نحو إسلام الرسول

(120) 26/1/2014 (“الحكمة”، ليست مصدرا تشريعيا مستقلا عن الكتاب!! )

(الحكمة) خُلق يتحلى به [المتدبر] لآيات الكتاب، [المستنبط] لأحكامه، في إطار منظومة [تعليمية]، لها منهجها وأدواتها.
إن (الحكمة) نعمة، يؤتيها الله من يشاء من عباده: “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ”، فلقد آتى الله آل إبراهيم الكتاب و(الحكمة) والملك العظيم. [النساء 54]، وآتى داود الملك و(الحكمة)، وعلمه مما يشاء. [البقرة 251]، وآتى عيسى الكتاب و(الحكمة) والتوراة والإنجيل. [آل عمرن 48]، وأنزل الله على رسوله محمد، عليه السلام، الكتاب و(الحكمة) وعلمه ما لم يكن يعلم. [النساء 113].
إن (الحكمة) ليست حكرا على رسول من الرسل، وإنما آتاها الله جميع الرسل. والحكمة التي أنزلها الله على رسوله محمد، هي الحكمة التي تضمنها الكتاب، والعلم الذي تعلمه الرسول، هو العلم الذي تضمنه الكتاب، وهكذا جميع الرسل. ذلك أن (الحكمة) و(العلم) من الأشياء غير الملموسة، التي تحتاج إلى مصدر تُستقى منه، ومصدر (الحكمة) التي أنزلها الله على رسوله الخاتم هو الكتاب. وهذا ما بينته آيات سورة الإسراء، يداية بالآية [22] وحتى الآية [39].
لقد بدأ سياق هذه الآيات بالأمر بالوحدانية [الآية 22]: “لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً”، وانتهى بقوله تعالى: “وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً [37] كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً [38]. ثم قال تعالى بعدها: “ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ (الْحِكْمَةِ) وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً”، أي وانتهى أيضا بالأمر بالوحدانية.
إن اسم الإشارة [ذلك] يشير إلى ما سبق الآية [39] من آيات [22- 38] وهذه الآيات قد جمعت أصول الشريعة الحكيمة، ثم قال الله بعدها: “ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ (الْحِكْمَةِ)”، إذن (الحكمة) هنا يستحيل أن تكون هي نفسها الآيات [22- 38]، لأنها في هذه الحالة تكون مرادفة للآيات، والقرآن ليس فيه ترادف!! وعلى هذا فإن (الحكمة) هي ما يُستنبط من هذه الآيات من أحكام، تواجه تحديات وظروف وإمكانات كل عصر.
لقد دعا إبراهيم، عليه السلام، ربه فقال: “رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَ(الْحِكْمَةَ) وَيُزَكِّيهِمْ…”، فهل كان إبراهيم يعلم أن هذه (الحكمة) ستكون مصدرا تشريعيا ثانيا، باسم “الأحاديث النبوية”، مستقلا عن كتاب الله، ينسخ آياته، ويحل ويحرم، بغير إذن من الله تعالى؟!
وإذا كانت (الحكمة) هي “السنة النبوية”، كما يدعي أنصار الفُرقة والمذهبية، فلماذا لم يتوارث الأجيال مصطلح (الحكمة)، الذي نص عليه القرآن صراحة، وذهبوا يتبعون مصطلحا مذهبيا (السنة)، وظّفته كل فرقة حسب مدارسها في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف؟ّ! لقد نزع الله تعالى (الحكمة) من قلوبهم، “وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ”!!
* “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى