نحو إسلام الرسول

(123) 1/2/2014 (لمدافعون عن “الرواية” على حساب “الآية”!! [2])

3- يقول د/ محمد شحرور: “أسس التشريع الإسلامي هي الكتاب والسنة، وهذا صحيح، ولكن ليس الكتاب والحديث. وإذا كان الأمر كذلك فما هو تعريف السنة؟”
ولكنه عندما جاء يُعرّف “السنة” عرفها بكلام مرسل، يخدم توجهه الفكري، دون الإحالة إلى المراجع التي ورد فيها هذا التعريف، وأرجو من القارئ الكريم أن يرجع إلى ما كتبه د/ شحرور في تعريفه لـ “السنة”.
ثم قسم السنة إلى سنة الرسالة، وسنة النبوة، وهذا التقسيم لا دليل عليه من كتاب الله. فالقرآن عرّف “السنة” على النحو التالي:
– سنة الأولين، سنة الذين خلوا من قبل: “قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ”. [الأنفال 38]، [الحجر 13]، [الكهف 55]، [الأحزاب 62]، [فاطر 43]، [غافر 85]، [الفتح 23]
– سنة الله مع الأنبياء والرسل: “سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً”. [الإسراء 77]، [الأحزاب 38]
وبتدبر سياق الآيات نعلم أن “السنة” في القرآن الكريم هي: القانون الإلهي الذي يعمل بطريقة مطردة، في هذا الكون، أي بطريقة دائمة مستمرة ثابتة. ولكن التطور الدلالي المذهبي، الذي أصاب لفظة “السنة”، جعلها مقصورة على ما أثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة…!! وللأسف الشديد أن نجد من يرفعون راية الفهم، والقراءة المعاصرة، للقرآن الكريم، نجدهم يتبعون السلف في تعريفهم لـ “السنة” وهم لا يشعرون!!
يقول د/ شحرور، في سياق حديثه عن الطاعة المتصلة: “وبما أن الله حي باق وقد دمج طاعة الرسول مع طاعة الله في طاعة واحدة، ففي هذه الحالات تصبح طاعة الرسول مع طاعة الله في حياته وبعد مماته. هذه الطاعة جاءت حصرا في الحدود والعبادات والأخلاق “الصراط المستقيم”، ولنورد الأمثلة التالية:
ومن الأمثلة التي جاء بها د/ شحرور تحت عنوان “في الحدود”: “وضع الرسول صلى الله عليه وسلم الحد الأعلى للباس المرأة بقوله: “كل المرأة عورة ما عدا وجهها وكفيها”، فطاعة هذا الحديث هو كطاعة الآية وليس أقل.
أقول: ولو تدبر د/ شحرور، آية سورة النور، المبينة لحدود إبداء المرأة لزينتها، لعلم أنها لا تبيح للمرأة إبداء غير الوجه والكفين، وذلك بعيدا عن روايات الرواة، وعن تعريفات أئمة السلف لـ “السنة”!! لذلك لم يكن غريبا أن نجده يتبع أئمة السلف في معظم أحكامهم الفقهية، ومروياتهم الصحيحة والضعيفة!!
فيقول: “وكذلك قول الرسول حول الإرث “لا وصية لوارث” [انظر الجامع الصغير ج2 ص 203]. وقوله “لا تعضية في ميراث إلا فيما محل القسمة” [انظر النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ج3 ص 106]، حيث أن هذه الأحاديث تتعلق بالحدود” انتهى.
ولكن الأخطر من هذا، أن يتبع السلف في عقوبة “الرجم”، ثم يدّعي أن مشروعه الفكري يدافع عن حرمة الدماء وكرامة الإنسان…، فيأتي برواية قصة ماعز ليأخذ منها فقط مبدأ التماس الشبهات، ولا أدري هل لا يعلم د/ شحرور أن ماعز قد رُجم في نهاية هذه الرواية؟! فيقول: “وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كارها لتطبيق حدود الله في العقوبات، وخاصة في الزنا. وكان يلتمس الشبهات بنفسه لتفادي تطبيق الحد، مثال على ذلك قصة ماعز حيث قال له النبي: لعلك قبلت، أو غمزت أو نظرت؟! [انظر جامع الأصول لابن الأثير ج3 ص 526-527]!!
وأعود إلى ما نقلته عن د/ شحرور في البداية، وقوله: “أسس التشريع الإسلامي هي الكتاب والسنة، وهذا صحيح، ولكن ليس الكتاب والحديث”!! فقد اتضح للقارئ الآن أن أسس التشريع عند د/ شحرور الكتاب والحديث، وليس فقط الكتاب والسنة كما يدعي!!
أكتفي بما سبق من أمثلة، لبيان التناقض الذي يقع فيه كثير من أصحاب التوجهات الفكرية القرآنية، لعدم وجود تأصيل علمي يقوم عليه مشاريعهم الفكرية، ولولا تعليق الأستاذ عصام أحمد على المنشور، واستدلاله بالدكتور شحرور، ما أفضت في البيان.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى