نحو إسلام الرسول

(133) 12/2/2014 (“وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا”)

لم أجد عند أتباع الفرق والمذاهب المختلفة فهما صحيحا للكلمات القرآنية: الطاعة – الاتباع – القدوة – الأسوة!! لقد انحرفت دلالات هذه الكلمات عن سياقها الخاص بـ “سنة الله” في إرسال الرسل، وأن الله تعالى أرسل الرسل ليطاعوا بإذنه، وليتخذهم المسلمون قدوة، وأسوة، ليس لذواتهم، وإنما لاصطفاء الله لهم…، انحرفت دلالات هذه الكلمات عن هذا السياق، لتوظف في سياقات أخرى، تتعلق بـ “سنة البشر” مع أئمتهم وأوليائهم الصالحين!!
لقد كان للشيطان الرجيم، وللمرويات المنسوبة إلى النبي، دور كبير في تقديس المسلمين لأئمتهم، حتى وصل الأمر ببعضهم، أن يفتوا بعدم قبول صلاة “المريد”، إذا لم يستحضر صورة شيخه أمامه في الصلاة، بدعوى أن هؤلاء “الأئمة” هم الذين ربطوا المتأخرين بالمتقدمين، وهم الذي حفظوا “دين الله”، عن طريق حفظهم لأسانيد “الحديث النبوي”، وتدعيمهم لمذاهبهم الفقهية، وجاهدوا في سبيل ذلك، حتى وصل “دين الله” إلى المتأخرين سليما صحيحا!!
ولذلك يرى أتباع “الأئمة”، أن حاجتهم إلى الإمام هي نفسها حاجتهم إلى رسول الله، وبما أن الرسول مات، وهؤلاء الأئمة هم ورثته، وجب اتباعهم!!
والحقيقة أنا لا أعلم، كيف غاب عن هؤلاء “التابعين”، المقلدين، المغيّبين بـ “ولاية الإمام”، أن اتباع “الرسول”، أو اتباع “الأئمة”، أو اتباع سبيل “المؤمنين”…، لا يكون مطلقا لشخص الرسول، ولا لشخص الإمام، ولا لشخص المؤمن، وإنما للرسالة الإلهية التي حملها كل هؤلاء للناس، أي لـ “سبيل الله”، فتدبر:
“وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ [سَبِيلِ اللَّهِ] إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ” [الأنعام 116]
لم يقل الله تعالى يضلوك عن سبيل الرسول، ولا عن سبيل المؤمنين، ولا عن سبيل الأئمة، وإنما قال: يضلوك “عن سبيل الله”، حتى يغلق الباب على “المغيّبين” عن الحق، الذين سيقولون: إن سبيل المؤمنين هو سبيل الأئمة هو سبيل الرسول، هو سبيل الله!!!
إنه عندما جاءت كلمة “أئمة” صفة للرسل، جاءت لبيان أن إمامتهم إمامة “هداية” إلى صراط ربهم المستقيم، فتدبر:
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً [يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا] وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء 73]
والآية الوحيدة التي ورد فيها الأمر باتباع “سبيل المؤمنين”، هي قوله تعالى:
وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء 115]
فانظر كيف جاءت الآية تبيّن أن الاتباع للسبيل، وليس للمؤمنين، وأن هذا السبيل هو “الهدى”، “سبيل الله”، الذي اتبعه الرسول والمؤمنون.
لقد حرف “الأئمة” مفهوم “الاتباع” ليكون اتباعا لسبيل مذاهبهم، وليس لـ “سبيل الله”، وأقاموا على ذلك مفهومهم للطاعة، والتأسي، والاقتداء…، فتوقف “السبيل” عند الأئمة، ولم يتبع الناس “الرسالة الإلهية” إلا عن طريق الأئمة…، فضل الناس السبيل، وغابت عنهم الرسالة، وأصبحت معيشتهم معيشة ضنكا!!

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ [مَعِيشَةً ضَنكاً] وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ [أَتَتْكَ آيَاتُنَا] فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) [طه]

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى