نحو إسلام الرسول

(1240) 13/2/2019 «وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا» (٢)

* «الأصول العلمية التي أسقطت معجزة الرفاعي العددية»

قلت في المنشور السابق إن أصحاب «المعجزات العددية» تعاملوا مع كلمات القرآن على أساس أن حروف الهجاء = «٢٨» متجاهلين «الهمزة» التي هي من أصول حروف الهجاء التي حملتها «الآية ٢٩» من سورة الفتح.

أولًا:

إن الإنسان يتعلم في طفولته كيف «ينطق» حروف الهجاء، وكيف ينطق الكلمة من مخارجها الصوتية الصحيحة، من قبل أن يكتبها في الصحف.

ذلك أن الإنسان يكتسب النطق بالسماع ولولا «السماع» ما تكونت عند الإنسان ذاكرة معرفية تجعله يعلم معنى الكلمة من قبل أن ينطق بها، وكيفية كتابتها «أي رسمها» بعد أن نطق بها.

ولقد نزل القرآن «منطوقًا»، ثم كتبه المؤمنون الذين كانوا يعلمون «مُسَمّيات» كلماته من قبل نزول القرآن، بل ويعلمون «مُسَمّيات حروفه» من قبل معرفة «مسميات كلماته»، وإلا ما فهموا من القرآن كلمة واحدة.

واللافت للنظر، أن كثيرًا من المسلمين يعتقدون أن الكلمة القرآنية تحمل معناها في ذاتها، والحقيقة أن معنى الكلمة القرآنية يحمله «مُسَمَّاها» الموجود خارجها والمطبوع صورته في قلب قارئ القرآن من قبل أن يقرأه.

فلقد عرف المؤمنون في عصر التنزيل أن كل «حرف» من حروف الهجاء له «مُسَمّى» ينطق به اللسان ويكون من جنس الحرف، فحرف «ب» مسماه «باء» .. و«ج» مسماه «جيم» .. و«ص» مسماه «صاد» .. إلى آخر الحروف.

ولكن كيف نطقوا أول حرف من حروف الهجاء الذي نجد رسمه هكذا «ا»؟!

نطقوه «ألفا»، كما ننطقه نحن اليوم عند قراءة حروف الهجاء، أما الألف التي نراها في كلمة «قام» أو «قال»…، فهذه تسمى بـ «الألف اللينة» وتنطق كأنها «مَدَّة» لغياب الهمزة من عليها.

ثانيًا:

لقد عرف العرب «الأنعام» وكانت صورتها «أي مُسَمّاها» مطبوعة في قلوبهم من قبل نزول القرآن، وعندما كانوا يرسمون كلمتها في نثرهم أو شعرهم بهذه الصورة «الأنعم» كانوا يضعون بين العين والميم ألفًا صغيرة «ا» تشير إلى وجوب النطق بهذه الألف.

ذلك أن «اللسان» هو آلة «النطق» التي يتعلم الإنسان بها «ويُعلّم» غيره، ولقد تعلم رسول الله محمد كيف ينطق بحروف القرآن وبكلماته من قبل أن يكتبها في الصحف، فقال تعالى:

* «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى – إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى»

أي أن ما نطق به رسول الله من قرآن كان بوحي من الله تعالى، فعندما نزل قوله تعالى:

١- «الم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ»

نطق رسول الله «الم» هكذا «ألف لام ميم» وكتبها «الم».

وعندما نزل قوله تعالى:

«الم نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ»

نطق رسول الله «الم» هكذا «الم» وكتبها «الم».

فبأي منطق، ووفق أي شرع، تُتساوى القيمة العددية لحرف الهمزة «أ» الذي يُعتبر قرآنيًا حرفًا من حروف الهجاء، مع الألف اللينة «ا» التي ليست من حروف الهجاء؟!

٢- وعندما نزل قوله تعالى:

«يس – وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ – إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ»

نطق رسول الله «يس» «ياسين» بألف لينة بين الياء والسين، وكتب «رسمها» ولم يكتب «منطوقها»، فلم يكتب:

«ياسين وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ – إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ»

فكيف يجرؤ مسلم عاقل على حذف حرف «الألف» الذي أعطى للكلمة معناها «ياسين»، لتصبح «يَسْ» بلا معنى، ثم يقيم على الـ «يَسْ» المعجزة الكبرى التي تعرض لأول مرة في العالم»؟!

٣- كلمة «جاء»:

وهنا أبيّن أن الألف تنقسم إلى:

* «اللينة»: تُسمى «ألفًا»

* و«المتحركة»: تسمى «همزة»

وهذه الألف «ا» الموجودة بين الجيم والهمزة في كلمة «جاء» اسم مشترك مع «المَدَّة» ومع ألف الوصل من حيث النطق.

ولذلك كان من الخطأ المنهجي الكبير عدم التفريق في القيم العددية بين «الهمزة» التي توضع فوق الألف اللينة، وبين «الألف اللينة» الخالية من الهمزة.

ثالثًا:

فإذا أردنا أن نسير في نفس طريق «المعجزات العددية»، وقلنا إن عدد السور التي بدأت بـ «الحروف المقطعة» = ٢٩ سورة، وعدد حروف الهجاء، بعد إضافة «الهمزة» = ٢٩.

فهل يحق لنا أن نقول: إنها «المعجزة الكبرى»، أم يكفينا أن نقول لـ «عدنان الرفاعي» والمعجبين بـ «عدة خزنة جهنم الـ ١٩»:

إن «الهمزة» حرف أساس من حروف الهجاء، وعليه يجب أن تُعاد جميع
نتائج «المعجزة العدنانية الكبرى» على أساس عدد مرات تكرار «الهمزة الحرة» في القرآن.

والغريب أن «عدنان الرفاعي» يدعي أنه انفرد بأبجدية تُعرض لأول مرة على العالم، ويقول إنها لا تمت بأي صلة إلى «حساب الجُمّل»، فإذا به يتفق مع «حساب الجُمّل» في القيمة العددية لـ «الألف اللينة والهمزة معا» = «١».

وكان عليه، إن كان يريد انفرادًا حقيقيًا، أن يفصل بين:

* القيمة العددية لـ «الألف اللينة»، حسب تكرار ورودها في القرآن، والتي تأخذ «١»، حسب «حساب الجُمّل».

* والقيمة العددية لـ «الهمزة الحرة»، حسب تكرار ورودها في القرآن، والتي تأخذ «١٩»، حسب مواقع الإحصاءات القرآنية.

فلماذا ترك «عدنان الرفاعي» القيمة العددية لـ «الهمزة الحرة» وهي «١٩»، هذا العدد الذي أقام عليه جميع نتائج معجزته الكبرى، وراح يأخذ القيمة العددية لـ «الألف اللينة والهمزة» من «حساب الجُمَّل»؟!

والجواب:

لأنه لو اتبع القيم العددية لحروف الهجاء الـ «٢٩» بعد إضافة «الهمزة» لسقطت نتائج «المعجزة الكبرى» من قواعدها.

رابعًا:

يقول عدنان الرفاعي في فيديو بعنوان «أكبر كشف في القرآن منذ تنزيله إلى الأرض»:

«كوننا نتحدث عن جمل قيمها العددية تساوي عدد سور القرآن، أيضا قوله تعالى:

* «ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ»

قيمته العددية = «١١٤» بعدد سور القرآن = ١٩ X ٦

وأيضا:

«وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ» = «١١٤» بعدد سور القرآن = ١٩ X ٦

* انتهى كلامه، وأقول:

إن هذا هو «عين الإلحاد اليهودي» الذي قامت عليه المعجزات العددية في القرآن، وبصفة خاصة «المعجزة العدنانية الكبرى».

لقد حسب «عدنان الرفاعي» القيم العددية لقوله تعالي:

* «ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ»

على أساس رسم الكلمة الموجودة في القرآن «الكتب» بصرف النظر عن نطقها «الكتاب»، وبصرف النظر عن السياق الحاكم لمعناها.

لقد حذف «الألف = ١» من كلمة «الْكِتَابُ» وهو سعيد وليست عنده أي مشكلة في أن يُصبح «الكتاب = كتب»، فعل ذلك حتى لا تصبح القيمة العددية للجملة = «١١٥» فتسقط معجزته العددية القرآنية الكبرى.

فماذا لو خرج علينا «يهودي مخضرم» وطعن في بنية النص القرآني المحكم، وقال لـ «عدنان الرفاعي»:

إن الآية التي في أول سورة البقرة تقول:

«ذَلِكَ الْكُتب لاَ رَيْبَ فِيهِ»

وكلمة «الْكُتب» جمع «كتاب»، ولو كان هذا القرآن حقًا من عند الله، لقال الله:

«تِلْكَ الْكُتُب لا رَيْبَ فِيهَا»

وهنا، وأمام هذه القاصمة الكبرى، يسقط «عدنان الرفاعي» ويسقط «العدنانيّون» مغشيًا عليهم من جهلهم بتدبر القرآن.

وإن كانت هذه «الهمزة» كافية لإسقاط «المعجزة الكبرى» من قواعدها، حتى لو رأيناها تطير بصاحبها في الهواء، وتمشى به على الماء … وبذلك أكون قد أغلقت عليها قبرها بـ «الضبة والمفتاح» …. إلا أن للموضع بقية.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى