نحو إسلام الرسول

(1303) 19/9/2019 «مقال الخميس» «الميزان الصيني» للكشف عن «الهوس الديني»

هذا المقال سيختلف عن غيره، لأنه سيركز على مسألة واحدة فقط، ستأخذ أدلتها الطويلة معظم المقال، وهي بدعة «الوصايا العشر» التي وقع في فخّها القاتل، «عقديا»، أئمة السلف والقرآنيون وأتباع القراءات القرآنية المعاصرة، وعلى رأسهم «شحرور».

# أولاً:

في كتابه «الكتاب والقرآن / ص ٦٥» يسأل «شحرور»:

«فما هو الفرقان الذي جاء إلى موسى على حدة مفروقاً عن الكتاب»؟!

ويجيب:

لو تأملنا الآيات «الأنعام / ١٥١-١٥٣»:

* «قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

* «وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»

* «وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

١- لو تأملنا هذه الآيات لم يكن من الصعوبة أن نستنتج أنها هي «الوصايا العشر».

٢- ويقول «ص ٦٦»:

لنقارن هذه «الوصايا العشر» التي أتى بعدها «الأنعام / ١٥٤»:

«ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ»

مع قوله تعالى «البقرة / ٥٣»:

«وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»

بقوله «آل عمران / ٤»:

«مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ»

أي أنها أنزلت قبل محمد، صلى الله عليه وسلم.

وبقوله «الفرقان / ١»:

«تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً»

أي أنها أنزلت على محمد، صلى الله عليه وسلم، أيضاً.

٣- ويستنتج بعدها أن:

أ: «الفرقان» هو «الوصايا العشر» التي جاءت إلى موسى.

ب: وثبتت إلى عيسى.

ج: ثم جاءت إلى محمد، عليهم السلام.

د: وهي رأس الأديان السماوية الثلاثة وسنامها.

هـ: ولقد أنزلت هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان.

و: وبما أنها من «أم الكتاب»، فإنها أُنْزِلَت وَنُزّلِتْ معاً، ولذا قال «الفرقان / ١»:

«تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً»

٤- ويقول بعدها:

ونحن نعلم أن معركة بدر حصلت في رمضان، وأن آيات الفرقان في سورة الأنعام «ليست مكيةً»، فهنا أخبرنا أن «الفرقان» أنزل على رسول الله في معركة بدر في «رمضان» لذا سمي بـ «يوم الفرقان» بقوله «الأنفال / ٤١»:

«وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ»

# ثانيًا:

بناء على قاله «شحرور» سابقا أقول:

يستحيل أن يكون «شحرور» قد اطلع على «الوصايا العشر» في «العهدين القديم والجديد»، ثم يقول للناس:

إن «الوصايا العشر» التي نزلت على موسى، هي التي نزلت على عيسى، هي التي نزلت على محمد، وحملتها آيات سورة «١٥١-١٥٣»، إلا في حالة إصابته بـ «فيروس الهوس الديني».

فتعالوا نلقي نظرة تفصيلية على ما ورد في العهدين فيما يتعلق بـ «الوصايا العشر»، لخطورة هذا الموضوع على الفهم الواعي لآيات الذكر الحكيم، ولكشف حقيقة قراءات «شحرور» الإلحادية للتنزيل الحكيم، التي يستغفل بها «الجُهّال».

١- ذُكرت «الوصايا العشر»، وتسمى أيضاً بـ «الكلمات العشر»، في سفرين من أسفار التوراة هما:

«سفر الخروج / ٢٠: ١-١٧»

«سفر التثنية / ٥: ٦-٢١»

واختلفت «الوصايا العشر» في «سفر التثنية» عنها في «سفر الخروج» باعتبار أن المتحدث فيها هو موسى، عليه السلام، وليس الله تعالى.
ولهذا أطلق على هذا السفر «سفر التثنية»، أي «التكرار»، لتذكير بني إسرائيل بتاريخهم الماضي وتلقي موسى، عليه السلام الوصايا من الله على جبل سيناء، في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، بحسب التاريخ العبري.

٢- يعلم «المؤرخون»، وتعلم «الكنيسة» نفسها، أن المسيح لم يكتب شيئاً أبداً، ولم يأمر أحداً من تلاميذه بتدوين أقواله وأعماله، وكل ما نسبه المسيحيون الأوائل إليه كان بعد منتصف القرن الأول للميلاد.

* تماما كما فعل «المحدّثون المسلمون» عندما قاموا بتدوين الروايات من على ألسنة الرواة بعد قرن ونصف قرن من وفاة رسول الله محمد، عليه السلام، ثم نسبوها إليه.

والسؤال لـ «الشحروريّين»:

ما الفرق بين:

أ: مرويات «المسيحيين» المنسوبة إلى عيسى، عليه السلام.

ب: ومرويات «المحدثين» المنسوبة إلى محمد، عليه السلام.

ثم كيف يتخذ «شحرور» هذه الرويات مصدرًا معرفيًا دينيًا يستقي منه «الوصايا العشر»، ويساويها بما ورد في «التنزيل الحكيم»، ثم يقول إنه يقرؤه قراءة معاصرة؟!

٣- يدعي د. شحرور أن الوصية العاشرة هي قوله تعالى «الأنعام / ١٥٣»:

«وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

والحقيقة أن هذه الآية لا علاقة لها مطلقًا بما سبقها من وصايا، وإنما هي التي حملت المحور الأساس الذي تدور حوله الوصايا، وهو محور «التقوى» الهادي إلى صراط الله المستقيم، والذي جاء بيانه بعد عدة آيات فقال تعالى «الأنعام / ١٦١»:

«قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»

وعليه يصبح عدد الوصايا التي وردت في سورة الأنعام «تسع وصايا» فقط!!

# ثالثا:

تعالوا الآن نتعرف على «الوصايا العشر» التي وردت في العهدين «القديم والجديد»، ومدى موافقتها لما جاء في «الأنعام / ١٥١-١٥٢»:

١- «الوصية الأولى»:

* «العهد القديم»:

«أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي…»

* «العهد الجديد»:

«أنا هو الربّ إلهك لا يكنْ لك إله غيري»

ولقد حذفت «الكنيسة الكاثوليكية» جملة:

«الذي أخرجك من أرض مصر بيت العبودية»

٢- «الوصية الثانية»:

* «العهد القديم»:

«لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض …»

* «العهد الجديد»:

حذفت «الكنيسة الكاثوليكية» هذه الوصية تماما، كما حذفت غيرها من «العهد القديم»، وذلك لمخالفتها لتعاليمها، على أساس أنها لا تُحرّم صناعة التماثيل والسجود لها، وخاصة تماثيل المسيح وأمه والقديسين.
الأمر الذي جعل «الكنيسة الكاثوليكية» تقوم بتقسيم «الوصية التاسعة» الى قسمين لتحافظ على عدد «الوصايا العشر».

والسؤال:

أين نجد هذه الوصية: «لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة» في سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»، طالما أن:

«الوصايا العشر التي نزلت على موسى هي التي نزلت على عيسى هي التي نزلت على محمد، عليهم السلام»

# رابعًا:

٣- «الوصية الثالثة»:

* «العهد القديم»:

«لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً …»

* «العهد الجديد»:

«لا تحلِفْ باسم الرب إلهك باطلاً»

أين نجد هذه الوصية «لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً» في سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»؟!

علمًا بأن هذه الوصية وردت ضمن وصايا «التنزيل الحكيم» الكثيرة، خارج سورة الأنعام، وهي قول الله تعالى «البقرة / ٢٢٤»:

«وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ»

٤- «الوصية الرابعة»:

* «العهد القديم»:

«أذكر يوم السبت لتقدسه …»

وسبب تقديس «يوم السبت» يرجع إلى:

أ: حسب ما ورد في «سفر الخروج»:

أن تقديس يوم السبت والانقطاع عن العمل فيه بسبب: «أن الله خلق العالم في ستة أيام واستراح في اليوم السابع».

ب: وحسب ما ورد في «سفر التثنية» أن السبب هو: «الاعتراف بخروج الشعب من أرض العبودية»

أي أنهم أصلا اختلفوا في «الوصية».

والسؤال:

هل من «ملة إبراهيم» الإيمان بأن الله تعالى انقطع عن العمل «يوم السبت»، وعلى الناس أن تستريح فيه؟!

ألم يقرأ د. شحرور يوما الآية التي أنزلها الله للرد على هذا الافتراء اليهودي، وهي قوله تعالى «ق / ٣٨»:

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ»

إلا إذا كان قرأها ولم يفهم معنى «وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ».

* «العهد الجديد»:

كفرت المسيحية بقدسية «يوم السبت»، وغيّروا صيغة الوصية لتصبح «احفظْ يومَ الربّ»، وحوّلت قدسيته إلى «يوم الأحد»، باعتباره اليوم الذي صلب فيه المسيح ومات ودفن وقام.

ج: لماذا لم يذكر الله تعالى هذه الوصية:

«أذكر يوم السبت لتقدسه»

ضمن وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»

# خامسًا:

٥- «الوصية الخامسة»:

* «العهد القديم»:

«أكرم أباك وأمك ليطول عمُرك في التي يعطيك الربّ إلهك»
وزاد «سفر التثنية»:

«كما أمرك الربّ إلهك، ولكي تُصيب خيرًا في الأرض».

أ: والمطلع على الأحكام المترتبة على هذه الوصية، يجد عقوبة على مخالفتها يستحيل أن يجدها في وصايا القرآن وأحكامه وهي:
«من ضرب أباه أو أمه يُقتل قتلاً … ومن شتم أباه أو أمه يُقتل قتلًا»

ب: وجاء في «سفر التثنية»: «من يعاند ولا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه يرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت، ومن يستخف بأبيه أو أمه يصير تحت اللعنة».

والحقيقة أني شعرت أني أقرأ في كتاب «الفتاوى» لابن تيمية!!

* «العهد الجديد»:

«أكرم أباك وأمك»: حيث تعتبر المسيحية أن الوالدين امتدادا لله تعالى، واتبعت ما ورد في «العهد القديم».

والسؤال:

إذا كان «الرجم»، وقتل النفس بغير حق، من الباطل الذي حملته مرويات «الوصايا العشر» في العهد القديم، فلماذا يكفر بها شحرور عندما تحملها مرويات «فرقة أهل السنة» التي ولد فيها؟!

٦- «الوصية السادسة»:

* «العهد القديم»:

«لا تقتل»: حيث تؤكد على حرمة اراقة الدماء بغير حق.

* «العهد الجديد»:

«لا تقتـل»: واتبعت ما ورد في «العهد القديم».

٧- «الوصية السابعة»:

* «العهد القديم»:

«لا تزنِ»: حيث تؤكد على حرمة خيانة «الميثاق الزوجي».

والمطلع على الأحكام المترتبة على هذه الوصية، يجد عقوبة على مخالفتها يستحيل أن يجدها في وصايا القرآن وأحكامه وهي ما ورد في «سفر اللاويين»:

«أيّ رجل زنى بامرأة رجل، فليقتل الزاني والزانية».

* «العهد الجديد»:

«لا تزن»: وجعلت المسيحية عقوبة الزنا «غضب الرب».

والسؤال:

كيف يساوي د. شحرور بين وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٣»، و«الوصايا العشر» التي وردت في «العهد القديم» والتي حملت عقوبة «الرجم»، وسورة الأنعام لم تحمل هذه العقوبة؟!

* ولا يخرج علينا من يقول إن عقوبة «الزنا» وردت ضمن وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»، وهي قوله تعالى:

* «وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»

ذلك أن كلمة «الْفَوَاحِشَ» تحمل مفهوما عاما للمحرمات، ولذلك عندما أراد الله تعالى الوصية بعدم الاقتراب من «الزنى»، ذكره صراحة وقال ضمن وصايا سورة «الإسراء / ٣٢»:

«وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى – إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً»

وذلك ليبيّن لـ «الجهال» أن «الزنا» من «الْفَوَاحِشَ» وليس هو «الْفَوَاحِشَ»، وهذا يؤكد أن ورود كلمة «الْفَوَاحِشَ» ضمن وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢» يجعل الوصية بعدم اقتراب المحرمات يزيد على «العشرة» بكثير.

# سادسًا:

٨- «الوصية الثامنة»:

* «العهد القديم»:

«لا تسرق»: حيث تؤكد على أن حقّ الملكيّة مقدّس.

* «العهد الجديد»:

«لا تسـرق»

والسؤال:

أين هذه الوصية «لا تسرق» ضمن وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»؟!

٩- «الوصية التاسعة»:

* «العهد القديم»:

«لا تشهد على قريبك شهادة زور»:

ذلك أن شهادة الزور تعني الكذب، ومن يكذِب يعاقب.

* «العهد الجديد»:

«لا تشهد بالزور»

والسؤال:

أين هذه الوصية «لا تشهد بالزور» ضمن وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»؟!

١٠- «الوصية العاشرة»:

* «العهد القديم»:

«لا تشته بيت قريبك ولا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك»

* «العهد الجديد»:

هنا اضطرت ««الكنسية الكاثوليكية»، نتيجة حذف الوصية الثانية من «العهد القديم»، أن تقوم بتقسيم هذه الوصية الى قسمين لتكتمل «الوصايا العشر»:

فجعلت «الوصية التاسعة»:

«حرمة اشتهاء امرأة القريب»

و«الوصية العاشرة»:

«حرمة اشتهاء بيت القريب ومقتنياته»

والسؤال:

لماذا لم يرد ذكر الوصيتين ضمن وصايا سورة «الأنعام / ١٥١-١٥٢»؟!

# سابعًا:

لقد أوصى الله تعالى الأنبياء والرسل بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، فقال تعالى «الشورى / ١٣»:

«شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ – مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ – وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى – أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ»

والمتدبر لهذه الآية، يعلم أن الوصية ليست للرسل أنفسهم، وإنما لأقوامهم الذين آمنوا بهم واتبعوهم، وجاء الخطاب «شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ» للذين اتبعوا رسول الله محمد، عليه السلام، في عصر التنزيل.

والسؤال:

أليست هذه وصية إلهية «أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ»؟!

إذن فلماذا لم ترد في:

١- «الوصايا العشر» التي وردت في العهدين «القديم والجديد».

٢- ضمن وصايا «الأنعام / ١٥١-١٥٢».

٣- ضمن وصايا «الإسراء / ٢٢-٣٨».

في الوقت الذي لا تقل فيه أهميتها عن:

أ: وصية «الأنعام / ١٥١»:

«أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً»

ب: وصية «الإسراء / ٢٢»:

«لاَ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً»

# ثامنًا:

عندما سألني أحدهم عن السبب في قلة المعجبين بالصفحة، مع كل هذا «العلم» الذي تحمله، مقارنة بآخرين تصفهم بالجهل ويتبعهم الآلاف؟!

قلت وقتها:

إن «ميزان العلم» لا يقوم على «الأعداد البشرية» وإنما على «البراهين العلمية»، وقليل هم الذين يحملون هذه «البراهين».

واليوم، وبمناسبة «الميزان الصيني»، أضيف:

١- أن القضية ليست في «الموازين» وإنما في طبيعة وماهية هذه الموازين ومصدرها، فكل إنسان له موازينه الخاصة المبرمجة حسب هواه، وحسب انتماءاته الفكرية والعاطفية تجاه الآخرين، وهو أمر تشهد به شبكات التواصل الاجتماعي.

٢- إن المسلمين يتحركون في هذه الدنيا بدون رؤية إيمانية إسلامية تحدد لهم ماذا سيفعلون إذا وجدوا أنفسهم في لحظة في الآخرة، حيث:

* «وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ:

* «فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»

* «وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم»

ولماذا «خَسِرُواْ أَنفُسَهُم»:

* «بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ»

٣- إن غياب منهجية وآليات عمل «ميزان الآخرة» عن قلوب المسلمين، جعلها لا تعرف إلا ما هو «مادي»، ولا تقيم علاقاتها الزوجية أو الاجتماعية إلا على «المصالح المادية»، فإذا انتهت المصلحة ماتت العلاقة، وأصبحت في ذمة التاريخ.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى