نحو إسلام الرسول

(1174) 28/8/2018 «الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ»

يرى أولوا الألباب، أهل البصيرة من متدبري القرآن، أن سبب المعيشة الضنك التي يعيشها المسلمون منذ قرون مضت وإلى اليوم، هو إعراضهم عن «ذكر الله».

و«ذكر الله» هو آيات الله المقروءة في الكتاب، وتفاعلها مع مُسَمّياتها المشاهدة في الكون، والتي يستحيل أن يتذكر الناس الآيات بدونها:

* «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى»

* «قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً»

* «قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى»

أولًا:

إن الإعراض عن «ذكر الله» إعراضٌ عن العمل بما جاء به القرآن، ويوم انقلب المسلمون على أعقابهم، وسفك بعضهم دماء بعض في فتن كبرى، حدث ذلك بسبب إعراضهم عن قوله تعالى:

* «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً»

ثانيًا:

ويوم تفرق المسلمون في «دين الإسلام» إلى فرق ومذاهب عقدية متخاصمة متقاتلة، حدث ذلك بسبب إعراضهم عن قوله تعالى:

* «… وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

ثالثًا:

ويوم أصبحت قلوب المسلمين ترى المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، وقامت على هذه المصيبة العقدية مصائب لا حصر لها، ومنها عدم الالتزام بحدود الله في عقود النكاح، ولا في تربية الأولاد…، حدث ذلك بسبب إعراضهم عن قوله تعالى:

* «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ»

* «كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»

لقد تركت الأم أولادها في المنكرات لأن «عاطفة الأمومة حاكمة»، وترك الأب أولاده في المنكرات لأنه «مشغول مش فاضي»، وقبل الزوجان فعل المنكرات حتى لا تنفك عرى الزوجية!!

رابعًا:

ويوم أصبحت العلاقات الاجتماعية، والصداقات الحميمة «الأَخِلاَّءُ»، قائمة على «المصالح الدنيوية»، بمعزل عن «تقوى الله»، حدث ذلك بسبب إعراض الناس عن قوله تعالى:

«الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ»

إن كلمة «الأخلاء» جمع خليل، واتخاذك «فُلاناً خَلِيلاً» أي صاحبًا تلازمه وتحبه وتودّه إلى درجة تخلّله في كل شيء في حياتك، سواء في الخير أو في الشر.

وإن من لوازم الحب بين الأخوة والأصدقاء «الأخلاء» إعانة كل طرف الآخر في أموره الحياتية، ولكن على أي أساس يقوم هذا الحب، وتقوم هذه الصداقة؟!

إن هذه العلاقات «الأخوية» المتداخلة، التي يرعى أفرادها مصالح بعضهم بعضا، نجدها في «الجماعات الدينية المغلقة»، إسلامية كانت أو غير إسلامية.

كما نجدها على مستوى دول العالم، في المراكز الإسلامية المذهبية «الموجهة»، وبصورة أوضح في مجتمعات الأحمدية!!

وكلها توجهات دينية لا علاقة لها بمبادرة «نحو إسلام الرسول» التي تدعو المؤمنين بمشروعي الفكري بإنشاء مجتمعات «الإيمان والعمل الصالح» في البلاد التي يعيشون فيها.

وقد نشرت هذه المبادرة منذ ما يزيد عن عام ولم تحرك ساكنًا!!

خامسًا:

لماذا تهدم البيئة التي يعيش بداخلها المسلمون ما يبنوه كل يوم في قلوب أولادهم، من إيمان وقيم وأخلاق وأعمال صالحة؟!

* وإلا فأين ثمار هذا البناء التي تشهد بأنهم غيّروا ما هو كائن في حياتهم إلى ما يجب أن تكون عليه حياة المؤمنين الذين أسلموا وجوههم لله تعالى؟!

وماذا يعني أن يدخل المرء بيوت المسلمين فلا يجد «إيمانًا»، ولا يجد «تقوى»، إلا بعض الآيات القرآنية المعلقة على جدران البيت تذكر الناس بهما!!

* وإلا فأين ثمار هذا الإيمان، وأين ثمار هذه التقوى، في ذرياتهم؟!

لذلك فإن أول الطريق يبدأ بـ «الأخلاء»:

* «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً»

لأن الذي لا يُحسن اختيار خليله ظالم لنفسه ولعائلته ولمجتمعه:

* «يَا وَيْلَتا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً»

وإن «البيت المؤمن» الذي أسلم أفراده وجوههم لله تعالى، بيت يراقب طبيعة الصدقات التي يقيمونها مع الآخرين:

* «لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي – وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً»

سادسًا:

إن الشعور بالحب يتجه نحو الذي يأتي لك بخير، أو يدفع عنك ضررًا، فإذا لم يأت منه إلا الضرر فلا مكان في القلب لحبه.

فإذا كان الخير، الذي يوجب حصول المحبة، يتعلق بخيرات الدنيا، وخيرات الدنيا ليست دائمة، قابلة للتغير والانقطاع.

تغيرت المحبة إلى نفرة لارتباطها بدوام حصول الخيرات.

فإذا كانت الخيرات الموجبة للمحبة لا تتغير ولا تنقطع، أخذت المحبة صفة الدوام.

فإذا قامت «المحبة» من أجل مصالح الدنيا وزينتها، زالت بزوال المصالح، وأصبحت مصدرًا للعذاب النفسي في الدنيا، ولعذاب الكره والبغضاء في الآخرة.

أما إذا قامت «المحبة» من أجل ثواب الآخرة القائم على الالتزام بما أمر الله به في كتابه، كانت هي الباقية، وهي الأقوى ثباتًا ورسوخًا في الحصول على سعادة الدارين.

«الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى