لقد بعث الله رسوله محمدًا، وأمر الناس جميعًا الإيمان به واتباعه، وجعل البرهان على صدق نبوته «آية قرآنية عقلية» من يشك في صدقها وصدق نسبتها إلى الله تعالى عليه أن يأتي بمثل سورها.
ولقد بدأ الله تعالى خطابه للناس جميعًا ببيان دلائل وحدانيته، التي يجب أن تكون هي القاعدة التي يقوم عليها إيمان الناس برسوله محمد، فقال تعالى «الآيات ٢١- ٢٤ / البقرة»:
* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
* «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»
أولًا:
إن البرهان على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وعلى صدق هذا القرآن، وأنه كلام الله يقينًا، ليس له إلا مدخل واحد فقط هو:
الإقرار بـ «الوحدانية»، وعليها يقيم المرء تصديقه لـ «الآية القرآنية العقلية»، التي هي الباب الوحيد لدخوله في «دين الله – الإسلام».
١- لم يترك الله تعالى الناس يختارون الطريقة التي يثبتون بها صدق «الآية القرآنية العقلية»، كلٌ حسب نظريته في «الإعجاز العددي»، وحسب القراءة التي حملها المصحف الذي ورثه عن آبائه!!
لقد ورث «عدنان الرفاعي» عن آبائه المصحف الشامي، وكان يتعبد بآياته، وبعد أن وجد حسابات حروف كلماته لن تُحقق له «معجزته الكبرى»، وبعد أن جاءه الإلهام من الله أن «معجزته الكبرى» لن تتحقق إلا على يد قراءة «حفص عن عاصم».
أصبح نجم «المعجزة الكبرى»، واستغفل الناس، ولم يذكر لهم تحت عنوان الكتاب، «كما نصحته»، جملة:
«حسب قراءة حفص عن عاصم»
٢- لم يترك الله تعالى الناس يختارون الطريقة التي يثبتون بها صدق «الآية القرآنية العقلية»، وإنما حدد لهم «الطريق»، وأمدهم بـ «المنهج» الذي يجب أن يتبعوه، والذي لا منهج غيره، وهو:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
أ- الطريق:
«فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»
ب- المنهج:
– «اللغة العربية» التي كان ينطق بها «لسان العرب» قبل نزول القرآن.
– «علم السياق القرآني» الذي يُبيّن للناس أن المقصود بـ «مِّثْلِهِ» ليس الإتيان بمثل الجمل القرآنية مصاغة صياغة عربية محكمة بأساليبها البيانية، كما فعل «المساكين» الذين كتبوا «الفرقان الحق» الأمريكي.
وإنما الإتيان بمثل «الجمل القرآنية»، من حيث الصياغة البيانية المحكمة، وفي الوقت نفسه الإتيان بـ «مقابلها الكوني».
وبيان ذلك في مقالين على هذه الصفحة:
* «حجية القرآن ليست في نصوصه فقط، وإنما في مقابلها الكوْني»
* «القرآن آية إلهية رغم اختلاف مصاحفه وقراءاته»
٣- ولكون الحديث حديث الله تعالى، عالم الغيب والشهادة، فيستحيل أن يأتي «بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ» أحد من الإنس والجن.
ولذلك قال الله تعالى بعدها:
* «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
فتدبروا: «وَلَن تَفْعَلُواْ»
إذن «البرهان العقلي» الذي لا برهان غيره، و«الآية الكبرى» التي لا آية غيرها، لن يصل إليهما إنس ولا جان إلي يوم الدين.
فإذا سألنا أصحاب ما يُسمى بـ «الإعجاز العددي في القرآن»:
لماذا كل هذه المعادلات الرياضية، وهذه الحسابات الإلكترونية، وكل هذه النتائج العشوائية التي استغرق التوصل إليها سنوات؟!
قالوا: لإثبات أن القرآن من عند الله … «تكبير»!!
الحقيقة مصيبة يجب أن تقام لها المآتم!!
ثانيًا:
ثم تعالوا نلقي نظرة على المقابل لقوله تعالى:
«فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ»
وماذا فعل أهل الجاهلية لتشكيك في هذا القرآن عن طريق «القيم العددية».
تعالوا نرى كيف أن هذه «الفتنة العددية» قد ورثها العرب عن الأمم السابقة، ودخلت التراث الديني للمسلمين، وتناقلتها ألسن الرواة، ودوّنت في «كتب الحديث»:
«الرواية ١٦٩٢ الموسوعة الحديثية»
ثم يختلف المحدثون في مدى صحتها، طبعا كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف.
موضوع الرواية باختصار:
حذر جماعة من اليهود قومهم من الإيمان برسول الله محمد استنادًا إلى حساب «القيمة العددية» لكلمة «الم»، في قوله تعالى «الم ذَلِكَ الْكِتَابُ» وقالوا:
الألف = «١» … واللام = «٣٠» … والميمُ = «٤٠»، والمجموع = «٧١» سَنَة
أتدخلونَ في دِينِ نبيٍّ مُدَّةُ مُلْكِهِ، وأَجَلُ أمتِهِ، إحدى وسبعونَ سَنَةً «٧١»؟!
ثم أقبلَ أحدهم على رسول الله وقال له: يا محمد هل مع هذا غيرُهُ؟! قال الرسول نعم، قال وما ذاكَ؟! قال «آلمص»، قال: هذهِ أثقلُ وأطولُ:
الألف = «١» … واللام = «٣٠» … والميمُ = «٤٠» … والصاد = «٩٠»، والمجموع = «١٦١» سَنَة.
هل مع هذا يا محمدٍ غيرهُ؟! قال نعم، قال وما ذاكَ، قال: «الر»، قال هذهِ أثقلُ وأطولُ:
الألف = «١» … واللام = «٣٠» … والراء = «٢٠٠»، والمجموع = «٢٣١» سَنَة.
فهل مع هذا غيرهُ؟!
قال نعم «المر»، قال فهذه أثقل وأطول:
الألف = «١» … واللام = «٣٠» … والميمُ = «٤٠» … والراء = «٢٠٠»، والمجموع = «٢٧١» سَنَة.
ثم قال:
لقد لَبِسَ علينا أمرُكَ يا محمد حتى ما ندري قليلًا أُعْطِيتَ أم كثيرًا، ثم قاموا، فقال الرجل لمن معه من الأحبار:
ما يُدريكم لعلَّهُ قد جُمِعَ هذا لمحمدٍ كلُّهُ:
٧١، ١٦١، ٢٣١، ٢٧١ = ٧٣٤ سَنَة.
والسؤال:
١- ماذا يعني هذا المنظر الذي أمامكم، من الحسابات و«القيم العددية اليهودية»، التي كان معمول بها من قبل بعثة رسول الله محمد؟!
٢- ما الفرق، من حيث «الطريق» و«المنهج»، بين هذه المحاولات «اليهودية العددية»، للتشكيك في صدق «نبوة» رسول الله محمد، وفي صدق هذا القرآن الذي بين أيدي المسلمين اليوم.
وبين «الطريق» و«المنهج» اللذان حملهما قوله تعالى:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
الفرق في «المنهجية العشوائية» التي تربى عليها المسلمون منذ طفولتهم، والتي أتت ثمارها بعد أن أصيبوا بفيروس «الهوس الديني»، نتيجة تعرضهم لإشكاليات التراث الديني لـ «فرقة أهل السنة والجماعة».
ولقد اقتربنا على بيان لماذا كان «العدد ١٩» فيروسًا جُهنّميًا.
محمد السعيد مشتهري
ملاحظة: سيحذف على الفور أي تعليق يُشم من رائحة سوء الأدب، فلن أسمح بعد هذا الإسفاف الذي تربى عليه «الرفاعيون»، والذي تم حذف كل ما تيعلق به بعد أيام من تركه لعلهم يعودون لرشدهم، ولكنهم أساؤوا وأساؤوا إلى درجة البوست الذي وضعته بالأمس لأحدهم.