا.
# أولًا:
١- عندما يقول «سعيد الصرفندي» في «٢١ اكتوبر ٢٠١٩»:
«والمسلمون ليسوا بدعا من الناس، فقد عاش فقهاء وعلماء في نفس الزمن تقريبا، مع اختلاف أفكارهم ومناهجهم وقواعدهم الاستنباطية، كأبي حنيفة ومالك، وكالشافعي واحمد بن حنبل … مما يفسر لنا اختلافهم مع وحدة النص المتفق عليه، كالقرآن».
واختصارا، تركت عشرات المسائل المذهبية لأصل إلى إيمان «سعيد الصرفندي» بالمصدر الثاني للتشريع، بشرط أن توافق مرويات القرآن، ومثال ذلك:
١- قوله في «٢ يناير ٢٠٢٠»:
«ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام، كان أعظم من فقه كتاب الله، وطبقه، فحذرنا مما حذر منه الله، فقال فيما روي عنه:
«لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشير وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، فقلنا: اليهود والنصارى؟ قال فمن؟!
أي أن النبي عليه الصلاة والسلام فهم أن تحريف الرسالات أمر حتمي، فحذر من الوقوع فيه، ولكن مشايخ السلطان إذا أتوا على هذه الرواية، جعلوها في توافه الأمور، كاللباس والزنا ولعب القمار وغير ذلك، متناسين أن هذه الأمور ليست من اليهودية أو النصرانية وأن جوهر الموضوع هو مشابهتهم في تحريف الدين».
ثم لماذا يتحدث دائما عن فرقة أهل السنة والجماعة وأمهات كتبها:
٢- فيقول في «٨ يناير ٢٠٢٠»:
«أهل السنة في معظمهم يكرهون أمريكا … ولكنني كشخص لا يعرف الانتماء الطائفي، أرى أن الضربة الإيرانية كانت موجعة لهيبة وكرامة أمريكا»
٣- ثم إذا به يقول في «١٢ يناير ٢٠٢٠»:
«عندما نفهم القرآن فهما معاصرًا يليق بعظمة الكتاب وعظمة من أنزله، فإننا نتخلص من الانتماء لجوهر فكرة القبيلة، سواء بمعناها الساذج او بتجلياتها المعاصرة، لنجد أنفسنا ننتمي لقبيلة واحدة هي: الإنسانية»
٤- ثم يرجع ويقول في «١٧ يناير ٢٠٢٠»:
«يقول كاهن الوهابية في مصر، محمد حسان؛ بأن الحديث بنسخ الآية عند تعارضهما …. عندما نزعم أن للقرآن فهمًا واحدًا عرفه السلف، وعلينا فقط أن نحشر عقولنا الواسعة في ضيق زمانهم المعرفي»
* أقول:
إن التخلص «من الانتماء لجوهر فكرة القبيلة»، الذي ينادي به «سعيد الصرفندي» لن يحدث مطلقا إلا بدعوة المسلمين جميعًا إلى إعادة الدخول في «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، وإلى يوم الدين.
أما أن يعيش المسلمون حياتهم، فريق يُقدّس تراث آبائه الديني، وفريق يلعن تراث آبائه الديني، ويظلون في جلباب الفرقة التي ولدوا فيها، فإنهم إن ماتوا على هذا الحال، ماتوا ولم يدخلوا «دين الإسلام» بعد.
# ثانيًا:
والآن نتحدث عن فكر «سعيد الصرفندي» عن الدولة الإسلامية، فيقول في «١٣ اكتوبر ٢٠١٩»:
«خلاصة الأمر، أن الدولة كيان محايد لا يوصف بالإسلامي أو المسيحي أو اليهودي، والعلاقة بين الحاكم والمحكوم يحكمها العقد الاجتماعي الذي شرطه، بل ركنه الركين، هو الإيجاب والقبول، خاصة في زماننا، زمن المجتمعات المختلطة، مسلمون ومسيحيون وملحدون ولا دينيون، وغير ذلك، فلا يصح لأحد أن يجبر الآخرين على نظام أو دين معين، ولا شكل دولة معين».
* أقول:
١- سأتكلم أولًا عن قوله:
«فلا يصح لأحد أن يجبر الآخرين على:
(أ): نظام معين.
(ب): دين معين.
(ج): شكل دولة معين.
* أما عن الإجبار على نظام وشكل دولة معين، فالحقيقة ما قاله «سعيد الصرفندي» يعني:
وجود بشري يعيش على أرض في عالم غير عالم البشر الذي أرسل الله إليهم الرسل، ومنهم داود، عليه السلام، الذي قال الله له «ص / ٢٦»:
«يَا دَاوُودُ – إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ – فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ – وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى – فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ»
وإن مرد تفرد الله بأحكام الشريعة الحاكمة للمجتمع البشري هو قصور البشر في إدراك ما فيه مصلحتهم، إلى جانب الأغراض والمصالح والأهواء التي تحكم تصرفاتهم.
* أما عن الإجبار على «دين معين»، فالله تعالي «البقرة / ٢٥٦»:
«لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ – قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ – فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ – فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا – وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»
والمعنى:
«لاَ إِكْرَاهَ فِي (دخول) الدِّينِ»، وهو ما يُعرف بـ «المفهوم الضمني»، وبقرينة السياق «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ».
أما من دخل في «دين الإسلام» فقد أَخْضَعَ نفسه وخَضَعَ لأحكام وحدود آيات التنزيل الحكيم التي يحرم عليه تَعدّيها، وهذا ما بيّنه آيات كثيرة، ومنها ما جاء النص على «الحدود» صراحة:
* كقول الله تعالى «البقرة / ١٨٧»:
«تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا – كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ – لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
* وقوله تعالى «البقرة / ٢٢٩»:
«وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»
* وقوله تعالى «المجادلة / ٤»:
«وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ»
* وقوله تعالى «الطلاق / ١»:
«وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ – وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ»
والسؤال:
فمن الذي يراقب التزام الناس بالضوابط والأحكام الشرعية التي تجعلهم لا يتعدّون «حدود الله»؟!
٢- أما حديثه عن أن:
«العلاقة بين الحاكم والمحكوم، يحكمها العقد الاجتماعي، الذي شرطه، بل ركنه الركين، هو الإيجاب والقبول»؟!
* أقول:
ماذا سيفعل «الحاكم المسلم» إذا قال له «المحكوم المسلم»، حسب قاعدة «الإيجاب والقبول»:
أنا لا «أقبل» الالتزام بأحكام القرآن؟!
هل يظل «المحكوم المسلم» مسلمًا في نظر «الحاكم المسلم»؟!
# ثالثًا:
هل يمكن أن يوجد مجتمع بشري بدون «نظام» وبدون «نظم» تحمل القوانين والمبادئ الحاكمة لتصرفات أفراده؟!
وهل عندما بعث الله رسوله محمدًا في مجتمع بشري، ليحكم بين أفراده بما أنزل الله، هل لم يكن هذا الحكم «حكمًا إسلاميًا» بكل مقتضياته وآليات تنفيذه؟!
وهل ترك المسلمون أنفسهم، بعد وفاة رسول الله بدون قائد يتولى إدارة البلاد، ويرعى مصالح الناس، ويحكم بينهم بما أنزل الله، سواء كان اسمه، خليفة أو ملكًا أو أميرًا أو إمامًا أو رئيسًا:
المهم ألا يقول إنه «خليفة الله في الأرض»، ولا يدعي «النبوة»؟!
ثم ماذا نفعل بالآيات التي نصت صراحة بـ «دلالات قطعية» على وجوب الحكم بين الناس بما أنزل الله؟!
١- ماذا نفعل بمثل هذه الآية التي تأمر المؤمنين بطاعة «ولاة الأمور»، فيقول الله تعالى «النساء / ٥٩»:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ – أَطِيعُواْ اللّهَ – وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ – وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ»؟!
وما الذي يُجبر المؤمنين على طاعة «ولاة الأمور» ولماذا؟!
٢- وتدبر قول الله تعالى «النساء / ٦٥»:
«فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً»
٣- وتدبر قول الله تعالى «النساء / ١٠٥»:
«إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ – لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ – وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً»
٤- وتدبر قول الله تعالى «المائدة / ٤٨»:
«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ – فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ – وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ …»
# رابعًا:
ومن الذي سيقوم على تنفيذ أحكام القصاص والعقوبات والدفاع عن المجتمع والإعداد العسكري؟!
١- تدبر قول الله تعالى «البقرة / ١٧٩»:
«وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
٢- وقول الله تعالى «النور / ٢»:
«الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ»
٣- وقول الله تعالى «النور / ٤»:
«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»
٤- تدبر قول الله تعالى «الحج / ٣٩-٤١»:
«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»
«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»
«الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ»
فكيف يُمكن الله تعالى للمؤمنين في الأرض بدون «نظام إسلامي حاكم» يستظلون بظله ويرضى الله عنه؟!
٥- وتدبر قول الله تعالى «الأنفال / ٣٩-٤٦»:
«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»
مرورا بقوله تعالى «الأنفال / ٤٥»:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ»
لنصل إلى قوله تعالى «الأنفال / ٤٦»
«وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»
لنعلم أن إدارة المعارك الحربية، في «دين الإسلام» يجب أن تكون «إدارة إسلامية» تحكم بما أنزل الله.
٦- وتدبر قول الله تعالى «الأنفال / ٦٠-٦٢»:
«وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ …»
«وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ»
فكيف تكون هناك «سلطة» مسؤولة عن إعداد القوة، في عقد اجتماعي يقوم على «الإيجاب والقبول» بين الحاكم والمحكوم، كما يقول «سعيد الصرفندي»، والبشر هم البشر، وإلا سقطت أحكام القرآن كلها، ومنها قوله تعالى «الأنفال / ٦٥»:
«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ»
وقوله تعالى «الأنفال / ٦٧»:
«مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»؟!
# خامسًا:
وماذا عن «البيعة» في «دين الإسلام»، ولماذا؟!
إن البيعة في «دين الإسلام» تعني الطاعة والتسليم لـ «ولي الأمر» في الحكم بما أنزل الله، ولا علاقة لها بما يُسمى بـ «السياسة الشرعية»، ولا بـ «الأزمات» التي حدثت بين المسلمين الأُوَلْ بسبب «الخلافة»، ولا ما حدث بعد ذلك حتى سقطت.
فإذا كان المسلمون يؤمنون بوجوب إقامة «أحكام القرآن» بين الناس، فإن هذا الإيمان يقتضي وجوب تنصيب من يقوم بإدارة شؤون البلاد، وتنفيذ هذه الأحكام بين الناس، ويتم ذلك عن طريق «البيعة».
وهذه «البيعة» يقوم بها مجلس يضم نخبة من المؤمنين من أهل الخبرة في التخصصات العلمية المختلفة، الذين أسلموا وجوههم لله تعالى، وهو ما يُسمى بمجلس «الشورى» الذي يرجع إليه «ولي الأمر» عند اتخاذ قرارته.
١- يقول الله تعالى «آل عمران / ١٥٩»:
«… فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»
٢- يقول الله تعالى «الفتح / ١٠»:
«إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ»
٣- ويقول الله تعالى «الفتح / ١٨»:
«لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً»
# سادسًا:
من سيقوم على تحصيل أموال «الصدقات» وتوزيع على مصارفها؟!
١- يقول الله تعالى «التوبة / ٦٠»:
«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»
٢- يقول الله تعالى «التوبة / ١٠٣»:
«خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»
٣- يقول الله تعالى «الأنفال / ١»:
«يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»
٤- يقول الله تعالى «الأنفال / ٤١»:
«وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
٥- يقول الله تعالى «الحشر / ٧»:
«مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»
# سابعًا:
لقد قدم النص القرآني تفصيلات تشريعية شملت معظم شؤون الإنسان، مثل التجارة وإبرام العقود، والمواريث والحقوق المالية، وأحكام الزواج والطلاق، والعقوبات، والمواثيق والعهود المحلية والدولية، وأحكام القتال … وغير ذلك من الأحكام.
فإذا علمنا أن المسلم لا يستطيع أن يقوم بمفرده بتنفيذ أحكام القرآن من غير مجتمع يؤويه، وزواج يكفيه، وسلطة تحميه وتوفر له الأمن على نفسه وعلى أسرته وعلى عمله …، فمن الذي سيضع القواعد الناظمة لتلك الأحكام ويقوم على تنفيذها؟!
إن مهمة «السلطة في الإسلام» لا تتعدى كونها «صمام الأمان» الذي يجعل «دين الإسلام» حاكما على حياة الناس، لا أن يقف «ما يجب أن يكون» متفرجًا على «ما هو كائن» ويصفق له ويعجب به.
إن «نظام الحكم» في «دين الإسلام»، كما شهدت به آيات التنزيل الحكيم، يقتصر على وضع الأطر العامة وبيان المقاصد العليا دون التطرق إلى تفاصيل خاصة متعلقة بظروف العصر وحاجاته المتطورة.
إن «دين الإسلام» جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط ربهم المستقيم، وفق قواعده وأصوله الثابتة التي لا تتغير إلى يوم الدين، وما لم يكن من «الثوابت» كان متغيرًا متطورًا حسب إمكانات كل عصر.
إن «القرآن» من أوله إلى آخره، عندما يخاطب «الذين آمنوا» فهو يخاطب في المقام الأول «مجتمعًا» وليس أفرادا، وعندما يقرأ المسلم سورة «الفاتحة» لا يقول «إياك أعبد» وإنما يقول:
«إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»
فاسأل نفسك:
من هم الذين (تجمعهم معك) في كل صلاة عند قراءتك سورة «الفاتحة»؟!
فإذا عرفت الإجابة فقد فهمت المقال مع طوله.
* تذكر:
أني أتحدث عن «ما يجب أن يكون»، أما «ما هو كائن» فتدبر:
«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»