طبعا أنت لا تتذكر، ولكن انظر إلى ابنك وإلى حفيدك واسأل نفسك:
على أي مذهب ديني نشأ «أو ينشأ الآن» هذا الإنسان، ومتى عرف الفرق بين الوحدانية والكفر والشرك والنفاق؟!
هل تذكرت الآن على أي مذهب نشأت، وأنك لو ولدت من بطن مذهب آخر كنت ستفعل ما تفعله الآن تقليدا لمذهب آبائك الديني؟!
ولكن هل تعلمت منذ طفولتك، وأنت تنتمي إلى هذا المذهب، الفرق بين الوحدانية والكفر والشرك والنفاق، والبرهان على تعريف كل ملة من القرآن، وليس من أصول المذهب الذي تنتمي إليه وراثيًا بغير علم؟!
هل تربيت على الفهم الواعي للأصل الإيماني المعروف باسم «الولاء والبراء»، أي «الولاء» للمؤمنين و«البراء» من الكافرين، أم تربيت على أن «الولاء والبراء» شعار المنظمات التكفيرية الجهادية الداعشية، أم لم تترب دينيًا أصلًا؟!
أولًا:
إن الفرق:
١- بين الفهم الواعي لـ «الوحدانية» ولـ «دين الإسلام»، ولـ «أصول الإيمان»، وأنت تتجه «نحو إسلام الرسول».
٢- وبين «التدين الوراثي» الذي قامت عليه كل التوجهات الدينية السلفية والقرآنية والتنويرية الموجودة على ساحة ما يُسمى بـ «الفكر الإسلامي».
إن الفرق في «المنطلق»:
في القاعدة التي انطلق منها التوجه الديني، وهل هي:
(أ) قاعدة الفرقة المذهبية التي ولد فيها المسلم، سواء كانت سلفية أم تنويرية أم قرآنية معاصرة.
(ب) قاعدة «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة للناس جميعا اليوم، وإن اشتركت مع التوجهات الأخرى في بعض الفروع والمصطلحات كمصطلح «الولاء والبراء».
والفرق كبير، وكبير جدا، بل ولا وجه للمقارنة أصلاً، لأنه يتعلق بـ «المنطلق»، أي بالقواعد الأصولية التي قام عليها البناء الإيماني.
إن معظم التوجهات الدينية التي انطلقت من قاعدة «الفرقة المذهبية» ما هي إلا «تابع» و«متبوع»، و«المتبوع» هو الذي بيده مصير «التابع» الديني، هذا «التابع» الذي إذا مات «المتبوع» انتظر خليفته ليستكمل معه مسيرة «الببغائية»، أي مسيرة الاتباع بغير علم.
إن «طائر الببغاء» طُبع على قدرة عجيبة في ترديد الكلام دون فهم، وإعادة نقله دون وعي، إنه يجمع معلومات ثم يُخرجها بصوته دون تفكير، ودون منهجية علمية تربط الكلام ببعضه، ولا يعلم محوره الأساس.
إن «التابع الببغائي»، وما أكثرهم على ساحة «الفكر الإسلامي»، مفلسٌ علميًا، ينقل «معلومات» ولا يستطيع أن يدافع عنها بأدلة علمية، لأنها صُبّت في ذهنه «صبًا»، وعُلّبَت في قلبه «جهلًا».
ولذلك نرى كل «الببغاوات التابعة» تحمل أسطوانة واحدة مشروخة تُذاع على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، دفاعًا عن «المُفكّر المتبوع» لثقتهم فيه الزائفة، كما يثق «طائر الببغاء» في صاحبه.
* إن جينات المسلمين الذين ورثوا تدينهم المذهبي، سواء كان تدينًا سلفيًا «سنيَا أو شيعيًا …»، أو قرآنيًا، أو تنويريًا، أو إلحاديًا شحروريًا، «كُلُّهُمْ جَمِيعاً» ينتظرون دائما الخليفة «المتبوع»، وها هي أكبر الفرق الإسلامية تقدمًا وحضارة تنتظر «المهدي»!!
ثانيًا:
عندما يقول الله تعالى محذرًا الأولاد من شرك الآباء «العنكبوت / ٨»:
«وَوَصَّيْنَا الإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً – وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ – فَلاَ تُطِعْهُمَا – إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
سيفرض السؤال نفسه:
كيف لا يطيع الولد الوالدين في شركهما، وهو لا يعلم أصلا الفرق بين الوحدانية والشرك؟!
إن هذا يعني أن الإنسان مسؤول عن تدينه بمجرد أن يبلغ النكاح ويكتمل رشده، ولابد أن تكون هناك رسالات إلهية متداولة بين أيدي الناس يستطيع الإنسان، بتفعيل آليات عمل قلبه والنظر في دلائل الوحدانية، أن يقف على الفرق بين الوحدانية والكفر والشرك والنفاق.
إن الفهم السطحي للفرق بين هذه الملل «الوحدانية والكفر والشرك والنفاق» لا قيمة له في ميزان الآخرة، ذلك أن لكل ملة «مقتضيات»، أي «متطلبات» واجب العمل بها باعتبارها «السمات» التي تميزها عن غيرها.
فمقتضى «الوحدانية» أن يعمل الإنسان بمفهومها سلوكا عمليًا.
ومقتضى «الكفر» أن يعمل الإنسان بمفهومه سلوكا عمليًا.
ومقتضى «الشرك» أن يعمل الإنسان بمفهومه سلوكا عمليًا.
ومقتضى «النفاق» أن يعمل الإنسان بمفهومه سلوكا عمليًا.
إن «المقتضيات» لا تعرف غير «الأعمال» الموجودة على أرض الواقع، ولا علاقة لها بـ «نوايا القلوب»، وهذه «الأعمال» هي التي تفصل بين الملل المختلفة في الدنيا والآخرة، فلكل ملة عملها.
فإذا كنت تجهل أيها «المسلم بالوراثة» مقتضيات الملل المختلفة فعلى أي أساس تقوم بإجراءات «زواجك» أو «زواج أولادك»؟!
فعندما يخاطب الله تعالى المؤمنين الذين أسلموا وجوههم لله تعالى، يحذرهم من «الأنكحة الباطلة» ويقول لهم «البقرة / ٢٢١»:
«وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ … وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ … أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ – وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ – وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ – لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
فهل أنتم من المؤمنين الذين أسلموا وجوههم لله تعالى، وأقاموا أنكحتهم على الفهم الواعي لمقتضيات الملل المختلفة، فلم ينكحوا المشركات، ولم ينكحن المشركين؟!
ولذلك ختم الله الآية بقوله تعالى:
«وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
فهل تذكر المسلمون هذا البيان القرآني الذي يحمل حكمًا قطعي الدلالة، بتحريم أي «زواج» لم يقم على الفهم الواعي لحقيقة «الوحدانية»، وليس فقط الفهم، وإنما العمل بـ «مقتضيات» الوحدانية، وفي مقدمتها العمل بـ «أحكام القرآن»؟!
هل «المسلم» الذي يتزوج امرأة سافرة ورثت تدينها الإسلامي، ولم تلتزم بـ «أحكام القرآن» لا في لباسها ولا معيشتها، يكون بذلك قد عمل بمقتضى «أصول الإيمان» وبـ «أحكام القرآن»؟!
فعلى سبيل المثال، إن مقتضى «الصلاة» هو التلازم بينها وبين تلاوة كتاب الله «العنكبوت / ٤٥»:
«اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ – وَأَقِمِ الصَّلاَةَ – إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ – وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ – وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ»
و«التلاوة» لا تعني «القراءة» فقط، وإنما القراءة التي يصاحبها «الاتباع»، وبدون «الاتباع» يصبح القرآن في قلب قارئ القرآن مهجورًا، حتى ولو كان يحفظه كله، وسيُحشر يوم القيامة مع المجرمين، فتدبر «الفرقان / ٣٠-٣١»:
«وَقَالَ الرَّسُولُ – يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ – وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً»
ثالثًا:
يقوم «دين الإسلام» على قاعدة «الولاء والبراء»، هذه القاعدة التي يستحيل الالتزام بها دون معرفة الفرق بين الوحدانية والكفر والشرك والنفاق، ومقتضيات كل منها، وإلا فكيف تعرف أنك «مسلم» وأنك تزوجت من «مسلمة»، وأن «عقد النكاح» صحيح؟!
١- الولاء:
هو التأييد والنصرة، وهو ضد المعاداة:
فلا يوجد مؤمن أسلم وجهه لله تعالى يعادي مؤمنًا، هذا مستحيل، فتدبر:
«وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً»
ولذلك يستحيل أن تحدث «عداوة» بين زوجين أقاما بيت الزوجية على أصول الإيمان، حتى وإن وصلت الخلافات بينهما إلى قمتها.
٢- البراء:
هو التنزه والتخلص والبعد والبغض:
وهذا لا يحدث إلا بين المؤمنين والكافرين، وإن لم يحدث يكون «النفاق» قد اخترق قلوب «المؤمنين».
تعالوا نتدبر بعض الآيات الدالة على ذلك، وهل يعمل المسلمون بمقتضياتها؟!
(أ) يقول الله تعالى «النساء / ١٤٤»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ – أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً»
ولذلك قال تعالى بعدها:
«إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»
(ب) يقول الله تعالى «المائدة / ٥١»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ – بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ – وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ – إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»
(ج) يقول الله تعالى «المائدة / ٥٧»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ – أَوْلِيَاءَ – وَاتَّقُوا اللَّهَ – إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»
تدبر: «وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»:
فالله تعالى لا يخاطب «المسلمين»، وإنما يخاطب الذين قالوا إنهم «مؤمنون»، وهل عملوا بـ «مقتضيات» هذا الإيمان؟!
هل عمل المسلمون بمقتضى إيمانهم وإسلامهم وهم يمكثون ساعات وساعات يشاهدون «الأفلام» و«المسلسلات» التي تخالف «أحكام القرآن»، وتتخذ دين الإسلام «هُزُواً وَلَعِباً»؟!
(د) يقول الله تعالى «التوبة / ٢٣»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ – إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ – وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ – فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»
تدبر: لقد وصل النهي إلى دائرة «الرحم»:
«إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ»
(هـ) يقول الله تعالى «المجادلة / ٢٢»:
* «لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ:
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ – وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ – أَوْ أَبْنَاءهُمْ – أَوْ إِخْوَانَهُمْ – أَوْ عَشِيرَتَهُمْ – أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ – وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ – وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ – أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ – أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»
(و) يقول الله تعالى «الممتحنة / ١»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ – تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ – يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ – إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي – تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ – وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ – وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ»
رابعًا:
على من يجوز الدعاء بالمغفرة والرحمة؟!
بعد هذا البيان القرآني لـ «مقتضيات الإيمان»، ولمفهوم «الولاء والبراء»، يستحيل أن يطلب مؤمن من الله أن يغفر ويرحم من لم يعملوا بهذه «المقتضيات» وبمفهوم «الولاء والبراء»، ولو كانوا:
«آبَاءهُمْ – أَوْ أَبْنَاءهُمْ – أَوْ إِخْوَانَهُمْ – أَوْ عَشِيرَتَهُمْ»
كيف يقول الله تعالى «النساء / ٤٨»:
«إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ – وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ – وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً»
وشرك الهوى والتفرق في الدين والإلحاد قد اخترق قلوب «التدين الوراثي» الذي عليه «المسلمون»، ثم يأتي الجهال وأهل الهوى، ويقولون لله تعالى:
لازم تغفر للمشركين وترحمهم، أليس أنت «الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»؟!
هناك سورة باسم رسول الله محمد، عليه السلام، وهي «سورة محمد»، يجب على كل مؤمن أسلم وجهه لله أن يحفظها عن ظهر قلب، ويتدبرها يوميًا، كي يحافظ على ثبات إيمانه في مواجهة تحديات الشرك والإلحاد التي تغزو قلوب المسلمين يوما بعد يوم، خاصة وأن هذه السورة هي التي ورد فيها قول الله تعالى مخاطبًا المنافقين «محمد / ٢٤»:
«أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»
لقد بدأت السورة بقول الله تعالى «محمد / ١»:
«الَّذِينَ كَفَرُوا – وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ – أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ»
ثم قوله تعالى «محمد / ٢»:
«وَالَّذِينَ آمَنُوا – وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ – وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ – وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ – كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ – وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ»
فهؤلاء هم الذين «كَفَّرَ» الله تعالى «عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ»، وليس «الَّذِينَ كَفَرُوا»،
والسبب: يقول الله تعالى «محمد / ٣»:
«ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ – وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ – كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ»
إن قول الله تعالى في بداية السورة عن أعمال الذين كفروا «أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ»، يشمل جميع أعمالهم، ولو كانت في وجوه الخير، كالأعمال الإنسانية والتبرعات بالملايين لبناء المستشفيات ومراكز رعاية اليتامى.
فهل تظنون أن الله سيقبل أعمال الدول المتقدمة التي خدمت بها الإنسانية، وما قدمته الصين للعالم أجمع وهي تضهد مليون مسلم؟!
تدبر لتفهم المعادلة بصورة صحيحة، يقول الله تعالى «آل عمران / ١٧٨»:
«وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ – أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ – إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً – وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ»
لقد سخر الله تعالى أموال الكافرين لخدمة الناس، أما هم أنفسهم فلن تنفعهم أعمالهم هذه في الآخرة.
فهل ستموت «مسلما» أم ستفكر في الأمر؟!