نحو إسلام الرسول

(116) 19/1/2014 (“وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً”)

“فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً”

لقد جاءت سورة البقرة، أول سورة بعد فاتحة الكتاب، تبيّن أن هداية الناس إلى صراط ربهم المستقيم، تكون في اتباعهم “كتاب الله”، الذي لا ريب فيه، وأن مفتاح “هداية الكتاب” في “تقوى الله”: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ”، وأن الناس في تلقيهم وانتفاعهم بهذا الكتاب ينقسمون، على مر العصور، أصنافا ثلاثة: مؤمنا [تقيا]، وكافرا، ومنافقا.
لقد آمن “المتقون” بالغيب، وهذه أول صفة من صفاتهم. لقد آمنوا بوحدانية الله، وبفاعلية أسمائه الحسنى، قبل إرسال الرسل، وإنزال الكتب، لقد علموا أن الذي خلقهم فهو يهديهم، وأنه هو الذي يطعمهم ويسقيهم، وإذا مرضوا فهو يشفيهم، وهو الذي يميتهم ثم يحييهم…، فلما جاءتهم الرسل، ومعهم براهين “النبوة”، كانوا أول من آمنوا بهم، وبرسالاتهم، على علم وبصيرة.
وبعد أن بيّن الله تعالى صفات الأصناف الثلاثة، أمر الناس بالتحلي بصفات المؤمنين المتقين: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، كما أمرهم ألا يشركوا بالله شيئا: “فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ”. ثم أقام الله حجته على الكافرين [مشركين ومنافقين]، المشككين في حجية كتاب الله، وطلب منهم أن يأتوا بمثل سور هذا الكتاب، وأخبرهم بعجزهم عن فعل ذلك، ولو كان هذا العمل في حدود طاقتهم، ما توانوا لحظة عن الإتيان بمثل هذا الكتاب وإسقاط حجيته!! لذلك جاء التهديد المباشر لهم: “فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ”.
والسؤال: إذا كانت سورة البقرة قد جاءت في بدايتها تبيّن أن “تقوى الله” هي مفتاح الإيمان بحجية الكتاب الإلهي الواجب على الناس كافة اتباعه، وأن البرهان على هذه الحجية هو الإتيان بمثل سور هذا الكتاب، وأن الذين لم يؤمنوا بهذا الكتاب، ولم يستطيعوا الإتيان بمثله، هؤلاء هم وقود النار، أعدت لهم…، فكيف يجرؤ مسلم، أن ينسب إلى الله كتابا، يحمل وحيا ثانيا، باسم [الأحاديث النبوية]، وقد صنعها الرواة والمحدثون بأيديهم، واستطاع “الوضّاعون” أن يأتوا بمثلها، وبمثل مثلها…، حتى دونت في أمهات [كتب الحديث]، بعد قرن ونصف قرن من وفاة الرسول، على أقل تقدير؟!!
ألم يقرأ هؤلاء شيئا عن طبيعة وخصائص “الوحي الإلهي”، وأن الله تعالى تعهد بحفظ نصوص هذا الوحي، وإن من آليات هذا الحفظ تدوينه في الصحف في حياة النبي؟! ألم يتدبروا قول الله تعالى في سورة الإسراء: “وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي [أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ] ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً”، ثم قوله تعالى بعدها مبيّنا تعهده بحفظ نصوص هذا الوحي: “قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً”!!
ألا يتقون الله؟! ألا يخافون من الشرك بالله؟! ألا يخافون من النار التي أعدّت خصيصا للذين نسبوا إلى الله تعالى كتبا، كتبوها بأيديهم، واستطاع الإنس والجن أن يأتوا بمثلها؟!
* “فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى