إن شجرة الإلحاد يستحيل أن تنبت إلا في مستنقع الجهل والجهالة، وما أكثر هذه المستنقعات على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويستحيل أن نُفرق بين المُلحدين والمسلمين إلا بـ «العلم»، وفي مقدمة العلوم «علوم اللغة العربية» التي نزل بها القرآن.
وبما أننا لا نشم رائحة «مبادئ» اللغة العربية في بيوت المسلمين، ولا أقول «علوم» اللغة العربية.
وبما أن الإلحاد يعني «الميل والانحراف» عن آيات الله وفعاليات أسمائه الحسنى، حسب وروده في السياق القرآني.
إذن:
فهنيئًا لـ «أفعى الإلحاد» وهي تبتلع أولاد المسلمين في جوفها لِتُسْقِيهم من دمها، ثم تلفظهم بين الناس لنشر سمومها.
ولو بعث الله نوحًا إلى المسلمين اليوم، ونظر إلى أحوالهم الدينية، وقرأ ما يقوله الملحدون عن عُمره، وهل هو «٩٥٠ سنة»، أم «٩٥٠ عام»، أم «٩٤٩ ونصف سنعام»..، لقال مثل ما قاله عن قومه:
* «وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً»
ثم تدبر جيدًا ماذا قال بعدها، وهو المقصود بهذا الاستدلال:
* «إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّارًا»
وأنا هنا لا أتحدث عن إيمان ولا عن إسلام، لا عن كفر ولا عن فجور، وإنما عن التأثير الفكري والإعلامي على تربية الأولاد منذ صغرهم، الأمر الذي جعل نوحًا يطلب من ربه استئصال الآباء، «علشان نرتاح»، حتى «لاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّارًا».
أولًا:
إن «أفعى الإلحاد» يستحيل أن تقترب من أولاد تربوا تربية إيمانية علمية محورها الأساس «علوم اللغة العربية»، وهذا ليس كلام محمد مشتهري وإنما كلام الله تعالى، فتدبر:
* «حم – وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ – إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
تدبر «الضمائر» التالية جيدا، لتقول للملحدين الشحروريّين الذين يتحدثون من جوف «أفعى الإلحاد» يُفرّقون بين الكتاب والقرآن.
تقول لهم: أنتم «جهلاء أغبياء»، فتدبروا أنتم وشيخكم:
١- «الْكِتَابِ الْمُبِينِ … إِنَّا جَعَلْنَا (هُـ) قُرْآناً عَرَبِيًّا … وَإِنَّ (هُـ) فِي أُمِّ الْكِتَابِ»
إن «الْكِتَابِ الْمُبِينِ» الموجود «فِي أُمِّ الْكِتَابِ» هو نفسه الذي جعله الله «قُرْآناً عَرَبِيًّا»، فهل تَعلّم المسلمون وأولادهم «علم توجيه الضمائر» الذي دخل الملحدون من بابه إلى قلوبهم؟!
لو كانوا يعلمون ما رأينا المئات من غلمان الملحدين يخرجون يوميا من جوف «أفعى الإلحاد» ينشرون سمومهم.
٢- «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
تدبروا جيدًا:
«قُرْآناً عَرَبِيّاً» … لماذا؟! … «لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
فـ «علة» جعل القرآن «عربيًا» أن يتعقل الناس ما فيه، وبدون دراية بلغة القرآن العربية يصبح المسلم ملحدًا في لحظة.
والذين يقولون:
إن الرد على «الملحدين» لا يحتاج إلى اللغة العربية، ولا إلى علم السياق، ولا إلى غيرهما من أدوات فهم القرآن، وإنما إلى «عقل سليم» يتفاعل مع «آيات الآفاق والأنفس» لإثبات «الوحدانية».
هؤلاء أقول لهم:
إن إثبات «الوحدانية» لن يدخل المرء الجنة، إلا إذا كان يعيش في فترة انقطاع الرسل، كما قال تعالى لأهل الكتاب:
* «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ – [عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ] – أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ – [فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ] – وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
ثانيًا:
فإذا كان تفاعل «العقل السليم» مع «آيات الآفاق والأنفس» يثبت «الوحدانية»، فيشهد المرء شهادة علمية أن «لا إله إلا الله»، إلا أنه لا يثبت صدق «النبوة»، ولا صدق الرسول الذي حمل «كتاب الله» إلى الناس.
ذلك أن إثبات صدق «النبوة» يحتاج إلى «برهان إلهي» يراه الناس بأعينهم، وعليه يشهدون بصدق الرسول الذي جاء يبلغهم «كتاب الله»،
وهذا البرهان هو «الآية الإلهية» التي أيد الله بها كل رسول:
إن «الوحدانية» + «النبوة» + «القرآن» = «دين الله الإسلام»
ولقد قال الله تعالى عن هذا الدين:
* «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ – وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ – وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
تدبروا: «وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ»
إن دين الله «آيات» وليس قراءات «عصرية وعددية»!!
إن دين الله «آيات مقروءة» تتفاعل مع مقابلها الكوني، أي مع «الآيات المنظورة»، ولذلك قال تعالى:
* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»
فهل تربى أولاد المسلمين على «دين الله الإسلام»؟!
أم ورثوا تدينهم «مذهبيًا» وهم في بطون أمهاتهم، حسب التوجه الديني الذي عليه الآباء، فخرجوا إلى الدنيا يقولون:
* «بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا»؟!
ثالثًا:
طبعا الأولاد سيقولون:
واحنا ذنبنا إيه، لقد تشربت قلوبنا «منذ الطفولة» أننا الفرقة الناجية، ومش معقول يكون آباؤنا كذّابين!!
وبهذه «الآلية الشيطانية»، وعلى مر العصور، ورث الناس جميعًا الكفر والشرك والإلحاد، ثم يقولون إنها «مشيئة الله»:
* «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ – لَوْ شَاءَ اللّهُ – مَا أَشْرَكْنَا – وَلاَ آبَاؤُنَا – وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ»
* «كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم – حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا»
ثم يأتي بيان «الحُجة البالغة» التي لن يقبل الله غيرها:
* «قُلْ هَلْ عِندَكُم … [مِّنْ عِلْمٍ] … فَتُخْرِجُوهُ لَنَا – إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ – وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ»
وعلى مر القرون والمسلمون يعيشون داخل «دائرة الظن» حتى جعلوا من الروايات «ظنية الثبوت» وحيًا إلهيًا «قطعي الثبوت» عن رسول الله، سفكوا بها دماء الملايين من الأبرياء، منذ أحداث الفتن الكبرى وإلى يومنا هذا.
ولن يعذر الله تعالى يوم القيامة أحدًا بـ «الغفلة»:
* «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ – وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ – أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ – قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا»
* «أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»
ولن يعذر الله تعالى يوم القيامة أحدًا بعذر «الآبائية»:
* «أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»
وبيّن الإنسان وبين يوم القيامة لحظة، وعندها ماذا ستقول، هل ستجد نفسك يومها تقول:
* «وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ»؟!
هل لم تكن مستعدًا لهذا اليوم:
* «هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ»
هل تبرأت أنت وأهل بيتك من الشرك ومن المشركين وما كانوا يعبدون من دون الله، أم متم وأنتم ظالمون لأنفسكم:
* «احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ – مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ»
وعلى كل حال، اعمل حسابك ليوم الحساب، وماذا ستقول عندما تقف للسؤال:
* «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ»
هكذا يجب أن يتدبر المسلمون القرآن.
وهذا ما يجب أن يتربى عليه أولادهم.
وأن الفرق بين «الحق» الذي لا يجب أن يغيب عن أذهان المسلمين، و«الظن» الذي يعيشون بداخله:
* الفرق «لحظة»:
إنهم يعلمونها جيدًا بالمشاهدة اليومية، ولكنهم عنها غافلون.
محمد السعيد مشتهري