نحو إسلام الرسول

(1146) 13/7/2018 «مَا بَالُ أَقْوَامٍ … يقولون …» – {8} – الأخير المؤامرة

هل هي «مصادفة» أن نجد مفكرين مسلمين يقرؤون القرآن قراءة معاصرة بعيون «الفلسفة الماركسية» التي ترى أن التطور المادي للوجود هو الذي يحدد مسار حركة الناس في الحياة، وليست النبوات والرسالات الإلهية؟!

هل هي «مصادفة» أن نجد قواعد «الفلسفة الماركسية» هي نفسها قواعد «الهرمنيوطيقا» في تفسير وتأويل النصوص الدينية، من خلال البحث عن «تاريخية» النص وفهمه وفق قواعد «لغوية» منتقاة، بهدف تأويله على حسب هوى «الهرمنيوطيقي»؟!

فإذا نظرنا إلى القواعد المنهجية التي قامت عليها القراءات القرآنية المعاصرة في تفسير وتأويل النص، وجدناها نفس القواعد التي قامت عليها الفلسفة الماركسية والهرمنيوطيقا في تفسير وتأويل النصوص المقدسة «اللاهوتية»؟!

ثم إذا بحثنا عن «الآلية» التي يتبعها «الهرمنيوطيقيون» في إقناع شعوبهم بما يقولون، وجدناها نفس «الآلية» التي يتبعها أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، وهي:

أنهم ينظرون إلى الواقع الذي يعيشه الناس، إي «ما هو كائن»، وإلى «ما يجب أن يكون» الذي حمله النص الديني، ثم يقولون للناس «يستحيل أن يتناقض النص الديني مع حياتكم»

إذن يجب عليكم أن تفهموا النص الديني «ما يجب أن يكون» في سياقه التاريخي، ثم تحريك معناه ليوافق «ما هو كائن»، وذلك استنادًا إلى التفسير المادي للوجود، القائم على «التطور الحتمي» للأشياء.

أولًا:

تكمن إشكالية «تفسير وتأويل» النص الديني، على مر العصور، في العلاقة الوظيفية بين «بيان» معنى الكلمة من ناحية، وفعالية هذا المعنى في سياقاتها المختلفة، من ناحية أخرى.

ويرجع «بيان» معنى الكلمة إلى «مُسَمّاها»، فإذا لم ير الإنسان «مُسَمّى» الكلمة ولم تنطبع صورته الذهنية في قلبه، لن يستطيع فهمها ولا بيان معناها.

إذن فـ «فعالية» معنى الكلمة، في سياقاتها المختلفة، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بـ «مُسَمّاها» من ناحية، وبـ «مُسَمّيات» الكلمات الأخرى التي ورت في سياقاتها المختلفة من ناحية أخرى.

وهنا تكمن «العطاءات» المتجددة للكلمة على مر العصور، في إطار فعاليات سياقاتها المختلفة، وبما يتعدى الإطار اللغوي، وذلك لإنتاج معارف تتطور مع تتطور الحياة، عبر «منظومة التواصل المعرفي».

ثانيًا:

إن «كلام الله» حقيقة مطلقة، يستلزم أن يكون التعامل معه في إطار حدود يَحْرُم تعدّيها، وإلا كانت النتيجة «الإلحاد» في آيات الله، وتحريف أحكامها، وتفكيك بنية الكلمة القرآنية والتلاعب بسياقها القرآني.

إن «كلام الله» الذي حمله كتابه الخاتم يحمل «الآية العقلية القرآنية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والقائمة بين الناس إلى يوم الدين، الأمر الذي يقتضي أن يحمل في ذاته الضوابط التي تمنع تأويل نصوصه حسب أهواء وميول أصحاب التوجهات العقدية المختلفة.

ولقد حَمَلَ «مشروعي الفكري» الحدود والضوابط والأدوات المستنبطة من ذات النص القرآني، لفهم آياته واستنباط أحكامها، في إطار «التأويل» الذي يستنطق السياق، ولا يفككه ولا يلحد في آياته وأحكامها، وهي:

١- علوم اللغة العربية ٢- علم السياق القرآني ٣- آليات عمل القلب ٤- آيات الآفاق والأنفس ٥- ثم المحور الأساس الذي تدور حوله هذه الأدوات هو «منظومة التواصل المعرفي»، وهي مفصلة على موقعي.

إن الإيمان بالقرآن باعتباره «كلام الله» المقروء، يستلزم الإيمان بـ «مٌسَمّاها» و«مقابله الكوني» الموجود في الواقع الخارجي، والذي يجب أن يكون مطبوعًا في ذهن الإنسان من قبل التعامل مع القرآن.

من أجل ذلك كان تعلم «اللغة العربية» هو المفتاح الوحيد لفهم «الكلمة ومُسَمّاها»، والتعامل مع السياق القرآني للوقوف على تأويل الكلمة وتطور معناها على مر العصور.

فكيف نجعل الإنسان محورًا أساسًا للمعرفة الإنسانية، ونعطيه سلطة سن التشريعات الحاكمة لحركة الحياة، من أجل سواد عيون «الفلسفة الماركسية»؟!
إن «المنطق» يقول إن عليك أن تعرف أولًا:

من أنت، ومن هو إلهك، وكيف ولماذا ولمن تقرأ القرآن قراءة معاصرة، في الوقت الذي تؤمن فيه بأن الإنسانية لم تعد في حاجة إلى إله ولا إلى نبوة ولا إلى رسالة؟!

ثالثًا:

ألم يتعهد الله بحفظ «الذكر» الذي أنزله على رسوله محمد:

* «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»؟!

وسَمّى الله القران «ذكرًا» وذلك بالنظر إلى آليات «حفظه»، لأنه يستحيل حفظ «الكلمة» القرآنية ومعناها دون أن يكون «مُسَمّاها» قد انطبع في قلب قارئ القرآن من قبل قراءته، وإلا سينظر إلى الكلمة دون أن يفهم معناها.

ولقد تعلمت شعوب العالم «الكلمة ومُسَمّاها» في مرحلة التعليم الأولي، عندما كان المدرس يضع الكلمة وأمامها صورتها «مُسَمّاها» في «درس اللغة» التي ينطق بها كل شعب.

ولقد بعث الله رسوله محمدًا في قومه «العرب» وكان لسانه ينطق مثلهم بالعربية، ولذلك أنزل عليه كتابه باللغة العربية ليفهمه العرب، لأن الله تعالى يقول:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»

* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»

* «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً»

وإن من بدهيات «المنطق» استحالة أن يتعهد الله بحفظ الذكر دون أن يحفظ الكلمة القرآنية ومُسَمّاها، فأين تم ذلك؟!

لقد تم ذلك على أرض لا تنبت شجرتها إلا ثمار «اللغة العربية».

وعلى الرغم من اختلاف ألوان ومذاقات هذه الثمار، إلا أنها أولًا وأخيرًا هي ثمار «اللغة العربية» التي يحكم مذاقها الحلو السياق الذي ستتفاعل معه.

إذن فليس أمام أي إنسان على هذه الأرض، إلا أن يتخذ مراجع «اللغة العربية» مصدرًا معرفيًا يستطيع عن طريقه قراءة القرآن، وفهم كلماته، واستنباط أحكامه.

وإذا كان الإنسان «العربي» الذي يريد أن يهاجر ويعيش في دولة أوربية، عليه أن يتعلم اللغة التي يستطيع بها التعامل مع أهل هذه الدولة، فإن على غير العربي أن يتعلم «اللغة العربية» التي يفهم بها القرآن ويدخل بها «دين الإسلام».

وعلى أساس ما سبق بيانه تصبح القاعدة الشرعية المنطقية هي:

١- أن «المفتاح» الوحيد الذي يفتح باب «حَرَم القرآن» لقراءة آياته وفهم كلماتها، واستنباط أحكامها، هو «اللغة العربية».

٢- أي قراءة معاصرة للقرآن، لا يحمل صاحبها هذا المفتاح، فهي قراءة «أعجمية ملحدة»، ولو كان صاحبها يحمل جوائز «نوبل» كلها.

٣- أي إنسان يشعر في نفسه بخلاف ما سبق بيانه فليأتنا بمفتاحٍ غير هذا، إن كان من الصادقين!!

«ِقُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»

فإذا لم يستطع الإتيان بمفتاح غير مفتاح «اللغة العربية»، وأصر على «الكلام المرسل» و«التفكير العشوائي»، فليعلم أنه من الذين قال الله فيهم:

«وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ».

# إن «الفسق» خروج على «ما يجب أن يكون»، وليس مما يجب أن يكون:

– أن تكون هيئة الصلاة، من قيام وركوع وسجود «شرك بالله»!!

– أن تكون «النساء» هي «الذكور»، حسب الفيديو المرفق.

– وأن يكون «المسجد» هو المصلحة الحكومية.

– وأن يكون «صيام رمضان» هو الامتناع عن الكلام.

– وأن يكون اللباس الشرعي للمرأة المؤمنة هو ستر الثديين والعورتين.

إلى آخر ما ابتدعه «الهرمنيوطيقيون» الذين لا يتشرف «الجهل» أن ينتسبوا إليه.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى