* «علم السياق ختامه مسك»
لقد كان من المفترض أن يكون هذا المنشور هو الأول والأخير للرد على نظرية «عدنان الرفاعي»، المعجزة العددية الكبرى ونتائجها المذهلة، ونظرا لوجود شبهات كثيرة حول هذا الموضوع كان لابد من اقتلاع النظرية من جذورها، فكانت المنشورات السابقة.
ولكون «العدد ١٩» هو العدد الجهبذ الرابح في سباق المعجزات العددية، قديما وحديثا، وهو العدد الذي أقام عليه «عدنان الرفاعي» معجزته العددية الكبرى استنادًا إلى آيات من سورة المدثر، واعتبر أن هذا الإسناد إلهام من الله تعالى.
فكان لابد من دراسة «محاور سورة المدثر» دراسة موضوعية سياقية للوقوف على حقيقة «عدد الملائكة الجهنمي» الجالسين على «سَقَر» التي «لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ»، وهل يُعقل أن تقوم آية من آيات الله الكبرى على تعبيرات «مجازية» تتعلق بعالم الغيب؟!
لذلك أبدأ المنشور بقولي:
إن كل ما أخبرنا الله به عن عالم الغيب جاء بأسلوب «مجازي» وليس «حقيقيًا»، ذلك أن الله خلق حواسنا لإدراك «مُسمّيات» الأشياء التي نراها
وتنطبع صورها في قلوبنا من عالم الشهادة.
وعليه، فإن ما أكتبه من فهم للآيات المتعلقة بعالم الغيب هو أيضا من باب «المجاز» وليس «الحقيقة».
# المحور الأول:
١- «الإنذار» الذي ورد في سياق قوله تعالى «١-٧ / المدثر»:
* «يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ – قُمْ فَأَنذِرْ»
حيث تتحدث الآيات عن مرحلة إعداد الرسول لمواجهة تحديات عصر التنزيل، ومن ذلك «إنذار» قومه بـ «عذاب جهنم» إذا هم لم يؤمنوا بـ «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوته»، لقوله تعالى «٢٣-٢٤ / البقرة» مخاطبًا الناس جميعًا:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
فإن لم يفعلوا، ولم يؤمنوا، إذن فعذاب النار:
* «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
٢- وعلاقة الإنذار السابق بالإنذار الوارد في قوله تعالى «٣٥-٣٦ / المدثر»:
«إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ – نَذِيراً لِّلْبَشَرِ»
حيث جاء هذا الإنذار جوابًا للقسم الذي ورد قبلها في قوله تعالى «٣٢-٣٤ / المدثر»
* «كَلاَّ وَالْقَمَرِ – وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ – وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ»
ولقد بدأ هذا القَسَم الإلهي بـ «كَلاَّ»، التي هي حرف زجر وردع، لإبطال كل الشبهات التي أثارتها «ملل الكفر» حول «عدد» خزنة جهنم الـ «تِسْعَة عَشَر»، و«عِدّة» أصحاب النار التي جعلها الله «فتنة» للكافرين.
«كَلاَّ» إنها «فتنة» وليست «معجزة عددية كبرى» كما تَوهّم الذين أعطوا ظهورهم لمفهوم «الجعل الإلهي» الموجه للذين كفروا «تحديدًا» في قوله تعالى:
* «وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا».
# فأي «معجزة عددية كبرى» هذه التي تستند إلى تعبيرات «مجازية» تتعلق بـ «عِدّة أصحاب النار»، وقد جعلها الله فتنة للناس؟!
# المحور الثاني:
١- الإنذار بعذاب جهنم الذي ورد في قوله تعالى «٨-١٠ / المدثر»:
* «فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ – فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ – عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ»
والسؤال:
لماذا جعل الله تعالى يوم الحساب يومًا عسيرًا على الكافرين؟!
لأنهم كفروا بـ «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
٢- الإنذار بعذاب جهنم لمن كفر بنعم الله وبـ «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وراح «يُفَكَّرَ وَيُقَدَّرَ» ليقول عن القرآن «٢٤-٢٥ / المدثر»:
«إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ – إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ»
فكان جزاؤه «٢٦-٣٠ / المدثر»:
* «سَأُصْلِيهِ سَقَرَ – وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ – لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ – لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ»
ونلاحظ أن كلمة «سَقَر» لم ترد في القرآن إلا في هذه السورة فقط، بالإضافة إلى بيان معناها في قوله تعالى «٤٨ / القمر»:
* «يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ»
وعليه نعلم أن كلمة «سَقَر» صفة للنار التي «لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ».
# فأي «معجزة عددية كبرى» هذه التي تقوم على تعبيرات «مجازية» بهدف التخويف والترهيب، كالسحب على الوجوه في النار، يستحيل إدراك معناها بحواس عالم الشهادة؟!
# المحور الثالث:
١- الإنذار بعذاب «خزنة سَقَر» وقوله تعالى «٣٠ / المدثر»:
* «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ»
في اللغة العربية ما يُسمى بـ «تمييز العدد» الذي يُعرف به ماهية العدد، فعندما قال يوسف عليه السلام:
* «إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً»
فكلمة «كَوْكَبًا» جاءت تمييزًا للعدد «أَحَدَ عَشَرَ».
(أ) وفرق بين «العَدد» و«العِدّة»، فـ «العِدّة» تحمل بداخلها «أعددًا»، كقولنا «أَحَدَ عَشَرَ صفًا» يحمل كل «صف» عددًا من الأفراد.
ولقد ذكر القرآن «العَدّ» فقال تعالى:
* «لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً – وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً»
وذكر القرآن «العَدَد» فقال تعالى:
* «قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ – قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ»
(ب) ولذلك فلو كان المقصود بـ «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ» عدد خزنة جهنم لقال تعالى «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا».
إذن فلماذا حذف الله تعالى «تمييز» الـ «تِسْعَة عَشَر»؟!
والجواب:
– لتظل هذه الآية من الآيات «المتشابهات» التي يحرم تفسيرها أو تأويلها، ولبيان أن الذين في قلوبهم زيغ هم الذين يتبعون هذه الآيات ابتغاء الفتنة، فتدبر «٧ / آل عمران:
«فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ»
– كما تأتي هذه الآيات «المتشابهات» بالتعبيرات «المجازية» من باب الوعيد، وتخويف الناس وترهيبهم بضرب الأمثال، وليس لتأويلها على سبيل الحقيقة، كقوله تعالى في وصف النار «٦ / التحريم»:
* «وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ»
فهل هناك من شاهد «الملائكة» أصلًا بصرف النظر عن «الغِلاَظِ الشِدَاد»؟!
ولا يقول قائل:
إن حذف كلمة «مَلَكًا» جاء من باب «المفهوم الضمني» أي أن كلمة «مَلَكًا» تُفهم ضمنيًا دون ذكرها.
أقول:
ولماذا لا يكون المفهوم الضمني كلمة «مرصدًا»، وتكون الآية «عَلَيْهَا تِسْعَة عَشَر مرصدًا»، فيجلس في كل مرصد عدد من الملائكة يقومون بإدارة تعذيب أهل جهنم، استنادًا إلى قوله تعالى «٢١-٢٢ / النبأ»:
«إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً – لِلْطَّاغِينَ مَآباً»
كما تقوم هذه المراصد بإعادة كل من يريد الخروج من جهنم إليها، لقول الله تعالى «٢٠ / السجدة»:
* «كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا – وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ»
ولماذا لا يكون المفهوم الضمني كلمة «صفًا»، وتكون الآية «عَلَيْهَا تِسْعَة عَشَر صفًا»، في كل صف عدد من الملائكة؟!
ولماذا … ولماذا … لأننا نتحدث عن أشياء يستحيل إدراك حقيقتها حسب خيالنا وتصوراتنا.
٢- والسؤال: هل هناك علاقة بين:
– الإنذار بعذاب خزنة سَقَر «الآية ٣٠ / المدثر»:
* «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ»
– والإنذار بعذاب الملائكة أصحاب النار «الآية ٣١ / المدثر»:
* «وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً – وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا»
* أقول:
إن «خزنة جهنم» غير «أصحاب النار» وبرهان ذلك:
(أ) لم يرد لفظ «أَصْحَابَ النَّارِ» في القرآن كله إلا وكان المقصود به الذين يُعذبون في النار، أي «أهل النار»، فتدبر:
«البقرة: ٣٩، ٨١، ٢١٧، ٢٥٧، ٢٧٥ / آل عمران: ١١٦ / المائدة: ٢٩ / الأعراف: ٣٦، ٤٤، ٤٧، ٥٠ / يونس: ٢٧ / الرعد: ٥ / الزمر: ٨ / غافر: ٦، ٤٣ / المجادلة: ١٧ / الحشر: ٢٠ / التغابن ١٠»
(ب) باستثناء موضع واحد فقط هو الذي ورد في هذه السورة وجاء بمعنى الملائكة الذين يقومون بإدارة عذاب أهل النار:
* «وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً»
فلماذا اختلف المعنى في هذه الآية التي تتحدث عن «عِدّة» الملائكة أصحاب النار؟!
لأن المقصود التفريق بين:
– «خزنة جهنم» الـ «تِسْعَة عَشَر»
– «عِدّة» الملائكة أصحاب النار التي جعلها الله «فتنة» للكافرين.
ولو كان «خزنة جهنم» هم أنفسهم «الملائكة أصحاب النار» لقال الله تعالى:
«وَمَا جَعَلْنَا خزنة النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً»
(ج) إن مهمة «خزنة جهنم» استقبال «أهل النار» والتحاور معهم، وهذه هي المواضع التي ورد ذكر «الخزنة» فيها حصرًا:
ـ «٧١ / الزمر»:
«وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ»
– «٤٩ / غافر»:
«وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ»
– «٨ / الملك»:
«كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ»
(د) عندما ينزل الله تعالى صفة «الصحبة» على ملائكة النار في سورة المدثر وحدها، وفي سياق هذه الآية التي أعقبت قوله تعالى:
* «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ»
ثم تأتي «عِدّة الملائكة أصحاب النار» أيضا مبهمة دون «تمييز» ويجعلها الله «فتنة» وتحديدا للذين كفروا، فيقول تعالى:
* «وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا»
# فأي «معجزة عددية كبرى» هذه التي تقوم على «عدد» بدون «تمييز»، وعلى «عِدّة» بدون «تمييز»، إلا ما كان من وحي خيال أصحاب بدعة «الإعجاز العددي»؟!
# المحور الرابع:
الإنذار بسنة الاختيار التي خلق الله الوجود البشري عليها، وقوله تعالى «الآية ٣١»:
١- «كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ»
لقد جاءت هذه الجملة لبيان تأثير «فتنة» عِدّة الملائكة أصحاب النار على الناس، وأنها ستكون سببا لضلال قوم وهداية آخرين.
(أ) فأما الذين اهتدوا وازدادوا إيمانا بعد معرفتهم الحق فهم:
– علماء «أهل الكتاب» الذين ورد ذكرهم في السياق القرآني باسم «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ»، هؤلاء علموا علم «اليقين» أن ما جاء به القرآن من ترهيب الناس من خزنة جهنم وتخويفهم من عِدّة أصحاب النار، جاء مُصدّقًا لما في كتبهم، فقال الله تعالى:
* «لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ»
– الذين آمنوا:
وهؤلاء هم الذين آمنوا بصدق «نبوة» رسول الله محمد واتبعوا نصوص «آيته القرآنية العقلية»، وازدادوا أيمانًا عندما اعتراف «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» بصدق ما جاء به القرآن، فقال تعالى:
* «وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا»
الأمر الذي ترتب عليه زوال أي ريب من قلوب الفريقين، فقال تعالى:
* «وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ»
(ب) أما المنافقون والكافرون فهذا كان موقفهم:
* «وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً»؟!
٢- وبيان علاقة سنة الاختيار التي وردت في قوله تعالى «٣١ / المدثر»:
* «كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ»
بسنة الاختيار التي وردت في قوله تعالى «٣٧ / المدثر»:
* «لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ»
والمعنى:
لمن شاء منكم أن يتقدم إلى الهدى أو يتأخر في مواجهة «فتنة» الذين كفروا بـ «عدة» الملائكة أصحاب النار، التي وصفها الله بأنها من أكبر الكبائر التي استحقت أن يُقسم بآياته الكونية لتكون إنذارًا للبشر جميعًا.
# فأي «معجزة عددية كبرى» هذه التي تقوم على «سنة اختيار» طريق «الهداية» والابتعاد عن كل الآيات المتشابهات، أو طريق «الضلال» الذي لا يتبعه إلا الذين في قلوبهم مرض؟!
# المحور الخامس:
الإنذار بـ «فتنة» الذين كفروا بعدة الملائكة أصحاب النار ووصفها بـ «الذكرى»، وقوله تعالى في ختام «الآية ٣١»:
* «وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ»
فبعد الحديث عن جهنم وخزنتها، وعن أصحاب النار وعددتهم، يعود السياق إلى «عالم الشهادة»، ويخاطب الذين يُصرّون على الكفر بـ «نبوة» رسول الله محمد، وعدم الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق بلاغه عن الله، ويقول تعالى «٤٩-٥٦»:
* «فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ»
والمعنى:
لماذا يُعرض المجرمون المكذبون عن «القرآن»، الذي وصفه الله بـ «التذكرة»، وأكد الوصف بقوله تعالى «٥٤ / المدثر»:
* «كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ»
لقد التحم أول السياق المتعلق بفتنة الذين كفروا بعدة الملائكة أصحاب النار:
«وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ»
بآخره:
* «كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ»
ليعود الضمير في «إِنَّهُ» إلى المحور الأساس الذي دارت حوله السورة، وهو إثبات حجية «الآية العقلية القرآنية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
ثم يلتحم السياق بسنة الاختيار السابق الحديث عنها، فيقول الله تعالى بعدها:
«فَمَن شَاء ذَكَرَهُ – وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ – هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ»
# فأي «معجزة عددية كبرى» هذه التي لم يُفتن بها إلا:
* «الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ»
وقد قامت على أساليب «مجازية» يستحيل فهم معناها على حقيقته، بشهادة الذين في قلوبهم مرض والكافرين:
* «مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً»
والتي جعلها الله فتنة «فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ»:
* «كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ»
ثم تأتي القاصمة الكبرى التي لا يغفل عنها إلا «مغفل»:
* «وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ»
لذلك أختم هذه السلسلة من المنشورات بقولي:
فلتخرس ألسنة الذين تصوروا أن «عِدّة» أصحاب النار تحمل بداخلها عددًا من «الملائكة = ١٩ فردًا» وأقاموا على هذا الأساس معجزاتهم العددية القرآنية الكبرى.
والسؤال:
هل هناك من أحد
قال لأصحاب بدعة الإعجاز العددي في القرآن
إن «جهنم» ناقصة «كذابين»؟!
محمد السعيد مشتهري