نحو إسلام الرسول

(1275) 17/4/2019 ما الذي ينقص مليار مسلم ليكونوا نجومًا للفكر التنويري؟!

لقد حملت شبكة الإنترنت العالمية من المعلومات ما يجعل الإنسان يحصل على جوائز نوبل في تخصصات علمية مختلفة، وما يجعل مليار مسلمًا نجومًا في الفكر الديني التنويري.

فلماذا ترك المليار مسلم النجومية تذهب إلى العشرات منهم، وجعلوهم يقودون حركة الفكر التنويري كما يقود الراعي رعيته، ثم قالوا فيهم ما لم يقله الله في أنبيائه؟!

ولماذا ترك الملياران مسلم العمل من أجل وضع حجر الأساس لمجتمع الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذهبوا يعملون من أجل لقمة العيش فقط!!

لقد تحدثت في أكثر من منشور عن «الأزمة العقدية» التي يعيش بداخلها نجوم الفكر السلفي والتنويري، وبيّنت أنها أزمة واحدة وإن اختلفت منطلقاتها، وأنه لا جدوى من قراءات قرآنية تعمل داخل منظومة «كلامية منبرية» ليس لها واقع عملي على الأرض، باستثناء طبعا القراءات الجهادية والداعشية!!

ومن هذه المنشورات مقال «جريدة المقال» بعنوان «أزمة الأزهري والجفري والبحيري» على الرابط:

https://islamalrasoul.com/323-2042015/

ولمزيد بيان لما قلته في المنشور السابق، تعالوا نستمع إلى ما قاله نجم التنوير «إسلام البحيري» ونتدبر تعقيبي على كلامه.

أولًا: يقول:

قطعنا شوطًا كبيرًا في مسألة الإجماع، وخَلَّصْنَا الآيات التأسيسية، والأحاديث، وناقشنا كل الأخطاء المتعلقة بقول السلف إنهم أجمعوا إجماعًا دينيًا لا يُكسر إلى يوم القيامة.

أقول:

الحقيقة أنا لا أعلم مؤمنًا عاقلًا، على دراية بأصول ومنهج البحث العلمي، يشغل نفسه ويشغل المسلمين معه، بمسألة «إجماع الموتى» من أئمة سلف الفرقة التي ولد فيها، بدعوى أن هذه الحلقات تُعرّف المسلمين كيف يَخْرُجون من قالب «أئمة السلف»!!

والسؤال: من هم «المسلمون» الذين يقصدهم؟!

الجواب: هم فرقة «أهل السنة والجماعة» التي ولد فيها.

إذن فهو يريد أن يقول إن هذه الحلقات تُعرّف المسلمين من «أهل السُنّة»، كيف يَخْرُجون من قالب أئمة سلفهم وإجماعهم.

إنها حقا مأساة

ثانيًا: يقول:

عملنا آليات قراءة النص القرآني، وعملنا نصف المسافة في تنقيح السنة وفاضل نصف، والإجماع الذي هو أبو الفقه إذا كسرناه كقيد ديني إذن نستطيع أن نخالفه.

أقول:

إن «النص القرآني» بريء منك ومن أمثالك الذين حكمت قلوبهم «الهرمنيوطيقا» التي يستغفل بها الملحدون قلوب الغافلين بأن يذكروا لهم بعض الآيات القرآنية، ويحدثونهم عن آليات فهم القرآن، وهم أصلًا يشركون مع القرآن مصادر تشريعية ،لكن بعد تنقيتها وتنقيحها!!

إن قول «البحيري» إنه قطع نصف المسافة في تنقيح السُنّة ولم يتبق إلا النصف الآخر، هو عين الشرك بالله تعالى.

إن الباب الوحيد لدخول المرء في «دين الإسلام» هو الإقرار بصدق «الآية القرآنية» وتفعيل نصوصها في حياته.

وليس من بين نصوص «الآية القرآنية» شيء اسمه «مرويات السنة النبوية»!!

إنها حقا مأساة

ثالثًا: يقول:

يتحدث عن رأي أئمة سلف فرقة أهل السُنّة والجماعة في «منكر الإجماع»، ويذكر بعضهم والخلافات الفقهية بينهم.

أقول:

إن أي طالب إعدادي أزهري لو وجد من يُمَوّل له برامجه الفضائية، لاستطاع عن طريق شبكة الإنترنت أن يؤلف موسوعة في الخلافات الفقهية وفي الفقه المقارن.

«مثال: د. سعد الدين هلالي»

وعندها سيترك الناس «البحيري» ويذهبون إلى هذا الطالب لا لشيء إلا لأنه يعتبر «فلتة من فلتات الزمن» لصغر سنه!!

ولكن الأمر الأخطر في هذا السياق هو قوله:

«أن الصحابة إذا أجمعوا على أمر علموه علم اليقين من رسول الله فهو دين»

ثم تدبروا ماذا قال بعدها:

«لكن إجماع الصحابة، بعد الرسول، على أمر لا نعلم رأي الرسول فيه، فهذا إجماع بشري، صحيح أن الصحابة أعاظم الناس بعد رسول الله في الإسلام، لكنهم مجتهدون»

أقول:

وهذا خير مثال على «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي اخترقت قلوب رواد الفكر التنويري، والتي يستغفلون بها عقول الغافلين وهم بالمئات!!

إن «البحيري» ينقل عن الآخرين ما لا يعلم وما لا يفهم، فكيف يعلم اليوم متى وأين أجمع الصحابة إلا عن طريق أمهات كتب فرقة أهل السُنّة والجماعة؟!

والسؤال:

وهل فرقة أهل السُنّة والجماعة هي «الأمة الإسلامية» التي يُعْتَد بإجماعها؟!

إن «البحيري» يجهل آلية عمل «السند الروائي» الذي ينتهي إلى «الصحابي عن رسول الله» مباشرة، والذي يستحيل الوقوف عليه إلا بعد عصر التدوين، وبعد الاطلاع على المدونات التي وَثَّقَت هذا «السند الروائي».

إن قول «البحيري»:

«إن الصحابة إذا أجمعوا جميعًا على أمر علموه علم اليقين من رسول الله فهو دين»

ثم قوله:

«لكن إجماع الصحابة بعد الرسول… إجماع بشري لأنهم مجتهدون»

هذا هو «عين الهرمنيوطيقا»، ذلك أن الصحابة «في حياة رسول الله» يستحيل أن يُجمعوا على شيء إلا إذا كانت مرجعيته هي القرآن، والقرآن وحده.

ثم إذا كان إجماع الصحابة «دينًا» فهو دين لهم هم في عصرهم، وليس لنا في عصرنا الذي نأخذ فيه ديننا مباشرة من نصوص «الآية القرآنية»، وليس عن طريق مرويات الصحابة!!

إنها حقا مأساة

رابعًا: يقول:

ثم ينتقل إلى أبي حامد الغزالي ليستند إلى رأيه في مسألة لو أثارها عالم في مؤتمر إسلامي على أنها قضية مطلوب مناقشتها، لضحك الحضور من قوله.

لأنها من المسائل الخلافية التي قتلت بحثًا في أمهات كتب المذاهب المختلفة عبر قرون مضت، ولا جدوى من إعادة مناقشتها.

وفي هذا السياق ينقل «البحيري» عن الغزالي مصطلح «الكتاب والسنة» وطبعا يقصد بـ «السُنّة» مرويات السُنّة عند فرقة «أهل السُنّة».

ثم يقول:

«أنا بكلمكم عن أكبر تعريف كارثي خلى الخمول العقلي دا في الأمة»

أقول:

انظروا كيف ربط بين هذا «التعريف المذهبي» وبين كلمة «الأمة» التي تستخدمها كل فرقة صفة لها.

إن الكارثة الحقيقية والخمول العقلي لم يظهرا بين المسلمين إلا عندما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، ومن هذا الشرك هذا الذي يقدمه «البحيري» في نقد ونقض وتنقية وتنقيح تراث فرقة أهل السنة والجماعة التي ولد فيها.

وبرهان ذلك قوله:

حتى أجمعوا على عكس ما في نص الرسول في «الحديث الصحيح» البكر تستأمر.. يعني الرسول يقول البكر تستأذن وتستأمر، انت فين؟!

أقول:

يقول «الحديث الصحيح»، طبعا الصحيح عند فرقة أهل السُنّة!!

وقوله:

الغزالي أحد أهم الناس في تاريخ الإسلام الذين غيَّبوا العقل المسلم.

أقول:

إن الذي غيّب العقل المسلم غضب الله عليه لأنه أشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا.

وقوله:

عندما نراجع إجماعهم سنجد كثيرًا منه يخالف النص القرآني صراحة.

أقول:

إننا لو فَصَلْنَا «النص القرآني» عن كل ما قاله «البحيري» في مئات الحلقات، وتدبرنا هذه النصوص جيدا في سياقاتها، لعلمنا أنها كانت كافية لبيان المقصود بيانه، وأن كل ما قاله «البحيري» خارج هذه الآيات، لا وزن له ولا قيمة إلا في ميزان الشرك بالله.

خامسًا:

١- إن القرآن ليس له إلا قراءة معاصرة واحدة باعتباره «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والمعاصرة للناس جميعًا اليوم.

٢- إن «البحيري» ومن هم على شاكلته، يهدمون تدين المسلمين القائم، ويتركونهم مُعلّقين في الهواء بلا دين، إلا دين التحلل والإباحية وإشباع الشهوات المحرمة.

وبرهان ذلك قوله تعالى:

* «وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ – وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ – كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ – يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ – هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ – قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»

٣- وأشهد الله أن هؤلاء الذين يستغفلون عقول الناس بقراءات قرآنية معاصرة ومستنيرة هم أسوأ ما شهده الفكر الإسلامي على مر العصور.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى