أيها المسلمون:
لماذا قبلتم حَمْلَ «الأمانة» وأنتم لستم أهلا لِحَمْلِها؟!
من «عالم الغيب»، ومن «علم الله الأزلي»، يخبرنا الله تعالى بهذه الحقيقة «الأحزاب / ٧٢»:
«إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ – فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا – وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ – إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً»
لقد اقتضت مشيئة الله تعالى أن يخلق:
– وجودًا «مُسيّرًا» بسنن كونية: «السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ».
– وجودًا «مخيّرًا» بإرادة حرة: الإِنْسَانُ «البشر».
ولقد عرض الله «الأمانة» على الموجودات كلها، وهي أمانة التكليف القائمة على حرية الاختيار بين البدائل، فكان من الطبيعي أن تأبى «السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ» حملها لأنها خُلقت «مُسيّرة»، أما الإنسان فقد حَمَلَهَا لأنه خُلق «مخيرًا».
أولًا:
عندما نتعامل مع القرآن، يجب أن نكون على يقين تام وراسخ بما يلي:
١- أن هذا القرآن هو كلام الله يقينا «البقرة / ٧٥»:
«أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»
٢- أن كل ما أخبرنا الله به «حق»، وإن لم تدركه حواسنا، وأن فعاليات أسماء الله الحسنى تشمل عالمي الغيب والشهادة، وليس فقط «عالم الشهادة» الذي تدركه حواسنا «الأنعام / ٧٣»:
«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ – بِالْحَقِّ – وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ – قَوْلُهُ الْحَقُّ – وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ – عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ – وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ»
٣- وأن الله تعالى لا يُسأل عما يفعل «الأنبياء / ٢٣»:
«لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»
فالذين يريدون أن يسألوا الله تعالى «عَمَّا يَفْعَلُ»، ولماذا أخذ من بني آدم الشهادة «في الأزل»، و«قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا»، ولماذا حمّلهُم «الأمانة» فحملوها، «وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ»، كما سيأتي بيانه:
هؤلاء لم يُقروا بما حملته الآيات الثلاث السابقة من أصول الإيمان، لذلك لا يصح أن يتعاملوا مع القرآن، لأنها مهمة علمية، وهم ليسوا أهلا لها، الأمر الذي سيجعلهم يخلطون بين:
(أ) علم الله الأزلي: الذي لا يطلع عليه إنس ولا جان.
(ب) ورسالات الله: التي أمر الناس اتباعها وهم يجهلون ما يعلمه الله.
والنتيجة:
«يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ – وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ»
ثانيًا:
لقد عبّر سياق الآية «الأحزاب / ٧٢» عن امتناع «السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ» حمل «الأمانة» بكلمة بلاغية محكمة وهي كلمة «أَبَيْنَ»، ولم يقل «رَفَضْنَ»، فما الفرق؟!
الفرق أن:
– «الإباء»: الامتناع عن الفعل لأسباب قهرية ذاتية.
– «الرفض»: الامتناع عن الفعل مع إمكانية القيام به.
وبذلك يكون «الرفض» أعم من «الإباء» لأنه يحتمل القبول، أما «الإباء» فيسير في اتجاه واحد فقط وهو الامتناع الأبدي.
وهذا ما فعله «إبليس» عندما امتنع عن السجود لآدم وكان امتناعًا أبديًا استخدم له السياق كلمة «أَبَى»، فقال تعالى «الحجر / ٣٠-٣١»:
«فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ (أَبَى) أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ»
ولم يقل الله تعالى:
«إِلاَّ إِبْلِيسَ (رَفَضَ) أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ»
وعلينا أن ننتبه إلى أن القاعدة التي ينطلق منها «الإباء» هي قاعدة «العناد» الذي يملأ ذات الشيء، والذي ظهر جليًا عندما سأله الله تعالى إبليس «الحجر / ٣٢»:
«قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ»
فأجاب إبليس، وهو يتجرأ على خالقه انطلاقًا من قاعدة «العناد»، بـ «العند في آدم»، وقال «الحجر / ٣٣»:
«قَالَ لَمْ أَكُن لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ»
ولقد عبّر سياق الآية عن هذا «العناد الإبليسي» الذي يُدخل صاحبه جهنم خالدًا فيها، باستخدام فعل الكينونة «أَكُن» المنفى بـ «لَمْ»، فقال: «لَمْ أَكُن»، وبعده لام الجحود، فقال: «لـ أسْجُدَ».
والدرس المستفاد:
هناك قول يتردد على ألسنة الناس وهو «العناد يولد الكفر»، أو «يورث الكفر»، وهو واقع شهدت له «منظومة التواصل المعرفي» على مر العصور، وهو مرض نفسي يبدأ بمسائل دنيوية، ثم يتطور إلى مسائل «دينية»:
فنجد أن المرء يكون على استعداد للتضحية بأي شيء، ولو كان أعز شيء عنده، في سبيل سعادته أنه حقق ثمرة عناده، حتى لو ضحى بدينه والتزامه بأحكام القرآن بـ «العند» في والديه مثلا.
واللافت للنظر أن انتشار مرض «العناد» بين قلوب النساء أكثر وأسرع من الرجال، وخاصة إذا كانت قلوبهن من فصيلة «العناد الإبليسي»، فيكون مصيرهن الطلاق، وما أكثره في عصرنا.
إن خطورة مرض «العناد» إذا تحكم من القلب فيما يتعلق بعدم الالتزام بأحكام القرآن، أن صاحبه «صاحبته» سيكونون مع هؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم «ق / ٢٤»:
«أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ»
وقال تعالى «المدثر / ١٦»:
«كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا»
و«العنيد»: يمر بمراحل:
الإصرار على الخطأ، ثم على العناد، ثم على الكفر.
ثالثًا:
لماذا استخدم السياق لفظ «الحمل» ولم يستخدم لفظ «القبول» في قول الله تعالى «الأحزاب / ٧٢»:
«فَأَبَيْنَ أَن (يَحْمِلْنَهَا) وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا – وَ(حَمَلَهَا) الإِنْسَانُ»؟!
أي لم يقل الله تعالى:
«فَأَبَيْنَ أَن (يَقْبَلْنَهَا) وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا – وَ(قَبِلَهَا) الإِنْسَانُ»؟!
ذلك لسببين:
١- الأول:
لبيان مدى «مشقة» الالتزام بما تحمله هذه «الأمانة» من «أحكام القرآن» لا لأن المشقة في ذات العمل بالأحكام، وإنما في أن «إبليس» يقف للملتزم بالمرصاد، مرصاد الوسوسة والإغواء، ليصرفه عن العمل الذي أمر الله به، إلى عمل مفترى على الله، عن طريق «تزيين المعصية»، كما فعل مع آدم وزوجه، كما سيأتي بيانه.
٢- السبب الثاني:
معلوم أن الله لم يخلق السماوات والأرض بإرادة حرة تختار بين البدائل، وخلق الإنسان بهذه الإرادة الحرة:
فتعالوا نضع «السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ» في كفة الميزان، بكل ما «تحمله» من نِعَمْ لا تحصى، ونضع «الإنسان» في الكفة الأخرى، بكل ما يحمله من علوم وإمكانيات ذهنية وعبقرية، وننظر أي كفة ستكون أثقل؟!
لا شك أنها كفة «السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ» هي الأثقل، بل أقول إن كفة «الإنسان» لن يكون لها وزن ولا قيمة أصلًا، ولو بالميزان «الديجتال».
الدرس المستفاد:
إن «الأمانة» التي حملها الإنسان، حسب علم الله الأزلي، جعلت قيمته عند الله تعالى تفوق قيمة السماوات والأرض المسخرة لخدمته.
فانتبه أيها الإنسان:
لقد حملت «الأمانة» وأديتها حق الأداء الكامل، بكل ما تحمل من أحكام هذا القرآن، دون الإخلال بحكم واحد، «في الأزل»، يوم أن كنت بمعزل عن «إبليس»:
فلما خرجت إلى الدنيا، كان «إبليس» في انتظارك، بل أقول إنه كان في انتظارك وأنت في بطن أمك غير الصالحة:
ولذلك نلاحظ أن الله بعد أن ختم الآية «الأحزاب / ٧٢» بوصف الإنسان وهو في عالم الشهادة بقوله تعالى:
«إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً»
قال تعالى بعدها لبيان نتيجة ما فعله الإنسان في عالم الشهادة «الأحزاب / ٧٣»:
«لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ – وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ – وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ – وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً»
فانتبه أيها الإنسان:
إذا أردت ألا تُحْشر مع «الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ» فاذهب إلى يوم الحساب وأنت تحمل نفس «الأمانة» التي أديتها «في الأزل» كاملة غير منقوصة:
فإذا عصيت الله وتبت من قريب فأنت مازلت تحمل «الأمانة» كاملة، لأن الله تعالى يقول «النساء / ١٧»:
«إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ – لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُوءَ بِجَهَالَةٍ – ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ – فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ – وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً»
أما أن تُصر على المعصية دون توبة، فأنت «عنيد» لن يقبل الله توبتك إذا تبت عند الموت، فتدبر «النساء / ١٨»:
«وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ – لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ – حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ – قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ – وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ – أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً»
ونلاحظ أن الله تعالى جمع بين المُصرّين على معصيته والكفار في سياق واحد، وعذاب واحد.
فانتبهوا أيها المسلمون:
إن من المحرمات بنص قرآني قطعي الدلالة، سلوكيات ظاهرة يفعلها المسلمون، ونراها في كل مكان، ومنها:
«التدخين»، و«سفور المرأة المسلمة»
فأنت أيها «المدخن»، وأنتِ أيتها «السافرة»:
«في الأزل» شهدتما بأصول الإيمان، وحملتما «الأمانة»، والذي يحمل «أمانة» يجب عليه أن يردها كما حملها، وأنتما لن تدخلا الجنة إلا إذا استرجع الله تعالى «الأمانة» التي حملكما إياها، بـ «التمام والكمال»:
ولذلك وصف الله تعالى الإنسان في ختام الآية «الأحزاب / ٧٢»:
«إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً».
رابعًا:
لماذا وصف الله تعالى الإنسان «إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً»؟!
المراد بـ «الإنسان» آدم، عليه السلام، وذريته من بعده.
١- لقد خلق الله آدم بإرادة حرة، وعلمه الأسماء كلها «البقرة / ٣١»:
«وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا – ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ – فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»
٢- وأمر الملائكة أن يسجدوا له «البقرة / ٣٤»:
«وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ – فَسَجَدُواْ – إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ – وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ»
٣- وعاقب إبليس على عدم سجوده له، وقال «الحجر / ٣٤-٣٥»:
«قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ»
٤- فطلب إبليس أن يُمهله الله إلى يوم البعث «الحجر / ٣٦»:
«قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»
٥- واقتضت مشيئة الله أن يكون إبليس فتنةً وابتلاءً لآدم وذريته «الحجر / ٣٧-٣٨»:
«قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»
٦- وتوعد إبليس آدم وذريته بإغوائهم أجمعين «الحجر / ٣٩-٤٠»:
«قَالَ رَبِّ – بِمَا أَغْوَيْتَنِي – لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ – وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»
٧- وكان أول الذين أغواهم إبليس ووسوس لهم شياطينه
هو آدم وزوجه «الأعراف / ١٩-٢٠»:
«وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ»
«فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ – لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا – وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ – إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ – أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ»
لقد كان إغواء آدم وزوجه أول إغواء يقوم به إبليس بادعاء أن من يأكل من الشجرة يصير ملكًا أو يبقى مخلدًا في الجنة لا يخرج منها، ثم أضاف إغواءً أخر وهو القسم بالله «بصيغة المفاعلة» إنه ناصح لهما «الأعراف / ٢١»:
«وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ»
الدرس المستفاد:
إذا كان من يأكل من الشجرة يصير ملكًا، أو يبقى مخلدًا في الجنة، فلماذا لم يأكل إبليس من الشجرة، ليصير ملكًا أو يبقى مخلدًا في الجنة، على غير مشيئة الله؟!
والجواب:
لأنه «كَذّاب»، استغل «جهل» آدم وزوجه بطرق الإغواء الإبليسية، وكيف يُزيّن للناس المعصية، فلم ينتبها إلى هذه الخدعة، ولذلك قالا «الأعراف / ٢٣»:
«قَالاَ – رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا – وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا – لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ»
وهذا ما يجب على كل مسلم أن يفعله بعد أي معصية، وأن يَعْلَم طبيعة الإغواء الإبليسي ومداخله، فلا يتصرّف تصرفًا إلا بعد التفكر والتعقل والتدبر والنظر … أي بعد تفعيل آليات عمل القلب، للوقوف على نتائج هذا التصرف، وهل هو من تزيين إبليس وإغوائه؟!
«إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً»:
إن «ظَلُوماً» مبالغة في الظلم، والظلم: الاعتداء على حق الغير وأريد به هنا الاعتداء على حق الله، وهو حق الوفاء بـ «الأمانة».
هذا عن «إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً»، فماذا عن «جَهُولاً»؟!
و«جَهُولاً» مبالغة في الجهل، والجهل: انتفاء العلم بما يتعين علمه، والمراد به هنا انتفاء علم الإِنسان بـ «مكائد إبليس»، الأمر الذي يفرض عليه ألا يتصرف تصرفًا دون تعقل والنظر في عواقبه.
أيها المسلمون:
يجب أن تعلموا قدر الإنسان ومنزلته عند الله، إذا لم يُضيّع «الأمانة» التي أودعها الله عنده:
– فلا تظلموا أنفسكم بعدم التوبة من قريب.
– ولا تتجاهلوا التحديات الإبليسية التي تنتظركم.
– احفظوا «الأمانة» كما هي، حتى لحظة تسليمها لله تعالى.
محمد السعيد مشتهري