نحو إسلام الرسول

(1212) 9/1/2019 سؤال لصديق:

يقول: لقد قلت في منشور بعنوان «لماذا محمد شحرور» إنك مع نهاية السبعينيات كنت قد هدمت المصدر الثاني للتشريع لجميع الفرق الإسلامية، وليس لفرقة أهل السنة فقط التي لم يكن «محمد شحرور» يعرف غيرها، ومع أوائل الثمانينيات بدأت في نشر توجهك الديني «نحو إسلام الرسول».

فهل يمكن أن تذكر لنا باختصار، الإشكاليات التي جعلتك تهدم هذا المصدر الثاني للتشريعي، والتي على أساسها تقول إن توجهك الديني «نحو إسلام الرسول» توجه متميز عن غيره؟!

فأقول:

# الكلمة الأولى: «السند الروائي والعنعنة»

يستحيل، عند جميع الفرق الإسلامية، أن يُروى حديث بدون «سند روائي» ينتهي بـ «صحابي – عن رسول الله».

١- فلو أن الصحابة كتبوا حديث رسول الله «في حياته» لورث المسلمون «الحديث» عن رسول الله مباشرة، مُدوّنًا في كتاب واحد، لا يحمل أي «عنعنات»، أي بدون «عن.. عن.. عن..» تمامًا كما ورثوا «كتاب الله» عن الله مباشرة.

٢- من خلال دراستي لهذه «العنعنات» تبيّن لي بطلان كل ما نُسب إلى رسول الله من «مرويات» الفرق الإسلامية.

فهل يُعقل أن يترك الرسول مصدرًا ثانيًا للتشريع، أوحاه الله إليه ليكون تفسيرًا للقرآن، وليستكمل به ما نقص من أحكام القرآن، ولا يحرص الرسول على تدوينه في حياته؟!

٣- ومن خلال دراستي لهذه «العنعنات» علمت كيف اخترقت الإسرائيليات المرويات قبل تدوينها، وذلك لطول الفترة الزمنية التي مر خلالها «السند الروائي» بدون تدوين، وذلك عن طريق دراسة تاريخ وفاة رواته.

* النتيجة:

إسقاط حجية «الحديث» كمصدر تشريعي، وإسقاط كل ما قام عليه من عقائد وأحكام وفتاوى تتعلق بجميع الفرق الإسلامية.

# الكلمة الثانية:

«الفتن الكبرى واستحلال الدماء»

لقد اشترك معظم الصحابة في أحداث «الفتن الكبرى»، وعلى رأسهم السيدة عائشة «أهل السنة»، وعلي بن أبي طالب «الشيعة»، ولم يمض على وفاة النبي نصف قرن من الزمن.

١- لقد أعطى الصحابة ظهورهم لآية في كتاب الله، وراحوا يسفكون دماء بعضهم بعضًا بغير حق، وهي قوله تعالى:

* «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمًا»

والحكم هو: «فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا»

وحسب شروط «الجرح والتعديل» تسقط «عدالة» كل الذين اشتركوا في أحداث «الفتن الكبرى»، بداية بقتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان، والموقف السلبي الذي اتخذوه لنصرته.

٢- لقد وجد أئمة السلف مخرجًا لإشكالية «جرح» الصحابة الذين اشتركوا في «الفتن الكبرى»، حتى لا يسقط «علم الحديث» من قواعده، وكان هذا المخرج هو:

أ- أن يضع أئمة «أهل السنة» قاعدة تسمى «عدالة الصحابة»، واعتبارها من «المعلوم من الدين بالضرورة» الذي يكفر منكره!!

ب- أن يضع أئمة «الشيعة» قاعدة تسمى «عصمة الأئمة»، واعتبارها من «المعلوم من الدين بالضرورة» الذي يكفر منكره!!

* النتيجة:

إسقاط ما يُسمى بـ «عدالة الصحابة»، وبـ «عصمة الأئمة»، على مستوى جميع الفرق الإسلامية.

وبهذا أكون قد انتهيت من الكلمتين.

* الانفراد:

أني مع أواخر السبعينيات، كنت قد كفرت بكل ما يحمله «المصدر الثاني للتشريع»، لجميع الفرق الإسلامية، وذلك على أسس علمية لم يأت بعشرها القرآنيّون، ولا أصحاب القراءات المعاصرة، الذين تصوروا أن مصيبة هذا المصدر تكمن في تراث «أهل السنة والجماعة» فقط!!

وعلى أساس هاتين الكلمتين، أطالب المسلمين جميعًا، بإعطاء ظهورهم لأي إنسان ينقد أو ينقض أي شيء من هذا المصدر التشريعي المفترى، ويكفيهم «الكلمتان».

مع الاحتفاظ بحقي في نسبتهما إليّ عند النقل والنشر.

# أما ما سيأتي بيانه، فهو دروس مستفادة من الكلمتين، فأقول:

ثالثًا:

أربعة عقود من الزمن، سبقها جهد علمي غير عادي بين أتباع الفرق الإسلامية المختلفة، للكشف عن حقيقة هذا «المصدر الثاني للتشريع» لمواجهة الفتنة الكبرى التي تعرضت لها أنا ووالدي والتي كان شعارها:

«ابن إمام أهل السنة ينكر السنة»

أربعة عقود من الزمن، وأنا ما زلت تلميذًا في مدرسة القرآن أدرس آياته، وأتعلم لغته العربية وعلومها.

١- لم أجد، «على حد علمي»، أحدًا من السلفيّين، أو من القرآنيّين، أو من أصحاب القراءات المعاصرة والمستنيرة، قد أعاد دخوله في «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية العقلية».

٢- لم أجد، «على حد علمي»، أحدًا بذل جهدًا علميًا موسوعيًا يشمل أمهات كتب الفرق والمذاهب العقدية والفقهية، وما أعلمه أنهم ظلوا يعيشون في أحضان كتب «أهل السنة والجماعة» كما تشهد بذلك وسائل إعلامهم المختلفة.

٣- والسؤال الذي سيفرض نفسه:

لماذا إذن لم يظهر نجم «محمد مشتهري» في سماء المعاصرة والتنوير والعالمية؟!

إن الإجابة عن هذا السؤال يُسأل عنها القائمون على شؤون القنوات الفضائية، وخاصة «المخضرمون» منهم، لأنهم يعلمون:

أ – أني أرفض تماما الظهور في برامج «التوك شو».

ب – أن توجهي الديني «نحو إسلام الرسول»، وقولي إن «ما هو كائن» في حياة المسلمين لا علاقة له مطلقا بـ «ما يجب أن يكون»، يصيب المسلمين بـ «الاكتئاب».

رابعًا:

أن أصحاب القنوات الفضائية يحبون «المفرقعات الدينية» التي تهدم أحمال وأغلال الأحكام القرآنية، فمثلًا:

* يظهر نجم «جمال البنا» بمجرد قوله إن التدخين لا يُفسد الصوم، ويتبعه آخرون!!

* ويظهر نجم «محمد شحرور» لقوله إن معظم أهل الأرض في الجنة، ويبيح العلاقات الجنسية المحرمة، ويُفتي بجواز تعامل المرأة مع الرجال كاشفة جسدها كله، باستثناء الثديين والعورتين، يعني أن تمشي بين الناس بما يُسمى «البكيني»، ويتبعه آخرون!!

* ويظهر نجم «أحمد صبحي منصور» لقوله إن باب «تعدد الأزواج» مفتوح على مصراعيه بدون عدد، ويتبعه آخرون!!

ولقد حملت منشورات الصفحة البراهين القرآنية الدالة على بطلان كل هذه القراءات القرآنية الشاذة، لهؤلاء ولغيرهم.

وبناء على ما سبق:

فهل يُعقل أن يأتي اليوم الذي يسطع فيه نجم «محمد مشتهري» في سماء المعاصرة «السُنّية» والتنوير «السني»، ويحصر توجهه الديني في نقد ونقض تراث فرقة «أهل السنة والجماعة»؟!

يستحيل، ولذلك:

١- أنشأت قناة على اليوتيوب باسم «نحو إسلام الرسول» أعرض عليها ما أريد قوله، فيستحيل أن أداهن وأقول إن «ما هو كائن» في حياة المسلمين هو نفسه «ما يجب أن يكون» وفق القرآن.

٢- وكان من الطبيعي أن تكون نسبة المشاهدة لفيديوهات «نحو إسلام الرسول» صفر «مجازًا» مقارنة بنسبة مشاهدة فيديوهات نجوم المعاصرة والتنوير.

خامسًا:

عندما تحدثت عن «السرقة الفكرية» خرج من يقول:

ألم تبتغ بعملك وجهدك وجه الله، إذن فاترك من يسرق يسرق لأن المطلوب في النهاية انتشار الأفكار بصرف النظر عن أصحابها!!

فأقول:

١ – إن شماعة «ابتغاء وجه الله» شماعة «المفلسين علميًا»، فما علاقة «النية» التي لا يطلع عليها إلا الله، بـ «العمل» الذي سنحاسب عليه جميعًا، وفي مقدمته:

النهي عن منكرات الفيس الدينية، التي لو لم ينه المسلمون عنها ماتوا «منافقين»، وأن تُحترم حقوق النشر.

٢ – أنا لا أقبل أن أرى أفكاري تنسب إلى غيري، فيختلط الأمر على الناس، إلا إذا ذكروا المصدر الذي نقلوا عنه واسم صاحبه حسب أصول البحث العلمي.

٣- والسؤال للذين يدافعون عن السرقات الفكرية بدعوى حرية الرأي والفكر الحر:

إذا كانت شماعة «ابتغاء وجه الله» هي حجتكم:

إذن فلماذا لا تطلبون «السُرّاق» بذكر أسماء من يسرقون أفكارهم وذلك «ابتغاء وجه الله» أيضًا؟!

لماذا يُصرّون على إخفاء أسماء أصحاب الحقوق والمصادر التي يتقلون عنها؟!

الجواب:

لأن هذه هي صفات الذين يعيشون العالم الثالث المتخلف في كل شيء.

أما في العوالم المتقدمة، نجد كتابا عبارة عن «٥٠ صفحة»، وقائمة مراجعه تصل إلى «١٠٠ مرجع»، لماذا؟!

لأن هناك شيء اسمه «الأمانة العلمية».

وهذه «الأمانة العلمية» لن تقلل من شأن المؤلف، وأن يكون كتابه كله عبارة عن نقل نصوص من كتب أخرى حول موضوع معين، وقد كان بإمكانه أن يأخذ الأفكار وينسج حولها كلامه ولن يكتشف أمره، ولكنه يستحيل أن يفعل ذلك، لماذا؟!

لأنه تربى منذ صغره على «الأمانة العلمية».

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى