نحو إسلام الرسول

(1134) 30/6/2018 «لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ مَا عَقَلُوهُ» – {11} «لماذا هَجَرَ المسلمون كلام الله واتبعوا كلام البشر»؟!

ورطة شحرور

ماذا يعني أن يُعجب الناس بالمنشورات التي لا أشير فيها إلى اسم «محمد شحرور» وإلحاده، ولا يعجبون بالتي أقوم فيها بالرد على ما كتبه أو ما قاله في برامجه الفضائية؟!

* «أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ – أَمْ ارْتَابُوا…»؟!

إنها مسألة في منتهى الخطورة، ولا علاقة لها بي أنا شخصيًا!!

فسواء أُعجب الأصدقاء بمنشوراتي أم لم يعجبوا، فمشروعي «نحو إسلام الرسول» قائم منذ عقود من الزمن على قواعد علمية راسخة لن تقوى بإعجاب المعجبين، ولن تضعف بعدم إعجابهم!!

وإنما الخطورة تكمن في غياب الفهم الواعي لحقيقة «الوحدانية» التي لن يقبل الله فيها أن يمسك المؤمن العصا من المنتصف!!

إن الخطورة تكمن في غياب «الوعي الإيماني» الذي ينير للمؤمن طريق الهداية إلى صراط ربه المستقيم.

إن الخطورة تكمن في غياب «البراهين العلمية» التي يستطيع قلب المؤمن أن يفرق بها بين «الحق والباطل»، بين «المعروف والمنكر».

ولا يوجد باحث مؤمن أسلم وجهه لله، وعنده «الوعي الإيماني»، ويحمل «البراهين العلمية» التي تؤهله لدراسة وفهم كل ما كتبه «محمد شحرور» وما نشره على الفضائيات.

ثم لا يشهد شهادة علمية أن قراءات «شحرور» المعاصرة للقرآن، «منكرات» يجب النهي عنها.

أولًا:

لقد غابت فريضة «النهي عن المنكر» عن قلوب الآباء «السلف» يوم استحلوا دماء بعضهم بعضا في أحداث «الفتن الكبرى»، ثم تشربت قلوب الأبناء «الخلف» هذه «الغيبوبة» إلى يومنا هذا.

وانظروا في بيوتكم، وإلى أولادكم، وداخل أعمالكم، وأنتم تعلمون كيف أعطيتم وتعطون ظهوركم لكثير من المنكرات من أجل لقمة العيش وسعادة الأولاد…، إلى آخر شؤونكم الحياتية!!

١- من أجل ذلك قدم الله «النهي عن المنكر» على الإيمان به لبيان عظم شأن فريضة «النهي عن المنكر»، وأنها من صفات خيرية الأمم:

* «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..»؟!

٢- إن «النهي عن المنكر» منظومة إيمانية حياتية «قولية»، يجب ألا تفارق قلب ولسان المؤمنين حتى آخر لحظة في حياتهم، فإن غابت وقعت عليهم «لعنة الله»، كما وقعت على الأمم السابقة.

* «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ»

* «كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»

* «تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ»

٣- إن كثيرًا من بني إسرائيل كانوا «يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا»، المشركين في عصر التنزيل، فوجه الله الخطاب للفريقين بوجوب الإيمان برسول الله محمد، فقال تعالى بعدها:

* «وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ»

ثانيًا:

إن الإيمان برسوله محمد شرطٌ لدخول الناس الجنة، قولًا واحدًا، والذين لم يؤمنوا به هم «الفاسقون».

فإذا عدنا إلى آية الخيرية «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ..» وجدنا أن الله تعالى يقول بعدها، موجها الخطاب لأهل الكتاب:

* «وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ»

١- لقد وصف الله الذين «كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ» من بني إسرائيل بصفة «الفسق» فقال تعالى:

* «وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ»

وفي آية الخيرية، وصف أهل الكتاب بنفس الصفة، فقال تعالى:

* «وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ»

فإذا جاء «محمد شحرور» وقال إن «الفاسقين» سيدخلون الجنة، بدعوى أنهم «آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا الصالحات».

فهل نتعامل مع هذا «المنكر» بأن نمسك العصا من المنتصف، لأن الرجل له قراءات أخرى جميلة تريح النفوس، وتخفف عنها أحكام الشريعة الإلهية؟!

٢- إذا كان «أهل الكتاب» قد أظهروا «الإيمان بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات»، فإن هذا هو حال «إبليس» يوم أن كان من «الملائكة» ولكنه فسق عن أمر ربه، فتدبر:

* «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ..»

٣- لقد سقط إيمان إبليس بـ «الله واليوم الآخر وعمل الصالحات»، عندما أعمل عقله ومنطقه وتأويله في مسألة لا مجال لبحثها أو حتى مجرد التفكير فيها:

«أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً»!!

وهذه هي مصيبة «التأويل» الذي لا يقوم على «منهجية علمية» لفهم النص، وإنما على «منهجية شيطانية» لا تعلم أن الله تعالى يُطاع وإن لم نفهم لماذا أمرنا.

ثالثًا:

ولقد اتبع «محمد شحرور» هذه «المنهجية الشيطانية» عندما قال في كتابه «تجفيف منابع الإرهاب»، والذي أشرت إليه في المنشور السابق:

«الإنسانية الآن لا تحتاج إلى أية رسالة أو نبوة، بل هي قادرة على اكتشاف الوجود بنفسها بدون نبوات، وقادرة على التشريع بنفسها بدون رسالات».

ولكن المصيبة الفكرية «العقدية» تكمن في قوله بعد ذلك:

«والإنسانية اليوم أفضل بكثير من عصر الرسالات، لأن البشرية كانت بحاجة إليها للرقي من المملكة الحيوانية إلى الإنسانية، أما نحن فلا»!!

تدبروا:

١- لقد كانت البشرية في حاجة إلى رسالات.

٢- والحكمة من الرسالات أن ترتقي البشرية.

٣- ونوع الارتقاء من الحيوانية إلى الإنسانية.

٤- أما الناس اليوم ففي عصر الإنسانية.

٥- إذن فليسوا في حاجة إلى رسالات إلهية.

وحسب القاعدة «بما أن إذن»:

فـ «بما» أن الله بعث رسوله محمدًا في «مملكة حيوانية» ليرتقي بها عن طريق رسالته إلى «الإنسانية».

«إذن» فقوله تعالى:

* «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ»

يعني أن «الأُمِّيِّينَ» هم «المملكة الحيوانية» التي بعث الله رسوله فيها!! طيب وماذا نفعل أمام كلمة «مِنْهُمْ»، التي تعني أن الرسول من هذه «المملكة الحيوانية»، والمفروض أن يتصف بصفتها؟!

رابعًا:

هذا هو منهج ومشروع «الجدلية المادية» الذي يُفسّر على أساسه «الملحدون» كلام الله على مر الرسالات، والذي أوقع «محمد شحرور» في مئات المصائب العقدية والتشريعية التي قمت بالرد على بعضها منذ عام «٢٠١٣م» وإلى يومنا هذا.

١- إن مشروع «الجدلية المادية»، والتفسير «المادي للتاريخ»، هناك منظمات عالمية تقوم على تدعيمه ونشره داخل المؤسسات الإعلامية، كما تقوم بإعداد «كوادر» لتفسير نصوص الرسالات الإلهية تفسيرًا ماديًا يفقدها فعاليتها وحيويتها في قلوب الناس.

٢- ولذلك لم يكن غريبًا أن يكتب «شحرور» في كتابه «تجفيف منابع الإرهاب» ما ذكرته سابقًا، والذي يُعد أخطر على ملة الوحدانية وعلى أحكام القرآن من إرهاب «داعش»!!

٣- ثم يبدأ أول حلقة من برنامجه «لعلهم يعقلون» بالجهر بمنهجه الإلحادي، فالرجل أصبح نجمًا عالميًا فلماذا لا يقول:

«لا دين والوطن للجميع»؟!

ولماذا لا يقول:

إن الشمس ليست هي التي ذكرها الله في القرآن؟!

وهو يرى آلاف المعجبين يقولون له نعم هذه حقيقة، وسمعنا وأطعنا، تماما كما فعل فرعون مع قومه:

«فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ»

٤- إن «محمد شحرور» يظهر بمظهر الغيور على أحكام القرآن، وأنه يريد أن يرى فعالية «صدق الله العظيم» على أرض الواقع!!

ثم إذا به يضع «السم في العسل»، ويتذوّقه المعجبون، فيجدون «طعمه لذيذا»!!

٥- إن الذي يحقق فعالية «صدق الله العظيم» على أرض الواقع هم الناس الذين آمنوا وأسلموا وجوههم لله، والتزموا العمل بأحكام القرآن «ملة وشريعة».

وليس، كما يدعي «شحرور»، أن ننظر إلى «ما هو كائن» ونبحث عن مقابله في المصحف، ثم نقول كما يقول أصحاب بدعة الإعجاز العلمي: «صدق الله العظيم»!!

٦- إن «محمد شحرور» يرى أن «ما هو كائن» هو «المعيار» الذي نقيس على أساسه صدق أحكام «التنزيل الحكيم»، ويضرب المثل بـ «العقوبات» فيقول:

«بما أن» الغرامة المالية، والسجن، والإعدام، كلها موجودة عند كل أهل الأرض، وكلها موجودة في المصحف، «إذن»:

«صدق الله العظيم»

إن «محمد شحرور» يرى أن القرآن لا يجب أن يفرض على الناس واقعهم، ولا أن يظل معلقًا في الهواء ليس له واقع في حياة الناس، إذن فماذا فعل؟!

مسألة سهلة جدا وبسيطة:

نجعل جميع شعوب العالم «مسلمة»، وبرلماناتها تعمل بأحكام القرآن، فنقول «صدق الله العظيم»، باستثناء إباحة زواج «المثلية»!!

طالما أن سلطة «الواقع» وقوانينها هي التي وافقت ما جاء به «النص القرآني»، وليس القرآن هو الذي فرض على الناس واقعهم!!

إنها حقا «ورطة»، ولكن هناك ما هو أخطر منها!!

أن يعترف بأن كل ما كتبه يخضع للنقد، وأنه أعاد النظر في كثير مما كتبه في كتبه، وذكر ذلك في كتابه الأخير «فقه المرأة».

والسؤال:

هل كما يقولون: «إن الاعتراف بالحق فضيلة»؟!

أم أن هذا لا يصح أن يقوله من ادعى أنه درس القرآن دراسة علمية سنوات، ولم يخرج بما خرج به من قراءات معاصرة إلا بعد أن اطمئن إلى صحة منهجه في استنباط الأحكام؟!

وهل هناك في أصول البحث والمناهج العلمية شيء اسمه:

أن المنهج العلمي يصحح نفسَه بنفسِه، ويُطوّر نفسَه بنفسِه؟!

سنرى!!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى