الردة الثانية
هل فكر «الذين آمنوا» برسول الله محمد، وأقرّوا بصدق «آيته العقلية القرآنية»، وسَلّموا لأحكامها تسليمًا.
في «شجرة العائلة» التي يريدون أن تتداخل منظومة أرحامها مع منظومة أرحامهم، بزواج «ولد» من أولادهم بفرع من فروع شجرتهم؟!
وهل هي شجرة طيبة، من حيث التزامها بـ «أحكام القرآن»، استنادًا إلى قوله تعالى:
* «وَالَّذِينَ آمَنُوا – وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ – أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ – وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ – كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ»؟!
أم شجرة خبيثة:
* «احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ – وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ . مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ»؟!
أولًا:
إن الإيمان: «وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ»
يبدأ بـ «الإيمان» ببعثة النبي الخاتم محمد، عليه السلام، أما من كانوا قبل بعثته فأمرهم مفوض إلى الله تعالى.
١- إن الآية الدالة على بعثة رسول الله محمد، قد حملها كتابه للعالمين، وهي «آية عقلية قرآنية»، فتدبر:
* «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً»
وإن من صفات «التنزيل الحكيم» أنه:
«كتابٌ مسطور»، و«قرآنٌ مقروء»، و«فرقانٌ» يفرق بين الحق والباطل، و«شرعةُ ومنهاجُ» العالمين إلى يوم الدين، الذين يؤمنون بدلائل الوحدانية التي بيّنها الله بعدها بقوله:
* «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ»
* «وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ»
* «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً»
٢- ولقد خاطب الله بهذه الآيات العالمين في عصر التنزيل، ودعا جميع الملل والنحل إلى الإيمان بالنبي الخاتم واتباع رسالته، وكشف للناس بطلان وزيف ما عليه هذه الملل من عقائد وشرائع، وفي مقدمتهم اليهود والنصارى:
* «وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ»
* «وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ»
* «ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ»
* «قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»
٣- والسؤال:
فهل يُعقل أن يأتي الله بعد ذلك ويدخل الذين كفروا برسوله محمد الجنة، بدعوى أنه سبحانه القائل:
* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
# فما بال أقوام لا «يَفْقَهُونَ مَا عَقَلُوهُ»؟!
كفاكم «استخفافًا» بعقول «المساكين» الذين «لا يعلمون»!!
ثانيًا:
العمل الصالح: «وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ»
ولن يقبل الله تعالى «عملًا صالحًا» إلا إذا قام على قاعدة «الإيمان» السابق بيانها.
١- لماذا؟!
لأن الله تعالى يقول:
* «وَالَّذِينَ آمَنُوا – وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ – أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ – وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ – كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ»
وجاء ذلك في سياق الحديث عن أحوال الآخرة، فريق في الجنة، وفريق في السعير، فتعالوا نستكمل سياق الآية.
وتدبّروا جيدًا حديث أهل الجنة:
* «وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ»
* «قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ»
* «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ»
* «إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ»
٢- إن هؤلاء هم «الشجرة الطبية» بفروعها، الذين اتبعوا هذا القرآن، وما حمله من أحكام الشريعة، فأين هم اليوم؟!
تعالوا نستكمل السياق لتضح لنا الصورة أكثر، حيث يتحول الخطاب إلى رسول الله محمد:
* «فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ»
فمن هم الذين أمر الله رسوله أن يُذكرهم، وبماذا؟!
* «أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ»
إنهم الذين كفروا برسول الله وكانوا يتهمونه بأنه شاعر، الذين خاطبهم الله بعد ذلك بقوله:
* ‘قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُتَرَبِّصِينَ»
* «أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ»
ثالثًا:
ثم تأتي «القاصمة» التي تقصم ظهر أقوام لا «يَفْقَهُونَ مَا عَقَلُوهُ» من كتاب الله، وتضع المسلمين جميعًا أمام أزمة اجتماعية عائلية خطيرة.
١- لقد اختلطت فروع الأشجار الطيبة بفروع الأشجار الخبثة، وأصبح «ما هو كائن» حاكمًا على «ما يجب أن يكون»، وأصبح المؤمنون بلا «إيمان»:
* «أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ»
إنها «القاعدة الإيمانية» التي لن يقبل الله غيرها بعد بعثة رسوله محمد، وهي:
«الإيمان بالله وبرسوله محمد، واتباع رسالته»، فتدبر:
* «فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ»
فأي حديث يأمرهم الله أن يأتوا بمثله؟!
هل حديث «القرآن» أم حديث التوراة والإنجيل؟!
# «مَا بَالُ أَقْوَامٍ ….»!!
٢- ثم يستكمل السياق بيان دلائل الوحدانية:
* «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ»
* «أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ»
مرورا بقوله تعالى:
* «أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ»
فهل سيقبل الله إيمان وإسلام من كفروا برسوله محمد، وأشركوا به ما لم ينزل به سلطانا؟!
فيقول الله تعالي:
* «وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ»
رابعًا:
فكيف يُدخل الله معظم أهل الأرض الجنة، وقد كفروا برسوله محمد ولم يتبعوا رسالته، ووصفهم الله بـ «شر البرية»، فتدبر:
* «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ»
إنها «الشجرة الخبيثة» بفروعها!!
فماذا عن «الشجرة الطيبة» بفروعها؟!
إنهم «خير البرية»:
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ»
والسؤال: كيف يكون:
* «الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ»
هم: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»؟!
# «مَا بَالُ أَقْوَامٍ ….»!!
ولذلك ختم الله تعالى سورة الطور:
* «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ»
* «وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ»
خامسًا:
إن الله تعالى لن يقبل من أحد من العالمين:
«إيمانًا بالله واليوم الآخر والعمل الصالح»
بمعزل عما سبق بيانه.
ولذلك كان من الضروري، بعد أن عجز شياطين الإنس والجن عن تبديل وتحريف نصوص «الآية العقلية القرآنية»، التي هي البرهان الوحيد على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
١- أن يذهبوا إلى تأويل «آيات الذكر الحكيم» تأويلًا يُفقدها فعاليتها في قلوب الناس، ويخلط الخبيث بالطيب، والحرام بالحلال، وتختلط الأنساب فلا يُعرف لها ملة ولا دين!!
٢- إباحة زواج المسلم بغير المسلمة، ليتربى الأولاد في أحضان امرأة لا تعترف بوجوب الإيمان برسول الله محمد واتباع رسالته.
٣- فلما نجح الشياطين في هذه الخطوة، انتقلوا إلى الخطوة التالية، وهي إباحة زواج المسلمة بغير المسلم، لتصبح مجرد وعاء جنسي عاطفي لرجل لا يعترف بـ «نبوة» رسولها!!
والحقيقة أن مثل هذه المرأة لم تؤمن أصلًا، ولا علاقة لها هي ومن أفتاها بالإسلام أصلا!!
٤- التركيز على تبرج وسفور المرأة وكشف ما أمرها الله بستره، فأصبحنا نجد أمًا تلتزم باللباس الشرعي دون بناتها وحفيداتها!!
٥- الخروج بفتاوى تبيح أن تتعامل النساء المسلمات مع الناس بـ «المايوه
البكيني» طالما أنها لا تتعرض لأذاهم!!
٦- إباحة العلاقات الجنسية بشرط ألّا تكون علنية أو مع امرأة متزوجة!!
إلى آخر القراءات الشيطانية.
# «مَا بَالُ أَقْوَامٍ» يعيشون حياتهم الدينية بغير «دين»، ويعيشون حياتهم الزوجية بغير «النكاح» الذي أمرهم الله به!!
وهم سعداء بطغيان فروع «الشجرة الخبيثة» وتداخلها مع «الشجرة الطيبة».
من أجل ذلك يكرهون مشروع «محمد مشتهري» لأنه يريد أن تتحول حياتهم إلى «ما يجب أن يكون»، الأمر الذي يستحيل عليهم أن يفعلوه.
لذلك سارعوا إلى الإعجاب وقبول والعمل بـ «القراءات القرآنية الشيطانية» لأنها لن تغيّر لهم «ما هو كائن»، وتساعدهم على إشباع شهوات النفس حتى ولو كانت محرّمة.
# «مَا بَالُ أَقْوَامٍ» مسلمين يقولون:
«وداعًا لأحكام القرآن»!!
محمد السعيد مشتهري