فرق كبير بين:
أولًا:
أن أتبع أصول البحث العلمي في إثبات مدى حجية «الإسلام الوراثي» الذي عليه أتباع جميع الفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة، فأجد أن هذا الإسلام غير مقبول عند الله، فأكفر بهذه الفرق جميعها.
وأبدأ الطريق إلى «دين الإسلام» بإثبات حجية «الآية العقلية القرآنية» المعاصرة للناس اليوم، وأعكف على دراسة القرآن بحثًا عن الأدوات التي أمر الله الناس باتباعها لفهم آياته واستنباط أحكامها.
١- فأجد أنها خمس أدوات مستنبطة من داخل القرآن وهي:
أ – منظومة التواصل المعرفي:
# وهي المحور الأساس الذي تدور حوله باقي الأدوات
ب – اللسان العربي:
# وقد حفظه الله في مراجع اللغة العربية بحفظه للنص القرآني.
ج – السياق القرآني:
# وهو علم له قواعده وأصوله التي تضمن تناغم معنى الكلمة المنتقى من مراجع اللغة مع السياق الذي وردت فيه.
د – آليات عمل القلب:
# وهي آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه… إلى آخر الآليات.
هـ – آيات الآفاق والأنفس:
ليس باعتبارها تحمل دلائل الوحدانية، وإنما أيضا باعتبارها المبيّنة للإشارات العلمية التي حملها القرآن، والتي يُرجع فيها لأهل الاختصاص.
٢- وبعد أن وقفت على أدوات فهم القرآن، قمت بوضع المنهجية العلمية التي يجب أن تعمل هذه الأدوات من خلالها عند التعامل مع القرآن، وفق أصول البحث العلمي.
ولقد اختبرت هذه المنهجية العلمية في ميدان الدراسات القرآنية وبيان أحكام القرآن، منذ أوائل الثمانينيات وإلى يومنا هذا، ولم يحدث أن واجهت مشكلة تقتضي تعديلها.
# القاعدة: عندما تكون الأصول والمقدمات صحيحة، فإن النتائج تكون صحيحة.
ثانيًا:
١- فرق كبير بين منهجي، الذي يقوم على قاعدة حجية «الآية العقلية القرآنية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، والذي أرى أنه هو الذي يحمل اليوم القراءة المعاصرة للقرآن.
ومنهج صاحب القراءات القرآنية المعاصرة، الذي يقوم على قاعدة «إشكاليات التراث الديني» لفرقة واحدة من الفرق الإسلامية وهي فرقة أهل السنة والجماعة!!
٢- فرق كبير بين منهجي الذي ولد في أحضان علماء أهل السنة والجماعة، وفي بيت إمام أهل السنة والجماعة، والدي الشيخ عبد اللطيف مشتهري، فعشت بنفسي داخل الأزمة الدينية، ثم خرجت منها بسلام، وأنا كافر بجميع الفرق الإسلامية وبتراثها الديني.
ومنهج صاحب القراءات القرآنية المعاصرة، الذي قام على حكم فقهي لم يُعجبه، وحديث سمعه من خطيب جمعة فلم يتخيل أنه من الإسلام!!
فلما ذهب يستكمل تعليمه في دولة يحكمها «التفسير المادي للوجود»، تشرب قلبه هذا التفسير، ولما عاد إلى بلده قرر أن يُفسّر القرآن تفسيرًا «ماديًا جدليًا ماركسيًا».
ونلاحظ أنه ما زال يلبس لباس فرقة «أهل السنة والجماعة» ويتعامل مع تراثها الديني، سواء بالنقد أو بالقبول «إن صح»!!
ثالثًا:
فرق كبير بين منهجي الذي يقوم على أدوات فهم القرآن المستنبطة من داخله، والذي لا يقبل التعامل مع التراث الديني لأي فرقة من الفرق الإسلامية، حتى وإن وافق كله القرآن، لأنه بدعة شيطانية لا حجية له أصلًا.
وبين صاحب القراءات القرآنية المعاصرة الذي أقام منهجه على مسألة لغوية اسمها «الترادف»، لأنها المفتاح الوحيد الذي يستطيع به هدم أحكام القرآن كلها باسم القراءة المعاصرة!!
١- لقد بدأ في نشر نموذجًا لـ «التفسير المادي للقرآن» سَمّاه «الكتاب والقرآن»، وبيّن فيه منهجه، والمصطلحات التي يستخدمها في التعامل مع القرآن.
وطبعا لم تكن هناك لا منهجية علمية، ولا أدوات مستنبطة من القرآن، لأن «التفسير المادي للوجود» يقوم على التلاعب بـ «لغات الشعوب» وتوظيفها لتحقيق أهداف أصحابه، وقد بينت ذلك في منشورات سابقة.
٢- ولذلك كانت مسألة «الترادف»، أهم مسألة يقيم عليها صاحب القراءات القرآنية المعاصرة إلحاده في أحكام القرآن، واختبر بها عقول المسلمين واستخفها لجهلهم بعلوم اللغة العربية، بل ولجهلهم ببدهيات لغوية، مثل الفرق بين تعدد «الذوات» وتعدد «الصفات».
«فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ»
٣- إن الذات واحدة وهي:
* «التنزيل الحكيم»
والصفات متعددة وهي:
* القرآن: «مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى … تَنزِيلاً …»
* الكتاب: «تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ»
* الفرقان: «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ…»
* النور: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً»
* الذكر: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»
٤- والحقيقة أن مسألة «الترادف» لا أصل لها في القرآن، وهي من بدع أئمة السلف، شاركهم فيها بعض فقهاء اللغة، والهدف منها باختصار أن «نمسك العصا من المنتصف»، فنقبل الترادف إذا كان سيخدم توجهنا الفكري، أو نرفضه!!
وقد سبق تفصيل ذلك في عشرات المنشورات.
رابعًا:
فرق كبير بين منهجي الذي أقمت عليه في أوائل الثمانينيات دراسة علمية تأصيلية مقارنة، تُظهر إشكاليات التراث الديني للفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة، بعنوان «نحو تأصيل الخطاب الديني»، وهي من ثلاثة أجزاء تم توزيعها على علماء من كل فرقة استعدادا لمناقشتها في مؤتمر باسم:
«السنة والتشريع بين أزمة التخاصم والتكفير»
فقامت الدنيا ولم تقعد، وخاصة من علماء أهل السنة، الذين أصدروا فتاوى الردة والتكفير والتهديد بالقتل!!
الأمر الذي استلزم أن يُصدر الوالد بيانًا باسمه في الصحف الرسمية يقول فيه إنه الذي أعطاني هذه الدراسة لأقوم بتحقيقها علميًا، كما هو مُبيّن في البوست المرفق.
وبين منهج صاحب القراءات القرآنية المعاصرة الذي بعد أن استخف قومه فأطاعوه، ذهب يُفسد لهم حقيقة إيمانهم وحقيقة إسلامهم!!
١- فهل يُعقل أن يُسَلّم مؤمن عاقل أمره لشخص، ويُطيعه في كل ما يأمر به، دون أن يكون مؤمنًا بأن هذا الشخص له الحق في أن يأمره فيطيعه، إلا إذا كان منافقًا أو تحت ضغط قهري اضطره إلى ذلك؟!
٢- ألم يقرأ صاحب القراءات القرآنية المعاصرة يومًا قوله تعالى:
* «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ»
إذن «الإيمان» أولا، ثم البرهان على صدق هذا «الإيمان» يثبته الواقع العملي:
* «حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»
والتأكد من سلامة القلب في مواجهة هذا الواقع العملي:
* «ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ»
ثم يأتي «الإسلام» و«التسليم» الذي يُميّز المؤمن عن المنافق:
* «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»
ولذلك عندما قال المنافقون آمنا، وهم كاذبون لأن الإيمان لم يدخل قلوبهم أصلا، ويعيشون بين المسلمين وهم يظهرون إسلامهم وتسليمهم لأحكام الشريعة حتى لا ينكشف أمرهم.
كشف الله لرسوله هذه المسألة، فقال تعالى:
* «قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ..»
خامسًا:
إن أخطر ما أصاب المسلمين في مقتل فكري عقدي، أنهم لم يتربوا على منهجية البحث العلمي في طفولتهم، لذلك كان من السهل انقياد كل واحد منهم إلى أي توجه ديني يتناغم مع هواه فيتبعه بغير علم!!
وهذه هي مأساة ما يسمى بـ «الفكر الإسلامي»، منذ تفرق المسلمون في «دين الإسلام» إلى فرق ومذاهب عقدية وفقهية، وإلى يومنا هذا!!
١- لذلك لم يكن غريبًا أن يصف البعض منهجي الذي أقمت عليه مشروعي الفكري «نحو إسلام الرسول» بأنه «منهج سلفي»، لأنهم يريدون، كما تربوا على مائدة القراءات المعاصرة، أن أنسف كل القواعد السلفية، بما فيها قواعد «اللغة العربية»!!
ألم تقرؤوا لأصحاب بدعة «القرآن يُبيّن نفسه بنفسه» قولهم إن اللغة العربية مُنْكَرٌ لأنها من «اللغو»؟!
طيب يا «ذكي» ألم يكن هذا «اللغو» هو الذي تعلمته في مرحلة التعليم الأولي، وهو الذي له الفضل عليك أن جعلك تقرأ القرآن، أم أن كان الذي تعلمته في الحضانة هو «اللسان العربي»؟!
٢- عندما نقف وقفة تحقيق علمي لتقييم القراءات القرآنية الحديثة، المعاصرة والتنويرية والقرآنية، نجد أنها قامت أصلا على التلاعب بـ «اللغة العربية»!!
مرة بدعوى «الترادف»، وأخرى بدعوى أنها من «اللغو»، وثالثة بدعوى إنها ليست هي «اللسان العربي» الذي نزل به القرآن!!
٣- ماذا تقولون في الفرق بين التعليقات على منشور «من هم قوم رسول الله محمد الذي بعثه الله إليهم»، والتعليقات التي جاءت على هامش هذا المنشور؟!
أليس هو عين الفرق بين «المنهجية العلمية» و«المنهجية العشوائية» الذي يُبشر بسقوط الأخيرة التي قامت عليها القراءات القرآنية المعاصرة؟!
والسؤال:
هل هناك أحد، مِنْ أصحاب التوجهات الدينية السلفية والمعاصرة والقرآنية والتنويرية، أقام مشروعه الفكري على أساس حجية «الآية العقلية القرآنية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، والتي هي المحور الأساس لمشروعي الفكري «نحو إسلام الرسول»؟!
لا أحد!!
محمد السعيد مشتهري