تعريف مختصر:
أولًا: «فتنة المصلحة»:
عندما تنحني الرقاب للمصلحة، وتباع الأعراض من أجلها:
إن المليارين مسلم، مهما بلغت قوة وحضارة بلادهم، فإنهم في النهاية:
– «أحجارٌ» على رقعة شطرنج.
– يحركها «اليهود» كيفما شاؤوا، ووقت ما شاؤوا.
– في عالم يقوم على المصالح المتبادلة.
فماذا يملك المسلمون كي لا تنحني رقابهم من أجل المصلحة، ولا تباع أعراضهم في سبيلها، ونحن نرى بأعيننا كيف تتحرك الأحجار على رقعة الشطرنج؟!
لقد استغنى المسلمون عن ربهم:
«وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ – وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ»
# إنها: «فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً»
ثانيًا: «فتنة الاستغناء»:
عندما تنكسر عزة نفس الإنسان بعد أن يُستغنى عنه:
١- فلا يسأل «العلماء» عن عالم كان نور علمهم.
٢- ولا يسأل «الأصدقاء» عن صديق كان محور سعادتهم.
٣- ولا يسأل «الأولاد» عن أبوين كانا سبب عزتهم.
الآن لم تعد هناك «مصلحة»، بعد أن كان «الاستغناء» مستحيلًا.
# إنها: «فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً»
ثالثًا:
إنها مأساة أمة هجرت القرآن واتبعت «العقل» فضلت وأضلت. لقد تصورت أن ما يُسمى بـ «العقل» هو الذي يُدخل الناس الجنة، والحقيقة أنه لا يوجد في «دين الإسلام» شيء اسمه «العقل».
إن المسؤول عن عمليات التفكير والتعقل هو «الفؤاد» الموجود داخل «القلب المعنوي» الذي لا يعلم أين يوجد إلا الله.
والذي قد لا يعلمه الكثير أن «القلب بفؤاده» هو أول شيء تحرقه نار جهنم، يقول الله تعالى:
«نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ»
لأن «الفؤاد» هو الذي يقود الناس إلى الضلال والإضلال إذا لم يعمل بضوابط القرآن، وليس العكس كما يدّعي الملحدون.
ولأن «القلب» هو مستودع العلوم والمعارف الذي حمل آليات التفكر والتعقل والتدبر التي لم يقم الكافر بتفعيلها.
ولذلك كانت «سلامة القلب» شرطًا أساسًا لدخول الجنة:
«يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»
لقد استغنى المسلمون عن القرآن، وظنوا أن مصلحتهم في اتباع «العقل»، والحقيقة أن البيئة التي يولد فيها الإنسان هي التي تصنع ما يُسمى بـ «العقل»، ولذلك يستحيل أن ينشأ «العقل» نشأة صحيحة سليمة إلا في بيئة إيمانية يتربى فيها على الضوابط الإيمانية التي تحميه من فتنة المصلحة ومن فتنة الاستغناء.
# إنها: «فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً»
رابعًا:
ولذلك سيكون التركيز في هذا المنشور على كيف تأثر أصحاب منشورات الفيس بوك بالفتنتين:
* المصلحة: حيث تزيد نسبة الإعجاب ولو كان المنشور كفرًا.
* الاستغناء: عن القرآن، وعن الفهم الواعي لحقيقة الأزمة التي يعيشها المسلمون، والمطلوب البحث عن حل لها.
وسأضرب بعض الأمثلة، من مئات المنشورات التي تظهر كل ساعة على الفيس بوك، لبيان حجم هذه الفتنة التي يعيش بداخلها المسلمون:
١- من الذين يسيرون مع مسيرة الملحدين في لغة القرآن العربية، الذين ابتدعوا قاموسًا جديدًا للغة يخدم هوى الإلحاد، والذي استخدموه في تحريف معظم كلمات القرآن، ومنها فعل «ضرب» وفعل «قَطَعَ»:
أ: من جعل عقوبة الضرب «وَاضْرِبُوهُنَّ»، التي أمر بها الله بالنسبة لـ «المرأة الناشز»، هي «التفريق المادي» بين الزوجين، في الوقت الذي توجد فيه عقوبة أكثر قسوة من «التفريق المادي» وهي التفريق المعنوي المؤثر في مشاعر المرأة «وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ».
إنه لا يعلم أن هناك نوعًا من النساء لا تستقيم أحوالهن الزوجية والمعيشية إلا بالضرب، فقد تربت المرأة على ذلك في بيئتها منذ صغرها، ولكن الله تعالى يعلم:
«أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ – وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»؟!
ب: وتقليدا واتباعا لأئمة الإلحاد، الذين قالوا إن عقوبة «قطع يد السارق» منعه من السرقة، يقترح صاحب المنشور:
– نمنعه من السرقة بأن نسجنه:
* طيب يا ذكي كيف تمنعه من السرقة وهو مسجون؟!
– فإن تاب علينا أن نوجد له عملا:
* طيب يا ذكي تعرف منين إنه تاب عن السرقة وهو مسجون؟!
إن الله تعالى يعلم أن الزمن سيأتي ونرى فيه الرجل الثري والمرأة الثرية يسرقان أشياء تافهة من المحلات المشهور ومن المولات لا لشيء إلا لمرض نفسي يعلمه الأطباء.
ويعلم الله تعالى أن هذا المرض لا علاج له مطلقا إلا بقطع الآلة التي تسرق وهي «اليد»، وهذا المرض معروف من عقود من الزمن، وهناك أفلام سينمائية قديمة وحديثة تحكي عنه وعن مشاكله.
«أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»
٢- ويَذْكَر أحدهم قول الله تعالى:
«وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا»
ثم يسأل: «من هو ربك الذي يجيء»؟!
* أقول:
ولماذا الاستعجال، تدبر سياق الآية وانت تعرف ربك ومصيرك:
«كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ – يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَان – وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي»
٣- ويقول أحدهم:
«أطيعوا الرسول يعنى سنته، طيب حنفعل الآية دي إزاي:
«إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً»
* أقول:
ارجع بـ «آلة الزمن» إلى عصر الرسالة، وانت تعرف إزاي تفعل الآية!!
٤- ويقول أحدهم:
«إقامة الصلاة تجعلك من المصلحين، وليست حركاتك في الجوامع فهي لا تصلح شَّيئا»!!
* أقول:
غريب أمر الملحدين في أحكام القرآن، لا تجد لهم منشورا إلا وهم يُعبّرون فيه عن مشكلتهم مع هيئة الصلاة، من قيام وركوع وسجود، وأن الله أمر بإقامة الصلاة وليس بهذه الحركات التي تؤدى في المساجد، فإذا سألتهم:
وماذا تعلمون عن «إقامة الصلاة» وكيف تكون؟!
منذ إنشاء هذه الصفحة لم أتلق إجابة شافية منهم على هذا السؤال، وإذا كانت «الصلاة» تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأن هذا النهي مرتبط باتباع «كتاب الله»، فيقول الله تعالى:
* «اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ – وَأَقِمِ الصَّلاَةَ – إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ – وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ – وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ»
فإن من أكبر الفواحش والمنكرات، أن يتحدّث المسلمون مع المسلمين في شيء غير أن يدخلوا في «دين الإسلام» أصلًا!!
فماذا تنفع «إقامة الصلاة» مع قوم يعيشون داخل «شرك التفرق في الدين»، وقد أعطوا ظهورهم للعلاقة الإيمانية بين:
أ: «اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ»
ب: «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ»
ج: «إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَر»؟!
٥- ويقول أحدهم:
«أنا مريض، وكتاب الله قال لي أشرب عسل فيه شفاء، وكتاب البخاري قال لي أشرب بول بعير فيه شفاء، وأريد نصيحتكم ماذا أشرب»؟!
* أقول:
يا سيدي اشرب بول بعير ولا بول حمير .. مش حتفرق كتير مع من جعل «كتاب الله» في منزلة «كتاب البخاري» ليحصل على نسبة إعجاب عالية من الجهال أمثاله!!
٦- ويقول أحدهم:
«صحح معلوماتك، الزواج في الإسلام غير محدد العدد:
فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ»
* أقول:
ما علاقتك أنت أصلا بالقرآن ولغته وأحكامه، روح يا جاهل اتعلم اللغة العربية وصحح معلوماتك، وبعدين ابقى فكر تكتب!!
٧- ويقول أحدهم:
«حديث عن أبي هريرة أن النبي قال:
تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها
ولم يذكر العقل، طيب إذا وجدت الأربع صفات وهي مجنونة»؟!
* أقول:
طبعا يحل لك نكاحها، لأن الطيور على أشكالها تقع.
٨- ويقول أحدهم:
«الفقه الاسلامي والفقهاء حرموا على المرأة كشف شعر رأسها لاعتباره زينة:
والسؤال إذا حلقت المرأة شعر رأسها وخرجت، هل يوجد سبب آخر لتغطية رأسها … أفيدونا جزاكم الله خيرا».
* أقول:
إن هذه المرأة «مجنونة» مرفوع عنها التكليف، والمجنونة فاقدة الإرادة، يعني تحلق شعرها، تمشي في الشارع بدون ملابس، تصلي على الشاطئ بـ «المايوه» حسب فتوى «شيخ المجانين» … انت أصلا مالك ومالها يا ذكي؟!
٩- ويقول أحدهم:
«الفقه الإسلامي يجيز ممارسة الجنس مع المرأة السبية بدون رضاها، ويحرم الحب مع المرأة غير السبية ويعتبر الحب خارج الزواج جريمة … مارئيكم»
* أقول:
وهذه عينة من آلاف العينات التي تحتاج إلى مجلدات للرد عليها، وتستطيع أن تعرف من هم أصحابها من داخل منشوراتهم.
فانظر مثلا إلى الكلام الموجود في هذا المنشور وطريقة صياغته، وقارن بينه وبين الكلمة الوحيدة التي هي من صياغة كاتب المنشور وهي كلمة «مارئيكم»، وأنت تعلم الفرق بين التابع والمتبوع، والجاهل والمتعلم.
والغريب أنه لا توجد معلومة واحدة صحيحة في هذا المنشور:
أ: فالإسلام لا يبيح معاشرة امرأة حرة أو ملك يمين إلا بعقد نكاح.
ب: ما علاقة «الحب» الذي هو «مسألة قلبية» يمكن أن يوجهها الإنسان لنساء العالم أجمع، بـ «الجريمة» التي يعاقب عليها القانون إذا فعل صاحب هذا القلب الكبير فعلًا مع امرأة يُعاقب عليه القانون؟!
فعلا … إلي احتشوا ماتوا
«وَاتَّقُواْ فِتْنَةً – لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً – وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»
محمد السعيد مشتهري