عندما يغفل الإنسان عن دلائل الوحدانية التي تشهد أن لا «إله» لهذا الوجود إلا «الله»، وتشهد أن «محمدًا رسول الله» باعتبار تفاعل نصوص «آيته العقلية القرآنية» الدالة على صدق «نبوته» مع مقابلها الكوني في هذا الوجود.
يصبح مصير هذا الإنسان «جهنم»، لأن الله تعالى قال لبني آدم من قبل أن يخرجوا إلى هذه الدنيا:
* «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا»
* «أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»
ولأن الإنسان الذي لم يَقُم بتفعيل آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر..، التي فضله الله بها على سائر المخلوقات، كان من المنطقي أن يكون هذا مصيره:
* «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ»
* «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا – وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا – وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا»
* «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ – أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ»
أولًا:
إن من «الغافلين» الذين لا يَفْقَهُونَ القرآن بآليات عمل قلوبهم، ولا يُبْصِرُونَ دلائل الوحدانية بأعينهم، ولا يَسْمَعُونَ الحق بآذانهم، من جعلوا لـ «آذان الأنعام» نظرية، وأقاموا عليها فرعًا لمنظمة الإلحاد العالمية.
لقد فتح «الغافلون» الملحدون الباب لكل من هب بـ «منكر» ودب بـ «إلحاد» على شبكات التواصل الاجتماعي ليشاركهم هذا الإلحاد، وسمّوا مجموعتهم «نظرية آذان الأنعام»!!
ولن يشفع لمن انضم إلى هذه المجموعة قوله إنه ينهى عن المنكر ويرد على شبهات الملحدين، لأنه لو كان على علم بفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لفعل ذلك وهو خارج المجموعة.
فإن دخلها ليضع رأيه، فعليه أن يخرج منها فورًا.
ولن أذكر صور الإلحاد المختلفة التي تُميز هذه المجموعة، لأنها في متناول أيديكم، ومعظمها «هوس ديني» لا يحتاج إلى ردود علمية قرآنية، ويسهل إسقاطه ببدهيات المنطق، وعلى هذه الصفحة أمثلة على ذلك.
ولكن لفت نظري قول أذن من آذان هذه الأنعام:
القرآن يتحدى بشر أن يأتو بشي مثله، و أنا أقول بسم زيوس الكبير:
«الفاحشة ما الفاحشة و ما أدراك ما الفاحشة أن تنكح طفلة طائشة عمرها تسع سنوات و اسمها عائشة»
صدق زيوس الكبير.
فماذا نفعل عندما تكون معظم منشورات هذه المجموعة على هذا الإلحاد وأقذر منه؟!
ثانيًا:
إن الذي يتعامل مع القرآن باعتباره كتابًا إلهيًا فقط، لم يدخل «الإيمان» قلبه، ولم يدخل «دين الإسلام» بعد.
١- إن الذين آمنوا بنبوة موسى وعيسى، عليهما السلام، آمنوا على أساس «الآيات الحسية» التي أيدهما الله بها، فعلى أي أساس آمن المسلمون بصدق «نبوة» رسول الله محمد؟!
٢- إن الذين عاصروا النبي لم يؤمنوا بصدق «نبوته» على أساس كتاب الله، فهل آمن بنو إسرائيل بموسى على أساس كتاب الله، وهل آمن النصارى بعيسى على أساس كتاب الله؟!
٣- لقد كان البرهان على أن «الكتاب» الذي أنزله الله على رسله هو من عند الله «برهانًا حسيًا» تراه الأعين وتنتهي فعاليته بوفاة الرسول، باستثناء برهان صدق «نبوة» رسول الله محمد.
٤- لقد جاء البرهان على صدق «نبوة» رسول الله محمد «آية عقلية قرآنية» عجز الإنس والجن أن يأتوا بمثل نصوصها، وهنا يجب أن نفرق بين «الآية الحسية» و«الآية العقلية».
ثالثًا:
١- «الآيات الحسية» أيد الله بها جميع الرسل – تعمل في «عالم الشهادة» – يتحرك بها النبي بين الناس لا تنفصل عنه – يشاهدها الناس بأعينهم – ولذلك تقوم حجيتها على وسائل الإدراك – وتنتهي فعاليتها بوفاة النبي.
٢- «الآية العقلية» خص الله بها رسوله محمدًا – تعمل في «عالم الشهادة» – غير مرتبطة بحياة النبي – ولذلك تقوم حجيتها على براهين علمية وأدوات مستنبطة من ذاتها – وفعاليتها ممتدة إلى يوم الدين.
ويجب أن نفرق بين:
أ- «الشهادة الحسية»: التي تقوم على علم يقيني بما أدركته وسائل الإدراك وقت وقوع الحدث، فهي تتعلق بـ «المعاصرة».
ب- «الشهادة العلمية»: التي تقوم على البراهين العلمية الدالة على صدق ما يجب الإيمان به من عالم الغيب، فهي لا تتعلق بـ «المعاصرة».
رابعًا:
فإذا ذهبنا إلى عصر «الآيات الحسية» وجدنا أن الإيمان بالله يقوم على «الشهادة العلمية» القائمة على دلائل الوحدانية، فالله تعالى لا تدركه الأبصار، فصح أن يقول المؤمنون:
«نشهد أن لا إله إلا الله»، لأن هذه «شهادة علمية».
وإذا كان أتباع رسول الله موسى أو عيسى يقولون:
و«نشهد أن موسى رسول الله»، فهذه «شهادة حسية» قائمة على معاصرتهم لعيسى عليه السلام، ومشاهدة «آياته الحسية» بأعينهم.
# فقولهم وشهادتهم صحيحة.
ب- فإذا ذهبنا إلى عصر «الآية العقلية القرآنية» وجدنا أن الإيمان بالله يقوم على «الشهادة العلمية» … إلى آخر ما ذكرنا في «أ».
فإذا قال أتباع رسول الله محمد في حياته:
و«نشهد أن محمدًا رسول الله»، فهذه «شهادة حسية» قائمة على معاصرتهم لمحمد عليه السلام، ومشاهدة فعالية «آياته العقلية القرآنية» على أرض الواقع بأعينهم.
أما بعد وفاته، فلم تعد الشهادة «شهادة حسية»، وإنما أصبحت «شهادة علمية» فرسول الله أصبح غيبًا بالنسبة للناس، ولذلك يصح للمسلمين أن يقولوا:
«نشهد أن محمدًا رسول الله»
تماما كقولهم «نشهد أن لا إله إلا الله» القائم على «الشهادة العلمية».
بل إن من أصول الإيمان التي يكفر منكرها أن يقول المؤمن:
أشهد أن «لا إله إلا الله» وأشهد أن «محمدًا رسول الله».
فيأتي الملحدون «الجُهال» ويقولون:
أن من قال «أشهد أن لا إله الا الله»، وأضاف إليها و«أشهد أن محمدًا رسول الله»، فقد أشرك بالله!!
خامسًا:
لقد شهد المنافقون أن محمدًا رسول الله، وأخبر الله تعالى رسوله أن المنافقين كاذبون، لماذا؟!
تعالوا نتدبر قوله تعالى:
* «إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ – وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ – وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ»
تدبر الحكمة من وجود مقام (العلم):
«وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ»، في سياق (الشهادة): «وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ»!!
١- إن من مكر المنافقين أنهم أظهروا خلاف ما في قلوبهم، فأبطنوا كفرهم بنبوة رسول الله محمد، وأظهروا إيمانهم بشخص محمد كرسول، فكانوا صادقين في شهادتهم «الحسية» كاذبين في شهادتهم «العلمية القلبية».
٢- وإن من مكر الملحدين المسلمين المنافقين إبعاد المساكين الذين لا يعلمون عن «ما يحب أن يكون» عليه تدينهم، وإشغالهم يوميا بمنشورات إلحادية تفتنهم في تدينهم.
إن حلقات الشهادة «الحسية» و«العلمية» أن:
«لا إله إلا الله محمدًا رسول الله»
بدأت صحيحة في عصر الرسالة:
* «لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ»
وكان على «الذين آمنوا»، أتباع رسول الله محمد، أن يقيموا «الشهادة العلمية» على الناس، تنفيذا لأمر الله لهم بعدها:
* «وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ»
فهل أقاموها؟!
انظروا وتدبروا واعقلوا وافهموا ما يُنشر على الفيس بوك كل ثانية من المسلمين والمسلمات الذين لا نعرف ملتهم إلا عن طريق أسمائهم التي فرضت عليهم يوم ولدوا.
وقولوا: «إلي اختشوا ماتوا»
ولم يبق إلا الغلمان والملحدون وأهل الشهوات يعبثون بأحكام القرآن وهم يكتبون منشوراتهم من داخل مقبرة التخلف الحضاري، ثم يختمونها بالدعاء أن يوفق الله أصحابها والمساكين المتابعين لهم، إلى ما يحبه الله ويرضاه!!
محمد السعيد مشتهري