تعقيبا على موضوع “ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه”، يقول الأستاذ عصام أحمد: [هذا الحديث النبوي صحيح 100%. ولكن ما أوتيه النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، مثل القرآن هو السبع المثاني، وليس كتب الفقه].
ثم سأله الأستاذ عبد الله: “وما هي السبع المثاني”؟! فكانت إجابته: يقول رب العزة سبحانه: “ولقد آتيناك سبع من المثاني والقرآن العظيم”، ثم قال: “يعجبني تحليل د. شحرور للسبع المثاني”!!
وكما ذكرت بالأمس، ليس من منهجي الرد على روايات، وشبهات، المصدر الثاني للتشريع، ولكن ما ذكره الأستاذ عصام يوجب عليّ مزيدا من التفصيل:
أولا: لقد أقمت مشروعي الفكري بعد رحلة علمية طويلة استغرقت ما يزيد عن ثلاثة عقود، وخلال هذه الرحلة، وبعد دراسة علمية متخصصة، تبين لي أن ما يسمى بـ [علم الحديث] ليس بعلم، وإنما هو تراث بشري، لا علاقة له مطلقا بالشريعة التي أمر الله الناس باتباعها. ويوجد على موقعي موضوع بعنوان “المذهبية المعاصرة بين أزمة التخاصم والتكفير” يبين حقيقة مأساة “أهل الحديث”، على مستوى الفرق الإسلامية المختلفة، وما دار بيني وبينهم من حوارت!!
ثانيا: لقد بدأت في صياغة ونشر مشروعي الفكري في أوائل الثمانينيات، ومعظم المشاريع “القرآنية” التي ظهرت بعد منتصف الثمانينيات قامت على المحاور والموضوعات الرئيسة لهذا المشروع، ثم انفرد أصحابها باجتهادات لم تقم على التأصيل العلمي الذي أقمت عليه مشروعي الفكري، ذلك خالفتهم فيها.
في كتابه “الكتاب والفرقان”، الباب الثالث، الفصل الثاني، كتب د/ محمد شحرور فصلا عن “السنة”، أختلف معه في ما جاء فيه على النحو التالي:
1- من الروايات التي بدأ بها د/ شحرور هذا الفصل: رواية: “ألا أني أوتيت هذا الكتاب ومثله معه”، قال بعدها: الكتاب والسنة “الرسالة”، ثم ذكر المرجع: [جامع الأصول في أحاديث الرسول ج1/281]. ورواية: “أوتيت القرآن ومثله معه” قال بعدها: القرآن والسبع المثاني “النبوة”!!
2- يرى الدكتور شحرور أن المصحف الذي بين أيدينا اليوم لم يُجمع في حياة النبي، وإنما جُمع على مراحل، كان آخرها في زمن عثمان!! ثم يسأل: لقد كان معظم الصحابة على قيد الحياة أيام عثمان، فلماذا لم يجمعوا الحديث كما جمعوا الكتاب؟!
أقول: لقد انقطع الوحي، ولا أظن أن أحدا من الصحابة كان يوحى إليه بعد وفاة النبي. لذلك لم تكن مراحل جمع القرآن [كما يدّعون] بوحي من الله تعالى، إذن فما المانع أن تظل مراحل جمع القرآن مستمرة حتى عصر التدوين، وفيه يُدوّن القرآن والحديث، وبذلك يسقط سؤال الدكتور شحرور: “فلماذا لم يجمعوا الحديث كما جمعوا الكتاب”؟!
إن هذه واحدة من عشرات الإشكالات التي تواجه مشروع د/ شحرور في التعامل مع القرآن، ويبدو أنه لا يعلم أن رسول الله لم يمت إلا وسور القرآن مدوّنة في الصحف، بنفس الترتيب الموجود في المصحف الذي بين أيدينا اليوم، وذلك بشهادة كثير من الآيات القرآنية، وليس بشهادة التاريخ، التي اعتمدها د/ شحرور مصدرا معرفيا له!!