* «لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ – وَلَكِن لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ»
إن الإيمان بصدق «رسالة الله»، والإقرار بوجوب العمل بكل ما جاءت به من أحكام الملة والشريعة، والتسليم لها تسليما، هو الباب الوحيد للدخول في «دين الإسلام».
ولقد جاءت رسالة الله الخاتمة «آية قرآنية عقلية» تحمل نصوصها منهج حياة الناس جميعًا إلى يوم الدين، وأصبح الباب الوحيد للدخول في «دين الإسلام» هو الإيمان بصدق هذه الآية القرآنية.
وإن من مقتضيات الإيمان بهذه «الآية القرآنية» أن يخلع المؤمن ثوب الجاهلية الدينية التي كان يعيش بداخله ويرميه وراء ظهره، وينصح الناس بعدم الاقتراب منه، ويقول لهم:
* «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
أولًا:
لقد ورث المسلمون «الشرك بالله» يوم أعطوا ظهورهم لقول الله تعالى لرسوله والذين آمنوا معه:
* «مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
* «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
١- لقد أصبح فرض عين على كل مسلم أن يعيد دخوله في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الإقرار العلمي» بصدق «الآية القرآنية العقلية».
وأقول الإقرار «العلمي» لأن مفتاح الدخول في «دين الإسلام» ليس مفتاحًا «حسيًا» تراه الأعين، وإنما مفتاح «عقلي» تراه القلوب بآليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه والنظر.
٢- ومن مقتضيات الإيمان بصدق «الآية القرآنية العقلية» أن يخلع المؤمن الذي أسلم وجهه لله ثوب الجاهلية الدينية المذهبية التي كان يعيش بداخله، ولا يقترب منه مطلقا بمدح أو ذم.
وإلا كان «منافقًا» يريد أن يُبعد المسلمين عن العمل بمقتضيات إيمانهم، وأن ينشغلوا بما لا يجب عليهم الانشغال به من روايات وأساطير الأولين، والله تعالى يقول لهم «البقرة / ١٣٤»:
* «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ – وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ»
٣- لقد تكررت هذه «الآية ١٣٤» مرة أخرى «الآية ١٤١» للتأكيد على وجوب التمسك بملة إبراهيم، عليه السلام، وعدم الانشغال بما كانت تعمله الأمم التي خلت، فالإنسان سيحاسب على عمله وليس على عمل غيره، وعلى إنتاجه الديني وليس على إنتاج غيره، سواء كان حقًا أم باطلًا.
والسؤال:
ما علاقة من آمن وأسلم وجهه لله، ودخل «دين الإسلام» من بابه الصحيح، وخلع ثوب الجاهلية الدينية الأولى.
ما علاقته بالإنتاج الديني الذي قام به أئمة الفرقة التي ولد فيها، سواء كان حقًا أم باطلًا؟!
ثانيًا:
إن الذين آمنوا وأسلموا وجوههم لله، سيحاسبهم الله على «مَّا عَمِلُواْ» منذ إقرارهم العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» ودخولهم في «دين الإسلام».
أما الذين لم يدخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، ولم يسلموا وجوههم لله تعالى، هؤلاء هم الذين ظلّوا مشغولين بنقد ونقض تراث جاهليتهم الدينية الأولى، بدعوى كشف الحقائق للناس!!
فأي حقائق هذه التي أفنيتم عمركم في كشفها للناس، وما هي إلا بعض أباطيل التراث الديني لفرقة «أهل السنة والجماعة»، تُردّدونها ليل نهار، وفي مقدمتها «صحيح البخاري»، وتعطونها على طبق من ذهب لأتباع الفرق الأخرى، لتظل أزمة التكفير والتخاصم بين المسلمين قائمة؟!
١- عندما بيّن الله تعالى للناس أحوال أهل الجاهلية الدينية الأولى، وأحوال الذين خلعوا ثوبها ودخلوا في «دين الإسلام»، لم يُبيّن لهم تفاصيل الإنتاج الديني للجاهليّين، وإنما كان المحور الأساس للبيان هو «ملة الوحدانية».
فلماذا لم يدعو السلفيّون والعصريّون المسلمين إلى وجوب إعادة دخولهم في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، وشغلوهم ليل نهار بالتراث الديني الجاهلي لفرقة «أهل السنة والجماعة»؟!
لقد أصبحت على قناعة أنه سيأتي اليوم الذي أفتح فيه «الحنفية» فتنزل مياهها وهي تلعن البخاري ومروياته!!
٢- إنها حقًا «غيبوبة بُخارية» تجعل الذين يصابون بها في زمرة المنافقين، الذين أعطوا ظهورهم لنص قرآني قطعي الدلالة يحذرهم من الانشغال بأعمال الأمم التي خلت، فوقعوا في فتنة الاستجابة لما يطلبه «الجماهير» التي قامت عليها «نجوميتهم».
ولو أنهم أقاموا دعوتهم على «ملة الوحدانية»، هذه الملة التي يجب أن يقيم عليها كل مؤمن توجّهاته الدينية والدعوية، ما وقعوا في هذه «الفتنة العمياء»، لأن هذه الملة هي القاعدة الأساس التي قامت عليها دعوة جميع الرسل وقولهم:
«يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ»
ثالثًا:
ما أكثر المنكرات التي تُفرض علىَّ فرضًا خلال جولتي اليومية «الفيسبوكية»، ولا أجد وقتا للرد عليها مع أن خطرها عظيم على الفهم الواعي لـ «ملة الوحدانية» ولـ «أحكام القرآن».
ومن ذلك الفيديو المرفق، وقد أعطيته أولوية لأني نصحت صاحبه أكثر من مرة أن يخلع ثوب فرقة «أهل السنة والجماعة» لأنه ثوب «التفرق في الدين» الذي حذر الله المؤمنين منه.
أما إذا كان ولابد من نقد أو نقض ما حمله التراث الديني من أباطيل، فليكن هذا على مستوى جميع الفرق الإسلامية، أو أن يقول للناس إن «أهل السنة والجماعة» هم الفرقة الإسلامية الوحيدة الموجودة اليوم، هذا إذا أراد أن يكون نقده حسب أصول البحث العلمي.
١- لقد تتلمذ المستشار أحمد ماهر على يديّ، بعد توجهي الديني «نحو إسلام الرسول»، ولكنه انحرف عن هذا التوجه، وأقام لنفسه توجّهًا «كوكتيل» يأخذ من هنا وهناك، وساعدته في دعوته شخصيته العسكرية المحامية وأصبح نجمه يسطع في سماء الفكر المستنير.
٢- في عام «٢٠١٤م» كثرت سرقة الأفكار التي أقمت عليها توجهي الديني «نحو إسلام الرسول»، وكان المستشار أحمد ماهر من الذين أخذوا من مؤلفاتي الأفكار الرئيسة دون الإشارة إلى مصدرها، كما استخدم لفظ «منظومة التواصل المعرفي» دون بيان أنه من الأدوات التي انفرد بها توجهي الديني.
وعندما قمت بنشر الجزء الأول من سلسلة السرقات الفكرية، ومرفق الرابط الخاص به، إذا بالمستشار أحمد ماهر يُعلّق عليه وسأذكر فقط أهم النقاط باعتبار أن الرابط يحمل الموضوع كله.
فتدبروا جيدًا قوله:
١- لا شك بأنك رائد الحركة التنويرية لجميع من كانوا حولك منذ أن كنت أنت في سن الشباب، في الثلاثينيات من عمرك.
٢- أيام كنت أنا مع والدك نُجاهد قدر علمنا وفهمنا.
٣- لكنا لم نكن ممن كانوا حولك.
٤- لكني أراك قد سبقت الجميع إلى بحث نقاط بعينها.
٥- وتم انقياد الجميع إلى النور بها.
٦- وأنا ووالدك، الرئيس الأسبق للجمعيات الشرعية وإمام أهل السنة ومدير عام الوعظ بالأزهر، انصعنا لفكرتك.
# ومع إقراره بهذه الحقائق، إذا بشخصيته المحامية العسكرية تظهر فجأة، كما يحدث في معظم أحاديثه، ويقول:
٧- لكن هل تريد من التلاميذ الصمت طالما دبت فيك حياة؟!
٨- ألا تريد أن يكون من بينهم مخالفا لك؟!
٩- أتتصور بأن إدراكك فاق إدراك الجميع؟!
# تدبروا جيدًا «الأسلوب» وكيف يقلب الحقائق، لذلك أقول:
أ- إن أحمد ماهر لم يعد أصلًا «تلميذًا» لي، بعد انحرافه عن توجهي الديني، منذ بدأت مسيرتي الدينية «نحو إسلام الرسول».
ب- مرحبا بـ «المخالف» ولكن عندما يكون عالمًا مبدعًا، وليس مقلدًا يقتبس أفكار المخالفين وينشرها باسمه، ثم يقول إني لا أريد أن يكون من بين تلاميذي مخالف لي!!
١٠- وأنا أقول وأعترف بأني من تلاميذك … لكن إن كان الأمر مزعجًا لك فقد صار يزعجني أكثر، فأنا أتبرأ من تلك الكلمة التي كنت أتصور بأنها نيشان على جبينك لمجرد أنك كنت صاحب فكرة.
# هكذا يضع «أحمد ماهر» نيشان على جبيني باعتبار أني مجرد صاحب فكرة، والغريب أنه يجهل هذه «الفكرة» التي أعطاني النيشان من أجلها، وسيتضح لكم ذلك عند اطلاعكم على الربط وتعليقات الأصدقاء.
فكيف كان تلميذًا لي على أساس الفكرة التي حملها توجهي الديني «نحو إسلام الرسول»، وقد عاش حياته الدينية منذ عرفته، لا عمل له إلا هدم تراث فرقة «أهل السنة والجماعة» والمطالبة بتنقية المناهج الأزهرية!!
رابعًا:
وخير برهان على ما سبق بيانه، موضوع هذا الفيديو المرفق، الذي يستحيل أن يكون المتحدث كان متبعا في يوم من الأيام للفكرة التي أقمت عليها توجهي الديني «نحو إسلام الرسول».
يقول أحمد ماهر:
١- إن «المسلمين» لم يتعودوا تدبر القرآن، إن «المسلمين» عايزين حواديت وأحاديث، وفلان قال وعلان قال!!
# أقول:
طبعا هو يقصد المسلمين أتباع فرقة «أهل السنة والجماعة»، فقط لا غير، بدليل أنه يخاطبهم بمرويات «البخاري»، وهذا خطأ علمي منهجي لا يقع فيه طالب تمهيدي دراسات عليا، وكان عليه أن يقول: إن «أهل السنة والجماعة» لم يتدبروا القرآن …!!
٢- ثم يقول عن البخاري:
يكتب حديث عن الهجرة النبوية، يقول فيها إن أبي بكر كان مع الرسول في الغار … القصة، ثم يسأل:
فهل القرآن لم يكن موجودًا وهو يقول خمس كلمات هي:
«لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا»
فهل يصح بعد «٢٣٠ سنة» أن يبدل البخاري كلمات القرآن بخمس كلمات هي: «ما بالك باثنين الله ثالثهما»؟!
ثم ينقل عن «الشيعة» حرفيًا نفي أن يكون أبو بكر هو من كان مع النبي في الغار، لأن أبي بكر وعمر كانا قد هاجرا إلى المدينة من قبل هجرة النبي!!
فالشيعة هم الذين ينكرون في كتبهم قصة الغار، ونسيج العنكبوت، ومنها كتاب نجاح الطائي «صاحب الغار أبو بكر أم رجل آخر».
وهنا يظن المستمع أن «أحمد ماهر» هو الذي جاء بهذه المعلومة بعد جهد وبحث في أمهات كتب الفرق الإسلامية!!
٣- والذي يكشف أن «أحمد ماهر» لا يحمل أصلًا توجهًا دينيًا خاصًا به يميزه عن باقي المقلدين الناقلين من هنا وهناك، أنه يتحدث عما يُسمى بـ «علم الحديث» وهو يجهل الأصول التي قام عليها!!
أ- يجهل «السند الروائي»، ولو كان يعلم أصوله ما قال:
«فهل يصح بعد ٢٣٠ سنة أن يبدل البخاري كلمات القرآن بخمس كلمات هي: ما بالك باثنين الله ثالثهما»
لأن هذه الكلمات، بل هذه الرواية بأكملها، منقولة بـ «السند الروائي» عن «أنس بن مالك» الذي توفى «٩٠ هـ»، أي قبل وفاة البخاري بما يقرب من قرنين من الزمن!!
ولكنه المنهج العشوائي، «الهرمنيوطيقي»، الذي يجعل أتباع فرقة «أهل السنة والجماعة» سعداء وهم يعيشون في غيبوبة البخاري!!
ب- أوحى للمستمع في البداية بأن مصطلح «متفق عليه» معناه أن «الحديث» متفق عليه بين «أهل الحديث»، والحقيقة أن معنى «متفق عليه» أي متفق عليه بين «البخاري ومسلم» فقط لا غير، كما سيشير إلى ذلك بصورة خاطفة في ختام كلامه!!
ج- يجهل علوم «اللغة العربية» و«علم السياق»، ولذلك نراه يُفسر قوله تعالى «فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» ويقول:
«فأنزل الله سكينته على الرسول بس»
وهذا طبعا قول «الشيعة»، الذين يطعنون في فضل أبي بكر، وأن الله يستحيل أن يخصه بهذه السكينة!!
وبصرف النظر عن من هو «صاحبه»، فهذه مسألة لا تهمني مطلقا، فهناك «عكًا فكريًا دينيًا» لا تقبله اللغة العربية، ولا يقبله علم السياق، لذلك لزم الرد عليه.
د- فأقول:
– إن الذي كان «حزينًا» هو «صاحبه» وليس الرسول.
ـ وهذه قرينة تجعلنا نقول إن الضمير في قوله «عَلَيْهِ» عائدًا إلى أقرب مذكور وهو «صاحبه».
– إن قول الرسول لـ «صاحبه» لا تحزن جعل قلب «صاحبه» ساكنًا آمنًا.
– لاستحالة أن يكون الرسول كان هو أيضًا خائفًا، بقرينة إيمانه بمعية الله ونصره، وإلا أين نذهب بـ «إِنَّ اللّهَ مَعَنَا»، وبقرينة فاء التعقيب بعدها في قوله تعالى «فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ»، أي على من كان «حزينًا».
٤- وختم «أحمد ماهر» كلامه بنصيحة لأتباع فرقة «أهل السنة والجماعة» بأن يتقوا الله وينتبهوا إلى القرآن!!
طبعًا لا تعقيب، ولكن نصيحة للذين يتبعون «أحمد ماهر» وغيره، وهم بـ «المئات»:
إذا متم على هذا الحال، وعلى هذه المأساة العلمية الإيمانية التي حملها هذا الفيديو وأمثاله، فإنكم ستحشرون مع:
«الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
والسؤال:
متى يستفيق «أهل السنة» من غيبوبة «البخاري»؟!
محمد السعيد مشتهري
رابط الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=MDv8r41n_Es&t=125s
رابط المنشور:
https://www.facebook.com/mohamed.moshtohry.1/posts/698713073543911