يقول الله تعالى في سورة النور:
“وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [55]
لو فهم المسلمون مقاصد هذه الآية، وأقاموها في قلوبهم، وفي واقعهم، سلوكا عمليا في كافة المجالات، لحقق الله تعالى فيهم وعده، ولاستخلفهم في الأرض، ولبدل خوفهم أمنا، ولكانت لهم الريادة في كافة التخصصات العلمية.
إن هذه الآية الكريمة تتحدث عن [وعد] وعن [شرط]:
فالوعد هو: “لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ” – “وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ” – “وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً”.
أما الشرط فهو: “الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ” – ” يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً”.
فالذين يتحدثون عن الاستخلاف، والخلافة، وتمكين الدين..، هؤلاء يتحدثون عن [الوعد] متجاهلين [الشرط]..، لذلك لم يوف الله تعالى بوعده..، وهم مازالوا يصرّون أن يكون الوفاء بـ [الوعد] قبل تحقق [الشرط]!!
* يقول الأستاذ محمود العربي، تعليقا على ما نشرته في 14-1-2014، تحت عنوان: “المغيّبون” بحلم الخلافة: “إن حكام العرب طيلة عقود وعقود لا يمثلون الإسلام فمتى سيمكن الله دينه الذي ارتضاه؟!”
أقول: ومن قال لك إن الله تعالى سيمكن دينه عن طريق حكام العرب؟! من أين جئت بهذا العلم؟! هل أوحى الله تعالى إليك؟! أم تقول على الله ما لا تعلم؟!
ويقول أيضا: “واقعنا يقول إننا كلنا غلمان، لا فرق بين مذهب وآخر، إلى أن يمكن الله دينه”، واستدل على ذلك بالآية [55] من سورة النور، التي ذكرها قبله الأستاذ محمد أحمد برجاء.
أقول: أنا لم أتحدث عن [الغلمان] بوجه عام، وإنما تحدثت عن [الغلمان] غير العاقلين – “المغيّبين”…، فعندما تقول: “واقعنا يقول إننا كلنا غلمان”…، فأنت حر أن تصف واقعك بما تشاء!!
أما فهمك للآية [55] من سورة النور، فهو فهم غير صحيح، لأن هذه الآية حجة عليك في مسألة الاستخلاف والتمكين، فالله تعالى وعد [الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ] بالاستخلاف، وتمكين الدين الذي ارتضاه، ولكنه سبحانه اشترط للوفاء بهذا الوعد شرطين: [يَعْبُدُونَنِي] – [لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا]، فإذا حقق [الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ] الشرط، تحقق الوعد.
لقد شغل أتباع الفرق والمذاهب المختلفة أنفسهم، قرونا من الزمن، بـ “وعد الله”، وكتبوا فيه الكتب، وخطبوا فيه الخطب، فإضاعوا الشرط ولم يحصلوا على الوعد!!
إن المسلمين قرونا من الزمن، مؤمنون، يعملون الصالحات، يقولون إنهم يخلصون العبودية لله تعالى، ولا يشركون به شيئا..، إذن فأين المشكلة؟! هل هي في وعد الله؟! أم في عدم تحقق شروط الوفاء بهذا الوعد على وجهها الصحيح؟!!