نحو إسلام الرسول

(119) 23/1/2014 (كيف تدعو إلى التغيير وقلبك لم يتغير؟)

إن التحديات التي يجب أن نواجهها، ونحن ندعوا إلى التغيير، هي التحديات التي تعيش في قلوبنا، فإن أردنا التغيير علينا أن نواجه أولا ما في قلوبنا، بفهم واع، وإرادة قوية، وإدراة حكيمة. وهذا ما دعا إليه المنهج القرآني في التغيير؛ تغيير ما بأنفس القوم أولا قبل الدعوة إلى تغيير واقعهم الخارجي: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”.
لقد وضع المنهج القرآني القواعد لتغيير ما بالأنفس، وترك التفاصيل لأحوال الناس وظروفهم وإمكاناتهم، على مر العصور، وعلى رأس هذه القواعد إيمانهم بالسنن الإلهية، الحاكمة لهذا الوجود، والوقوف على آليات عملها في حياة الناس، وأن طبيعة معيشتهم، من سعادة أو شقاء، من راحة أو ضنك…، هم الذين يصنعونها بأيديهم.
فالمُعرِض عن ذكر الله، أي عن آيات القرآن الحكيم، ستكون معيشته ضنكا، كما قال تعالى في سورة طه: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ [ذِكْرِي] فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [124] قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً [125] قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ [آيَاتُنَا] فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [126]
و”النعمة” لا تزول إلا إذا أراد الإنسان زوالها، بسلوكه وتصرفاته المخالفة لسنن النعم، كما قال تعالى في سورة الأنفال: “ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”. وهل بعد نعمة “الإسلام”، وهداية القرآن، من نعمة؟!
إن الناس تكون في عصر “النبوات” مؤمنة صالحة، ثم يتغير حالها بعد موت “الرسل” ببطر نعمة الإيمان، فتنحرف عن منهاج “النبوة”، ويعظم فسادها، وأعظم الفساد هو الشرك بالله، وهنا يغير الله تعالى ما كانوا عليه من نعمة الإسلام والوحدانية، إلى نقمة عذاب التفرق إلى شيع وأحزاب…، فقد أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، فتدبر: “قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ [عَذَاباً] مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ [يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً] [وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ] انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ [لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ]”.
إن المسلمين كافة يؤمنون بإله واحد، وبرسول واحد، وبكتاب واحد، فلماذا حقت عليهم نقمة عذاب التفرق والتخاصم والتقاتل؟!
والجواب: لأنهم يوم أشركوا بكتاب الله مصادر تشريعية، ما أنزل الله بها من سلطان، استحقوا أن يبعث الله عليهم عذاب التفرق والتقاتل والتخلف والضياع.
وإن من رحمة الله تعالى بالناس أن جعل أدوات التغيير، إلى الأفضل، أو الأسوأ، بيد كل واحد منهم، لا بيد غيره، وعلى قدر قناعة المرء الذاتية بتغيير ما في قلبه، من عقائد ومعارف وأفكار…، على قدر نجاحه في تغيير واقعه الخارجي، فالمسألة أولا وأخيرا مسألة إرادة، قائمة على قناعة ذاتية، لتغيير ما بالنفس، وفهم واع لسنن هذا الوجود، الأسباب والنتائج، وتسخيرها لصالح سعادة الناس وتقدمهم وتطورهم الحضاري.
“اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى