نحو إسلام الرسول

(1231) 3/2/2019 «وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ»

لقد كَفَرَ «السلفيّون» بالقرآن عندما آمنوا بأن تديّنهم الوراثي «السني والشيعي والمعتزلي والأباضي…»، هو «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد!!

وكَفَرَ «القرآنيّون» بالقرآن عندما آمنوا بأن «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، هي أن «القرآن يُبيّن نفسه بنفسه» بمعزل عن علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني!!

وكَفَرَ «الشحروريّون» بالقرآن عندما آمنوا بأن «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، في قراءة القرآن قراءة معاصرة تُرضي منظمات الإلحاد العالمية.

وكَفَرَ «التنويريّون» بالقرآن عندما آمنوا بأن «الإسلام الحر» القائم على نقد أمهات كتب أهل السُنّة، هو «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.

وكَفَرَ «العدنانيّون» بالقرآن عندما آمنوا بأن «المعجزة الكبرى» هي «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.

وكل من سبق ذكرهم، متبوعون وتابعون، انطلقوا في إيمانهم هذا من مقبرة «التفرق في الدين»، مقبرة التراث الديني لـ «فرقة أهل السنة والجماعة» هذا التراث الذي ورثوه وهم في بطون أمهاتهم!!

أولًا:

عندما تكون «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، «آية قرآنية عقلية» قائمة بين الناس إلى يوم الدين، إذن فعلى كل من أراد الدخول في «دين الله الإسلام»، أن يثبت في عصره، وليس نقلا عن آبائه، أن القرآن «وليس المصاحف» الذي بين أيدي المسلمين هو حقًا «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، الأمر الذي يفرض عليه:

١- أن يخلع ثوب كل ما يتعلق بتدينه الوراثي، ويجعل بوصلة تدينه «نحو إسلام الرسول»، ويسير إلى عصر الرسالة عن طريق واحد فقط هو الطريق الذي دخل من بابه إلى «دين الله الإسلام»، طريق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة له.

٢- أن يكون على علم بلغة «الآية القرآنية العقلية» العربية، وأنه يستحيل فهم «الكلمة القرآنية» إلا إذا كانت صورتها، أي مُسمّاها، مطبوعة في قلبه.

تماما كالجنين الذي يسميه أهله وهو في بطن أمه، فإذا مات ولم يخرج إلى الحياة، فما قيمة «اسمه» و«المُسمّى» غير موجود؟!

٣- ثم يدرس «المصاحف» التي بين أيدي المسلمين دراسة علمية جادة، مستعينًا بكل ما يتعلق بها من «علوم القرآن».

فعندما يجد على سبيل المثال جملة مكتوبة على هامش «الآية ١١» من سورة يوسف:

«قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ»

تتعلق بكلمة «تَأْمَنَّا» وتقول «يجب الإشمام أو الروم»، فهل كلمة «يجب» هذه تعني أن كل من لم يقرأها بـ «الإشمام أو الروم» يكون قد ارتكب إثمًا؟!

وكم عدد المسلمين الذين يعلمون معنى «الإشمام والروم» الذي لا علاقة له بالقرآن وإن تعلق بالمصحف؟!

أ- فمن حيث «القرآن» فإن «مُسمّى» كلمة «تَأْمَنَّا»، هو الأمن والأمان، ليكون المعنى:

«لماذا لا تأمنا على أخينا يوسف في خروجه معنا»؟!

ب- ومن حيث «علوم القرآن» والقراءات:

اختلفوا في كيفية النطق بـ «النون المشددة» بين إدغام محض، وإدغام بإشمام، وإخفاء بلا إدغام…، وكلها تتعلق بالنطق وليس بالمعنى.

تماما كعلامات الوقف ومصطلحات الضبط «مـ، لا، صلي، قلي، ج…، وكذلك العلامات التي تُبيّن كيف تُنطق الكلمة كـ «الألف الخنجرية» هذه الألف الصغيرة التي نجدها بين حروف الكلمة، ككلمة «أَعْطَيْنَكَ» التي سأتحدث عنها بعد قليل، حيث نجد بين النون والكاف هذه «الألف الخنجرية» كي ننطقها «أَعْطَيْنَاكَ».

والسؤال:

ما قيمة «كلمات القرآن» إذا لم يكن لكل كلمة «مّسمّى» موجود في قلب قارئ القرآن يشاهده بعينه خارج القرآن على مستوى كلمات «المصاحف» التي بين أيدي المسلمين في عصره؟!

ثانيًا:

عندما يريد المحقق أن يقف على صحة نسبة أي كتاب إلى مؤلفه، عليه أن يبذل جهدًا علميًا وثائقيًا ليتحقق من ذلك، فإذا كان الكتاب منزوع الغلاف، إذن فعلى المحقق أن يقرأ الكتاب بتدبر لعله يقف على ما يشير إلى مؤلفه.

والسؤال:

لماذا لم يُفكر الناس في معرفة صاحب الكتاب الذي لا يحمل اسم صاحبه، ويبدأ بسورة الفاتحة وينتهي بسورة الناس، عن طريق تعلم اللغة العربية المكتوب بها؟!

١- إذا تعلم الناس لغة هذا الكتاب العربية، سيعلمون أن كل كلمة قرآنية لها «مُسمّى» موجود خارج الكتاب، ويجب أن يكون مطبوعًا في قلب القارئ من قبل أن يقرأه وإلا كيف يقرأ شيئًا لا يعلم مُسَمّاه؟!

٢- عندما يقرأ القارئ هذا الكتاب ويتدبر نصوصه سيعرف من هو صاحبه الذي قال لموسى عليه السلام:

«إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي»

والذي قال للناس جميعًا:

* «أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»

* «أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»

فهل استطاع أحد من الإنس أو الجن أن يأتي بالبرهان الدال على أنه صاحب هذا الكتاب ومنزله القائل:

* «وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ – وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً»؟!

ثالثًا:

إن البرهان على صدق «الوحدانية» تحمله آيات الآفاق والأنفس، وليس «كلمات» صماء مكتوبة في المصحف يستحيل فهم معناها بمعزل عن تفاعلها مع هذه الآيات الكونية.

إن البرهان على صدق «النبوة» هو «الآية القرآنية العقلية» التي نزلت باللغة التي كان ينطق بها لسان العرب، وعجز الإنس والجن أن يأتوا بمثل سورها العربية وليس «كلماتها العددية».

والبرهان على صدق «القرآن» في استحالة الإتيان بالتفاعل القائم بين آياته المقروءة ومقابلها الكوني في الآفاق والأنفس، وليس الإتيان بمعجزات عددية يهودية ونصرانية، وإن سحرت أعين الإنس والجن بنتائجها العدنانية.

إن البرهان على صدق «القرآن» أن آياته تنطلق من مسلمات يقينية في الكون، وهي «مُسمّيات الأشياء» في الآفاق والأنفس، والتي يستحيل أن ينكرها عاقل، لتصل به إلى الإقرار بـ «أصول الإيمان» وصدق القرآن.

والسؤال:

هل يعلم المسلمون أن «مُسمّيّات» كلمات القرآن تشمل الأسماء والأفعال والحروف، ومن ذلك الظروف الزمنية والمكانية، وأن من هذه الظروف ما هو «مَبْنِي» مثل:

«إذ، لمّا، ثمّ، لدُنْ، الآن …»

والتي يستحيل فهم معناها إلا بتعلم «مُسَمّياتها» من خارج القرآن، الأمر الذي غاب عن صاحب «المعجزة الكبرى»، الذي ظن أن تعامله مع «الرسم العثماني»، الذي مرجعيته علوم القرآن، سيحقق له نجاح معجزته الكبرى، فإذا بهذا الرسم هو الذي يُسقط معجزته من قواعدها.

لقد ذهب «عدنان الرفاعي» ليثبت معجزة «سورة الكوثر» فإذا به يُلحد في آيات القرآن ويحوّلها إلى «طلاسم»، عندما حذف حرف الألف الموجود بين النون والكاف «أَعْطَيْنَاكَ»، بدعوى أن رسم الكلمة في «المصحف» من غير ألف.

لتصبح الكلمة «أَعْطَيْنَكَ» بلا معنى، وذلك من أجل أن يَخرج مجموع «القيم العددية» من مضاعفات «العدد ١٩»!!

والغريب أن الألف موجودة أصلا في رسم الكلمة بصورة مصغرة بين النون والكاف، إشارة إلى وجوب قراءة الكلمة «أَعْطَيْنَاكَ» وليس «أَعْطَيْنَكَ»!!

فأي معجزة عددية هذه التي تظل تلحد في آيات الله حتى تصل القيم العددية إلى مضاعفات «العدد ١٩»؟!

رابعًا:

إنه مهما تطورت الحضارات والتقنيات والمنظومات الرقمية، ومهما تغيرت وتبدلت وانحرفت وأفسدت في الأرض، تظل «الآية القرآنية العقلية» هي الحاكمة على مر الزمان، لاستحالة فصلها عن البناء المحكم لآيات الآفاق والأنفس.

وللأسف الشديد، لم أر أحدًا، ممن ذكرت توجهاتهم الدينية سابقًا، أقام توجهه الديني على هذه القاعدة الإيمانية المعاصرة للناس إلى يوم الدين.

والسؤال:

هل تعلم العرب لغة القرآن العربية في طفولتهم عن طريق الأرقام و«القيم العددية»؟!

هل يمكن بالأرقام و«القيم العددية» أن يفهم المسلمون معنى «الكلمة القرآنية» دون أن يكون لها صورة، أي «مُسمّى» انطبع في قلوبهم من قبل قراءة القرآن؟!

إذن فما قيمة، وما أهمية «بدعة المعجزة العددية الكبرى» إذا كانت لا تبين للناس معنى الكلمة القرآنية؟!

وأعتذر عن عدم نشر موضوع:

«كيف تكون الفتنة ولمن تكون»

لطلب بعض الأصدقاء مزيد بيان لموضوع الفرق بين القرآن والمصحف.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى